الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريفه بالإضماء
…
فإن كان بالإضمار:
فإما؛ لأن المقام مقام التكلم، كقول بشار:
أنا المرعث لا أخفى على أحد
…
ذرت بي الشمس للقاصي وللداني1
وإما؛ لأن المقام للخطاب، كقوله2 الحماسية:
وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني
…
وأشمت بي من كان فيك يلوم
وإما؛ لأن المقام مقام الغيبة، لكون المسند إليه مذكور أو في حكم المذكور لقرينة كقوله3:
من البيض الوجوه، بني سنان
…
لو أنك تستضيء بهم أضاءوا
هم حلوا من الشرف المعلى
…
ومن حسب العشيرة حيث شاءوا
وقوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ، أي العدل4.
1 المرعث: المقرط، وكان يلقب بذلك لرعثة كانت له في صغره، والرعثة القرط، ذرت: طلعت: كناية عن شهرته، ومثل البيت قول المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
…
وأسمعت كلماتي من به صمم
وقول الكميت:
أنا الذي يجدوني في صدورهم
…
لا أرتقي صدرًا منها ولا أرد
2 هي أمامة ترد على ابن الدمينة، وتجد البيت في المفتاح ص78.
3 البيتان لأبي البرج المري في زفر بن سنان، وبعدهما:
بناة مكارم وأساة كلم
…
دماؤهم من الكلب الشفاء
والشاهد: تعريف المسند إليه بضمير الغيبة لتقدم ذكره لفظًا تحقيقًا.
ومثله زيد جاء وهو يضحك.
4 التعبير بالمسند إليه ضمير غيبة لتقدم ذكره:
لفظًا: حقيقة مثل حضر التلميذ وهو يبتسم، أو تقديرًا مثل: في داره زيد، وضرب غلامه زيد.
أو معنى: لدلالة لفظ عليه مثل: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ، أو دلالة قرينة حال مثل "فلهن ثلثا ما ترك" أي الميت؛ لأن الكلام في الإرث.
أو حكمًا مثل ربه فتى.
وقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} ، أي ولأبوي الميت.
وأصل الخطاب أن يكون لمعين1، وقد يترك إلي غير معين2 كما تقول:"فلان لئيم: إن أكرمته أهانك وإن أحسنت إليه أساء إليك"، فلا تريد مخاطبًا بعينه، بل تريد إن أكرم أو أحسن إليه"، تخرجه في صورة الخطاب ليفيد العموم، أي سوء معاملته غير مختص بواحد دون واحد.
وهو في القرآن كثير، كقوله تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ، أخرج في صورة الخطاب لما أريد العموم، للقصد إلى تفظيع حالهم وأنها تناهت في الظهور حتى امتنع خفاؤها، فلا تختص بها رؤية راء. بل كل يتأتى منه الرؤية داخل في هذا الخطاب.
1 أي واحدا كان أو أكثر؛ لأن وضع المعارف على أن تستعمل لمعين مع أن الخطاب هو توجيه الكلام إلى حاضر.
2 وذلك على طريق المجاز المرسل بعلاقة الإطلاق، وقيل أن ترك الخطاب لذلك من الإخراج على خلاف مقتضى الظاهر، إذ هو على التحقيق من وضع المضمر موضع المظهر، فقوله تعالى:{وَلَوْ تَرَى} الظاهر فيه "ولو يرى كل أحد".