المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجلد الثاني ‌ ‌كتاب الجهاد ‌ ‌مدخل ‌ ‌تعريفه وحكمه … بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجهاد "وهو قتال الكفار" - الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل - جـ ٢

[الحجاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب الجهاد

- ‌مدخل

- ‌تعريفه وحكمه

- ‌فصل: ويحرم فرار مسلم

- ‌فصل:- ويجوز تبييت الكفار

- ‌فصل: ومن أسر أسيرا

- ‌فصل:- ويحرم ولا يصح أن يفرق بين ذي رحم محرم

- ‌باب ما يلزم الإمام والجيش

- ‌ما يلزم الإمام إذا أراد الغزو

- ‌فصل:- ويقاتل أهل الكتاب والمجوس

- ‌فصل: ويلزم الجيش طاعة الأمير

- ‌باب قسمة الغنيمة

- ‌تعريف الغنيمة

- ‌فصل:- وإذا أراد القسمة بدأ بالأسلاب فدفعها إلى أهلها

- ‌فصل: ما يشترط في ذوي قربى ويتامى ومساكين وأبناء سبيل

- ‌فصل: قسمة باقي الغنيمة

- ‌باب حكم الأرضين المغنومة

- ‌أضراب الأرضين المغنومة

- ‌فصل: المرجع في الخراج والجزية

- ‌باب الفيء

- ‌تعريف الفيء وفيما يصرف

- ‌باب الأمان وهو ضد الخوف

- ‌تعريفه وشروطه

- ‌باب الهدنة

- ‌تعريفها وشروطها

- ‌فصل:- وعلى الإمام حماية من هادنه من المسلمين وأهل الذمة

- ‌باب عقد الذمة

- ‌شروطه

- ‌فصل: فيمن لا تؤخذ منهم الجزية

- ‌فصل: ما يشترط مع الجزية من الضيافة

- ‌باب أحكام الذمة

- ‌ما يلزم للإمام تجاههم

- ‌فصل: وإن اتجر ذمي الخ

- ‌فصل: نقض العهد وأحكامه

- ‌كتاب البيع

- ‌‌‌تعريفهوشروطه

- ‌تعريفه

- ‌شروط البيع - الأول

- ‌الشرط الثاني

- ‌الشرط الثالث

- ‌الشرط الرابع

- ‌الشرط الخامس

- ‌الشرط السادس

- ‌حكم ما لو باع قفيزا من الصبرة

- ‌الشرط السابع

- ‌فصل:- في تفريق الصفقة:

- ‌حكم البيع بعد النداء للجمعة

- ‌بيع السلعة نسيئة ثم شراؤها

- ‌باب الشروط في البيع وأقسامها

- ‌القسم الأول

- ‌القسم الثاني

- ‌حكم ما لو قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاثة

- ‌باب الخيار في البيع والتصرف في المبيع وقبضه والإقالة

- ‌القسم الأول: خيار المجلس

- ‌القسم الثاني: خيار الشرط

- ‌حكم تصرف المتبايعين في مدة الخيار

- ‌القسم الثالث: خيار الغبن

- ‌القسم الرابع: خيار التدليس

- ‌القسمالخامس: خيار العيب

- ‌حكم ما لو اشترى معيبا لم يعلمه

- ‌حكم ما لو أعتق العبد المعيب بعد شرائها وقبل علمه بالعيب

- ‌القسم السادس: خيار التولية

- ‌القسم السابع: خيار لاختلاف المتبايعين

- ‌حكم ما لو اشترى شيئا بكيل الخ

- ‌قبض المكيل بكيله الخ

- ‌الإقالة للنادم مشروعة

- ‌باب الربا والصرف والحيل

- ‌ربا الفضل

- ‌ ربا النسيئة:

- ‌فصل: في المصارف

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌تعريف الأصول

- ‌بيع النخل بعد شقق طلعه

- ‌ بيع الثمرة قبل بدو صلاحها

- ‌بيع الثمرة بعد بدو صلاحها

- ‌حكم بيع الرقيق والمال الذي معه

- ‌باب السلم والتصرف في الدين وما يتعلق به

- ‌شروطه - الأول

- ‌الشرط الثاني

- ‌الشرط الثالث

- ‌الشرط الرابع

- ‌الشرط الخامس

- ‌الشرط السادس

- ‌الشرط السابع

- ‌باب القرض

- ‌تعريفه وشروطه

- ‌باب الرهن

- ‌تعريفه

- ‌حكم تصرف الراهن في الرهن

- ‌حكم مؤنة الرهن

- ‌قبض الرهن لمن رضياه وكيلا

- ‌حكم ما لو ظهر الرهن مستحقا

- ‌حكم ما لو اختلفا في قدر الدين

- ‌حكم حلب الرهن وركوبه

- ‌حكم جناية الرهن

- ‌باب الضمان والكفالة وما يتعلق بهما

- ‌تعريفه

- ‌يصح ضمان دين الضامن:

- ‌رجوع الضامن بعد القضاء

- ‌ الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌الشرط الأول للحوالة

- ‌الشرط الثاني

- ‌الشرط الثالث

- ‌الشرط الرابع

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌الصلح في الأموال قسمان: القسم الأول ونوعاه

- ‌القسم الثاني للصلح

- ‌يصلح الصلح على كل ما له عوض

- ‌حكم ما لو امتدت الإغصان في هواء الجار

- ‌حكم إعلاء السترة بين الجارين

- ‌باب الحجر

- ‌الحجر وأقسامه

- ‌يتعلق بالحجر أحكام أربعة

- ‌ الحكم الثاني

- ‌ الحكم الثالث:

- ‌ الحكم الرابع

- ‌ولاية الصغير والمجنون

- ‌ولاية السفيه والمجنون إذا بلغا

- ‌حكم أكل الولي من مال موليه

- ‌إذن الولي للمتميز والسيد لعبده في التجارة

- ‌باب الوكالة

- ‌تعريف الوكالة ومتى يصح

- ‌الوكالة عقد جائز

- ‌حكم بيع الوكيل نساء الخ

- ‌حكم ما لو وكله في معين ثم وجد معيبا

- ‌الوكيل أمين

- ‌حكم من ادعى أنه وكيل في قبض الوديعة

- ‌كتاب الشركة

- ‌‌‌أقسام الشركةوشروطها

- ‌أقسام الشركة

- ‌فصل: ولكل منهما أن يبيع ويشتري الخ

- ‌الشروط في الشركة

- ‌ المضاربة:

- ‌فصل: ليس للعامل شراء من يعتق على رب المال بغير إذنه

- ‌فصل:- وإن تلف رأس المال

- ‌فصل:- والعامل أمين لا ضمان عليه

- ‌ شركة الوجوه:

- ‌ شركة الأبدان:

- ‌ شركة المفاوضة:

- ‌باب المساقاة والمناصبة والمزارعة

- ‌تعريف المساقاة والمزارعة وشروط صحتهما

- ‌فصل:- والمساقاة والمزارعة عقدان جائزان

- ‌فصل:- ويلزم العامل ما فيه صلاح الثمرة

- ‌فصل: في المزارعة

- ‌باب الإجارة

- ‌شروط الإجارة - الشرط الأول

- ‌الشرط الثاني

- ‌فصل: وإن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط ونحوهما الخ

- ‌الشرط الثالث

- ‌فصل:- والإجارة على ضربين:

- ‌شروط إجارة العين

- ‌فصل: وإجارة العين تنقسم قسمين:

- ‌فصل:- الضرب الثاني - عقد على منفعة في الذمة

- ‌فصل: ويعتبر كون المنفعة للمتسأجر الخ

- ‌فصل: ويلزم المؤجر الخ

- ‌فصل:- والإجارة عقد لازم من الطرفين

- ‌فصل: ومتى زرع فغرق أو تلف بحريق أو جراد الخ

- ‌فصل:- والأجير الخاص:

- ‌فصل:- وتجب الأجرة بنفس العقد

- ‌باب السبق والمناضلة

- ‌تعريف السبق والمناضلة وأحكامهما

- ‌فصل:- والمسابقة جعالة:

- ‌فصل: وحكم المناضلة

- ‌باب العارية

- ‌تعريفها وشروطها

- ‌فصل: وحكم مستعير الخ

- ‌فصل:- وإن دفع إليه دابة أو غيرها ثم اختلفا الخ

- ‌باب الغصب وجنابة البهائم

- ‌حكم الغصب

- ‌فصل: ويلزمه رد المغصوب إلى محله الخ

- ‌فصل:- وإن زاد المغصوب لزمه رده بزيادته

- ‌فصل: وإن نقص لزمه ضمانه بقيمته

- ‌فصل:- وإن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز:

- ‌فصل:- وإن وطئ الغاصب الجارية مع العلم بالتحريم

- ‌فصل:- وإن تلف المغصوب أو أتلفه الغاصب

- ‌فصل:- وإن كان للمغصوب منفعة

- ‌فصل: وتصرفات الغاصب الحكمية:

- ‌فصل: ومن أتلف مالا محترما لغيره بغير إذنه

- ‌فصل:- وإن أجج نارا في موات أو في ملكه أو سقى أرضه

- ‌فصل:- وما أتلفته البهيمة

- ‌باب الشفعة

- ‌شروطها - الشرط الأول

- ‌الشرط الثاني

- ‌الشرط الثالث

- ‌الشرط الرابع

- ‌الشرط الخامس

- ‌فصل:- وإن تصرف المشتري في المبيع قبل الطلب

- ‌فصل: ويأخذ الشفيع الشقص بلا حكم حاكم

- ‌فصل: ولا شفعة في بيع فيه خيار مجلس

- ‌باب الوديعة

- ‌تعريفها

- ‌فصل: وإن دفع الوديعة إلى من يحفظ ماله

- ‌فصل: المودع أمين

- ‌باب إحياء الموات

- ‌تعريف الموات

- ‌فصل: وإحياء الأرض أن يحوز بحائط منيع يمنع ما وراءه

- ‌فصل: وللإمام إقطاع موات لمن يحييه

- ‌فصل: وإذا كان الماء في نهر غير مملوك

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌تعريفها وأقسامها

- ‌فصل: ولا يجوز له التصرف فيها حتى يعرف وعاءها وهو ظرفها

- ‌فصل: ولا فرق بين كون الملتقط غنيا أو فقيرا مسلما أو كافرا عدلا أو فاسقا

- ‌باب اللقيط

- ‌تعريف اللقيط

- ‌فصل:- وميراث اللقيط وديته إن قتل لبيت المال

- ‌فصل:- وإن أقر إنسان أنه ولده:

الفصل: ‌ ‌المجلد الثاني ‌ ‌كتاب الجهاد ‌ ‌مدخل ‌ ‌تعريفه وحكمه … بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجهاد "وهو قتال الكفار"

‌المجلد الثاني

‌كتاب الجهاد

‌مدخل

‌تعريفه وحكمه

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الجهاد

"وهو قتال الكفار" وهو فرض كفاية إذا قام به من يكفى سقط وجوبه عن غيرهم1 وسن في حقهم بتأكد وفرض الكفاية ما قصد حصوله من غير شخص معين فإن لم يوجد إلا واحد تعين عليه فمن ذلك دفع ضرر المسلمين كستر العاري وإشباع الجائع على القادرين إن عجز بيت المال عن ذلك أو تعذر أخذه منه والصنائع المباحة المحتاج إليها لمصالح الناس غالبا الدينية والدنيوية البدنية والمالية كالزرع والغرس ونحوهما وإقامة الدعوة ودفع الشبه بالحجة والسيف وسد البثوق وحفر الآبار والأنهار وكريها: وهو تنظيفها وعمل القناطر والجسور والأسوار وإصلاحها وإصلاح الطرق والمساجد والفتوى وتعليم الكتاب والسنة وسائر العلوم الشرعية وما يتعلق بها من حساب ونحوه ولغة وتصريف وقراآت وعكس العلوم الشرعية علوم محرمة أو مكروهة فالمحرمة كعلم الكلام2 والفلسفة والشعبذة

1 لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا ويقيم هو وصحبه في انتظارها.

2 ليس المراد به علم التوحيد كما يفهم من الإطلاق بل هو في معنى الفلسفة مما يناقض النصوص.

ص: 2

والتنجيم والضرب بالرمل والشعر وبالحصا والكيمياء وعلوم علم الطبائعيين - إلا الطلب فإنه فرض كفاية في قول - ومن المحرم السحر والطلسمات والتلبيسات وعلم اختلاج الأعضاء "والكلام عليه ونسبته إلى جعفر الصادق كذب كما نص عليه الشيخ" وحساب اسم الشخص واسم أمه بالجمل وإن طالعة كذا ونجمه كذا والحكم على ذلك بفقر أو غنى أو غير ذلك من الدلائل الفلكية على الأحوال السفلية كما يصنع الآن وأما علم النجوم الذي يستدل به على الجهات والقبلة وأوقات الصلوات ومعرفة أسماء الكواكب لأجل ذلك فمستحب كالأدب والمكروه كالمنطق والأشعار المشتملة على الغزل والبطالة والمباح منها ما لا سخف فيه ولا ما يكره ولا ينشط على الشر ولا يثبط عن الخير ومن المباح علم الهيئة والهندسة والعروض والمعاني والبيان ومن فروض الكفايات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وذكرنا في الكتاب من فروض الكفايات كثيرا في أبوابه فلا حاجة إلى إعادته.

ولا يجب الجهاد الأعلى ذكر حر مكلف مستطيع - وهو الصحيح الواجد بملك أو بذل إمام أو نائبه لمراده ولما يحمله إذا كان مسافة قصر ولما يكفي أهله في غيبته ولا يجب على أنثى ولا خنثى ولا عبد ولو أذن له سيده ولا صبي ولا مجنون ولا ضعيف ولا مريض مرضا شديدا لا يسيرا لا يمنعه كوجع ضرس وصداع خفيف ونحوهما ولا على فقير ولا كافر ولا أعمى ولا أعرج ولا أشل ولا أقطع اليد أو الرجل ولا من

ص: 3

أكثر أصابعه ذاهبة أو إبهام يده أو ما يذهب بذهابه نفع اليد أو الرجل ويلزم الأعمر والأعشى وهو الذي يبصر بالنهار فقط "قال الشيخ: الأمر بالجهاد منه ما يكون بالقلب والدعوة والحجة والبيان والرأي والتدبير والبدن فيجب بغاية يمكنه" وأقل ما يفعل مع القدرة عليه كل عام مرة إلا أن تدعو حاجة إلى تأخيره لضعف المسلمين أو قلة علف أو ماء في الطريق أو انتظار مدد فيجوز تركه بهدنة وبغيرها1 إلا أن رجى إسلامهم ولا يعتبر أمن الطريق وتحريم القتال في الأشهر الحرم منسوخ نصا2 وإن دعت الحاجة إلى القتال في عام أكثر من مرة وجب ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد أو من عبد أو مبعض أو مكاتب أو حصره أو بلده عدو أو احتاج إليه بعيد أو تقابل الزحفان أو استنفره من له استنفاره ولا عذر تعين عليه ولم يجز لأحد أن يتخلف عن النفير لما تقدم إلا من يحتاج إليه لحفظ أهل أو مال أو مكان ومن منعه الإمام من الخروج3 "ذكره في البلغة" وإن نوى بالصلاة والنفير معا

1 لأن النبي صلى الله عليه وسلم هادن قريشا عشر سنوات لعلمه بما في ذلك من المصلحة ولأن الشروع فيه في مثل الحالات المذكورة إلقاء بأنفس المسلمين وأموالهم إلى التهلكة وهو منهي عنه.

2 قتال المسلمين لعدوهم دفاعا لاشيء فيه بالإجماع وأما بدؤهم العدو بالقتال في الأشهر الحرم المحرم رجب القعدة الحجة ففيه خلاف بين الجواز لقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية وبين التحريم كما كان في صدر الإسلام والحق أن التحريم منسوخ.

3 قوله: ومن منعه الإمام معطوف على قوله: إلا من يحتاج إليه الخ.

ص: 4

صلى ثم نفر مع البعد ومع قرب العدو وينفر ويصلى راكبا وذلك أفضل ولا ينفر في خطبة الجمعة ولا بعد الإقامة لها ولا يقطع الصلاة إذا كان فيها ولا تنفر الخيل إلا على حقيقة ولا ينفر على غلام آبق ولا باس أن يشتري الرجلان فرسا بينهما يغزوان عليها يركب هذا عقبة وهذا عقبة ويأتي في باب قسمة الغنيمة ولو نادى الإمام الصلاة جامعة لحادثة يشاور فيها لم يتأخر أحد بلا عذر ومنع النبي صلى الله عليه وسلم من نزع لأمة الحرب إذا لبسها حتى يلقى العدو كما منع من الرمز بالعين والإشارة بها ومن الشعر والخط وتعلمهما وأفضل ما يتطوع به الجهاد وغزو البحر أفضل من غزو البر والجهاد من السياحة وأما السياحة في الأرض لا لمقصود ولا إلى مكان معروف فمكروهة ويغزى مع كل أمير بر وفاجر يحفظان المسلمين ولا يكون مخذلا ولا مرجفا ولا معروفا بالهزيمة وتضييع المسلمين ولو عرف بالغلول وشرب الخمر إنما ذلك في نفسه ويقدم القوى منهما ويستحب تشييع غاز ماشيا إذا خرج ولا بأس بخلع نعله لتغبر قدماه في سبيل الله فعله أحمد ولا يستحب تلقيه - وفي الفنون تحسن التهنئة بالقدوم للمسافر - وفي شرح الهداية لأبي المعالي: تستحب زيارة القادم ومعانقته والسلام عليه - وذكر الآجري استحباب تشييع الحاج ووداعه ومسألته أن يدعو له - ويتعين أن يقاتل كل قوم من يليهم من العدو إلا لحاجة كأن يكون الأبعد أخوف أو لغرته وإمكان الفرصة منه أو يكون الأقرب مهادنا ويمنع مانع من قتاله فيبدأ بالأبعد ومع التساوي قتال أهل الكتاب أفضل ويقاتل من تقبل منهم

ص: 5

الجزية حتى يسلوا أو يبذلوا الجزية ومن لا تقبل منهم حتى يسلموا فإن امتنعوا من ذلك وضعف المسلمون عن قتالهم انصرفوا إلا إن خيف على من يليهم من المسلمين وتسن الدعوة1 قبل القتال لمن بلغته ويحرم قبلها لمن لم تبلغه "وقيد ابن القيم وجوبها واستحبابها بما إذا قصدهم المسلمون - أما إذا كان الكفار قاصدين فللمسلمين قتالهم من غير دعوة دفعا عن نفوسهم وحريمهم وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك وينبغي أن يبتدئ بترتيب قوم في أطراف البلاد يكفون من بازائهم من المشركين ويأمر بعمل حصونهم وحفر خنادقهم وجميع مصالحهم ويؤمر في كل ناحية أميرا يقلده أمر الحرب وتدبير الجهاد ويكون ممن له رأى وعقل وخبره بالحرب ومكائد العدو مع أمانة ورفق بالمسلمين ونصح لهم ويوصيه أن لا يحمل المسلمين على مهلكة ولا يأمرهم بدخول مطمور يخاف أن يقتلوا تحتها فإن فعل فقد أساء ويستغفر الله ولا عقل عليه ولا كفارة إذا أصيب أحد منهم بطاعته فإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد وإن حصلت غنيمة قسموها على موجب الشرع "قال القاضي: وتؤخر قسمة الإمام حتى يقوم إمام احتياطا للفروج" فإن بعث الإمام جيشا وأمر عليهم أميرا فقتل أو مات فللجيش أن يؤمروا أحدهم فإن لم يقبل أحد منهم أن يتأمر عليهم دافعوا عن أنفسهم ولا يقيمون في أرض العدو إلا مع أمير ويسن الرباط وهو الإقامة بثغر تقوية للمسلمين وأقله

1 أي الدعوة إلى الإسلام: لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك.

ص: 6

ساعة وتمامه أربعون يوما وإن زاد فله أجره وهو بأشد الثغور خوفا أفضل وأفضل من المقام بمكة والصلاة بها أفضل من الصلاة بالثغر ويكره لغير أهل الثغر نقل أهله من الذرية والنساء إليه لا إلى غير مخوف كأهل الثغر والحرس في سبيل الله ثوابه عظيم وحكم الهجرة باق لا ينقطع إلى يوم القيامة وكل بلد فتح لا تبقى منه هجرة إنما الهجرة إليه وتجب على من يعجز عن إظهار دينه بدار الحرب وهي ما يغلب فيها حكم الكفر زاد جماعة: أو بلد بغاة أو بدع مضلة كرقض واعتزال إن قدر عليها ولو امرأة ولو في عدة بلا راحلة ولا محرم وتسن لقادر على إظهاره ولا يجاهد تطوعا من عليه دين ولو مؤجلا لآدمي لا وفاء له إلا بإذن غريمه فإن أقام ضامنا مليا أو رهنا محرزا أو وكيلا يقضيه مترعا جاز ولا من أبواه حران مسلمان عاقلا إلا بإذنهما وإن كان أحدهما كذلك إلا بإذنه1 إلا أن يتعين عليه فيسقط إذنهما وإذن غريم لكن يستحب للمديون أن لا يتعرض لمكان القتل من المبارزة والوقوف في أول المقاتلة ولا طاعة للوالدين في ترك فريضة كتعلم علم واجب يقوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام ونحو ذلك وإن لم يحصل ذلك ببلده فله السفر لطلبه بلا إذنهما ولا إذن لجد ولا جدة فإن خرج في جهاد تطوع بإذنهما ثم منعاه منه بعد سيره وقبل تعيينه عليه فعليه الرجوع إلا أن يخاف على نفسه في الرجوع أو يحدث له عذر من مرض

1 للأحاديث الدالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم منع ذا الأبوين من الجهاد ولأن الجهاد فرض كفاية، وبر الوالدين فرض عين وهو مقدم.

ص: 7