الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[516] مسندُ قَيلةَ بنتِ مَخرمةَ
6628 -
عن قيلةَ بنتِ مَخرمةَ أنَّها كانت تحتَ رجلٍ مِن بَني عديٍّ، وأنَّه تُوفيَ وتركَ عَليها بناتٍ لَها، فانتزَعَهن مِنها عمُّهن أثوبُ بنُ أزهرَ، وأنَّها أرادَت الخروجَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بدءِ الإسلامِ، فبكتْ جُويريةٌ مِنهن حُدَيباءُ قدْ أخذَتْها الفَرْسَةُ، عليها سُبَيِّجٌ لَها مِن صوفٍ وهي أصغرُهن، فرحِمَتْها فحملَتْها مَعها على الجملِ، ثم انطلَقَتا تُرْتِكانِ الجملَ فانتفَجَت الأرنبُ، فقالت الحُديباءُ: الفَصْية، واللهِ لا يزالُ كعبُكِ أَعلى مِن كعبِ أثوبَ في هذا الحديثِ أبداً، ثم سنحَ الثعلبُ - فسمَّته اسماً غيرَ الثعلبِ نَسيهُ عبدُاللهِ بنُ حسان - وقالتْ فِيه مثلَ ما قالتْ في الأرنبِ.
قالتْ: فبينَما نحنُ نَسيرُ إِذ بركَ الجملُ فوقعتْ عليه الرَّعدةُ، فقالَت الحُديباءُ: أدركتِ والأمانةَ أخْذةَ أَثوبَ، فقلتُ واضطررتُ إليها: ويحَكِ فما أَصنعُ؟ قالتْ: قَلِّبي ثيابَكِ ظهورَها لِبطونِها، وتدَحْرَجي ظهرَك لِبطنِكِ، وقلِّبي أحلاسَ جملِكِ، وخلعَت الحُديباءُ سُبيجَها وتَدَحرجتْ ظهرَها لِبطنِها، قالتْ: ففعلتُ ما قالتْ، فانتفضَ الجملُ ففاجَّ وبالَ، فقالْت: أَعيدي عليهِ أداتَكِ، ففعلتُ، ثم انطلَقْنا نُرتكُ فإذا أثوبُ يَسعى خلْفَنا بالسيفِ صَلْتاً، فوَأَلْنا إلى حِواءٍ أراه واقتحمتُ داخلَه بالجاريةِ حتى ألقى الجمل إلى رِواقِ البيتِ الأوسطِ، فأدرَكَني بالسيفِ، فأَصابتْ - قالَ أبوإسحاقَ إبراهيمُ بنُ مرزوقٍ: أَظنُّه قالَ: ظُبَتُه طائفةً مِن قرونِ رأسيه - ثم قال: أَلقي إليَّ ابنةَ أَخي يا دَفار، قالتْ: فرميتُ إِليه بِها وكانتْ أعلمَ بِه مِن أهلِ البيتِ، فجعَلَها على مِنكبِهِ فذهبَ بِها.
ثم انطلقتُ إلى أختٍ لي ناكحٍ في بَني شيبانَ أَلتمسُ الصحابةَ إلى رسولِ اللهِ
صلى الله عليه وسلم، فبينَما أَنا عندَها ليلةً مِن الليالي تَحسبُ أنِّي نائمةٌ إذْ جاءَ زوجُها مِن السَّامرِ فقالَ: وأبيكِ لقدْ أَصبتُ لِقيلةَ صاحباً صاحبَ صدقٍ، فقالَ: حُريث بنُ حسان الشَّيبانيُّ غادياً ذا صباحٍ وافد بكرِ بنِ وائلٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ أُختي: الويلُ لي، لا تُسمعْ بِهذا الحديثِ أُختي فتَتبعَ أخا بكرِ بنِ وائلٍ بينَ سمعِ الأرضِ وبَصرِها ليسَ مَعها مِن قومِها رجلٌ، فقالَ: لا تَذكريهِ لَها فإنِّي غيرُ ذاكِرِه لَها، وقدْ سمعتُ ما قَالا فقُمتُ إلى جَملي فشَددتُ عليه وسألتُ عَنه، فإذا هو غير بعيدٍ، وإذا رِكابُهُ مُناخةٌ عندَه فسألتُهُ الصُّحبةَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: نَعمْ وكرامة.
وانطلقتُ مَعه صاحبَ صدقٍ حتى قدِمْنا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُصلِّي بأصحابِهِ صلاةَ الفجرِ قدْ أُقيمت حينَ شقَّ الفجرُ والنجومُ شابكةٌ في السماءِ، والرجالُ لا تكادُ تَعارفُ مع ظُلمةِ الليلِ، فصَففتُ مع الرجالِ [وكنتُ] امرأةً حديثةَ عهدِ بجاهليةٍ، فقالَ لي الرجلُ الذي إلى جَنبي: امرأةٌ أنتِ أَم رجلٌ؟ فقلتُ: امرأةٌ، فقالَ: تأخَّري في النساءِ وراءَك، فقدْ كِدت تَفتِنيني، قالتْ: فنظرتُ فإذا صفٌّ مِن نساءٍ قدْ حدثَ عندَ الحُجراتِ لم يكنْ بِعَهدي إذ دخلتُ، فكنتُ معهُن، فكنتُ إذا رأيتُ رجلاً ذا رُواءٍ وقِشْرٍ طَمحَ إليه بَصري لأَرى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فوقَ الناسِ.
فلمَّا ارتفعَت الشمسُ جاءَ رجلٌ فقالَ: السلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ، فقالَ: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وعليكَ السلامُ ورحمةُ اللهِ» ، وإذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالسٌ القُرفصاءَ عليه أَسْمالٌ مُلببتينِ كانتا مِن زعفرانٍ قد نَفَضَتا، مَعه عسيبُ نخلةٍ مَقشورٍ غيرَ خُويصتينِ مِن أعلاهُ، قالتْ: فلمَّا رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتخشِّعاً في الجلسةِ أُرعِدتُ مِن الفَرَقِ، فقالَ لَه جليسُهُ: يا رسولَ اللهِ، أُرعدَت المسكينةُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بيدِهِ وأَنا عندَ ظهرِهِ:«يا مسكينةُ عليكِ السَّكينةُ» .
قالتْ: فلمَّا قالَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَذهَبَ اللهُ ما كانَ في قَلبي مِن الرُّعبِ، وتكلَّمَ صاحِبي أولَ رجلٍ فبايَعَهُ على الإسلامِ عليهِ وعلى قومِهِ، ثم قالَ: اكتُبْ لَنا بالدَّهناءِ يا رسولَ اللهِ بينَنَا وبينَ بَني تميمٍ لا يجاوزُها مِنهم إلينا إلا مسافرٌ أو مُجاورٌ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اكتُبْ لَه بالدَّهناءِ يا غلامُ» ، قالتْ: فشُخِصَ فيَّ وهي وَطَني ودارِي، ثم قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّه واللهِ ما سألَكَ السَّويَّةَ في الأرضِ إذْ سأَلَ، هذِهِ الدَّهناءُ وراءَك مُقَيَّدَ الجملِ ومَرعى الغنمِ، ونساءُ بَني تميمٍ وأبناؤُها وراءَ ذلكَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«صدقَت المِسكينةُ، أَمسِكْ يا غلامُ، المسلمُ أخو المسلمِ، يَسَعُهما الماءُ والشجرُ، ويتعاونان على الفُتَّانِ» - قالَ عبدُاللهِ بنُ حسانٍ: يَعني الكفارَ -.
قالتْ: فلمَّا رأَى حريثٌ أنْ قدْ حِيلَ دونَ كتابِهِ ضربَ إِحدى يديهِ على الأُخرى ثم قالَ: إنْ كنتُ أَنا وأنتِ كمَا قالَ: حتفَها تَحمِلُ ضأنٌ بأَظلافِها، قالتْ: أمَا واللهِ إنْ كنتَ لَدليلاً في الظَّلماءِ، جواداً بذي الرَّحلِ، عفيفاَ عن الرَّفيقةِ حتى قدمتَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولكنْ لا تَلُمني على حظِّي إذْ سأَلْتَ حظَّكَ، قالْ: وما حظُّكِ في الدَّهناءِ لا أَبا لَكِ؟ قالتْ: مُقَيَّدُ جَملي أردتَّهُ لِجَملِ امرأتِكَ، قالَ: أمَا واللهِ لا أَزالُ لكِ أخاً ما حَييتُ إِذ أَثنيتِ عليَّ هذا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: أما إِذ بدأْتَها فلنْ أُضيِّعَها، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيُلامُ ابنُ ذِه أن يَفصلَ الخُطةَ وينتصرَ مِن وراءِ الحجزةِ» .
قالتْ: فبكيتُ ثم قلتُ: يارسولَ اللهِ، واللهِ لقدْ كنتُ ولدتُهُ حِزاماً فقاتَلَ معكَ يومَ الرَّبَذةِ، ثم أتى خَيبر يَمتَري مِنها فأصابَتْهُ حُمَّاها وتركَ عليَّ النساءَ، قالَ: فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ، لو لم تَكوني مِسكينةً لَجَررناكِ على وجهِكِ أو لَجُررتُ على وجهِكِ - شكَّ عبدُاللهِ بنُ حسان أي هذانِ الحَرفينِ
حدَّثته المَرأتانِ - أيُغلبُ أُحَيدُكم أنْ يُصاحبَ صاحِبَهُ في الدُّنيا مَعروفاً، فإذا حالَ بينَهُ وبينَ مَن هو أَولى بِه مِنه قالَ: ربِّ آسِني ما أَمضيتَ وأَعِنِّي على ما أبقيتَ، والذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ، إنَّ أُحيدَكم لَيَبكي فيستغفرُ (1) لَه صُويحِبُهُ، فيا عبادَ اللهِ لا تُعذِّبوا إخوانَكم».
قالتْ: ثم كتبَ لي في قطعةِ أديمٍ: «لِقَيلةَ والنِّسوةِ بناتِ قَيلةَ أَلا يُظلَمْن حقّاً، ولا يُكرَهْن على منكحٍ، وكلُّ مؤمنٍ ومسلمٍ لَهُن نصيرٌ، أَحسِنَّ ولا تُسِئْنَ» .
الغنية في شيوخ القاضي عياض (109 - 113) حدثنا الفقيه الحافظ أبوعلي الحسين بن محمد الغساني فيما كتبه لي بخطه وحدثنا به عنه قراءة عليه الفقيه الحافظ أبوجعفر أحمد بن محمد بن عبدالعزيز اللخمي قال: حدثنا حكم بن محمد الجذامي قال: أخبرني أبوبكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس المعروف بابن البناء قال: أخبرني أبوالعباس محمد بن إسماعيل قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي المقرئ قال: حدثنا عبدالله بن حسان العنبري أحد بني كعب ابن العنبر قال: حدثتني جدتاي صفية بنت عليبة ودحيبة بنت عليبة وكانتا بنتي قيلة بنت مخرمة وكانت قيلة جدة أبيهما أنهما أخبرتهما قيلة بنت مخرمة .. (2).
قال ابن أبي خيثمة: حدثني عبدالله بن حسان: حدثني عمي زاهر بن حرب قال: زعموا أن عبدالله بن حسان كان إذا قعد احتوشه الناس فيحدثهم حديثه بعشرة، ثم بخمسة، ثم بأربعة دوانق، ثم حديثان بدرهم، ثم حديث بدانقين، وقد روى عنه عبدالله بن المبارك.
(1) في المجمع وطبقات ابن سعد (1/ 320) والعقد الفريد (2/ 47): فيستعبر.
(2)
عبدالله بن حسان وجدتاه صفية ودحيبة لم يوثقهم غير ابن حبان.
وقال في المجمع (6/ 9 - 12): رواه الطبراني ورجاله ثقات.
قلت: وهو عند أبي داود مختصراً من قوله: وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس القرفصاء .. إلى: ويتعاونان على الفتان، انظر المسند الجامع (17415)(17416).