الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأخير المسند:
وأما تأخيره: فلأن ذكر المسند إليه أهم كما سبق.
وإما للتنبيه من أول الأمر على أنه1 خبر لا نعت2 كقوله3:
له همم لا منتهى لكبارها
…
وهمته الصغرى أجل من الدهر
وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف: 24] .
وإما للتفاؤل4.
وإما للتشويق إلى ذكر المسند5 إليه كقوله6:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها
…
شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر.
وقوله:
وكالنار الحياة فمن رماد
…
أواخرها وأولها دخان
قال السكاكي رحمه الله: وحق هذا الاعتبار تطويل الكلام في المسند وإلا لم يحسن ذلك الحسن.
1 أي المسند.
2 إذ النعت لا يتقدم على المنعوت وإنما قال من أول الأمر؛ لأنه ربما يعلم أنه خبر لا نعت بالتأمل في المعنى والنظر إلى أنه لم يرد للكلام خبر للمبتدأ.
3 ينسب لحسان في مدح الرسول. والصحيح أنه ليس له بل هو لبكر بن النطاح في أبي دلف وهو في الدلائل ص117. والشاهد فيه تقديم المسند في قوله: "له همم".
4 مثل: سعدت بغرة وجهك الأيام.
5 بأن يكون في المسند المتقدم طول يشوق النفس إلى ذكر المسند إليه فيكون له وقع في النفس ومحل من القبول؛ لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب كما يقولون.
6 هو لمحمد بن وهيب في المعتصم الخليفة والشاهد في البيت تقديم "ثلاثة" وهو المسند، والمسند إليه المتأخر هو "شمس الضحى إلخ" وسيأتي البيت في الإيضاح أيضًا في الجامع وفي "الجمع" في فن البديع.
تنبيه:
كثير مما في الباب1 والذي قبله2 غير مختص بالمسند إليه والمسند، كالذكر والحذف وغيرهما3 مما تقدمت أمثلته، والفطن إذا أتقن اعتبار ذلك فيهما4 لا يخفى عليه اعتباره في غيرهما5.
1 يعني باب المسند.
2 يعني باب المسند إليه.
3 من التعريف والتنكير والتقديم والتأخير والإطلاق والتقييد وغير ذلك.
4 أي في البابين.
5 من المفاعيل والملحقات بها والمضاف إليه، وإنما قال:"كثير مما في هذا الباب إلخ"ولم يقل: "كل ما في هذا الباب"؛ لأن بعضها مختص بالبابين كضمير الفصل المختص بما بين المسند إليه والمسند وككون المسند مفردًا فعلا فإنه مختص بالمسند إذ كل فعل مسند دائمًا، وقيل هو إشارة إلى أن جميعها لا يجري في غير البابين كالتعريف فإنه لا يجري في الحال والتمييز وكالتقديم فإنه لا يجري في المضاف إليه، وفيه نظر؛ لأن قولنا:"جميع ما في هذا الباب والذي قبله غير مختص بهما" لا يقضي أن يجري شيء من المذكورات في كل واحد من الأمور التي هي غير المسند إليه والمسند فضلًا عن أن يجري كل منها فيه إذ يكفي لعدم الاختصاص بالبابين ثبوته في شيء مما يغايرهما.