الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحوث حول متعلقات الفعل
1:
1-
الفعل المتعدي علامته في عرف النحويين صحة اتصال هاء الضمير الغير المصدر به من غير توسع بحذف الجار أو صحة أن يصاغ منه "أو من مصدره" اسم مفعول تام "أي مستغن عن حرف الجر" بإطراد "لا خراج تمرون الديار إذ يصح صوغ اسم مفعول منها فيقال: الديار ممرورة لكن لا باطراد". وما سوى المتعدي فلازم. أو نقول المتعدي ما يصل إلى المفعول به بنفسه واللازم بالعكس ويسمى اللازم قاصرًا. والأصل سبق الفاعل في المعنى ويلزم الأصل لخوف اللبس كضرب موسى عيسى، ولكون الثاني محصورًا كما أعطيت إلا زيدًا أو ظاهرًا والأول ضمير متصل مثل:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} . وقد يجب تقديم المفعول في ذلك إذا كان الفاعل في المعنى هو المحصور مثل ما أعطيت الدراهم إلا زيدًا أو ظاهرًا والثاني ضمير متصلًا مثل الدرهم أعطيته زيدًا أو ملتبسًا بضمير الثاني مثل أسكنت الدار بانيها. وحذف المفعول من غير باب ظن جائز اختصارًا أو اقتصارًا - لا يقال: حذفه للاقتصار لا يأتي في المفعول به؛ لأن الفعل المتعدي يدل عليه إجمالًا فلا يكون حذفه إلا لدليل؛ لأنا نقول المراد دليل على خصومه لا ما يدل عليه إجمالًا. ومن الحذف اقتصارًا حذف مفعول الفعل المنزلة منزلة اللازم على رأي النحاة والبيانيين ووافقهم المغني على أنه لا مفعول له أصلًا وعبارة المغني بعد أن ذكر رأي النحاة: والتحقيق أن يقال أنه تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه أو من أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندًا إليه فعل كون عام فيقال: حصل حريق، وتارة يتعلق بالإعلام بإيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوي إذ المنوي كالثابت ولا يسمى محذوفًا؛ لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ومنه: {رَبِِّي
1 هذه البحوث بقلم محمد خفاجي.
الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت} ، وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعول فيذكران، وهذا النوع الذي لم يذكر مفعوله قيل له محذوف نحو:{مَاْ وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَاْ قَلَى} - وحذف المفعول لغرض لفظي كتناسب الفواصل مثل ما ودعك ربك وما قلى وكالإيجاز مثل فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا، أو لغرض معنوي كاحتقاره مثل كتب الله لأغلبن أي الكافرين أو استهجان التصريح به مثل قول عائشة: ما رأيت منه ولا رأى مني أي العورة أو العلم به أو الجهل به أو تعظيمه أو الخوف منه.
ويقول السكاكي: "واعلم أن للفعل وما يتعلق به اعتبارات مجموعها راجع إلى الترك والإثبات والإظهار والإضمار والتقديم والتأخير، فلا بد من التكلم هناك وعلى الخصوص في تقييده -أعني الفعل- بالقيود الشرطية، فتقول: أما الترك فلا يتوجه إلى فاعله كما عرف في علم النحو وإنما يتوجه إلى نفس الفعل أو إلى غير الفاعل، لكنه لا يتضح اتضاحًا ظاهرًا إلا في المفعول به كما ستقف عليه1. ثم تكلم السكاكي على الحالة المقتضية لترك الفعل2، وعلى الحالة المقتضية لإثباته3 -ثم تكلم على الحالة المقتضية لترك مفعوله4- ثم تكلم على اعتبار التقديم والتأخير مع الفعل بأنواعه الثلاثة:
فأحدها: أن يقع بين الفعل وبين ما هو فاعل له معنى مثل: هو عرف.
وثانيها: أن يقع بينه وبين غير ذلك مثل: زيدًا عرفت.
وثالثها: أن يقع بين ما يتصل به كنحو: عرف زيد عمرًا وعرف عمرًا زيد.
1 97 المفتاح.
2 97-99 المرجع.
3 99 المرجع.
4 99-100 المرجع.
وذكر السكاكي الأحوال التي تقتضي كل واحد1 منها، كما تكلم على الحالة المقتضية لإضمار فاعله ولكونه مظهرًا2، وبسط الكلام على الحالة المقتضية لتقييد الفعل بالشرط3:
1-
المذكور في باب متعلقات الفعل ثلاثة أمور هي:
أ- نكات حذف المفعول به.
ب- نكات تقديمه على الفعل -لإفادة الاختصاص قلبًا كان أو إفرادًا أو تعيينًا، ويفيد التقديم وراء التخصيص اهتمامًا بشأن المقدم.
جـ- نكات تقديم بعض معمولاته على بعض.
هذه هي عناصر الكلام على "أحوال متعلقات الفعل"، فقوله:"أحوال متعلقات الفعل" أي بعض هذه الأحوال الخاصة بمتعلقات الفعل وهي الثلاثة الأحوال التي أشرنا إليها، هكذا قال السعد ولكن العصام قال: المراد جميع أحوال متعلقات الفعل؛ لأن وضع الباب لها إلا أنه اقتصر على ذكر البعض استغناء عن ذكر الباقي بما سبق في غير هذا الباب لظهور جريان الباقي فيها "أي في المتعلقات" كما نبه الخطيب عليه في التنبيه السابق، وتفسيره بعض أحوال المتعلقات حيث لم يذكر إلا البعض كما ذهب إليه الشارح المحقق "السعد" وهم وكيف لا يكون وهمًا أو كيف لا يكون كما ذكرنا؟، ولولم يكن المراد جميع الأحوال لم ينحصر الفن "فن المعاني" في الأبواب الثمانية.
وقال السبكي: هذا الباب لبيان أحوال متعلقات الفعل ولم يستوعبها بل ذكر منها الفاعل والمفعول، وذكر الفاعل فيه نظر:
1 100-104 المرجع.
2 100 المرجع.
3 104 المفتاح.
أ- لأنه مسند إليه فذكره في باب المسند إليه أليق.
ب- ثم الأحوال التي يريدها هنا الذكر والترك والتقديم والتأخير، والترك لا يأتي في الفاعل؛ لأنه لا يحذف. ولكن قال العصام: إن المتعلق في عرف العربية كأنه مختص بما سوى الفاعل ولهذا قال نلبسه دون تعلقه؛ لأن الفاعل ملابس لا متعلق.
وقال أيضًا: ينبغي أن يقول: أحوال متعلقات الفعل وما في معناه مما يعمل عمله. وقال أيضًا: المتكلم: تارة يريد الإخبار عن الفعل أي الحدث من غير تلبس فاعل ولا مفعول فيقول وقع ضرب ونحوه وليس في هذا التركيب شيء من متعلقات الضرب- وتارة يراد فاعله فيؤتى بالفعل الصناعي الذي هو مشتق من الحدث الذي يريد الإخبار به فيذكر فاعله أبدًا عند البصريين إلا في مواضع مستثناه، ويجوز الحذف عند الكسائي. ثم إن كان متعديًا: فتارة يقصد الإخبار بالحدث والمفعول دون الفاعل فيبنى للمفعول فيقال ضرب زيد، وتارة يقصد الإخبار بالفاعل ولا يذكر مفعوله فهو على ضربين:
أ - أن يقصد إثبات المعنى للفاعل أو نفيه عنه على الإطلاق، إلخ، فالمتعدي حينئذ كاللازم فلا يذكر له مفعول لئلا يتوهم السامع أن الغرض الإخبار بتعلقه بالمفعول ولا يقدر؛ لأن المقدر كالمذكور. وهذا القسم لا يتأتى في الفاعل بل متى ذكر الفعل الصناعي وجب الإتيان بالفاعل أو نائبه. ثم قال السبكي: وهذا حقيقة اللازم فلا ينبغي أن يقال هو كاللازم وكأنهم يعنون باللازم حقيقة. ثم هذا القسم نوعان كما قال الخطيب: أن يجعل إطلاق الفعل كناية عنه متعلقًا بمفعول مخصوص دلت عليه القرينة، أو لا يجعل كذلك.
ب- أن لا يكون كذلك بأن لم يقطع النظر عن المفعول بل قصد ولم يذكر لفظًا فيقدر بحسب القرائن.
3-
وفي لام متعلقات الفعل وجهان: أنها بكسر اللام أي أحوال.
الأمور المتعلقة بالفعل فالفعل يقال فيه متعلق والمفعول مثلًا متعلق أي متشبث وهذا هو الأحسن ووجه أولويته أن المفاعيل وما ألحق بها معمولة والفعل عامل فيها وكون المعمول لضعفه متعلقًا أنسب؛ لأن المتعلق هو المتشبث وهو أضعف من المتشبث به فالتعلق هو التشبث والمتشبث بالكسر هو المعمول الضعيف وبالفتح هو العامل القوي فهذا كما يقال الجار والمجرور متعلق بكذا.
أو أنها بفتح اللام واقتصر عليه العصام، لوجهين: فالوجه الأول ذكره عبد الحكيم. وهو أن الفتح نظرًا إلى أن الحدث الذي يدل عليه الفعل يتعلق بها كما في الكافية: المتعدي ما يتوقف فهمه على متعلق، ولذلك قال العصام:"إنه اسم مفعول على ما في الرضى" - والوجه الثاني أن الفتح جائز كالكسر؛ لأن كلا من الفعل والمفعول متعلق بالآخر وهذا الوجه ذكره الدسوقي.. هذا ويقول عبد القاهر: "وأما تعلق الاسم بالفعل فبأن يكون فاعلًا له أو مفعولًا مطلقًا أو مفعولًا به أو ظرفًا أو مفعولًا معه أو له أو بأن يكون منزلًا من الفعل منزلة المفعول وذلك في خبر كان وأخواتها والحال والتمييز ومثله الاسم المنتصب على الاستثناء"، وهذا يرجح كسر اللام. ويقول السكاكي: اعلم أن للفعل وما يتعلق به اعتبارات وهو أيضًا يرجح الكسر.
4-
ذكر المطول أن قول الخطيب "الفعل مع المفعول إلخ" تمهيد للكلام على أحوال متعلقات الفعل ولكن الدسوقي يرى أن المصنف قد ذكر مقدمة للمطلب الأول "الذي هو نكات حذف المفعول به" بقوله: "الفعل مع المفعول إلى قوله ثم الحذف إما للبيان إلخ"، فقوله: ثم الحذف إلخ هو أول المقصود بالترجمة، إلا أن الدسوقي عاد فذكر -في تعليقه على قول السعد:"ومهد لذلك مقدمة"- أن قوله: "الفعل مع المفعول" إلى قوله: "لا إفادة وقوعه مطلقًا" توطئة لبحث حذف المفعول به.