الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جملية المسند:
وأما كونه جملة فإما لإرادة تقوي الحكم بنفس التراكيب كما سبق1، وإما لكونه سببًا2 وقد تقدم بيان ذلك3. وفعليتها لإفادة التجدد. واسميتها لإفادة الثبوت، فإن من شأن الفعلية أن تدل على التجدد، ومن شأن الاسمية أن تدل على الثبوت، وعليهما قول رب العزة:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} [البقرة: 14]، وقوله تعالى:{قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ} ، إذ أصل
1 نحو زيد قام. وقوله للتقوي أي بنفس التركيب.
2 نحو زيد أبوه قائم.
3 حيث ذكر أن أفراد المسند يكون لكونه غير سببي مع عدم إفادة التقوي.. وسبب التقوي في مثل زيد قام على ما ذكره صاحب المفتاح هو أن المبتدأ لكونه مبتدأ يستدعي أن يسند إليه شيء، فإذا جاء بعده ما يصلح أن يسند إلى ذلك المبتدأ صرفه ذلك المبتدأ إلى نفسه سواء كان خاليًا عن الضمير أو متضمنًا له فينعقد بينهما حكم، ثم إذا كان متضمنًا لضميره المعتد به بأن لا يكون مشابهًا للخالي عن الضمير كما في زيد قائم، صرفه ذلك الضمير إلى المبتدأ ثانيًا فيكتسي الحكم قوة، فعلى هذا يختص التقوي بما يكون مسندًا إلى ضمير المبتدأ، ويخرج عنه نحو "زيد ضربته" ويجب أن يجعل سببيًّا. وأما على ما ذكره الشيخ في "دلائل الإعجاز" وهو أن الاسم لا يؤتى به معرى عن العوامل اللفظية إلا لحديث قد نوى إسناده إليه، فإذا قلت "زيد" فقد أشعرت قلب السامع بأنك تريد الإخبار عنه، فهذا توطئة له وتقدمه للإعلام به، فإذا قلت "قام" دخل في قلبه دخول المأنوس وهذا أشد للثبوت وأمنع من الشبهة والشك، وبالجملة ليس الإعلام بالشيء بغتة مثل الإعلام به بعد التنبيه عليه والتقدمة. فإن ذلك يجري مجرى تأكيد الإعلام في التقوي والإحكام، فيدخل فيه نحو زيد ضربته وزيد مررت به. ومما يكون المسند فيه جملة لا للسببية أو التقوي خبر ضمان الشأن ولم يتعرض له لشهرة أمره وكونه معلومًا مما سبق.
وأما صورة التخصيص نحو أنا سعيت في حاجتك ورجل جاءني فهي داخلة في التقوي على ما مر.
الأول نسلم عليك سلامًا وتقدير الثاني سلام عليكم، كأن إبراهيم عليه السلام قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به أخذًا بأدب الله تعالى في قوله تعالى:{وَإِذَاحُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86] . وقد ذكر له وجه آخر فيه دقة غير أنه بأصول الفلاسفة أشبه وهو أن التسليم دعاء للمسلم عليه بالسلامة من كل نقص ولهذا أطلق، وكمال الملائكة لا يتصور فيه التجديد؛ لأن حصوله بالفعل مقارن لوجودهم، فناسب أن يحيوا بما يدل على الثبوت دون التجدد، وكمال الإنسان متجدد؛ لأنه بالقوة وخروجه إلى الفعل بالتدرج فناسب أن يحيا بما يدل على التجدد دون الثبوت. وفيه نظر. وقوله تعالى:{سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُون} ، أي أحدثتم دعاءهم أم استمر صمتكم عنه فإنه كانت حالهم المستمرة أن يكونوا صامتين عن دعائهم، ففيه لم يفترق الحال بين أحداثكم دعاءهم وما أنتم عليه من عادة صمتكم عن دعائهم. وقوله تعالى:{قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِين} أي أحدثت عندنا تعاطي الحق فيما نسمعه منك أم اللعب، أي أحوال الصبا بعد مستمرة عليك، وأما قوله تعالى:{وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِين} ، في جواب:{آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِر} فلإخراج ذواتهم من جنس المؤمنين مبالغة في تكذيبهم، ولهذا أطلق قوله "مؤمنين" وأكد نفيه بالباء، ونحوه:{يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} .
وشرطيتها: لما مر1، وظرفيتها لاختصار الفعلية، إذ هي مقدرة بالفعل على الأصح2.
1 يعني للاعتبارات المختلفة الحاصلة من أدوات الشرط.
2 لأن الفعل هو الأصل في العمل، وقيل باسم الفاعل؛ لأن الأصل في الخبر أن يكون مفردًا، ورجح الأول بوقوع الظرف صلة للموصول نحو "الذي في الدار أخوك" وأجيب بأن الصلة من مظان الجملة بخلاف الخبر، ولو قال:"إذ الظرف مقدر بالفعل على الأصح" لكان أصوب؛ لأن ظاهر عبارته يقتضي أن الجملة الظرفية مقدرة باسم الفاعل على القول الغير الأصح ولا يخفى فساده.