الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10) باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
ورضي الله عنهم
الفصل الأول
6135 -
عن سعد بن أبي وقاص، قال: لما نزلت هذه الآية {ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي)) رواه مسلم.
6136 -
وعن عائشة، قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال:{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} . رواه مسلم.
ــ
باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم
((غب)) أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد، فأهل بيت الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن، ثم تجوز فيه وقيل: أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب، وتعورف في أسرة النبي صلى الله عليه وسلم وعشيرته مطلقاً إذا قيل:((أهل البيت)) لقوله عز وجل: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} وعبر بأهل الرجل عن امرأته، وأهل الإسلام الذين يجمعهم دين محمد صلى الله عليه وسلم.
الفصل الأول
الحديث الأول والثاني عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((مرط مرحل)) المرط واحد المروط، وهي أكسية من خز وصوف له علم.
والمرحل: بالحاء المهملة الذي قد نقش فيه تصاوير الرحال.
قوله: ((عنكم الرجس)) استعار للذنوب الرجس، وللتقوى الطهر، لأن المقترف للمقبحات ملوث بها ويتدنس كما يتلوث بدنه بالأرجاس، وأما المحسنات فالغرض منها نقي مصون كالثوب الطاهر، وفي هذه الاستعارة ما ينفر أولي الألباب عما كرهه اله لعباده وينهاهم عنه ويرغبهم فيما رضيه لهم وأمرهم به.
6137 -
وعن البراء، قال: لما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن له مرضعاً في الجنة)) رواه البخاري.
6138 -
وعن عائشة: قالت: كنا- أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده، فأقبلت فاطمة ما تخفي مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها قال:((مرحباً بابنتي)) ثم أجلسها،
ــ
و ((أهل البيت)) نصب على النداء أو على المدح، وفي هذا دليل بين على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته أيضاً لأنه مسبوق بقوله:{يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن} .
الحديث الثالث عن البراء رضي الله عنه:
قوله: ((مرضعاً في الجنة)) خط: هذا يروى على وجهين، أحدهما: مرضعاً بفتح الميم أي رضاعاً والآخر: مضمومة الميم أي من يتم رضاعة في الجنة، يقال: امرأة موضع بلاهاء وأرضعت المرأة فهي مرضعة إذا نيب الاسم من الفعل.
تو: وأصوب الروايتين الفتح لأن العرب إذا أرادوا الفعل ألحقوا به هاء التأنيث، وإذا أرادوا أنها ذات رضيع أسقطوا الهاء فقالوا: امرأة مرضع بلا هاء، ولما كان المراد من هذا اللفظ أن الله يقسم له من لذات الجنة وروحها ما يقع منه موقع الرضاع فإنه كان رضيعاً لم يستكمل مدة الرضاع كان المصدر فيه أقوم وأصوب، ولو كان على ما ذكره من الرواية لكان من حقه أن يلحق به هاء التأنيث.
أقول: هذا إذا أريد تصوير حالة الإرضاع وإلقام المرضعة الثدي في في الصبي في مشاهدة السامع كأنه ينظر إليها وإلا فلا.
الكشاف في قوله تعالى: {تذهل كل مرضعة عما أرضعت} فإن قلت: لم قيل: مرضعة دون مرضع؟.
قلت: المرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به، فقيل: مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته من فيه لما يلحقها من الدهشة عما أرضعت، أي عن إرضاعها، أو عن الذي أرضعته وهو الطفل.
ووجهه القاضي في شرحه مجيباً عنه بقول: أو أن له من يقوم مقام المرضعة في المحافظة والأنس.
الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((عنده)) خبر ((كان)).
ثم سارها، فبكت بكاء شديداً، فلما رأى حزنها سارها الثانية، فإذا هي تضحك، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عما سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي قلت: عزمت عليك بمالي من الحق لما أخبرتني. قالت: أما الآن فنعم؛ أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني. ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنالك)) فبكيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية قال:((يا فاطمة! ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين)). وفي رواية: فسارني فأخبرني أنه يقبض في وجعه، فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه، فضحكت. متفق عليه.
6139 -
وعن المسور بن مخرمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني)). وفي رواية: ((يريني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها)). متفق عليه.
ــ
و ((أزواج النبي صلى الله عليه وسلم) نصب على النداء أو على الاختصاص، أو تفسير للضمير المبهم على تقدير أعني.
قوله: ((لما أخبرتني)) ((لما)) فيه بمعنى إلا، يعني ما أطلب منك إلا إخبارك إياي بما سارك، ونحوه: أنشدك بالله إلا فعلت.
قوله: ((يعارضني القرآن)) ((نه)) أي يدارسني جميع ما نزل من القرآن، من المعارضة والمقابلة ومنه: عارضت الكتاب بالكتاب أي قابلته به.
قوله: ((أنالك)) أنا مخصوص بالمدح، ولك بيان، كأنه لما قيل: نعم السلف أنا، قيل: لمن قيل لك.
الحديث الخامس عن المسور رضي الله عنه:
قوله: ((بضعة مني)) ((نه)) البضعة بالفتح القطعة من اللحم، وقد تكسر، أي أنها جزء مني كما أن القطعة من اللحم.
قوله: ((يريبني ما أرابها)) ((حس)): رابني الشيء وأرابني بمعنى شككني وأوهمني، فإذا استيقنته قلت بغير ألف، معناه: يسوؤني ما يسوؤها، ويزعجني ما أزعجها، وأول الحديث قال المسور: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: إن بني [هاشم] بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا علي بن أبي طالب ولا آذن ثم آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني يريبني
…
الحديث.
6140 -
وعن زيد بن أرقم، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى: خماً، بين مكة والمدينة، فحمد الله وأنثى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال:((أما بعد ألا أيها الناس! إنما أنا بشر، يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله، وفيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به)) فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال:((وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي)) وفي رواية ((كتاب الله هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة)). رواه مسلم.
ــ
((مح)): قالوا في الحديث: تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم بكل حال وعلى كل وجه، وإن توليد الإيذاء مما كان أصله مباحاً وهو من خواصه صلى الله عليه وسلم وهو لوجهين:
أحدهما: أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم فيهلك علي رضي الله عنه من أذاه فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي رضي الله عنه.
وثانيهما: خاف الفتنة عليها بسبب الغيرة.
وقيل: ليس المراد بقوله: ((لا آذن ثم لا آذن)) النهي عن جمعها، بل معناه أنه صلى الله عليه وسلم علم أن من فضل الله تعالى أنهما لا يجتمعان، كما قال أنس: والله لا تكسر ثنيتها.
الحديث السادس عن زيد رضي الله عنه:
قوله: ((الثقلين)) ((فا)) الثقل المتاع المحمول على الدابة، وإنما قيل للجن والإنس والثقلان لأنهما [قطان] الأرض فكأنهما ثقلان. وقد شبه بهما الكتاب، والعبرة في أن الدين يستصلح بهما ويعمر كما عمرت الدنيا بالثقلين.
((حس)): سماهما ثقلين لأن الأخذ والعمل بهما ثقيل.
وقيل في تفسير قوله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} : أي أوامر الله ونواهيه لأنه لا يؤدي إلا بتكليف ما يثقل.
وقيل قوله: ((قولا ثقيلا))، أي له وزن وسمي الجن والإنس ثقلين لأنهما فضلاً بالتميز على سائر الحيوان، فكل شيء له وزن وقدر يتنافس فهي فهو ثقل.
قوله: ((أذكركم الله في أهل بيتي)) أي أحذركم الله في شأن أهل بيتي وأقول لكم: اتقوا الله ولا تؤذوهم فاحفظوهم، فالتذكير بمعنى الوعظ، يدل عليه قوله:((ووعظ وذكر)).
6141 -
وعن ابن عمر، أنه كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا بن ذي الجناحين! رواه البخاري.
6142 -
وعن البراء، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول: ((اللهم إني أحبه فأحبه)) متفق عليه.
6143 -
وعن أبي هريرة، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار حتى أتى خباء فاطمة فقال: ((أثم لكع؟ أثم لكع؟)) يعني حسناً، فلم يلبث أن جاء يسعى، حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اللهم إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه)). متفق عليه.
ــ
الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنهما:
قوله: ((يا بن ذي الجناحين)) ((قض)): لما رأى جعفراً رضي الله عنه يطير في الجنة مع الملائكة لقبه بذي الجناحين، ولذلك سمي طياراً أيضاً.
الحديث الثامن والتاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله: ((في طائفة من النهار)) ((مح)): المراد به قطعة منه.
و ((خباء فاطمة رضي الله عنها) بكسر الخاء المعجمة والمد، أي بيتها.
أقول: هو من المجاز على نحو استعمال المشفر والجحفلة على الشفة، والمرسن على الأنف. وفي رواية ((المخبأ)) وهو المخدع.
وفي بعض نسخ المصابيح: ((خباب فاطمة)) والظاهر أنه مغير.
قوله: ((أثم لكع؟)) ((نه)) اللكع عند العرب العبد، ثم استعمل في الحمق والذم، يقال للرجل: لكع، وللمرأة: لكاع، وقد لكع الرجل يلكع لكعاً فهو لكع، وأكثر ما يقع في النداء، وهو اللئيم، وقيل: الوسخ، وقد نطلق على الصغير، ومنه الحديث أنه صلى الله عليه وسلم جاء يطلب الحسن بن علي فقال:((أثم لكع؟)) فإن أطلق على الكبير أريد به الصغير العلم والعقل.
((قض)): المراد بهذا الاستصغار الرحمة والشفقة كالتصغير في ((يا حميراء)).
((مح)): فيه استحباب ملاطفة الصبي ومداعبته ومعانقته رحمة ولطفاً، واستحباب التواضع مع الأطفال وغيرهم.
6144 -
وعن أبي بكرة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى، ويقول:((إن ابني هذا سيد ولعل الله أن الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)). رواه البخاري.
6145 -
وعن عبد الرحمن بن أبي نعم، قال: سمعت عبد الله بن عمر وسأله رجل عن المحرم، قال شعبة أحسبه، يقتل الذباب؟ قال: أهل العراق يسألوني عن الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم! وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هما ريحاني من الدنيا)). رواه البخاري.
ــ
الحديث العاشر عن أبي بكرة رضي الله عنه: قوله: ((إن ابني هذا سيد)) تو: كفى به شرفاً وفضلاً فلا أسود ممن سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيداً.
وقوله: ((ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين)) إنما وصفهم بالعظيمتين لأن المسلمين كانوا يومئذ فرقتين فرقة معه وفرقة مع معاوية، وكان الحسن رضي الله عنه أحق الناس يومئذ بهذا الأمر فدعاء ورعه وشفقته على أمة جده صلى الله عليه وسلم إلى ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله، ولم يكن ذلك لقلة ولا ذلة فقد بايعه على الموت أربعون ألفاً، وقال: والله ما أحببت منذ علمت ما ينفعني ويضرني أن لي أمر محمد صلى الله عليه وسلم على أن يراق في ذلك محجمة دم، وشق ذلك على بعض شيعته حتى حملته العصيبة على أن قال عند الدخول عليه: السلام عليك يا عار المؤمنين، فقال:((العار خير من النار)).
حس: في الحديث دليل على أن واحداً من الفريقين لم يخرج بما كان فيه في تلك الفتة من قول أو فعل عن ملة الإسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم مسلمين مع كون إحدى الطائفتين مصيبة والأخرى مخطئة، وهكذا سبيل كل متأول فيما يتعاطاه من رأي ومذهب إذا كان له فيما يتأوله شبهة وإن كان مخطئاً في ذلك، ومن هذا اتفقوا على قبول شهادة أهل البغي ونفوذ قضاء قاضيهم، واختار السلف ترك الكلام في الفتنة الأولى، وقالوا:((تلك دماء طهر الله عنها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا)). والله أعلم.
الحديث الحادي عشر عن عبد الرحمن بن أبي نعم رضي الله عنه:
قوله: ((قال أهل العراق)) حال من سمعت، وقد مقدرة، والأصل: سمعت قول عبد الله.
قوله: ((وسأله رجل عن المحرم)) أيضاً حال.
قوله: ((قال شبعة: أحسبه يقتل الذباب)) قول بعض الرواة يفسر سؤال الرجل واستفتاؤه، أي: ما تقول في شأن المحرم يقتل الذباب.
قوله: ((هما ريحاني من الدنيا)) ((فا)): أي من رزق الله الذي رزقنيه، يقال: سبحان الله وريحانه، أي أسبح الله أسترزقه، وهو مخفف من ((ريحان)) مشدد فيعلان من الروح؛ لأن انتعاشه بالزرق. ويجوز أن يراد بالريحان المشموم لأن الشمامات تسمى ريحاناً.
6146 -
وعن أنس، قال: لم يكن أحد أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم من الحسن بن علي، وقال في الحسين أيضاً: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
6147 -
وعن ابن عباس، قال: ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره فقال: ((اللهم علمه الحكمة)).
وفي رواية: ((علمه الكتاب)). رواه البخاري.
6148 -
وعنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءاً، فلما خرج قال:((من وضع هذا)) فأخبر فقال: ((اللهم فقهه في الدين)). متفق عليه. [6148]
6149 -
وعن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذه والحسن، فيقول:((اللهم أحبهما فإني أحبهما)).
وفي رواية: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن ابن علي على فخذه الأخرى، ثم يضمهما، ثم يقول:((اللهم ارحمهما فإني أرحمهما)). رواه البخاري.
ــ
ويقال: حباه بطاقة نرجس وبطاقة ريحان، فيكون المعنى: وإنهما مما أكرمني الله به وحباني أو لأن الأولاد يشمون ويقبلون فكأنهم من جملة الرياحين التي أنبتها الله تعالى.
أقول: موقع ((من الدنيا)) هاهنا كموقعها في قوله صلى الله عليه وسلم ((حبب إلي من الدنيا: الطيب والنساء
…
)) أي نصيبي منها، ونصيب ريحاني على المدح.
الحديث الثاني عشر والثالث عشر عن أنس رضي الله عنه:
قوله: ((علمه الحكمة)) الظاهر أن يراد بها السنة لأنها إذا قرنت بالكتاب يراد بها السنة، قال الله تعالى:{ويعلمهم الكتاب والحكمة} .
((نه)): الحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، والحكيم الذي [يعلم] الأشياء ويتيقنها.
الحديث الرابع عشر عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله: ((فقهه في الدين)) ((مح)): فيه فضيلة الفقه، واستحباب الدعاء لمن عمل خيراً، وقد أجاب الله تعالى دعاءه في حقه، وكان من الفقه بالمحل الأعلى.
6150 -
وعن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثاً وأمر عليهم أسامة ابن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن كنتم تطعنون في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده)) متفق عليه.
ــ
الحديث الخامس عشر عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: قوله: ((ثم يضمهما)) كذا في المصابيح وفي جامع الأصول، وفيه التفات من التكلم إلى الغيبة.
الحديث السادس عشر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((وايم الله إن كان لخليقاً)) أي والله إن الشأن.
وفي أصل المالكي: ((وأيم الله لقد كان خليقاً للإمارة وإن كان من أحب الناس إلي)) قال: استعمل ((إن)) المخففة المتروكة العلم عارياً ما بعدها من اللام الفارقة لعدم الحاجة إليها، وذلك لأنه إذا خففت ((إن)) صار لفظها كلفظ، ((إن)) النافية، فيخاف التباس الإثبات بالنفي عند ترك العمل فألزموا اللام المؤكدة مميزة لها، ولا يثبت ذلك إلا في موضع صالح للإثبات والنفي، نحو:(إن علمتك لفاضلا)) فاللام هنا لازمة إذ لو حذفت مع كون العمل متروكاً، وصلاحية الموضع للنفي لم يتيقن، فلو لم يصلح الموضع للنفي جاز ثبوت اللام وحذفها، فمن الحذف قول عبد الله بن بشير:((إن كنا فرغنا في هذه المسألة الساعة)) وقول عائشة رضي الله عنها: ((إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثنا ومالنا طعام إلا السلف من التمر)) ومنه قول الشاعر:
أخي إن علمت الجود للحمد مبقياً وللود مثبتاً وللمال مفنياً
وشواهده كثيرة
وهاهنا نكتة وهي أن اللام الفارقة إن كان بعد ما ولى ((إن)) نفي واللبس مأمون فحذفها واجب كقول الشاعر:
إن الحق لا يخفى على ذي بصيرة وإن هو لم يعدم خلاف معاند
ولما غفل النحويون عن هذه الشواهد وأن حذف اللام عند الاستغناء عنها جائز بل واجب ألزموا ثبوت اللام.
قوله: ((فقد كنتم طعنتم)) هذا الجزاء إنما يترتب على الشرط بتأويل التنبيه والترشيح، أي طعنكم الآن فيه سبب لأن أخبركم أن ذلك من عادة الجاهلية وهجيراهم، ومن ذلك طعنكم في أبيه من قبل، نحوه قوله تعالى:{إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} .
تو: ((إنما طعن من طعن في إمارتهما لأنهما كانا من الموالي وكانت العرب لا ترى تولية الموالي وتستنكف من إتباعهم كل الاستنكاف، فلما جاء الله بالإسلام ورفع قدر من لم يكن له
وفي رواية لمسلم نحوه وفي آخره: ((أوصيكم به، فإنه من صالحيكم)).
6151 -
وعنه قال: إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كنا ندعوه إلا زيد ابن محمد، حتى نزل القرآن (ادعوهم لآبائهم}. متفق عليه.
وذكر حديث البراء قال علي: ((أنت مني)) في ((باب بلوغ الصغير وحضانته)).
الفصل الثاني
6152 -
عن جابر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو علي ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول:((يأيها الناس! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل البيت)) رواه الترمذي [6152].
ــ
عندهم قدر بالسابقة والهجرة والعلم والتقى عرف حقهم المحفوظون من أهل الدين، وأما المرتهنون بالعادة والممتحنون بحب الرئاسة من الأعراب ورؤساء القبائل فلم يزل يختلج في صدورهم شيء من ذلك لاسيما أهل النفاق فإنهم كانوا يسارعون إلى الطعن وشدة التكبر عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث زيد بن حارثة رضي الله عنه أميراً على عدة سرايا، وأعظمها جيش مؤتة، وسار تحت رايته في تلك الغزوة نجباء الصحابة، منهم: جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان خليقاً بذلك لسوابقه وفضله وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعث أسامة وقد أمره في مرضه على جيش فيهم جماعة من مشيخة الصحابة وفضلائهم رضي الله عنهم، وكأنه رأى في ذلك سوى ما توسم فيه من النجابة أن يمهد الأمر ويعطيه لمن يلي الأمر ويعطيه لمن يلي الأمر بعد لئلا ينزع أحد من طاعة، وليعلم كل منهم أن العادات الجاهلية قد عميت مسالكها وخفيت معالمها.
الحديث السابع عشر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
قوله: ((ادعوهم لآبائهم)) أي انسبوهم إلى آبائهم.
مح: كان صلى الله عليه وسلم تبنى زيداً ودعاه ابنه، وكان العربي يتبنى مولاه أو غيره فيصير ابناً له يوارثه وينسب إليه، حتى نزلت الآية فرجع كل إنسان إلى نسبه.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
قوله: ((وعترتي أهل بيتي)) تو: عترة الرجل أهل بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أهل بيتي)) ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين وأزواجه.
6153 -
وعن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)) رواه الترمذي. [6153].
ــ
الحديث الثاني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه:
قوله: ((ما إن تمسكتم به)) ما موصولة، والجملة الشرطية صلتها، وإمساك الشيء التعلق به وحفظه، قال الله تعالى:{ويمسك السماء أن تقع على الأرض} . واستمسك بالشيء إذا تحرى الإمساك به، ولهذا لما ذكر التمسك عقبه بالمتمسك به صريحاً وهو الحبل في قوله:((كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض)) وفيه تلويح إلى قوله تعالى: {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} كأن الناس واقعون في مهواة طبيعتهم مشتغلون بشهواتها، وأن الله يريد بلطفه رفعهم فيدلي حبل القرآن إليهم ليخلصهم من تلك الورطة، فمن تمسك به نجا، ومن أخلد إلى الأرض هلك.
ومعنى التمسك بالقرآن العمل بما فيه، وهو الائتمار بأوامره، والانتهاء عن نواهيه.
والتمسك بالعترة محبتهم والاهتداء بهديتهم وسيرتهم.
وفي قوله: ((إني تارك فيكم)) إشارة إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يوصي الأمة بحسن المخالفة معهما وإيثار حقهما، كما يوصي الأب المشفق الناس في حق أولاده، ويعضده الحديث السابق في الفصل الأول:((أذكركم الله في أهل بيتي)) كما يقول الأب المشفق: ((الله الله في حق أولادي)).
ومعنى كون أحدهما أعظم من الآخر أن القرآن هو أسوة للعترة وعليهم الاقتداء به، وهم أولى الناس بالعمل بما فيه.
ولعل السر في هذه التوصية، واقتران العترة بالقرآن، أن إيجاب محبتهم لا تخلو من معنى قوله تعالى:{قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} فإنه تعالى جعل شكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطاً بمحبتهم على سبيل الحصر، فكأنه صلوات الله عليه يوصي الأمة بقيام الشكر وقيد تلك النعمة به، ويحذرهم عن الكفران، فمن أقام بالوصية وشكر تلك الصنيعة
6154 -
وعنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين:((أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم)) رواه الترمذي [6154]
6155 -
وعن جميع بن عمير، قال: دخلت مع عمتي على عائشة، فسألت أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة. فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها إن كان ما علمت صواماً قوماً. رواه الترمذي. [6155].
6456 -
وعن عبد المطلب بن ربيعة، أن العباس دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً وأنا عنده، فقال:((ما أغضبك؟)) قال: يا رسول الله! ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة. وإذا لقونا لقونا بغير ذلك؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه، ثم قال: ((والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله
ــ
بحس الخلافة فيهما لن يفترقا، فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يردا الحوض، فيشكرا صنيعه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينئذ هو بنفسه يكافئه والله تعالى يجازيه بالجزاء الأوفى، ومن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه على العكس، وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله:((فانظروا كيف تخلفوني فيهما)) والنظر بمعنى التأمل والتفكر، أي تأملوا واستعملوا الروية في استخلافي إياكم هل تكونون خلف صدق أو خلف سوء؟
وإن استغربت قولي: لا يفارقانه في مواقف الحشر حتى يردا على الحوض، تمسكت بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا الزهراوين
…
)) إلى قوله ((يحاجان عن صاحبهما وإن استبعدت قولي: هما توأمان خلفان، أنشدت لك قول الأعشى:
نشب لمقرورين يصطليانها وبات على النار الندى والمحلق
رضيعي لبان ثدي أم تحالفا بأسحم داج عوض لا نتفرق
أغرب الأعشى حيث جعل الممدوح يعني ((المحلق)) أحد نوعي الجود لكثرة صدوره عنه، كما أضيف حاتم إليه في قولك: حاتم الجود، ثم جعلهما أخوى أم واحدة راضعين ثديها، وما اكتفى بذلك بل ذكر أنهما تحالفا على أن لا يتفرقا.
الحديث الثالث عن زيد بن أرقم رضي الله عنه:
قوله: ((أنا حرب)) أي محارب، جعل نفسه صلى الله عليه وسلم نفس الحرب مبالغة كقولك: رجل عدل. الحديث الرابع والخامس عن عبد المطلب بن ربيعة.
قوله: ((بوجوه مبشرة)) كذا هو في جامع الترمذي، وفي جامع الأصول:((مسفرة)).
ولرسوله، ثم قال ((أيها الناس! من آذى عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه)). رواه الترمذي. وفي ((المصابيح)) عن المطلب [6156].
6157 -
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العباس مني وأنا منه)). رواه الترمذي. [6157].
6158 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: ((إذا كان غداة الاثنين فأتني أنت وولدك حتى أدعو لهم بدعوة ينفعك الله بها وولدك)) فغدا وغدونا معه، وألبسنا كساءه ثم قال:((اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنباً، اللهم احفظه في ولده)). رواه الترمذي. وزاد رزين: ((واجعل الخلافة باقية في عقبه)) وقال الترمذي: هذا حديث غريب [6158].
ــ
تو: هو بضم الميم وسكون الباء وفتح الشين، يريد بوجوه عليها البشر، من قولهم: فلان مؤدم مبشر، إذا كانت له أدمة وبشرة محمودتان.
قوله: ((صنو أبيه)): تو: الصنو المثل، وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد، يريد أن أصل عباس وأصل أبي واحد، وهو مثل أبي، أو مثلي، وجمعه صنوان.
الحديث السادس والسابع عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله: ((حتى أدعو لهم)) كذا في الترمذي، وفي جامع الأصول وبعض نسخ المصابيح:((لكم)).
قوله: ((وألبسناه كساءه)) تو: أشار بذلك إلى أنهم خاصته وأنهم بمثابة النفس الواحدة منه التي يشملها كساء واحد، وأنه سأل الله تعالى أن يبسط عليهم رحمته بسط الكساء عليهم، وأن يجمعهم في الآخرة تحت لوائه، وفي هذه الدار تحت رايته لإعلاء كلمة الله ونصرة دعوته ورسوله.
قوله: ((اللهم احفظه في ولده)) أي أكرمه وراع أمره كيلا يضيع في شأن ولده، وهذا معنى رواية رزين:((واجعل الخلافة باقية في عقبه)).
قال في المغرب: يقال: فلان يحفظ نفسه ولسانه، أي لا يبتذله فيما لا يعنيه، وعليه قوله تعالى:{واحفظوا أيمانكم} في أحد الأوجه، أي صونوها ولا تبتذلوها، والغرض صون المقسم به عن الابتذال لأنه أمر مذموم، وعليه قول كثير:
6159 -
وعنه، أنه رأى جبريل مرتين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين رواه الترمذي. [6159]
6160 -
وعنه، أنه قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتيني الله الحكمة مرتين. رواه الترمذي [6160].
6161 -
وعن أبي هريرة، قال: كان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم، ويحدثهم ويحدثونه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنيه بأبي المساكين. رواه الترمذي.
6162 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت جعفراً يطير في الجنة مع الملائكة)). رواه الترمذي. وقال: هذا حديث غريب [6162].
6163 -
وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)). رواه الترمذي [6163].
6164 -
وعن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن الحسن والحسين هما ريحاني من الدنيا)). رواه الترمذي وقد سبق في الفصل الأول [6164].
ــ
قليل الإلاء حافظ ليمينه.
أي لا يولئ أصلا بل يتحفظ ويتصون، والقلة بمعنى العدم.
الحديث الثامن إلى الحادي عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله: ((يطير في الجنة)) تو: كان جعفر قد أصيب بمؤتة من أرض الشام وهو أمير بيده راية الإسلام بعد زيد بن حارثة رضي الله عنهما، فقاتل في سبيل الله حتى قطعت يداه ورجلاه، فأرى النبي صلى الله عليه وسلم فيما كوشف به أن له جناحين مضرجين بالدم يطير بهما في الجنة مع الملائكة.
الحديث الثاني عشر عن أبي سعيد رضي الله عنه:
قوله: ((سيدا شباب أهل الجنة)) مظ: يعني هما أفضل ممن مات شابا في سبيل الله من أصحاب الجنة، ولم يرد به سن الشباب- لأنهما ماتا وقد كهلا- بل ما يفعله الشباب من المروءة كما تقول: فلان فتى وإن كان شيخاً تشير إلى مروءته وفتوته.
6165 -
وعن أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه، فإذا الحسن والحسين على وركيه. فقال:((هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما)). رواه الترمذي. [6165].
6166 -
وعن سلمى، قالت: دخلت علي أم سلمة وهي تبكي فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني في المنام- وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: ((شهدت قتل الحسين آنفاً)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.
6167 -
وعن أنس، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال: ((الحسن والحسين)) وكان يقول لفاطمة: ((ادعي لي ابني)) فيشمهما ويضمهما إليه رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب.
6168 -
وعن بريدة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا، إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما)). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي. [6168].
ــ
أو: أنهما سيدا أهل الجنة سوى الأنبياء والخلفاء الراشدين، وذلك لأن أهل الجنة كلهم في سن واحد وهو الشباب، وليس فيهم شيخ ولا كهل.
أقول: يمكن أن يراد: هما الآن سيدا شباب هم من أهل الجنة من شبان هذا الزمان.
6169 -
وعن يعلي بن مرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط)) رواه الترمذي [6169].
6170 -
وعن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. رواه الترمذي. [6170]
6171 -
وعن حذيفة، قال: قلت لأمي: دعيني آتى النبي صلى الله عليه وسلم فأصلي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فصليت معه المغرب، فصلى حتى صلى العشاء، ثم انفتل فتبعته، فسمع صوتي، فقال:((من هذا؟ حذيفة)) قلت: نعم. قال: ((ما حاجتك؟ غفر الله لك ولأمك، إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلم على ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب [6171].
ــ
الحديث الثالث عشر إلى الثامن عشر عن يعلى بن مرة رضي الله عنه:
قوله: ((حسين مني وأنا من حسين)) قض: كأنه صلى الله عليه وسلم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم فخصه بالذكر وبين أنهما كالشيء الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة، وأكد ذلك بقوله:((أحب الله من أحب حسيناً)) فإن محبته محبة الرسول، ومحبة الرسول محبة الله.
والسبط: ولد الولد، أي هو من أولاد أولادي، أكد به البعضية وقررها، وتقال للقبيلة: قال الله تعالى: {وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما} أي قبائل.
ويحتمل أن يكون المراد هاهنا على أنه يتشعب منه قبيلة ويكون من نسله خلق كثير، فيكون إشارة إلى نسله أكثر وأبقى، وكان الأمر كذلك.
الحديث التاسع عشر عن علي رضي الله عنه:
قوله: ((ما بين الصدر إلى الرأس)) بدل من الفاعل المضمر في أشبه، أو من المفعول بدل البعض، وكذا قوله:((ما كان أسفل)).
الحديث العشرون عن حذيفة رضي الله عنه:
قوله: ((آتي النبي صلى الله عليه وسلم) استئناف، أي أنا آت.
6172 -
وعن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملاً الحسن بن علي على عاتقه، فقال: نعم المركب ركبت يا غلام! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ونعم الراكب هو)). رواه الترمذي. [6172]
6173 -
وعن عمر [رضي الله عنه] أنه فرض لأسامة في ثلاثة آلاف وخمسمائة، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف. فقال عبد الله بن عمر لأبيه: لم فضلت أسامة علي؟ فوالله ما سبقني إلى مشهد. قال: لأن زيداً كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وكان أسامة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، فآثرت حب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حبي. رواه الترمذي. [6173]
6174 -
وعن جبلة بن حارثة، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ابعث معي أخي زيداً. قال: ((هو ذا، فإن انطلق معك لم أمنعه)) قال زيد: يا رسول الله! والله لا أختار عليك أحداً. قال: فرأيت رأي أخي أفضل من رأيي. رواه الترمذي [6174].
6175 -
وعن أسامة بن زيد قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت وهبط الناس المدينة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصمت فلم يتكلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــ
الحديث الحادي والعشرون والثاني والعشرون عن عمر رضي الله عنه:
قوله: ((فرض لأسامة)) أي قدر ذلك المقدار من بيت المال رزقاً له.
وأراد بالمشهد: مشهد القتال ومعركة الكفار.
الحديث الثالث والعشرون عن جبلة بن حارثة رضي الله عنه:
قوله: ((لا أختار عليك أحداً)) قصته ستذكر في أسماء الرجال.
الحديث الرابع والعشرون عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما:
قوله: ((هبطت)) قض: المدينة في غائط من الأرض وأطرافها ونواحيها من الجوانب كلها مستعلية عليها فمن أي جانب توجهت إليها كنت منحدراً إليها.
و ((أصمت)) أي اعتقل لسانه.
يضع يديه على ويرفعهما، فأعرف أنه يدعو لي. رواه الترمذي. وقال: هذا حديث غريب [6175].
6176 -
وعن عائشة، قالت: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينحي مخاط أسامة. قالت عائشة: دعني حتى أكون أنا الذي أفعل. قال: ((يا عائشة! أحبيه فإني أحبه)). رواه الترمذي [6176].
6177 -
وعن أسامة قال: كنت جالساً، إذ جاء علي والعباس يستأذنان، فقالا لأسامة: استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! علي والعباس يستأذنان. فقال: ((أتدري ما جاء بهما؟)) قلت: لا، قال:((لكني أدري، ائذن لهما)) فدخلا، فقالا: يا رسول الله! جئناك نسألك أي أهلك أحب إليك؟ قال: ((فاطمة بنت محمد)) قال: ما جئناك نسألك عن أهلك قال: ((أحب أهلي إلى من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه: أسامة بن زيد)) قالا: ثم قال؟ قال: ((ثم علي بن أبي طالب)) فقال
ــ
الحديث الخامس والعشرون والسادس والعشرون عن أسامة رضي الله عنه:
قوله: ((أي أهلك أحب إليك)) مطلق ويراد به المقيد، أي من الرجال، وبينه ما بعده وهو قوله:((أحب أهلي إلى من قد أنعم الله عليه)).
وفي نسخ المصابيح قوله: ((ما جئناك نسألك عن أهلك)) مقيد بقوله: ((من النساء)) وليس في جامع الترمذي وجامع الأصول هذه الزيادة.
ولم يكن أحد من الصحابة إلا وقد أنعم الله عليه، وأنعم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن المراد المنصوص عليه في الكتاب وهو قوله تعالى:{وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه} وهو زيد، ولا خلاف في ذلك، ولا شك، وهو إن نزل في حق زيد لكنه لا يبعد أن يجعل تابعاً لأبيه في هاتين النعمتين.
العباس، يا رسول الله! جعلت عمك آخرهم؟ قال:((إن عليا سبقك بالهجرة)). رواه الترمذي.
وذكر أن عم الرجال صنو أبيه في ((كتاب الزكاة)) [6177]
الفصل الثالث
6178 -
عن عقبة بن الحارث، قال: صلى أبو بكر العصر ثم خرج يمشي ومعه علي، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان، فحمله على عاتقه، وقال: بأبي شيبه بالنبي، ليس شبيهاً بعلي، وعلى يضحك. رواه البخاري.
6179 -
وعن أنس، قال: أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين، فجعل في طست، فجعل ينكت وقال في حسنه شيئاً، قال أنس: فقلت: والله إنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوباً بالوسمة. رواه البخاري.
ــ
وفي الجملة:
المراد بنعمة الله عليه وعلى أبيه نعمة الهداية والكرامة وبنعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمة الإعتاق والتبني والتربية.
وجل ما من الله تعالى به في التنزيل على بني إسرائيل نحو {أنعمت عليكم} نعم أسداها إلى آبائهم.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عقبة بن الحارث:
قوله: ((بأبي شبيه)) يحتمل أن يكون التقدير: هو مفدي بأبي شبيه، فيكون خبراً بعد خبر، أو: أفديه بأبي فعلى هذا شبيه خبر مبتدأ محذوف، وفي تنكيره لطف، وفيه إشعار بعلية الشبه للفدية.
قوله: ((ليس شبيهاً)) وفي أصل المالكي: ((شبيه)) بالرفع وقال: الأصل ((ليس شبيه)) نحوه ما مر في خطبة يوم النحر من قوله: ((أليس ذو الحجة)) من حذف الضمير المتصل خبرا. لكان وأخواتها.
وفي رواية الترمذي قال: كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسن، فجعل يضرب بقضيب في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً. فقلت: أما إنه كان من أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: هذا حديث صحيح حسن غريب. [6179]
6180 -
وعن أم الفضل بنت الحارث، أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إني رأيت حلماً منكراً الليلة قال: ((وما هو؟)) قالت: إنه شديد قال: ((وما هو؟)) قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت خيراً، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً يكون في حجرك)). فولدت فاطمة الحسين، فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فدخلت يوماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعه في حجره، ثم كانت مني التفاتة، فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تهريقان الدموع، قالت: فقلت: يا نبي الله! بأبي أنت وأمي، مالك؟ قال:((أتاني جبريل عليه السلام، فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا، فقلت: هذا؟ قال: نعم، وأتاني بتربة من ترتبه الحمراء)) [6180].
6181 -
وعن ابن عباس، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم ذات يوم بنصف النهار، أشعث أغبر، بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي، ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه، ولم أزل ألتقطه منذ اليوم)) فأحصى ذلك الوقت فأجد ذلك الوقت. رواهما البيهقي في ((دلائل النبوة)) وأحمد الأخير [6181].
6182 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، فأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)). رواه الترمذي [6182].
6183 -
وعن أبي ذر، أنه قال وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
ــ
الحديث الثاني إلى الرابع عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله: ((لم أزل ألتقطه ((من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يجوز أن يكون خبراً بعد خبر لقوله: ((هذا))، ويجوز أن يكون خبراً ودم الحسين بدل من هذا.
قوله: ((فأحصى ذلك الوقت)) من كلام ابن عباس رضي الله عنهما:
الحديث الخامس والسادس عن أبي ذر رضي الله عنه: