الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديره بحسب القرائن 1:
حذف المفعول:
ثم حذفه من اللفظ:
1-
إما للبيان بعد الإبهام كما في فعل المشيئة2 إذا لم يكن في تعلقه بمفعوله غرابة. كقولك: لو شئت جئت أو لم أجئ، أي لو شئت المجيء أو عدم المجيء، فإنك متى قلت "لو شئت" علم السامع أنك علقت المشيئة بشيء، فيقع في نفسه أن هنا شيئًا تعلقت به مشيئتك بأن يكون أو لا يكون، فإذا قلت:"جئت أو لم أجئ" عرف ذلك الشيء. ومنه قوله تعالى: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِين} وقوله تعالى: {فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِك} ، وقوله تعالى:{مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْه} وقول طرفة:
فإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت
…
مخافة ملوى من القد محصد3
1 أي الدالة على التعيين المفعول إن عاما فعام وإن خاصا فخاص: ولما وجب تقدير المفعول تعين أنه مراد في المعنى ومحذوف من اللفظ لغرض فأشار إلى تفصيل الغرض.
2 أي والإرادة ونحوها، إذا وقع شرطًا فإن الجواب يدل على ذلك المفعول ويبينه. وأكثر ما يقع ذلك بعد لو؛ لأن مفعول المشيئة مذكور في جوابها وكذلك غيرها من أدوات الشرط، وقد يكون مع غيرها استدلالا بغير الجواب.
2 أي لو شاء الله تعالى هدايتكم لهداكم أجمعين.
3 الإرقال: الإسراع. ملوي: مفتول، وكذلك محصد أي سوط مفتول. القد: الجلد المشقوق، والبيت في الدلائل ص127 وفي المفتاح ص100.
وقال البحتري:
لو شئت عدت بلاد نجد عودة
…
فحللت بين عقيقة وزروده1
وقوله:
لو شئت لم تفسد سماحة حاتم
…
كرمًا ولم تهدم مآثر خالد2
فإن كان في تعليق الفعل به غرابة ذكرت المفعول لتقرره في نفس السامع وتؤنسه به، يقول الرجل يخبر عن عزه لو شئت أن أرد على الأمير رددت وإن شئت أن ألقى الخليفة كل يوم لقيته، وعليه قول الشاعر3:
ولو شئت أن أبكي دمًا لبكيته
…
عليه ولكن ساحة الصبر أوسع
فأما قول أبي الحسين علي بن أحمد الجوهري أحد شعراء الصاحب بن عباد:
فلم يبق مني الشوق غير تفكري
…
فلو شئت أن أبكي بكيت تفكرًا4
فليس منه5؛ لأنه لم يرد أن يقول فلو شئت أن أبكي تفكرًا
1 العقيق والزرود من نجد: موضعان بها. والبيت في ص110 مفتاح و128 من الدلائل.
2 هو للبحترى أيضًا. حاتم المراد به حاتم الطائي. خالد هو خالد بن أصبع النبهاني الذي نزل عليه امرؤ القيس. والبيت في126 من الدلائل.
3 هو الخزيمي يرثي ابنه ونسبه الدسوقي لأبي الهندم الخزيمي يرثي ابنه الهندام، والبيت في126 من الدلائل.
هذا والشاهد في بيت الإيضاح ذكر المفعول "أن أبكي دمًا" فإن تعلق فعل المشيئة بكاء الدم غريب فذكره ليتقرر في نفس السامع ويأنس به.
4 البيت في الدلائل ص128.
5 هذا رد على المطرزي صاحب ضرام السقط، وقوله فليس منه أي ليس مما ترك فيه حذف مفعول المشيئة بناء على غرابة تعلقها به على ما ذهب إليه المطرزي من أن المراد لو شئت أن أبكي تفكرًا بكيت تفكرًا؛ لأن تعلق المشيئة ببكاء التفكر غريب كتعلقها ببكاء الدم.
بكيت تفكرًا، ولكنه أراد أن يقول أفناني النحول فلم يبق مني وفي غير خواطر تجول، وحتى لو شئت البكاء فمريت جفوني وعصرت عيني ليسيل منها دمع لم أجده، ولخرج منها بدل الدمع التفكر، فالمراد بالبكاء في الأول الحقيقي وفي الثاني غير الحقيقي1، فالثاني لا يصلح؛ لأن يكون تفسيرًا للأول.
2-
وإما لدفع أن يتوهم السامع في أول الأمر إرادة شيء غير المراد كقول البحتري:
وكم ذدت2 عني من تحامل حادث
…
وسورة أيام حززن إلى العظم
إذ لو قال حززن اللحم لجاز أن يتوهم السامع قبل ذكر ما بعده أن الحز كان في بعض اللحم ولم ينته إلى العظم، فترك ذكر اللحم
1 فالمذكور في جواب لو خلاف الشرط فالبكاء الأول حقيقي والثاني مجازي فالبكاء الذي أراد إيقاع المشيئة عليه بكاء مطلق مبهم غير معدي إلى التفكير البتة والبكاء الثاني مقيد معدى إلى التفكير فلا يصلح أن يكون تفسيرًا للأول وبيانًا له كما إذا قلت لو شئت أن تعطي درهمًا أعطيت درهمين، كذا في دلائل الإعجاز. ومما نشا في هذا المقام من سوء الفهم وقلة التدبر ما قيل أن الكلام في مفعول أبكي والمراد أن البيت ليس من قبيل ما حذف فيه المفعول للبيان بعد الإبهام، بل إنما حذف لغرض آخر كالاختصار وقيل يحتمل أن يكون المعنى لو شئت أن أبكي تفكرًا بكيت تفكرًا أي لم يبق في مادة الدمع فصرت بحيث أقدر على بكاء التفكر فيكون من قبيل ما ذكر فيه مفعول المشيئة لغرابته. وفيه نظر؛ لأن ترتب هذا الكلام على قوله لم يبق مني الشوق غير تفكري يأبى هذا المعنى عند التأمل الصادق؛ لأن القدرة على بكاء التفكر لا تتوقف على أن لا يبقى فيه غير التفكر.
2 ذاد: دفع، سورة الأيام: شدتها وصولتها. كم خبرية مفعول "ذدت". ومميزها قوله "من تحامل". وتحامل فلان على فلان إذالم يعدل. حززن: قطعن. والشاهد قوله:
"حززن إلى العظم"
أي: حززن اللحم إلى العظم فحذف المفعول وهو اللحم لدفع السامع في أول الأمر لإرادة شيء غير المراد.
ليبرئ السامع من هذا الوهم، ويصور في نفسه من أول الأمر أن الحز مضى في اللحم حتى لم يرده إلا العظم.
3-
وأما؛ لأنه أريد ذكره ثانيا على وجه يتضمن إيقاع الفعل1 على صريح لفظه2، إظهارًا لكمال العناية بوقوعه3 عليه كقول البحتري أيضًا في مدح المعتز بالله:
قد طلبنا فلم نجد لك في السؤ
…
دد والمجد والمكارم مثلا4
أي قد طلبنا لك مثلًا في السؤدد والمجد والمكارم، فحذف المثل إذ كان غرضه أن يوقع نفي الوجود على صريح لفظ المثل. ولأجل هذا المعنى بعينه عكس ذو الرمة في قوله:
ولم أمدح لأرضيه بشعري
…
لئيمًا أن يكون أصاب مالًا5
فإنه أعمل الفعل الأول الذي هو أمدح في صريح لفظ "اللئيم"، والثاني الذي هو أرضى في ضميره، إذا كان غرضه إيقاع نفي المدح على اللئيم صريحًا دون الإرضاء ويجوز أن يكون سبب الحذف في بيت البحتري قصد المبالغة في التأدب مع الممدوح، بترك مواجهته بالتصريح.
1 أي يتضمن إعمال فعل آخر في صريح لفظ ذلك المفعول.
2 أي لفظ المفعول لا على الضمير العائد عليه.
3 أي بوقوع الفعل على المفعول.
4 البيت في الدلائل ص129. أي قد طلبنا لك مثلًا، فحذف "مثلا" إذ لو ذكره لكان المناسب "فلم نجده" نظرًا إلى الكثير وهو عدم الإظهار في موضع الإضمار -فيفوت الغرض أعني إيقاع عدم الوجدان على صريح لفظ المثل.
5 البيت في الدلائل ص130، وهو من قصيدة طويلة لذي الرمة، والشاهد فيه أعمال الفعل الأول في صريح لفظ المفعول وأعمال الثاني في ضميره الذي هو كناية عنه.
بما يدل على تجويز أن يكون له مثل فإن العقل لا يطلب إلا ما يجوز وجوده.
4-
وإما للقصد إلى التعميم في المفعول، والامتناع عن أن يقصره السامع على ما يذكر معه دون غيره، مع الاختصار. كما تقول:"قد كان منك ما يؤلم" أي ما الشرط في مثله أن يؤلم كل أحد وكل إنسان1. وعليه قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلام} أي: يدعو كل أحد.
5-
وإما للرعاية على الفاصلة كقوله سبحانه وتعالى: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَاسَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحي: 1-3] أي وما قلاك.
6-
وإما لاستهجان ذكره كما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما رأيت منه ولا رأى مني" تعني العورة.
7-
وإما لمجرد الاختصار2، كقولك:"أصغيت إليه" أي
1 وقرينة العموم في المفعول المحذوف هي أن المقام مقام المبالغة. وهذا التعميم وإن أمكن أن يستفاد من ذكر المفعول بصفة العموم لكنه يفوت الاختصار حينئذ. فالعموم في هذا المثال مبالغة أما العموم في الآية: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلام} فحقيقة.
2 أي من غير أن يعتبر معه فائدة أخرى من التعميم وغيره، وبعضهم يزيد "عند قيام قرينة" وهو تذكرة لماسبق ولا حاجة إليه "وما يقال من أن المراد عند قيام قرينة دالة على أن الحذف لمجرد الاختصار ليس بسديد؛ لأن هذا المعنى معلوم ومع هذا جار في سائر الأقسام ولا وجه لتخصيصه وبمجرد الاختصار.
وفي قول المصنف: وأما للتعميم مع الاختصار بحث، وهو أن الحذف للتعميم مع الاختصار إن لم يكن فيه قرينة دالة على أن المقدر عام فلا تعميم أصلًا وإن كانت فالتعميم مستفاد من عموم المقدر سواء حذف أو لم يحذف فالحذف لا يكون إلا لمجرد الاختصار، هكذا قالوا وفي رأيي أن الحذف لمجرد الاختصار أمر لا يمس البلاغة إلا من طرف ضئيل.
أي أذني، "وأغضيت عليه" أي بصري، ومنه قوله تعالى:{أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} أي ذاتك، وقوله تعالى:{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} ، أي بعثه الله، وقوله تعالى:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون} أي أنه لا يماثل، أو ما بينه وبينها من التفاوت، أو أنها لا تفعل كفعله كقوله تعالى:{هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} ويحتمل أن يكون المقصود نفس الفعل من غير تعميم أي وأنتم من أهل العلم والمعرفة ثم ما أنتم عليه في أمر ديانتكم من جعل الأصنام لله أندادًا غاية الجهل. ومما عد السكاكي الحذف فيه لمجرد الاختصار قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ مَاخَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا} [القصص: 23] ، والأولى أن يجعل
1 الآية الكريمة جعل عبد القاهر حذف المفعول فيه للتوفر على إثبات الفعل للفاعل أو كما قال السعد: للقصد إلى نفس الفعل بتنزيله منزلة اللازم، أو كما قال الخطيب: لإثبات المعنى في نفسه للشيء على الإطلاق. قال الخطيب: وهو ظاهر كلام الزمخشري: "فإنه قال: "ترك المفعول؛ لأن الغرض هو الفعل لا المفعول ألا ترى أنه رحمهما؛ لأنهما كانتا على الذياد وهم على السقي ولم يرحمهما؛ لأن مذودهما غنم ومسقيهم إبل مثلًا"، وكذا قولهما "لا نسقي" المقصود منه السقي لا المسقي، وكلام الزمخشري على نهج كلام عبد القاهر. قال عبد القاهر: حذف المفعول في أربعة مواضع في الآية، إذ المعنى يسقون أغنامهم أو مواشيهم، وامرأتين تذودان غنمهما، ولا نسقي غنمنا، فسقى لهما غنمهما، ثم إنه لا يخفى على ذي بصر أنه ليس في ذلك كله إلا أن يترك ذكره ويؤتي بالفعل مطلقًا، وما ذاك إلا أن الغرض في أن يعلم أنه كان من الناس في تلك الحال سقي ومن المرأتين ذود، وأنهما قالتا: لا يكون منا سقي حتى يصدر الرعاء، وأنه كان من موسى من بعد ذلك سقي. فأما ما كان المسقي؟ أغنمًا أو إبلًا أم غير ذلك، فخارج عن الغرض وموهم خلافه، وذلك أنه لو قيل: وجد من دونهم امرأتين تذودان غنمهما جاز أن يكون لم ينكر الذود من حيث هو ذود بل من حيث هو ذود غنم حتى لو كان مكان الغنم إبل لم ينكر الذود، ففي حذف المفعول وترك ذكره فائدة جليلة، والغرض لا يصلح إلا على. =
لإثبات المعنى في نفسه للشيء على الإطلاق كما مر، وهو ظاهر قول الزمخشري، فإنه قال: ترك المفعول؛ لأن الغرض هو الفعل لا المفعول، ألا ترى أنه رحمهما؛ لأنهما كانتا على الذياد وهم على السقي، ولم يرحمهما؛ لأن مذودهما غنم ومسقيهم إبل مثلًا، وكذلك قولهما لا نسقي حتى يصدر الرعاء المقصود منه السقي لا المسقي1.
واعلم: أنه قد يشتبه الحال في أمر الحذف وعدمه لعدم تحصيل معنى الفعل كما في قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 109] ، فإنه يظن أن الدعاء فيه بمعنى النداء فلا يقدر في الكلام محذوف، وليس بمعناه؛ لأنه لو كان بمعناه لزم إما الإشراف أو عطف على نفسه؛ لأنه إن كان مسمى أحدهما.
= تركه "124 دلائل" وقد جعل السكاكي الحذف في الآية للاختصار لانصباب الكلام إلى أن المراد يسقون مواشيهم وتذودان غنمهما، ولا نسقي غنمنا حتى يصدر الرعاء مواشيهم.
ويتلاقى رأي الخطيب مع رأي الشيخين عبد القاهر والزمخشري، وإن خالف رأي السكاكي. ولكن السعد قال في مطوله: ورأي السكاكي أقرب إلى التحقيق؛ لأن الترحم لم يكن من جهة صدور الذود عنهما وصدور السقي من الناس بل من جهة ذودهما غنمهما وسقى الناس مواشيهم حتى لو كانتا تذودان غير غنمهما وكان الناس يسقون غير مواشيهم لم يصح الترحم فليتأمل ففيه دقة اعتبرها السكاكي بعد التأمل في كلام الشيخين وغفل عنها الجمهور فاستحسنوا كلامهما.
قال السيد: تحقيق الكلام أن الشيخين اعتبرا أن المفعول هو الإبل أو الغنم وأحدهما يقابل الآخر وجعلا ما يضاف إلى أحدهما خارجًا عن المفعول غير ملحوظ معه بل هو باق على حالة واحدة مع تعذر تقدير المفعول؛ لأن تقديره يؤدي إلى فساد المعنى فإنهما لو كانتا تذودان إبلالهما -فرضا- لكان الترحم باقيًا على حاله. فصاحب المفتاح نظر إلى أن المفعول هو الغنم المضاف إليهما والمواشي المضاف إليهم وكل واحد منهما يقابل الآخر فلو لم يقدر المفعول في الآية لفسد المعنى وهذا أدق نظرًا وأوضح معنى.
1 يرجع السعد في المطول رأي السكاكي على رأي الزمخشري.
غير مسمى الآخر لزم الأول، وإن كان مسماهما واحدًا لزم الثاني وكلاهما باطل، تعالى كلام الله عز وجل عن ذلك، فالدعاء في الآية بمعنى التسمية التي تتعدى إلى مفعولين، أي سموه الله أو الرحمن أيا ما تسمونه فله الأسماء الحسنى، كما يقال:"فلان يدعى الأمير" أي يسمى الأمير. وكما في قراءة من قرأ وقالت اليهود عزير بن "الله" بغير تنوين، على القول بأن سقوط التنوين لكون الابن صفة واقعة بين علمين، كما في قولنا "زيد بن عمرو قائم"، فإنه قد يظن أن فعل القول فيه لحكاية الجملة كما هو أصله، فقيل تقدير الكلام:"عزير ابن الله معبودنا"، وهذا باطل؛ لأن التصديق والتكذيب إنما ينصرفان إلى الإسناد لا إلى وصف ما يقع في الكلام موصوفًا بصفة كما إذا حكيت عن إنسان أنه قال:"زيد بن عمر وسيد" ثم كذبته فيه، لم يكن تكذيبك أن يكون زيد بن عمرو، ولكن أن يكون زيد سيدًا، فلو كان التقدير1 ما ذكر لكان الإنكار راجعًا إلى أنه معبودهم، وفيه تقرير أن عزيرًا بن الله، تعالى الله عن ذلك. فالقول في الآية بمعنى الذكر؛ لأن الغرض الدلالة على أن اليهود قد بلغوا في الرسوخ في الجهل والشرك إلى أنهم كانوا يذكرون عزيرًا هذا الذكر، كما تقول في قوم تريد أن تصفهم بالغلو في أمر صاحبهم وتعظيمه، أني أراهم قد اعتقدوا أمرًاعظيمًا فهم يقولون أبدًا زيد الأمير، تريد أنه كذلك يكون ذكرهم له إذا ذكروه.
واعلم أن لحذف التنوين من عزير في الآية وجهين: أحدهما أن يكون لمنعه من الصرف لعجمته وتعريفه كعازر، والثاني أن يكون لالتقاء السكاكنين2، كقراءة من قرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1-2] ، بحذف التنوين من أحد، وكما حكي عن عمارة بن عقيل أنه قرأ
1 أي في الآية الكريمة: {وَقَالَتِ الْيَهُود} .
2 راجع حذف التنوين لالتقاء الساكنين في الكامل للمبرد ص120 جـ1 وص287 من الدلائل.