المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) باب في المعراج - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ١٢

[الطيبي]

الفصل: ‌(6) باب في المعراج

(6) باب في المعراج

ــ

باب في المعراج

العروج: هو الذهاب في صعود، قال:{تعرج الملائكة والروح} .

والمعراج: بالكسر شبه السلم مفعال من العروج والصعود كأنه آلة له.

وليلة المعراج سميت لصعود النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

مح: قال القاضي عياض: اختلف الناس في الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم:

فقيل: إنما كان جميع ذلك في المنام.

والحق الذي عليه أكثر الناس ومعظم السلف وعامه المتأخرين في الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: أنه أسرى بجسده صلى الله عليه وسلم فمن طالعها وبحث عنها فلا يعدل عن ظاهرها إلا بدليل، ولا استحالة في حملها عليه فيحتاج إلى تأويل.

وقيل: ذلك قبل أن يوحى إليه، وهو غلط لم يوافق عليه، فإن الإسراء أقل ما قيل فيه: إنه كان بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر شهرًا.

وقال الحربي: كان ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة.

وقال الزهري: كان ذلك بعد مبعثه بخمس سنين.

وقال ابن إسحاق: أسرى به صلى الله عليه وسلم وقد فشا الإسلام بمكة.

وأشبه هذه الأقوال قول الزهري وابن إسحاق.

وقد أجمعوا على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون هذا قبل الوحى إليه.

وأما قوله في رواية شريك: ((وهو نائم)) وفي الرواية الأخرى: ((بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان)) فقد يحتج بها من يجعلها رؤيا نوم، ولا حجة فيه إذ قد يكون ذلك حاله أول وصول الملك إليه، وليس في الحديث ما يدل على كونه نائمًا في القصة كلها.

وقال محيى السنة في المعالم: والأكثرون على أنه صلوات الله عليه أسرى بجسده في اليقظة. وتواترت الأخبار الصحيحة على ذلك.

أقول: وقد روينا عن البخاري والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال: وهي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به إلى بيت المقدس.

ص: 3741

الفصل الأول

5862 -

عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسرى به: ((بينما أنا في الحطيم - وربما قال في الحجر - مضطجعًا إذ

ــ

وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال: شئ أريه النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة رآه بعينه حين ذهب إلى بيت المقدس، ولأنه قد أنكرته قريش وارتدت جماعة ممن كانوا أسلموا حين سمعوه، وإنما تنكر إذا كانت في اليقظه فإن الرؤيا لا ينكر منها ما هو أبعد من ذلك، على أن الحق أن المعراج مرتان مرة في النوم وأخرى باليقظة.

قال محيى السنة: رؤيا أراه الله قبل الوحي بدليل قول من قال: ((فاستيقظ وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة بسنة تحقيقًا لرؤياه، كما أنه رأي فتح مكة في المنام في سنة ست من الهجرة، ثم كان تحققه سنة ثمان، وعن بعض المحققين أن الأرواح مأخوذة من أنوار الكمال والجلال وهي بالنسبة إلى الأبدان بمنزلة قرص الشمس بالنسبة إلى هذا العالم، وكما أن كل جسم يصل إليه نور الشمس تتبدل ظلماته بالأضواء فكذلك كل عضو وصل إليه نور الروح انقلب حاله من الموت إلى الحياة.

قالوا: الأرواح أربعه أقسام: ((الأول: الأرواح المكدرة بالصفات البشرية، وهي أرواح العوام غلبتها القوى الحيوانية لا تقبل العروج.

والثاني: الأرواح التي لها كمال القوة النظرية للبدن باكتساب العلوم وهذه أرواح العلماء.

والثالث: الأرواح التي لها كمال القوة المدبرة للبدن باكتساب الأخلاق الحميدة، وهذه أرواح المرتاضين إذا كسروا قوى أبدانهم بالارتياض والمجاهدة.

والرابع: الأرواح التي حصل لها كمال القوتين وهذه غاية الأرواح البشرية وهي للأنبياء والصديقين، فلما ازداد قوة أرواحهم ازداد ارتفاع أبدانهم عن الأرض، ولهذا لما كان الأنبياء صلوات الله عليهم قويت فيهم هذه الأرواح عرج بهم إلى السماء، وأكملهم قوة نبينا صلى الله عليه وسلم فعرج به إلى قاب قوسين أو أدنى.

الفصل الأول

الحديث الأول عن قتادة:

قوله: ((أسرى به)) صفة ليلة، أي أسرى به فيها، ونحوه في التقدير قوله تعالى:{واتقوا يومًا لا تجزى نفس عن نفس شيئًا} لا تجزى صفة ((يومًا)) أي لا تجزى فيه نفس.

قوله: ((أنا في الحطيم)) قض: الحطيم قيل: هو الحجر سمي حجرًا لأنه حجر عنه بحيطانه،

ص: 3742

أتاني آت، فشق ما بين هذه إلى هذه)) يعني من ثغرة نحره إلى شعرته ((فاستخرج قلبى، ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانًا، فغُسل قلبي، ثم حشي، ثم أعيد)) وفي رواية: ((ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم مليء إيمانًا وحكمةً - ثم أتيت بدابَّة دون البغل وفوق الحمار، أبيض يقال له: البراق، يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريلُ. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه. قال: نعم قيل:

ــ

وحطيمًا لأنه حطم جداره عن مساواة الكعبة، وعليه ظاهر قوله:((بينما أنا في الحطيم)) وربما قال: في الحجر، فلعله صلى الله عليه وسلم حكى لهم قصة المعراج مرات، فعبر بالحطيم تاره وبالحجر أخرى.

وقيل: الحطيم غير الحجر وهو ما بين المقام إلى الباب، وقيل ما بين الركن والمقام والزمزم والحجر، والراوي شك في أنه سمع في الحطيم أو في الحجر.

قوله: ((إلى شعرته)) نه: الشعرة بالكسر العانة، منبت شعرها.

تو: ما ذكر في الحديث من شق النحر واستخراج القلب وما يجري مجراه فإن السبيل في ذلك التسليم دون التعرض بصرفه إلى وجه يتقوله متكلف ادعاء للتوفيق بين المنقول والمعقول تبرؤا مما يتوهم أنه محال، ونحن - بحمد الله- لا نرى العدول عن الحقيقة إلى المجاز في خبر الصادق عن الأمر المحال به عن القدرة.

قوله: مملوءه إيمانًا)) قض: لعله من باب التمثيل، ومثل له المعاني كما تمثل له أرواح الأنبياء الدارجة بالصور التي كانوا عليها.

قوله: ((عند أقصى طرفه)) أي أن البراق يضع خطوه عند غاية نظره لغاية سرعته في مشيه، سمي براقًا لبريق لونه وسرعة سيره كبرق السحاب.

مح: قالوا: هو اسم للدابة التي ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.

قال الزبيدي في مختصر العين وصاحب التحرير: هي دابة كانت الأنبياء صلوات الله عليهم يركبونها، وهذا الذي قال يحتاج إلى نقل صحيح.

أقول: لعلهم حسبوا ذلك من قوله في حديث آخر: ((فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء)) أي ربطت البراق بالحلقة، وأظهر منه حديث أنس في الفصل الثاني لقول جبريل للبراق:((فما ركبك أحد أكرم على الله منه)).

قوله: ((وقد أرسل إليه)) الواو للعطف، وحرف الاستثناء مقدر، أي أطلب وأرسل إليه؟.

مح: وفي رواية أخرى: ((وقد بعث إليه)) أي بعث إليه للإسراء وصعود السماوات، وليس

ص: 3743

مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت، فإذا فيها آدم، فقال: هذا أبوك آدم، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح؛ ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل وقد أرسل اليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء. ففتح. فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وهذا عيسى فسلم عليهما، فسلمت فردًا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح. ثم صعد بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك! قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه! قال: نعم. قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففُتح، فلما خلصتُ إذا يوسف، قال: هذا يوسف، فسلم عليه، فسلمت عليه، فردَّ. ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح؛ ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال:

ــ

مراده الاستفهام عن أصل البعثة والرسالة فإن ذلك لا يخفي على الملائكة إلى هذه المدة، وهذا هو الصحيح. قال القاضي عياض: وفي هذا أن للسماء أبوابًا حقيقية وحفظة موكلين بها وفيه إثبات الاستئذان وأنه مما ينبغي أن يقال أنا زيد مثلا.

قض: أي أرسل إليه للعروج، وقيل: معناه أوحي إليه وبعث نبيًا، والأول أظهر، لأن أمر نبوته كان مشهورًا في الملكوت لا يكاد يخفي على خزان السموات وحراسها وأوفق للاستفتاح والاستئذان، ولذلك تكرر معه، وتحت هذه الكلمات ونظائرها أسرار يتفطن لها من فتحت بصيرته واشتعلت قريحته.

وقيل: كان سؤالهم للاستعجاب بما أنعم الله عليه، أو للاستبشار بعروجه إليه، إذا كان من البين عندهم أن أحدًا من البشر لا يترقى إلى أسباب السموات من غير أن يأذن الله له ويأمر ملائكته بإصعاده، فإن جبريل لا يصعد بمن لا يرسل إليه، ولا يستفتح له أبواب السماء.

تو: وأمر بالتسليم عليهم لأنه كان عابرًا عليهم، وكان في حكم القيام وكانوا في حكم القعود، والقائم يسلم على القاعد وإن كان أفضل منه، وكيف لا؟ والحديث دل على أنه أعلى رتبة وأقوى حالا وأتم رؤية وعروجا، ورؤيته الأنبياء في السموات وفي بيت المقدس حيث أمَّهم يحمل على رؤية روحانياتهم الممثلة بصورهم التي كانوا عليها، غير عيسى عليه الصلاة والسلام فإن رؤيته محتملة للأمرين أو أحدهما، وأن ما ذكره من بكاء موسى عليه الصلاة والسلام فإنه يحمل على الرقة لقومه والشفقة عليهم حيث لم ينتفعوا بمتابعته انتفاع هذه الأمة بمتابعة نبيهم،

ص: 3744

محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت فإذا إدريس، فقال: هذا إدريس، فسلم عليه، فسلمت عليه، فردَّ، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح؛ ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة، فاستفتح، قيل: من هذا. قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه، فردَّ، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح؛ ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قال: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصتُ فإذا موسى، قال: هذا موسى، فسلم عليه، فسلمت عليه، فردَّ، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما جاوزت بكى، قيل: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلامًا بُعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد.

ــ

ولم يبلغ سوادهم، ولا يصح أن يحمل إلا على هذا الوجه أو ما يضاهي ذلك، فإن الحسد في ذلك العالم منزوع من عوام المؤمنين فضلا على من اختاره الله لرسالته واصطفاه لمكالمته.

وقوله: ((لأن غلامًا بعث بعدي)) لم يرد بذلك استصغار شأنه، فإن الغلام قد يطلق ويراد به القوي الطري الشباب، والمراد منه استصغار مدته مع استكثار فضائله واستتمام سواد أمته.

قوله: ((فنعم المجيء جاء)) مظ: المخصوص بالمدح محذوف وفيه تقديم وتأخير تقديره: جاء فنعم المجيء مجيئه.

قال المالكي: في قول الملك: ((نعم المجيء جاء)) شاهد على الاستغناء بالصلة عن الموصول والصفة عن الموصوف في باب ((نعم)) لأنها تحتاج إلى فاعل عن المجيء وإلى مخصوص بمعناها، وهو مبتدأ مخبر عنه بنعم وفاعلها، وهو في هذا الكلام وشبهه موصول أو موصوف بجاء، والتقدير: نعم المجيء الذي جاء، أو: نعم المجيء مجيء جاء، وكونه موصولاً أجود لأنه مخبر عنه، وكون المخبر عنه معرفة أولى عن كونه نكرة.

ص: 3745

قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك إبراهيم، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام. ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رفعتُ إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذا سدرة المنتهى، فإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران قلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أمَّا الباطنان فنهران في الجنة، وأمَّا الظاهران فالنيل والفرات، ثم رفع لى البيت المعمور، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال: هي الفطرة أنت عليها وأمتك، ثم فرضت علىَّ الصلاة خمسين صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بما أُمرتَ؟ قلت: أُمرتُ بخمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك: لا تستطع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني

ــ

قوله: ((ثم رفعت إلى سدرة المنتهى)) تو: الرفع تقريبك الشيء، وقد قيل في قوله تعالى:{وفرش مرفوعة} أي مقربة لهم، وكأنه أراد سدرة المنتهى استبينت له نعوتها كل الاستبانة حتى اطلع عليها كل الاطلاع بمثابة الشيء المقرب إليه، وفي معناه:((رفع لي البيت المعمور)) و ((رفع لي بيت المقدس)).

مح: سميت ((سدرة المنتهى)) لأن علم الملائكة ينتهي إليها، ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحكى عن عبد الله بن مسعود أنها سميت بذلك لأنه ينتهي إليها، ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله تبارك وتعالى.

قوله: ((فإذا نبقها)) تو: النبق بكسر الباء حمل السدر ويخفف أيضًا، الواحدة نبقة.

قوله: ((نهران باطنان)) مح: قال مقاتل: الباطنان هو السلسبيل والكوثر، والظاهران النيل والفرات، يخرجان من أصلها ثم يسيران حيث أراد الله تعالى، ثم يخرجان من الأرض ويسيران فيها، وهذا لا يمنعه شرع ولا عقل وهذا ظاهر الحديث فوجب المصير إليه.

قوله: ((وعالجت بني إسرائيل)) تو: أي مارستهم ولقيت الشدة فيما أردت منهم من الطاعة، والمعالجة مثل المزاولة والمحاولة.

ص: 3746

إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: أمرت بخمس صلوات كل يوم قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييتُ؛ ولكني أرضي وأسلم. قال: فلما جاوزت، نادى مناد، أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي)). متفق عليه.

5863 -

وعن ثابت البناني، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقه التي تربط بها الأنبياء)) قال: ((ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء

ــ

قوله: ((ولكني أرضي وأسلم)) فإن قلت: حق ((لكن)) أن تقع بين لامين متغايرين معنى فما وجهه هاهنا؟.

قلت: تقدير الكلام هنا: حتى استحييت فلا أرجع فإني إذا رجعت كنت غير راض ولا مسلم، ولكني أرضي وأسلم.

خط: مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم في باب الصلاة كانت إنما جاءت بين رسولنا محمد وموسى صلوات الله عليهما، لأنهما عرفا أن الأمر الأول غير واجب قطعًا، فلو كان واجبًا قطعًا لما صدرت منهما المراجعة، فصدور المراجعة دليل على أن ذلك غير واجب قطعًا، لأن ما كان واجبًا قطعًا لا يقبل التخفيف.

وقيل: في الأول فرض خمسين، ثم رحم عباده ونسخها بخمس، كآية الرضاع وعدة المتوفي عن زوجها، وفيه دليل على أنه يجوز نسخ الشيء قبل وقوعه.

الحديث الثاني عن ثابت:

قوله: ((شطر الحسن)) مظ: أي نصف الحسن، وقيل: البعض، لأن الشطر كما يراد به نصف الشيء قد يراد به بعضه مطلقًا.

ص: 3747

من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة، ثم عرج بنا إلى السماء)). وساق مثل معناه. قال:((فإذا أنا بآدم، فرحب بي ودعا لى بخير)). وقال في السماء الثالثة: ((فإذا أنا بيوسف، إذا هو قد أعطى شطر الحسن، فرحب بي ودعا لي بخير)). ولم يذكر بكاء موسى. وقال في السماء السابعة: ((فإذا أنا بإبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت، فما أحدٌ من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها، وأوحى إليَّ ما أوحى، ففرض على خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت إلى موسى، فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فإني بلوت بني

ــ

أقول: وقد يراد به الجهة أيضًا، نحو قوله تعالى:{فول وجهك شطر المسجد الحرام} أي إلى جهة من الحسن ومسحة منه، كما يقال: عليه مسحة ملك ومسحة جمال، أي: أثر ظاهر، ولا يقال ذلك إلا في المدح.

وقوله: ((إذ هو قد أعطي)) بدل من الأول في معنى بدل الاشتمال.

قوله: ((مسندا)) منصوب على الحال في صحيح مسلم وشرحه وشرح السنة، وفي المصابيح مرفوع وهو على حذف المبتدأ.

وقوله: ((لا يعودون إليه)) الضمير المجرور فيه عائد على البيت المعمور، أي يدخلون فيه ذاهبين غير عائدين أبدًا لكثرتهم.

قوله: ((فلما غشيها من أمر الله ما غشى)) قيل فراش من ذهب.

قض: ولعله مثل ما يغشى الأنوار التي تنبعث منها ويتساقط على موقعها بالفراش، وجعلها من الذهب لصفاءها وإضاءتها في نفسها.

قوله: ((بين ربي وبين موسى)) مح: معناه بين الموضع الذي ناجيته فيه أولا فناجيته فيه ثانيًا، وبين موضع ملاقاة موسى أولا.

قوله: ((إنهن خمس)) الضمير فيه مبهم يفسره الخبر كقوله:

هي النفس ما حملتها تتحمل.

ص: 3748

إسرائيل وخبرتهم قال: ((فرجعت إلى ربي، فقلت: يا رب! خفف عن أمتي فحط عني خمسًا، فرجعت إلى موسى، فقلت: حط عني خمسًا. قال: إن أمتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك فسله التخفيف)).قال: ((فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى، حتى قال يا محمد! إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة، من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرًا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب له شيئًا فإن عملها كتبت له سيئة واحدة)) قال: ((فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فقلت: قد رجعتُ إلى ربي حتى استحييت منه)). رواه مسلم.

5864 -

وعن ابن شهاب، عن أنس، قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فرج عني سقف بيتي، وأنا بمكة، فنزل جبريل، ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتليء حكمة وإيمانًا. فأفرغه في صدري ثم أطبقه. ثم أخذ بيدي. فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا. قال جبريل لخازن السماء: افتح. قال من هذا؟ قال: جبريل قال هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم: فقال أُرسل إليه؟ قال: نعم، فلما فُتح علونا السماء الدنيا، إذا رجلٌ

ــ

قوله: ((كتبت له حسنة)) كتب مبني على المفعول، والضمير فيه راجع إلى قوله:((بحسنة)) وحسنة وضعت موضع المصدر، أي كتبت الحسنة كتابة واحدة، وكذا عشرًا، وكذا شيئًا منصوبان على المصدر، كذا في مسلم وجامع الأصول وشرح السنة، وفي بعض نسخ المصابيح:

((حسنة)) و ((عشر)) مرفوعان وهو غلط من الناسخ.

الحديث الثالث عن ابن شهاب:

قوله: ((فرج عني سقف بيتي)) فإن قيل: قد روى أنس في حديث المعراج عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((بينما أنا في الحطيم)) أو ((في الحجر)) وفي هذا الحديث قال: ((فرج عني سقف بيتي؟)).

قلت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم معراجان)) أحدهما حال اليقظة على ما رواه مالك، والثاني: في النوم.

ولعله صلى الله عليه وسلم أراد ببيتي بيت أم هانيء، إذ روى أيضًا الإسراء منه، فأضافه إلى نفسه تارة لأنه ساكنه، وإليها أخرى لأنها صاحبته.

ص: 3749

قاعدٌ، على يمينه أسودةٌ، وعلى يساره أسودةٌ إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت: لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم هذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك. وإذا نظر قبل شماله بكى، حتى عرج بي إلى السماء الثانية، فقال لخازنها: افتح فقال له خازنها مثل ما قال الأول)) قال أنس: فذكر أنه وجد في السموات آدم، وإدريس، وموسى وعيسى، وإبراهيم، ولم يثبت كيف منازلهم، غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة، قال ابن شهاب: فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم عرج بي، حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام)) وقال ابن حزم وأنس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ففرض الله على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك، حتى مررت على موسى فقال: ما فرض الله

ــ

قوله: ((وأباحبة الأنصاري)) بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة، كذا في شرح السنة، وفي المصابيح: بالياء.

مح: بالحاء المهملة والباء الموحدة هكذا ضبطناه هنا: وفي ضبطه واسمه اختلاف، قيل: حية بالياء المثناة تحت، وقيل: بالنون، والأصح ما ذكرناه، وقد اختلف في اسمه فقيل: عامر، وقيل: مالك، وقيل: ثابت.

قوله: ((ظهرت لمستوى)) مح: أي علوت، والمستوى بفتح الواو، وقال الخطابي: المراد به المصعد، وقيل: المكان المستوي.

و ((صريف الأقلام)) بالصاد المهملة صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى ووحيه، وما ينسخونه من اللوح المحفوظ، أو ما شاء الله تعالى من ذلك أن يكتب ويرفع لما أراده الله من أمره وتدبيره.

قال القاضي: هذا حجة لمذهب أهل السنة في الإيمان بصحة كتابه الوحي والمقادير في كتب الله تعالى من اللوح المحفوظ بالأقلام التي هو تعالى يعلم كيفيتها على ما جاءت به الآيات، لكن كيفية ذلك وصورته مما لا يعلمه إلا الله تعالى، وما يتأول هذا ويحيله عن ظاهره إلا ضعيف النظر والإيمان إذا جاءت به الشريعة ودلائل العقول لا تحيله.

((تو)) قوله: ((لمستوى)) اللام فيه للعلة، أي علوت لاستعلاء مستوى، أو لرؤيته أو لمطالعته، ويحتمل أن يكون متعلقًا بالمصدر، أي ظهرت ظهورًا لمستوى، ويحتمل أن يكون بمعنى إلى،

ص: 3750

لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة قال: فارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق فراجعت، فوضع شطرها فرجعت إلى موسى، فقلت: وضع شطرها، فقال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته؛ فقال: هي خمس وهي خمسون، لا يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى فقال: راجع بك فقلت: استحييت من ربي، ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى، وغشيها ألوان لا أدري ما هي؟ ثم أدخلت الجنة فإذا هي جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك)) متفق عليه.

5865 -

وعن عبد الله، قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها،

ــ

قال الله تعالى: {أوحي لها} أي إليها، والمعنى أني إنما قمت مقاماً بلغت فيه من رفعة المحل إلى حيث طلعت على الكوائن وظهر لي ما يراد من أمر الله وتدبيره في خلقه، وهذا والله هو المنتهى الذي لا تقدم فيه لأحد عليه.

أقول: لام الغرض وإلى الغاية يلتقيان في المعنى.

الكشاف في قوله تعالى: {كل يجري إلى أجل مسمى} فإن قلت: يجري لأجل مسمى ويجري إلى أجل مسمى أهو من تعاقب الحرفين؟

قلت: كلا، ولا يسلك هذه الطريقة إلا بليد الطبع ضيق الطعن، ولكن المعنيين- أعني: الانتهاء والاختصاص- كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض، لأن قولك:((يجري إلى أجل مسمى)) معناه يبلغه وينتهي إليه، وقولك:((يجري لأجل مسمى)) يريد يجري لإدراك أجل مسمى.

وقوله: ((لا يبدل القول لدي)) يحتمل أن يراد أني ساويت بين الخمس والخمسين في الثواب وهذا القول غير مبدل، أو جعلت الخمسين خمساً ولا تبديل فيه.

وقوله: ((استحييت من ربي)) لا يناسب المعنى الثاني.

و ((الجنابذ)) جمع جنبذة وهي القبة.

الحديث الرابع عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

قوله: ((في السماء السادسة)) هكذا هو في جامع الأصول.

قال القاضي عياض: كونها في السماء السابعة هو الأصح وقول الأكثرين، وهو الذي يقتضيه المعنى وتسميتها بالمنتهى.

ص: 3751

وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، قال:{إذ يغشى السدرة ما يغشى} . قال: فراش من ذهب، قال: فأعطني رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته شيئاً المقحمات. رواه مسلم.

ــ

قال الشيخ محيي الدين: ويمكن أن يجمع بينهما، فيكون أصلها في السادسة ومعظمها في السابعة، فقد علم أنها في نهاية من العظم.

وقد قال الخليل: السدرة في السماء السابعة وقد أظلت السموات والجنة.

وقد ذكر القاضي عياض أن مقتضى خروج النهرين الظاهرين النيل والفرات من أصل سدرة المنتهى أن يكون أصلها في الأرض، فإن سلم هذا أمكن حمله على ما ذكرناه.

و ((المقحمات)) بكسر الحاء الذنوب العظام والكبائر التي تهلك أصحابها وتوردهم النار.

والمراد بغفرانها أنه لا يخلد في النار بخلاف المشركين وليس المراد به لا يعذب أصلا، وقد علم من نصوص الشرع وإجماع أهل السنة إثبات عذاب العصاة من الموحدين.

قوله: ((فيقبض منها)) لعل القابض غير الصاعد بالأعمال من الملائكة وكذلك النازل.

قوله: ((فرا من ذهب)) فإن قلت: كيف التوفيق بين هذا وبين قوله في غير هذا الحديث: ((فغشيها ألوان لا أدري ما هي؟)).

قلت: قوله: ((غشيها ألوان لا أدري ما هي)) في موقع قوله: {إذ يغشى السدرة ما يغشى} في إرادة الإبهام للتفخيم والتهويل وإن كان معلوماً كما في قوله تعالى: {فغشيهم من اليم ما غشيهم} في حق فرعون، ثم قوله:((فراش من ذهب)) بيان له.

قوله: ((خواتيم سورة البقرة)) تو: ليس معنى قوله: ((أعطى)) أنها أنزلت عليه، بل المعنى أنه استجيب له فيما لقن في الآيتين من قوله سبحانه {غفرانك ربنا} إلى قوله {أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} ولمن يقوم بحقها من السائلين.

أقول: في كلامه إشعار بأن الإعطاء بعد الإنزال لأن المراد منه الاستجابة، والاستجابة مسبوقة بالطلب، والسورة مدنية والمعراج في مكة، ويمكن أن يقال: إن هذا من قبيل: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} والنزول بالمدينة من قبيل: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى} .

ص: 3752

5866 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كرباً ما كربت مثله، فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي. فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شئونه، وإذا عيسى قائم يصلي، أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفي، فإذا إبراهيم قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم- يعني نفسه- فحانت الصلاة فأممتهم، فلما فرغت من الصلاة، قال لي قائل: يا محمد هذا مالك خازن النار فسلم عليه، فالتفت إليه فبدأني بالسلام)) رواه مسلم.

وهذا الباب خال عن: الفصل الثاني

ــ

وإنما أوثر الإعطاء لما عبر عنهما بكنز تحت العرش، وروينا عن أحمد بن حنبل عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطهن نبي قبلي)) وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم مع الله تعالى مقامان يغبطان الأولون والآخرون. أحدهما في الدنيا ليلة المعراج، وثانيهما في العقبى وهو المقام المحمود، ولا أهتم فيهما بشأن إلا بشأن هذه الأمة المرحومة.

الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه:

قوله: ((من بيت المقدس ((مح)) فيه لغتان: فتح الميم وإسكان القاف وكسر الدال المخففة، والثانية: ضم الميم وفتح القاف والدال المشددة، ولم أضبطهما.

قوله: ((كرباً)) كذا في الصابيح، وفي شرح صحيح مسلم ((كربة)).

مح: الضمير في ((مثله)) يعود إلى معنى الكربة وهو الغم والهم، أو الشيء.

قال الجوهري: الكربة بالضم الغم الذي يأخذ النفس لشدته.

قوله: ((فرفعه الله لي)) أي رفع حجاب بيت المقدس لي لأنظر إليه.

قوله: ((قائم يصلي أشبه الناس)) أخبار متعاقبة لإبراهيم.

قوله: ((فأممتهم)) مح: قال القاضي عياض: فإن قيل: كيف رأى موسى عليه الصلاة والسلام يصلي، وأم صلى الله عليه وسلم الأنبياء في بيت المقدس ووجدهم على مراتبهم في السموات؟

والجواب: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم رآهم وصلى بهم في بيت المقدس ثم صعدوا إلى السماء فوجدهم فيها، وأن يكون اجتماعه بهم وصلاته معهم بعد انصرافه ورجوعه عن سدرة المنتهى.

قوله: ((فبدأني بالسلام)) إنما بدأ بالسلام ليزيل ما استشعر من الخوف منه، بخلاف سلامه على الأنبياء ابتداء كما سبق.

ص: 3753