الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كقولك زيد هو المنطلق، أو هو أفضل من عمرو، أو خير منه، أو هو يذهب1.
1 ليس الضمير هنا فصلًا؛ لأن ما بعد "هو" فعل مضارع، فقد وهم الخطيب في ذكر هذا المثال هنا.
تقديم المسند إليه:
وأما تقديمه فلكون ذكره أهم1:
أما؛ لأنه "2" الأصل ولا مقتضى للعدول عنه3.
وأما ليتمكن الخبر في ذهن السامع؛ لأن في المبتدأ تشويقًا إليه،
1 لا يكفي في التقدم مجرد ذكر الاهتمام بل لا بد أن يبين جهة الاهتمام وسببه كما يقول عبد القاهر ص84 و85 من الدلائل. ولذلك فصل الكلام على أسباب الاهتمام.
2 أي تقديم المسند إليه، وقوله؛ لأنه الأصل أي؛ لأن المسند إليه هو المحكوم عليه ولا بد من تحققه قبل المحكوم فقصدوا أن يكون في الذكر أيضًا مقدمًا.
3 أي عن ذلك الأصل إذا لو كان أمرًا يقتضي العدول عنه فلا يقدم كما في الفاعل فإن مرتبة العامل التقدم على المعمول.
كقوله1:
والذي حارت البرية فيه
…
حيوان مستحدث من جماد2
وهذا3 أولى من جعله شاهدًا لكون المسند إليه موصولًا كما فعل السكاكي.
وأما لتعجيل المسرة أو المساءة، لكونه صالحًا للتفاؤل أو التطير، نحو "سعد في دارك" و"السفاح في دار صديقك".
وإما لايهام أنه لا يزول عن الخاطر4 أو أنه يستلذ فهو إلى الذكر أقرب.
وإما لنحو ذلك5
…
قال السكاكي: وإما؛ لأن كونه متصفًا بالخبر يكون هو المطلوب لا نفس الخبر6 كما إذا قيل لك: كيف.
1 البيت للمعري، وقد أورده السكاكي في إيراد المسند إليه اسم موصول للقصد بذلك كما يقول: إلى أن يتوجه ذهن السامع إلى ما ستخبر به عنه منتظرًا لوروده عليه حتى يأخذ منه مكانه إذا ورد.
2 قال السعد: معناه تحيرت الخلائق في المعاد الجسماني والنشور الذي ليس بنفساني وفي أن أبدان الأموات كيف تحييى من الرفات بدليل ما قبله:
بأن أمر الإله واختلف الناس
…
فداع إلى ضلال وهاد
يعني: يعضهم يقول بالمعاد وبعضهم لا يقول به
…
3 أي جعله مثالًا لتقديم المسند إليه.
4 كقول الشاعر:
وليلى هي الأحلام والأمل العذب.
5 كإظهار تعظيمه مثل: "محمد رسول الله"، أو تحقيره مثله:
والشر أخبث ما أوعيت من زاد".
6 أراد بالخبر الأول خبر المبتدأ. وبالخبر الثاني الأخبار، والمصنف لما فهم من الخبر الثاني أيضًا معنى خبر المبتدأ اعترض عليه بأن نفس الخبر تصور لا تصديق والمطلوب بالجملة الخبرية إنما يكون تصديقًا لا تصورًا وإن أراد بذلك وقوع الخبر مطلقًا -أي إثبات وقوع الشرب مثلًا- فلا يصح لما سيأتي في متعلقات الفعل من أنه لا يتعرض عند إثبات وقوع الفعل لذكر المسند إليه أصلًا بل يقال وقع الشرب مثلًا.
الزاهد، فتقول: الزاهد يشرب ويطرب. وأما؛ لأنه يفيد زيادة تخصيص كقوله:
متى تهزز "بني قطن" تجدهم
…
سيوفًا في عواتقهم سيوف
جلوس في مجالسهم رزان
…
وإن ضيف ألم فهم خفوف
والمراد هم خفوف. وفيه نظر:
1-
لأن قوله: لا نفس الخبر يشعر بتجويز أن يكون المطلوب بالجملة الخبرية نفس الخبر، وهو باطل؛ لأن نفس الخبر تصورًا لا تصديق والمطلوب بها إنما يكون تصديقًا، وإن أراد بذلك وقوع الخبر مطلقًا فغير صحيح أيضًا لما سيأتي أن العبارة عن مثله لا يتعرض فيها إلى ما هو مسند إليه كقولك وقع القيام1.
2-
ثم في مطابقة الشاهد الذي أنشده2 للتخصيص نظر لما سيأتي أن ذلك مشروط بكون الخبر فعليًّا3. وقوله4: والمراد هم خفوف تفسير للشيء بإعادة لفظه.
1 أي يتكفي فيها بذكر الحديث وإثبات وجوده كقولك: وقع القيام على ما سبق.
2 وهما البيتان السابقان.
3 أي والخبر ههنا اسم فاعل؛ لأن "خفوف" جمع "خاف" بمعنى خفيف وأجيب عن هذا الاعتراض بمنع هذا الاشتراط لتصريح أئمة التفسير بالحصر في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيز} ، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيل} ، {مَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} ، ونحو ذلك مما الخبر فيه صفة لا فعل، وفيه بحث لظهور أن الحصر في قولهم "فهم خفوف" غير مناسب للمقام. وأجيب أيضًا بأنه لا يريد بالتخصيص هنا الحصر بل التخصيص بالذكر، وهذا سديد، لكن في بيان كون التقديم مفيدًا لزيادة التخصيص نوع خفاء.
4 الضمير يعود على السكاكي.
مذهب عبد القاهر في إفادة التقديم للتخصيص:
قال عبد القاهر. وقد يقدم المسند إليه ليفيد تخصيصه بالخبر الفعلي1، إن ولي حرف النفي2، كقولك:"ما أنا قلت هذا"، أي لم أقله مع أنه مقول، فأفاد نفي الفعل عنك وثبوته لغيرك، فلا تقول ذلك إلا في شيء ثبت أنه مفول وأنت تريد نفي كونك قائلًا له3، ومنه قول الشاعر4:
وما أنا أسقمت جسمي به
…
ولا أنا أضرمت في القلب نارا
إذ المعنى أن هذا السقم الموجود والضرم الثابت ما أنا جالب لهما، فالقصد إلى نفي كونه فاعلًا لهما لا إلى نفيهما.
ولهذا لا يقال5 ما أنا قلت ولا أحد غيري. لمناقضة منطوق الثاني مفهوم الأول6، بل يقال: ما قلت أنا ولا أحد غيري.
1 أي ليفيد التقديم قصر الخبر الفعلي عليه أي قصر المسند على المسند إليه، والخبر الفعلي هو ما أوله فعل وكان فاعله ضمير المسند إليه.
2 أي وقع بعده بلا فصل أو مع الفصل ببعض المعمولات.
3 والتخصيص هنا إضافي فهو بالنسبة إلى من توهم المخاطب اشتراكك معه في القول فيكون قصر أفراد أو انفرادك به دونه فيكون قصر قلب.
4 هو المتنبي.
5 أي لا يقال ذلك عند التخصيص. أما إذا قصد الإخبار بمجرد عموم النفي فيصح ذلك ويكون "لا غيري" قرينة على ذلك.
6 لأن مفهوم ما أنا قلت ثبوت قائلية هذا القول لغير المتكلم ومنطوق "لا غيري" نفيها عنه وهما متناقضان.
ولا يقال "ما أنا رأيت أحدًا من الناس"1، ولا "ما أنا ضربت إلا زيدًا"2، بل يقال: ما رأيت- أو ما رأيت أنا أحدًا من الناس، وما ضربت أو ما ضربت أنا إلا زيدًا؛ لأن المنفي في الأول الرؤية الواقعة على كل واحد من الناس وفي الثاني الضرب الواقع على كل واحد منهم سوى زيد، وقد سبق أن ما يفيد التقديم ثبوته لغير المذكور هو ما نفي عن المذكور فيكون الأول مقتضيًا؛ لأن إنسانًا غير المتكلم قد رأى كل الناس، والثاني مقتضيًا؛ لأن إنسانًا غير المتكلم قد ضرب من عدا زيدًا منهم، وكلاهما محال، وعلل الشيخ عبد القاهر والسكاكي3، وامتناع الثاني4 بأن نقض النفي بألا يقتضي أن يكون القائل له قد ضرب زيدًا وإيلاء الضمير حرف النفي يقتضي أن لا يكون ضربه وذلك تناقض، وفيه نظر: لأنا لا نسلم أن إيلاء الضمير حرف.
1 لأنه يقتضي أن يكون إنسان غير المتكلم قد رأى كل أحد من الناس؛ لأنه نفى عن المتكلم الرؤية على وجه العموم في المفعول فيجب أن تثبت لغيره على وجه العموم في المفعول ليحقق تخصيص المتكلم بهذا النفي، ولا شك أن ذلك باطل، فلا يصح هذا المثال بناء على ما يتبادر منه وهو الاستغراق الحقيقي، وإن أمكن تخصيصه بحمل النكرة الواقعة في سباق النفي على الاستغراق العرفي بحمل الأحد على الأحد الذي يمكن رؤيته فيصح المثال على ذلك الوجه.
2 لأنه يقتضى أن يكون إنسان غيرك قد ضرب كل أحد سوى زيد؛ لأن المستثنى منه مقدر عام وكل ما تنفيه عن المذكور على وجه الحصر يجب ثبوته لغيره تحقيقًا لمعنى الحصر: إن عامًا فعام، وإن خاصا فخاص.
3 ونص كلام عبد القاهر هو: "لأنه يقتضي المحال وهو أن يكون ههنا إنسان قد رأى كل أحد من الناس فنفيت أن تكونه "ص97 من الدلائل، وفي ص98 من الدلائل يعلل الشيخ عبد القاهر بالتعليل الذي ذكره السكاكي والخطيب. والتعليل الأول لعبد القاهر قد ذكره السكاكي أيضًا في المفتاح ص101. وهو ما أنا ضربت إلا زيدًا.
النفي يقتضي ذلك1 فإن قيل الاستثناء الذي فيه مفرغ، وذلك يقتضى أن لا يكون ضرب أحدًا من الناس وذلك يستلزم أن لا يكون ضرب زيدًا، قلنا: إن لزم ذلك فليس للتقديم لجريانه في غير صورة التقديم أيضًا كقولنا "ما ضربت إلا زيدًا".
هذا إذا ولي المسند إليه حرف النفي
…
وإلا2:
فإن كان"3" معرفة كقولك "أنا فعلت" كان القصد إلى الفاعل وينقسم قسمين:
1 أي أن لا يكون ضربه. قال السعد: وجواب هذا الاعتراض أن تقديم المسند إليه وإيلاءه حرف النفي إنما يكون إذا كان الفعل المذكور بعينه ثابتًا متحققا متفقًا بينهما وإنما المناظرة في فاعله فقط، ففي هذه الصورة يجب أن يكون المخاطب مصيبًا في اعتقاد وقوع ضرب على من عدا زيدا، مخطئًا في أن فاعله أنت، فتقصد رده إلى الصواب بقولك "ما أنا ضربت إلا زيدًا"؛ لأنه لنفي أن تكون أنت الفاعل لا لنفي الفعل. قال السعد: وعندي أن قولهم "نقض النفي بألا يقتضي أن تكون ضربت زيدًا" أجدر بأن يعترض عليه فيقال: إن النفي لم يتوجه إلى الفعل أصلًا بل إلى أن يكون فاعل الفعل المذكور هو المتكلم والفعل المذكور هو الضرب الذي اثتثنى منه زيد فالاستثناء إنما هو من الإثبات دون النفي فلا يكون من انتقاض النفي في شيء.. هذا وحاصل كلام عبد القاهر أن تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي:
1 يفيد التخصيص قطعًا إذا ولي المسند إليه المقدم حرف النفي سواء كان المسند إليه نكرة أم معرفة: ظاهرة أو مضمرة.
2 وتارة يكون للتخصيص أو للتقوي وذلك إذالم يل المسند إليه حرف النفي سواء كان المسند إليه نكرة أم معرفة: ظاهرة أو ضميرًا وسواء كان الخبر مثبتًا أو منفيًّا.
فمدار الأمر على تقديم حرف النفي على المسند إليه أو عدم تقدمه فإذا تقدم النفي أفاد تقديم المسند إليه التخصيص وإلا جاز أن يكون للتخصيص أو للتقوي والتأكيد.
2 إن لم يل المسند إليه حرف النفي بأن لا يكون في الكلام حرف النفي أو يكون حرف النفي متأخرًا عن المسند إليه.
3 أي المسند إليه.
أحدهما: ما يفيد تخصيصه بالمسند، للرد على من زعم انفراد غيره به1 أو مشاركته فيه2، كقولك "أنا كتبت في معنى فلان" و"أنا سعيت في حاجته"، ولذلك إذا أردت التأكيد قلت للزاعم في الوجه الأول: أنا كتبت في معنى فلان لا غيري، ونحو ذلك، وفي الوجه الثاني: أنا كتبت في معنى فلان وحدي، فإن قلت: أنا فعلت كذا وحدي في قوة أنا فعلته لا غيري، فلم أختص كل منهما بوجه من التأكيد دون وجه؟ قلت: لأن جدوى التأكيد لما كانت إماطة شبهة خالجت قلب السامع، وكانت في الأول أن الفعل صدر من غيرك، وفي الثاني أنه صدر منك بشركة الغير، أكدت وأمطت الشبهة في الأول بقولك "لا غيري" وفي الثاني بقولك "وحدي"؛ لأنه محزه ولو عكست أحلت، ومن البين في ذلك المثل:"أتعلمني بضب أنا حرشته3؟ ". وعليه قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: 101] ، أي لا يعلمهم إلا نحن ولا يطلع على أسرارهم غيرنا لابطانهم الكفر في سويداوات قلوبهم.
الثاني4: ما لا يفيد إلا تقوي الحكم وتقرره في ذهن السامع وتمكنه كقولك "هو يعطي الجزيل"، لا تريد أن غيره لا يعطي الجزيل، ولا أن تعرض بإنسان، ولكن تريد أن تقرر في ذهن السامع وتحقق أنه يفعل إعطاء الجزيل.
1 أي انفراد غير المسند إليه المذكور بالخبر الفعلي فيكون قصر قلب.
2 أي مشاركة الغير في الخبر الفعلي فيكون قصر أفراد.
3 "تعلمني" بتضعيف اللام من التعليم أو بتخفيفها من الإعلام. حرش الضب صيده أي صاده بطريقة مخصوصة. والمثل يضرب لمن يخبر بشيء أنت أعلم به منه.
4 وهذا الضرب يفيد التقوي والتأكيد لا التخصيص.
وسبب تقويه هو أن المبتدأ يستدعي أن يستند إليه شيء، فإذا جاء بعده ما يصلح أن يستند إليه صرفه إلى نفسه. فينعقد، بينهما حكم، سواء كان خاليًا عن ضميره نحو "زيد غلامك" أو متضمنًا له نحو أنا عرفت، وأنت عرفت، وهو عرف، أو "زيد عرف" ثم إذا كان متضمنًا لضميره صرفه ذلك الضمير إليه ثانيًا فيكتسي الحكم قوة1.
ومما يد على أن التقديم يفيد التأكيد أن هذا الضرب من الكلام يجيء:
وفيما اعترض فيه شك نحو أن تقول للرجل: كأنك لا تعلم بالذي تقول"، فتقول أنت تعلم أن الأمر على ما أقول، وعليه قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78] ؛ لأن الكاذب لاسيما في الدين لا يعترف بأنه كاذب فيمتنع أن يعترف بالعلم بأنه كاذب.
وفيما اعترض فيه شك نحو أن تقول للرجل: كأنك لا تعلم ما صنع فلان، فيقول: أنا أعلم.
وفي تكذيب مدع، كقوله تعالى:{وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} [المائدة: 61]، فإن قولهم: "آمنا دعوى منهم أنهم لم يخرجوا به للكفر كما دخلوا به.
وفيما يقتضي الدليل أن لا يكون، كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: 20] .
فإن مقتضى الدليل أن لا يكون ما يتخذ إلهًا مخلوقًا.
1 ويعلل عبد القاهر سبب التقوي بأن تقديم ذكر المحدث عنه يفيد تنبيه السامع لقصده بالحديث قبل ذكر الحديث تحقيقًا للأمر وتأكيدًا له.
وفيها يستغرب كقولك: ألا تعجب من فلان يدعي العظيم وهو يعيا باليسير؟.
وفي الوعد والضمان كقولك للرجل: أنا أكفيك، أنا أقوم بهذا الأمر؛ لأن من شأن من تعده وتضمن له أن يعترضه الشك في إنجاز الوعد والوفاء بالضمان فهو من أحوج شيء إلى التأكيد.
وفي المدح والافتخار؛ لأن من شأن المادح أن يمنع السامعين من الشك فيما يمدح به ويبعدهم عن الشبهة وكذلك المفتخر، أما المدح فكقول الحماسي1:
هم يفرشون اللبد كل طمرة
…
"وأجرد سباح يبذ المغاليا"
وقول الحماسية2:
هما يلبسان المجد أحسن لبسة
…
"شحيحان ما اسطاعا عليه كلاهما"
وقول الحماسي3:
هم يضربون الكبش يبرق بيضه
…
على وجه من الدماء سبائب
وأما الافتخار فكقول طرفة:
نحن في المشتأة ندعو الجفلى
…
"لا ترى الآدب فينا ينتقر4"
1 هو المعذل الليثي. الطمرة: الفرس الكريمة. الأجرد الفرس القصير الشعر. السباح: اللين العدو. المغالي: السهم.
2 هي عمرة الخثعمية.
3 هو الأخنس بن شهاب التغلبي من قصيدة يمدح بها قومه. الكبش: الشجاع. البيض اللأمة. السبائب: الطرائق جمع سبية.. ومثل البيت في المعنى لحسان:
الضاربون الكبش يبرق بيضه
…
ضربًا يطيح له بنان المفصل
4 الجفلى: الدعوة العامة. الآدب: الداعي. يفتقر: أي يدعو بعضا ويترك بعضا.
ومما لا يستقيم المعنى فيه إلا على ما جاء عليه من بناء الفعل على الاسم قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: 196] وقوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5]، وقوله تعالى:{وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 17] ، فإنه لا يخفى على من له ذوق أنه لو جيء في ذلك بالفعل غير مبني على الاسم لوجد اللفظ قد نبا عن المعنى، والمعنى قد زال عن الحال التي ينبغي أن يكون عليها.
وكذا إذا كان الفعل منفيًّا1، كقولك "أنت لا تكذب" فإنه أشد لنفي الكذب عنه من قولك "لا تكذب"، وكذا من قولك "لا تكذب أنت"؛ لأنه لتأكيد المحكوم عليه لا الحكم، وعليه قوله تعالى:{وَالذِيْنَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرْكُوْنَ} فإنه يفيد من التأكيد في نفي الاشراك عنهم ما لا يفيده قولنا والذين لا يشركون بربهم ولا قولنا والذين بربهم لا يشركون، وكذا قوله تعالى:{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} وقوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُون} ، وقوله تعالى:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} .
1 أي بحرف نفي مؤخر عن المسند إليه، أي فقد يأتي التقديم للتخصيص وقد يكون للتقوي، فالأول كقولك "أنت ما سعيت في حاجتي" والثاني كالمثال الذي ذكره الخطيب. وابن السبكي يفهم من كلام الشيخ عبد القاهر أنه عنده للتقوي فقط. ويلاحظ أن "أنا ما قلت هذا" التقديم فيه يفيد التخصيص، فهو مثل قولك "ما أنا قلت هذا"، ولكنهما يفترقان في أن المثال الثاني إنما يلقي لمن اعتقد ثبوت القول وأصاب في ذلك لكنه أخطأ في نسبته للمتكلم أما انفرادا أو على سبيل المشاركة، وأما المثال الأول فيلقي لمن اعتقد عدم القول وأصاب لكنه اخطأ في نسبته لغير المتكلم.
هذا كله إذا بني الفعل على معرف1.
1 أي سواء كانت المعرفة ظاهرة أم ضميًرا. وقوله. "هذا" أي الذي ذكر في قوله "وقد يقدم إلخ" كما ذكره المطول والدسوقي. أما ابن يعقوب فقد جعل "هذا" إشارة إلى ما ذكر من أن "مالم يتقدم فيه حرف النفي على المسند إليه تارة يفيد التقديم فيه التخصيص وتارة يفيد التقوي" وتكون النكرة بعد النفي مثله من باب أولى، وهذا فهم ابن السبكي أيضًا.
ويلاحظ أن "شر أهر ذا ناب" من قصر الخبر "الأهرار" على المبتدأ "شر" قصر صفة على موصوف و"الشر أهر ذا ناب" من قصر الشر –لأن ما فيه أل هو المقصور دائمًا تقدم أو تأخر– على الأهرار قصر موصوف على صفة قصرًا إضافيًّا.. كما أن "زيد جاءني" مثلًا تقديمه للتقوية الناشئة من إفادة التنبيه عند عبد القاهر وعند الجمهور لما فيه من تكرار الإسناد، ويرى السيد ألا خلاف بين الرأيين في الحقيقة، ولا مانع عندي من تعليل سبب التقوي بهما.
هذا والنكرة عند عبد القاهر إذا وليت النفي كان الكلام للتلخيص قطعًا. وإن لم تل النفي احتمل الكلام التخصيص أو التأكيد على حسب قصد المتكلم. ومثل النكرة في ذلك المعرفة: ظاهرة أو ضميرًا.
فمذهب الشيخ عبد القاهر التعويل على حرف النفي، فإن تقدم على المسند إليه أفاد التقديم التخصيص مطلقًا. وإن لم يتقدم حرف النفي أفاد التقديم التخصيص أو التقوي.
أما مذهب السكاكي فإن كان المسند إليه المقدم نكرة فهو للتخصيص إن لم يمنع منه مانع، وإن كان معرفة ظاهرة فلا يكون للتخصيص البتة بل للتقوي "وقال ابن السبكي: يجيء للتقوي أيضًا- كما في ص414/ 1 من شروح التلخيص حاشية ابن السبكي"، وإن كان ضميرًا، فإن قدر كونه في الأصل مؤخرًا على أنه فاعل في المعنى فقط لا اللفظ ثم قدم فهو للتخصيص وإلا فللتقوي. وهذا كله عند السكاكي سواء ولي المسند إليه حرف النفي أم لا.
فالسكاكي لا ينظر إلى حرف النفي ولكن إلى حالة المسند إليه من كونه معرفة ظاهرة أو ضميرًا، أو نكرة، بصرف النظر عن حرف النفي، وذلك إن إفادة التقديم للاختصاص مشروط عنده بشروط ثلاثة: =
.........................................................................
= الأول: أن يجوز تقدير كون المسند إليه المقدم في الأصل مؤخرًا على أنه فاعل في المعنى - لا في اللفظ.
الثاني: أن يقدر كونه كذلك. والشرط الأول غير لازم للثاني لا العكس على التحقيق.
الثالث: أن لا يمنع من التخصيص مانع.. فالنكرة يتحقق فيها الشرطان بتأويل فتفيد الاختصاص بشرط أن لا يمنع منه مانع، والمعرفة لا يتحقق الأول فيها فلا تفيده، والضمير قد وقد.
والسر في الشروط التي اشترطها السكاكي أن الاسم "المسند إليه" إما أن يكون في موضعه فلا يفيد في هذه الحالة تخصيصًا لعدم وجود التقديم، وإما أن يكون مقدمًا من تأخير وفي هذه الحالة إما أن لا يلاحظ التقديم فلا يفيد الاختصاص وإما أن يلاحظ فلا بد أن يجوز تقدير كونه مقدمًا على أنه فاعل في المعنى فقط دون اللفظ "إذ لو كان فاعلًا في اللفظ لامتنع تقديمه للتخصيص، إذ تقديم الفاعل اللفظي لا يجوز" وأن يقدر بالفعل كذلك. وعلى ذلك فلا بد من ملاحظة هذه الشروط في إفادة التقديم التخصيص وإلا فلا يفيد إلا التقوي. فالسر في هذه الشروط عند السكاكي:
أن النكرة في "رجل قام" لا بد فيها من مسوغ للابتداء فلوحظ فيها تقديرها متأخرة على أنها فاعل معنى بالبدلية لتفيد التخصص عند التقديم ليكون مسوغًا للابتداء بها.
أما المعرفة الظاهرة في مثل "زيد قام" فلا حاجة فيه إلى هذا التقدير فلم نقدره وبقيت المعرفة على حالها فقلنا أن تقديمها للتقوي فقط. وأما الضمير في مثل "أنا قمت" فالسر في جواز إفادته للتخصيص أنه لو أخر لجاز العطف بالمشاركة وعند تقديم الضمير يمنع التقديم العطف المصحح للمشاركة، ونفي المشاركة تخصيص، فمتى تراعي هذه الاعتبارات في الضمير يكون تقديمه للتخصيص وإلا كان للتقوي فقط.
هذا وأما السر في الشرط الذي اشترطه عبد القاهر في إفادة التقديم للتخصيص فهو الذوق والاستعمال العربي الصحيح.
ويتجلى الفرق بين السكاكي وعبد القاهر في هذه الصور التسع، وهي: =
صفحة 62 تسحب اسكانر.
...........................................................................
= 2- اعتبار كونه في الأصل مؤخرًا على أنه فاعل معنى فقط فقدم لإفادة التخصيص.
3 ألا يمنع من التخصيص مانع.
فإذالم تتحقق هذه الشروط فلا يفيد التقديم إلا التقوي، وخرج بالشرط الأول المعرفة، لانتفاء جواز تقدير كونها مؤخرة على أنها فاعل معنى فقط، فتقديمها مطلقًا لا يفيد إلا التقوي عنده.. واستثنى السكاكي من هذا الشرط النكرة، فتقديمها عنده لإفادة التخصيص قطعًا مطلقًا إلا إذا منع من التخصيص مانع، هذا ورأيي أنا إن كلام عبد القاهر في الدلائل، وكما يدل على ظاهر كلام الخطيب أيضًا مشعر أنه إذا بني الفعل على منكر كان التقديم للتخصيص قطعًا، لا كما قيل من احتماله للتخصيص والتأكيد.. وأما الضمير فهو عند السكاكي يحتمل أن يكون تقديمه للتخصيص أو للتقوي، فإن لم يعتبر كونه مؤخرًا في الأصل على أنه فاعل معنى فقط فلا يفيد تقديمه إلا التقوي، وإن اعتبر ذلك كان تقديمه للتخصيص، أما الشرط الأول فموجود في الضمير ومتحقق فيه.
وخلاصة رأي السكاكي في النكرة هو أن تقديم النكرة التي خبرها فعلى "ومثلها عنده المشتق" للتخصيص مطلقًا بشرط أن لا يمنع من التخصيص مانع، فرجل جاءني أو ما رجل جاءني أو رجل ما جاءني كل هذه الصور الثلاث للتخصيص عنده.. "وشر أهر ذا ناب" للتقوي فقط عنده وذلك؛ لأن هذا المثال قام به مانع يمنع إفادته للاختصاص وذلك المانع هو انتقاء فائدة القصر. أما امتناع كون التخصيص فيه للجنس فلا متناع أن يراد أن المهر شر لا خير؛ لأنه لا يكون إلا شرًّا. وأما امتناع كون التخصيص فيه للواحد فلنبو تخصيص الواحد عن مواضع استعمال هذا الكلام؛ لأنه يقال في مقام الحث على شدة الحزم عند الشدائد والتحريض على قوة الاعتناء بدفع هذا الشر لعظمه فلا يقصد به أن المهر شر لا شران؛ لأن كون المهر شرًّا لا شرين مما يثبط العزائم.. فلا يقصد من التقديم هنا إلا التقوية والتعظيم. وقد علم مما تقدم أن عبد القاهر يرى أن التقديم فيه للتخصيص.
ويوفق الخطيب بين رأي الشيخ والسكاكي بأن السكاكي يمنع كونه لتخصيص الجنس أو الواحد والجمهور حيث يقولون: بأنه للتخصيص يريدون التخصيص النوعي بجعل التنكير في شر للتعظيم والتهويل، فلا منافاة لعدم توارد الإيجاب والنفي على موضع واحد، وفي مذهب السكاكي نظر لأن في "شر أهر ذا ناب" التخصيص قد يكون لمجرد التوكيد أو لتنزيله منزلة المجهول، وقد يجاب عن هذا بأن الأصل في التخصيص أن يكون فيما يمكن فيه الإنكار، واستعماله فيما ذكر على خلاف الأصل.