الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى لا تكون فتنة} فقال ابن عمر: قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله. رواه البخاري.
6005 -
وعن أبي هريرة، قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسا قد هلكت، عصت وأبت، فادع الله عليهم، فظن الناس أنه يدعو عليهم، فقال:((اللهم اهد دوساً وأت بهم)) متفق عليه.
6006 -
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي)) رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) [6006].
(2) باب مناقب الصحابة [رضي الله عنهم أجمعين]
ــ
وفيه منقبة عظيمة لابن عمر رضي الله عنهما لقوله الحق في الملأ وعدم اكتراثه بالحجاج، لأنه يعلم أن مقامه وثناءه عليه يبلغه، فلم يمنعه ذلك أن يقول الحق ويشهد لابن الزبير بما يعلمه فيه من الخير، وبطلان ما أشاع عنه الحجاج من قوله: عدو الله، وظالم، ونحوه. فأراد ابن عمر رضي الله عنهما براءة ابن الزبير من الذي نسب إليه الحجاج، وإعلام الناس بمحاسنه.
ومذهبنا أن ابن الزبير كان مظلوماً. والله أعلم بالصواب.
باب مناقب الصحابة رضي الله عنهم
الصحابي المعروف عند أهل الحديث وبعض أهل الأصول: كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسلم ويعرف كونه صحابياً بالتواتر كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أو بالاستفاضة أو بقول صحابي غيره إنه صحابي، أبو بقوله عن نفسه إنه صحابي، إذا كان عدلا والصحابة كلهم عدول مطلقاً لظواهر الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به.
((مح)): قال أبو منصور البغدادي: أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة على الترتيب المذكور، ثم تمام العشرة، ثم أهل بدر، ثم أحد، ثم بيعة الرضوان، ومن له مزية من أهل العقبتين من الأنصار، وكذلك السابقون الأولون وهم: من صلى إلى القبلتين، وقيل: أهل بيعة الرضوان، وكذلك اختلفوا في عائشة وخديجة أيتهما أفضل؟ وفي عائشة وفاطمة.
وأما معاوية فهو من العدول الفضلاء ومن الصحابة الخيار، والحروب التي جرت بينهم كانت لكل طائفة شبهة اعتقدت تصويب أنفسها بسببها، وكلهم متأولون في حروبها، ولم يخرج أحد منهم من العدالة لأنهم مجتهدون اختلفوا في مسائل كما اختلف المجتهدون بعدهم في مسائل، ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم.
الفصل الأول
6007 -
عن أبي سعدي الخدري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) متفق عليه.
6008 -
وعن أبي بردة، عن أبيه، قال: رفع- يعني النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء، وكان كثيراً مما يرفع رأسه إلى السماء. فقال:((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد؛ وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)) رواه مسلم.
ــ
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي سعيد رضي الله عنه:
قوله: ((لا تسبوا)) مح: أعلم أن سب الصحابي حرام وهو من أكبر الفواحش، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر، وقال بعض المالكية: يقتل: وقال القاضي عياض: سب أحدهم من الكبائر.
قوله: ((ولا نصيفه)) قض: النصيف النصف، أي نصف مد، وقيل هو: مكيال دون المد، والمعنى أنه لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهباً من الفضيلة والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصفه لما يقارنه من مزيد الإخلاص وصدق النية وكمال النفس.
أقول: ويمكن أن يقال: إن فضيلتهم بحسب فضيلة إنفاقهم وعظم موقعه، كما قال الله تعالى {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} ، من قبل الفتح أي قبل فتح مكة، يعني قبل عز الإسلام وقوة أهله ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وقلة الحاجة إلى القتال والنفقة فيه، هذا في الإنفاق فكيف بمجاهدتهم وبذل أرواحهم ومهجهم وفراغهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك.
الحديث الثاني عن أبي بردة رضي الله عنه:
قوله: ((مما يرفع)) بيان لكثير، أو هو خبر كان، أي كثيراً رفع رأسه، وما مصدرية ويجوز أن تكون زائدة.
قوله: ((أمنة للسماء)) يقال: أمنته وأمنته غيري وهو في أمن منه، وفلان أمنة وأمنة بسكون الميم كأنها المرة من الأمن. ويجوز أن يكون جمع آمن كبار وبررة.
6009 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقولون: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولون: نعم فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم)) متفق عليه.
وفي رواية لمسلم قال: ((يأتي على الناس زمان يبعث منهم البعث فيقولون: انظروا هل تجدون فيكم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل، فيفتح
ــ
وأمنة إذا نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون مصدراً مبالغة من قولهم: رجل عدل.
أو: جمعاً فيكون من باب قوله تعالى: {شهاباً رصدا} أي راصدين، وقوله تعالى:{إن إبراهيم كان أمة قانتاً} .
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم أمناً لأصحابه بمنزلة الجماعة.
((نه)) أراد بوعد السماء انشقاقها وذهابها يوم القيامة، وذهاب النجوم تكويرها وانكدارها وانعدامها.
وأراد بوعد أصحابه ما وقع بينهم من الفتن.
وكذلك أراد بوعد الأمة.
والإشارة في الجملة إلى مجيء الشر عند ذهاب أهل الخير، فإنه لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه، فلما توفي جالت الآراء واختلفت الأهواء وكان الصحابة يسندون الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول أو فعل أو دلالة حال، فلما فقد قلت الأنوار، وقويت الظلم، وكذلك حال السماء عند ذهاب النجوم، والأمنة في هذا الحديث جمع أمين وهو الحافظ.
الحديث الثالث عن أبي سعيد رضي الله عنه:
قوله: ((فئام من الناس)) مح: هو بفاء مكسورة ثم همزة، أي جماعة، وحكى القاضي عياض بالياء مخففة بلا همز، ولغة أخرى بفتح الفاء عن الخليل، والمشهور الأول.
لهم [به]، ثم يبعثه الثاني فيقولون: هل فيهم من رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفتح لهم [به] ثم يبعث البعث الثالث فيقال: انظروا، هل ترون فيهم من رأى من رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ ثم يكون البعث الرابع فيقال: انظروا هل ترون فيهم أحداً رأى من رأى أحداً رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل، فيفتح لهم [به])).
6010 -
وعن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم إن بعدهم قوماً يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن)) وفي رواية: ((ويحلفون ولا يستحلفون)). متفق عليه.
ــ
وفيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفضل لأصحابه والتابعين وتابعيهم.
والبعث هنا الجيش.
الحديث الرابع عن عمران رضي الله عنه:
قوله: ((قرني ثم الذين يلونهم)) نه: يعني الصحابة ثم التابعين، والقرن أهل كل زمان وهو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان، مأخوذ من الاقتران، فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم.
وقيل: القرن أربعون سنة. وقيل: ثمانون، وقيل: مائة، وقيل: هو مطلق من الزمان، وهو مصدر قرن يقرن- انتهى كلامه-.
و ((ثم)) فيه بمنزلة الفاء في قوله: الأفضل فالأفضل، على أنه بيان لتراخي الرتبة في النزول، والخير الأول أطلق على ما اقتضاه معنى التفضيل من الاشتراك حتى انتهى إلى حد يرتفع فيه الاشتراك فيختص بالموصوف فلا يدخل ما بعده من قوله: ((ثم إن بعدهم قوماً يشهدون
…
)) الحديث فهو كما في قوله تعالى: {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً} . وقولك: الصيف أحر من الشتاء.
قوله: ((ويظهر فيهم السمن)) نه: في الحديث: ((ويكون في آخر الزمان قوم يتسمنون)) أي يتكبرون بما ليس فيهم، ويدعون ما ليس لهم من الشرف.
وقيل: أراد جمعهم الأموال.
وقيل: يحبون التوسع في المأكل والمشرب وهي أسباب السمن.
تو: كني به عن الغفلة وقلة الاهتمام بأمر الدين، فإن الغالب على ذوي السمانة أن لا يهتموا بارتياض النفوس، بل معظمهم همهم تناول الحظوظ، والتفرغ للدعة والنوم.
6011 -
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة ((ثم يخلف قوم يحبون السمانة))
الفصل الثاني
6012 -
عن عمر [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكرموا أصحابي، فإنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة فإن لشيطان ثالثهم، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن)) رواه. [6012]
6013 -
وعن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((لا تمس النار مسلماً رآني أو رأى من رآني)) رواه الترمذي [6013]
ــ
مح: قالوا: والمذموم من السمن، ما يستكسبه، وأما ما هو خلقه فلا يدخل في هذا.
قوله: ((يشهدون ولا يستشهدون)) مح: هذا مخالف في الظاهر لحديث: ((خير الشهور من يأتي بالشهادة قبل أن يسأل))؟ قالوا: والجمع بينهما أن الذم في ذلك لمن بادر بالشهادة في حق من هو عالم بها قبل أن يسألها له صاحبها، وأما المدح فهو لمن كانت عنده شهادة لأحد لا يعلم بها فيخبره بها ليستشهده عند القاضي، ويلحق به من كانت عنده شهادة في حد ورأى المصلحة في الكشف، هذا ما عليه الجمهور.
ومعنى الجمع في قوله: ((يخونون ولا يؤتمنون)) أنهم يخونون خيانة ظاهرة بحيث لا يبقى معها ثقة، بخلاف من خان حقيراً مرة واحدة فإنه لا يخرج به عن أن يكون مؤتمناً في بعض المواطن.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عمر رضي الله عنه:
قوله: ((بحبوحة الجنة)) نه: بحبوحة الدار وسطها، يقال: بحبح إذا تمكن وتوسط المنزل والمقام.
قوله: ((فليلزم الجماعة)) المراد بالجماعة السواد الأعظم وما عليه الجمهور من الصحابة والتابعين والسلف الصالح، فيدخل فيه حبهم وإكرامهم دخولاً أولياً.
قوله: ((وهو من الاثنين أبعد)) أفعل هنا لمجرد الزيادة، ولو كان مع الثلاثة لكان بمعنى التفضيل إذ البعد مشترك بين الثلاثة والاثنين وليس بمشترك بين الاثنين والفذ على ما لا يخفى.
6014 -
وعن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذونهم غرضاً من بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه)). رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب [6014]
6015 -
وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلا بالملح)) قال الحسن: فقد ذهب ملحنا فكيف نصلح؟ رواه في ((شرح السنة)) [6015]
6016 -
وعن عبد الله بن بريدة، عن أبية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد من أصحابي يموت بأرض إلا بعث قائداً ونوراً لهم يوم القيامة)) رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب [6016]
وذكر حديث ابن مسعود ((لا يبلغني أحداً)) في باب ((حفظ اللسان)).
الفصل الثالث
6017 -
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الذين يسبون
ــ
الحديث الثاني إلى آخره: عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه:
قوله: ((الله الله في أصحابي)) أي اتقوا الله ثم اتقوا الله في حق أصحابي، لا تنقصوا من حقهم ولا تسبوهم.
أو التقدير: أذكركم الله وأنشدكم في حق أصحابي وتعظيمهم وتوقيرهم، كما يقول الأب المشفق: الله الله في حق أولادي.
وقوهل: ((فبحبي أحبهم)) أي بسبب حبه إياي أحبهم، أي إنما أحبهم لأنه يحبني، وإنما أبغضهم لأنه يبغضني والعياذ بالله تعالى، فحق لذلك قول من قال: إن من قد سبهم فقد استوجب القتل في الدنيا على ما سبق في مذهب بعض المالكية.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما: