الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5955 -
وعن نبيهة بن وهب، أن كعباً دخل على عائشة، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كعب: ما من يوم يطلع إلا نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفوا بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يضربون بأجنحتهم، ويصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبطوا مثلهم فصنعوا مثل ذلك، حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفاً من الملائكة يزفونه. رواه الدارمي [5955].
(9) باب
هجرة أصحابه صلى الله عليه وسلم من مكة ووفاته
الفصل الأول
5956 -
عن البراء، قال: أول من قدم علينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــ
الأرض مثلهن} ومن قال: المراد بالسبع الأقاليم فقد وهم لأنه لو كان كذلك لم يطوق الظالم بشبر من كل إقليم بخلاف طباق الأرض فإنها تابعة لهذا الشبر.
قوله: ((لا أسألك بينة)) كأن سعيداً لما أنكر توجه عليه البينة وعند فقدها توجه عليه اليمين فأجرى مروان هذا الكلام منه مجرى اليمين وقال: لا أسألك بينة بعد هذا.
قوله: ((يزفونه)) يحتمل أن يكون من الإسراع، أو من زفاف العروس.
((نه)): يزف بالكسر من زف في مشيته، إذا أسرع، وبالفتح من زففت العروس إذا أهديتها إلى زوجها.
باب هجرة أصحابه صلى الله عليه وسلم من مكة ووفاته
الفصل الأول
الحديث الأول عن البراء بن عازب رضي الله عنه:
قوله: ((الولائد)) ((نه)) الولائد جمع وليدة وهي الجارية الصغيرة، والذكر وليد، فعيل، بمعنى مفعول.
قوله: ((قرأت: {سبح اسم ربك})) أي تعلمت، ذكر المسبب وهو القراءة وأراد السبب وهو التعلم.
قوله: ((في سور مثلها)) أي في جملة سور مثلها في المقدار.
مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرآننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء، فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء، فما جاء حتى قرأت:{سبح اسم ربك الأعلى} في سور مثلها من المفصل. رواه البخاري.
5957 -
وعن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال:((إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده)). فبكى أبو بكر قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له، فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا!! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا. متفق عليه.
5958 -
وعن عقبة بن عامر، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين، كالمودع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر فقال:((إني بين أيديكم فرط، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه وأنا في مقامي هذا، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، وإني ليست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها)) وزاد بعضهم: ((فتقتتلوا، فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم)). متفق عليه.
ــ
الحديث الثاني عن أبي سعيد رضي الله عنه:
قوله: ((إن عبداً خيره الله)) فهم الصديق من هذا الكلام مفارقته صلى الله عليه وسلم الدنيا فبكى، كما فهمت الصديقة من قوله صلى الله عليه وسلم:((مع الذين أنعمت عليهم من النبيين)) أنه صلى الله عليه وسلم خير كما يجيء بعد. الحديث الثالث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه:
قوله: ((على قتلى أحد)) ((مظ)): أي استغفر لهم، واستغفاره لهم كالوداع للأحياء والأموات، أما الأحياء فبخروجه من بينهم، وأما الأموات فبانقطاع دعائه واستغفاره لهم.
5959 -
وعن عائشة، قالت: إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، دخل علي عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده سواك وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه. وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فتناولته، فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فلينته، فأمر وبين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه، ويقول:((لا إله إلا الله، إن للموت سكرات)). ثم نصب يده، فجعل يقول:((في الرفيق الأعلى)) حتى قبض ومالت يده. رواه البخاري.
5960 -
وعنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة)) وكان في شكواه الذي قبض أخذته بحة شديد، فسمعته
ــ
والفرط: بالتحريك بمعنى فارط كتبع بمعنى تابع وهو الذي يتقدم الواردة فيهيئ لهم الأرشاد والدلاء يسقي لهم.
يريد أنه شفيع لأمته يتقدمهم، فإنه يتقدم على المشفوع له.
((مح)): فيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن فيه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض، وقد وقع ذلك.
وأنهم لا يرتدون، وقد عصمهم الله تعالى من ذلك.
وأنهم يتنافسون في الدنيا، وقد وقع ذلك.
الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((بين سحري ونحري)) ((نه)): السحر الرئة، أي أنه صلى الله عليه وسلم توفي وهو مستند إلى صدرها وما يحاذي نحرها منه.
وقيل: السحر ما يلصق بالحلقوم من أعلى البطن.
قوله: ((دخل علي عبد الرحمن)) بيان لجمع الله تعالى بين ريق النبي صلى الله عليه وسلم وريقها.
قوله: ((في الرفيق الأعلى)) ((نه)): الرفيق الأعلى الجماعة من الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، وهو اسم جاء على فعيل، ومعناه الجماعة، كالصديق والخليط ومنه قوله تعالى:{وحسن أولئك رفيقا} .
يقول: مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. فعلمت أنه خير. متفق عليه.
5961 -
وعن أنس، قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة واكرب أباه! فقال لها: ((ليس على أبيك كرب بعد اليوم)). فلما مات قالت: يا أبتاه! أجاب رباً دعاه، يا أبتاه! من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة: يا أنس! أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟ رواه البخاري.
ــ
والرفيق: المرافق في الطريق.
وقيل: المعنى ألحقني بالرفيق الأعلى، أي بالله تعالى، يقال: الله رفيق بعباده، من الرفق والرأفة، فهو فعيل بمعنى فاعل، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: سمعته يقول عند موته: ((بل الرفيق الأعلى)) وذلك أنه خير بين البقاء في الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله.
((تو)): قد ذهب بعضهم ((في الرفيق الأعلى)) أنه اسم من أسماء الله تعالى.
قال الأزهري: غلط قائل هذا، الرفيق هاهنا جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة، ومنه قوله تعالى:{وحسن أولئك رفيقا} .
وقوله: ((إن الله رفيق)) لم يوجب إطلاق هذا الاسم عليه كما لم يوجب ((إن الله حيي ستير)) إطلاق ذلك عليه، وإنما أراد به إيضاح معنى لم يكن يقع في الأفهام إلا من هذا الطريق.
أقول: لم لا يجوز أن يستدل بهذا الحديث على إطلاق هذا الاسم عليه وما المانع وليس هذا نحو قوله: ((إن الله حيي)) لأن ذلك إخبار.
وقول صاحب النهاية: إنه اختار ما عند الله تعالى، تصريح بأن المراد منه القرب والزلفى عند الله تعالى، ولو أريد به الملائكة والنبيون لقيل: من عند الله تعالى، ويؤيده حديث أبي سعيد رضي الله عنه: إن عبدً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الحياة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده فاختار ما عنده)) وحديث جعفر في آخر الفصل الثالث من هذا الباب:((يا محمد إن الله قد اشتاق إلى لقائك .. الحديث)) ولأن حصول هذه البغية مستلزم لحصول تلك المنزلة كما قال تعالى: {يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} .
الفصل الثاني
5962 -
عن أنس، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لعبت الحبشة بحرابهم فرحاً لقدومه. رواه أبو داود [5962].
وفي رواية الدارمي قال: ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ــ
وفي إدخال ((في)) على ((الرفيق الأعلى)) إيذان بغاية القرب وشدة تمكنه منه وحلول رضوانه عليه وحصول رضاه عن الله تعالى، وإليه الإشارة بقوله:{راضية مرضية} . والله أعلم
الحديث الخامس عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((بحة)) ((نه)): البحة بالضم غلظ في الصوت، يقال: بح يبح بحوحاً، وإن كان من داء فهو البحاح، ورج أبح بين البحح إذا كان ذلك فيه خلقة.
الحديث السادس عن أنس رضي الله عنه:
قوله: ((قالت: يا أبتاه)) أصله يا أبي، فالتاء بدل من الياء لأنهما من الحروف الزوائد والألف للندبة لمد الصوت، والهاء للسكت، ولابد للندبة من إحدى العلامتين: ياء أو واو، لأن الندبة لإظهار التوجع ومد الصوت وإلحاق الألف في آخرها للفصل بينها وبين النداء، وزيادة الهاء في الوقف إرادة بين الألف لأنها خفية وتحذف في الوصل.
وقوله: ((من جنة الفردوس)) في البخاري وشرح السنة وقع ((من)) موصولة، وفي بعض نسخ المصابيح وقعت جارة، والأول أنسب لأنه من وادي قولهم:((وامن حفر بئر زمزماه)).
الفصل الثاني
الحديث الأول والثاني عن أنس رضي الله عنه:
قوله: ((أضاء منها)) الضمير راجع إلى المدينة، وفيه معنى التجريد كقولك: لئن لقيته لتلقين منه الأسد، وهذا يدل على أن الإضاءة كانت محسوسة.
وفي رواية الترمذي قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا أيدينا عن التراب وإنا لفي دفنه، حتى أنكرنا قلوبنا.
5963 -
وعن عائشة، قالت. لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه فقال أبو بكر سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قال:((ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه)) ادفنوه في موضع فراشه. رواه الترمذي [5963].
الفصل الثالث
5964 -
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح: ((إنه لن
ــ
قوله: ((وما نفضنا أيدينا)) ((تو)): يريد أنهم لم يجدوا قلوبهم على ما كنت عليه من الصفاء والألفة و [الرقة]، لانقطاع مادة الوحي وفقدان ما كان يمدهم من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم من التأييد والتعليم، ولم يرد أنهم لم يجدوها على ما كانت عليه من التصديق.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((الرفيق الأعلى)) أي أختار الرفيق الأعلى.
وقوله: ((أنه الحديث)) أي أن هذا القول إشارة إلى الحديث الذي قال، وهو صحيح.
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((أبهري)) ((نه)): الأبهر عرق في الظهر، وهما أبهران، وقيل: هما الأكحلان اللذان في الذراعين، وقيل: هو عرق مستبطن القلب فإذا انقطع لم يبق معه حياة.
وقيل: الأبهر عرق منشؤه من الرأس ويمتد إلى القدم وله شرايين تتصل بأكثر الأطراف والبدن، فالذي في الرأس منه يسمى ((النأمة)) ومنه قولهم: أسكت الله نأمته، أي أماته، ويمتد إلى الحلق فيسمى فيه ((الوريد)) ويمتد إلى الصدر فيسمى ((الأبهر)) ويمتد إلى الظهر فيسمى ((الوتين)) - والفؤاد معلق به- ويمتد إلى الفخذ فيسمى ((النسا)) ويمتد إلى الساق فيسمى ((الصافن)).
والهمزة في ((الأبهر)) زائدة.
يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير)). قالت عائشة: فلما نزل به، ورأسه على فخذي غشي عليه، ثم أفاق، فأشخص بصره إلى السقف ثم قال:((اللهم الرفيق الأعلى)). قلت: إذن لا يختارنا. قالت: وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح في قوله: ((إنه لن يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير)) قالت عائشة: فكان آخر كلمة تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((اللهم الرفيق الأعلى)). متفق عليه.
5965 -
وعنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه: ((يا عائشة! ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، وهذا أوان وجدت انقطاع أبهري في ذلك السم)). رواه البخاري.
ــ
ويجوز في ((أوان)) الضم والفتح، فالضم لأنه خبر المبتدأ، والفتح على البناء لإضافته إلى مبني، كقوله:
على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت [ألما أصح] والشيب وازع
الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله: ((أكتب لكم كتاباً)) قال النووي: اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكذب، ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته ومرضه، ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه، وتبليغ ما أوجب الله تعالى عليه تبليغه، وليس هو معصوماً من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام مما لا نقص فيه لمنزلته، ولا فساد لما تمهد من شريعته، وقد سحر صلى الله عليه وسلم حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله، ولم يصدر منه في هذا الحال كلام من الأحكام مخالف لما سبق، فإذا علمت ما ذكرنا فقد اختلفوا في الكتاب الذي أراد كتابته.
فقيل: أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع نزاع.
وقيل: أراد كتاباً يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك، ثم ظهر أن المصلحة تركه أو أوحي إليه بذلك ونسخ.
وأما كلام عمر رضي الله عنه: ((حسبكم كتاب الله)) فقد اتفقوا على أنه من دلائل فقه عمر رضي الله عنه وفضائله ودقيق نظره، لأنه خشي أن يكتب النبي صلى الله عليه وسلم أموراً ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لكونها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها.
5966 -
وعن ابن عباس، قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده)). فقال عمر: قد غلب عليه الوجع، وعندك القرآن، حسبكم كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغط والاختلاف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قوموا عني)). قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزيئة كل الرزيئة ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.
ــ
وأشار بقوله: ((حسبكم كتاب الله)) إلى قوله تعالى {ما فرطنا في الكتاب من شيء} . وقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} .
قال البيهقي في كتاب دلائل النبوة: إنما قصد عمر رضي الله عنه بذلك التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غلب الوجع عليه، [ولو] كان مراده صلى الله عليه وسلم أن يكتب مالا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم لقوله تعالى:{بلغ ما أنزل إليك من ربك} كما لم يترك التبليغ لمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه، وكما أمر في تلك الحالة بإخراج اليهود من جزيرة العرب وغير ذلك.
وقال البيهقي: وقد حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب استخلاف أبي بكر رضي الله عنه ثم ترك ذلك اعتماداً على ما علمه من تقدير الله تعالى ذلك، كما هم بالكتابة في أول مرضه حين قال:((وارأساه)) ثم ترك الكتاب وقال: ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) وذلك بسبب استخلافه أبا بكر في الصلاة.
وقال أيضاً: إن كان المراد منه بيان أحكام الدين ورفع الخلاف فيها فقد علم عمر حصول ذلك من قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} وعلم أنه لا تقع واقعة إلى يوم القيامة إلا وفي الكتاب والسنة بيانها نصاً أو دلالة، وفي تكلف النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه مع شدة وجعه كتابة ذلك مشقة، فرأى الاقتصار على ما سبق بيانه تخفيفاً عليه ولئلا ينسد باب الاجتهاد على أهل العلم والاستناط وإلحاق الفروع بالأصول، فرأى عمر رضي الله عنه الصواب ترك الكتابة تخفيفاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضيلة للمجتهدين، وفي تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على عمر دليل على استصواب رأيه، وكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه.
وفي رواية سليمان بن أبي مسلم الأحوال قال ابن عباس: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ ثم بكى حتى بل دمعه الحصى. قلت يا بن عباس! وما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ((ائتنوني بكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً)). فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا: ما شأنه؟! أهجر؟ استفهموه، فذهبوا يردون عليه. فقال:((دعوني، ذروني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه)). فأمرهم بثلاث: فقال: ((أخرجوا المشركين من جزيرة العب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم)). وسكت عن الثالثة، أو قالها فنسيتها قال سفيان: هذا من قول سليمان. متفق عليه.
ــ
قال الخطابي: ولا يجوز أن يحمل قول عمر رضي الله عنه على أنه توهم الغلط على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ظن به غير ذلك مما لا يليق بحاله، لكنه لما رأى ما غلب عليه صلى الله عليه وسلم من الوجع وقرب الوفاة مع ما غشيه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقول المريض مما لا عزيمة له فيجد المنافقون بذلك سبيلا إلى الكلام في الدين، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم، كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش، فأما إذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان الله تعالى رفع درجته فوق الخلق كلهم لم ينزهه عن سمات الحدث والعوارض البشرية، وقد سها في الصلاة، فينبغي أن يتوقف في مثل هذا حتى تتبين حقيقته، فلهذه المعاني وشبهها راجعه عمر رضي الله عنه.
وقد قال الخطابي: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اختلاف أمتي رحمة)).
والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام:
أحدها: في إثبات الصانع ووحدانيته، وإنكارها ذلك كفر.
وثانيها: في صفاته ومشيئته، وإنكارها بدعة.
وثالثها: في أحكام الفروع المحتملة وجوها. فهذا جعله الله تعالى رحمة وكرامة للعلماء.
وقال المازري: إن قيل: كيف جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع قوله: ((ائتوني بكتف أكتب لكم))؟.
5967 -
وعن أنس، قال: قال أبو بكر لعمر [رضي الله عنهما] بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت. فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكى أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم.
ــ
فالجواب: أن الأوامر تقارنها قرائن تنقلها من الندب إلى الوجوب عند من قال: أصلها الندب، ومن الوجوب إلى الندب عند من قال: أصلها الوجوب، فلعله ظهر منه صلى الله عليه وسلم من القرائن ما دل على أنه لم يوجب ذلك عليهم بل جعله إلى اختيارهم فاختلف اختيارهم بحسب اجتهادهم، وأدى اجتهاد عمر رضي الله عنه إلى الامتناع، ولعله اعتقد أن ذلك صدر منه صلى الله عليه وسلم من غير قصد جازم، وكان هذا قرينة في إرادة عدم الوجوب.
- هذا آخر ما في شرح مسلم-
قوله: ((أهجر؟)) ((نه)): أهجر أي اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام، أي: هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض؟ ولا يجعل إخباراً فيكون من الفحش والهذيان، والقائل عمر ولا يظن به ذلك.
((مح)): قال القاضي عياض: أهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هكذا في صحيح مسلم وغيره ((أهجر)) على الاستفهام، وهو أصح من رواية من روى ((هجر)) بغير همز لأنه لا يصح منه صلى الله عليه وسلم، لأن معنى ((هجر)) هذى، وإنما جاز ذلك من قائله استفهاماً للإنكار على من قال:((لا تكتبوا)) أي لا تتركوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه لأنه صلى الله عليه وسلم لا يهجر، وإن صحت الرواية الأخرى كانت خطأ من قائلها لأنه قالها من غير تثبت لما أصابه من الحيرة والدهشة لعظم ما شاهده من النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحالة الدالة على وفاته وخوف الفتن والضلال بعده، وقول عمر رضي الله عنه:((حسبكم كتاب الله)) رد على نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((دعوني ذروني)) معناه دعوني من النزاع واللغط الذي شرعتم فيه، فالذي أنا فيه من مراقبة الله تعالى والتأهب للقائه والفكر في ذلك ونحوه أفضل مما أنتم فيه.
قوله: ((أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)) مر بيانه في باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب.
5968 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه، ونحن في المسجد، عاصباً رأسه بخرقة، حتى أهوى نحو المنبر، فاستوى عليه واتبعناه، قال:((والذي نفسي بيده إني لأنظر إلى الحوض من مقامي هذا، ثم قال: ((إن عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها، فاختار الآخرة)) قال: فلم يفطن لها أحد غير أبي بكر، فذرفت عيناه، فبكى، ثم قال: بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا يا رسول الله! قال: ثم هبط فما قام عليه حتى الساعة. رواه الدارمي [5968]
ــ
قوله: ((وأجيزوا الوفد)) ((مح)): أمر صلى الله عليه وسلم بإكرام الوفود وضيافتهم تطييباً لنفوسهم وترغيباً لغيرهم من المؤلفة.
وقالوا: سواء كان الوفد مسلمين أو كفاراً، لأن الكفر إنما يفد غالباً فيما يتعلق بمصالحنا ومصالحهم.
وقوله ((وسكت عن الثالثة)) الساكت هو ابن عباس رضي الله عنهما، والناس: سعيد بن جبير.
قال مهلب: الثالثة: تجهيز جيش أسامة.
قال القاضي عياض: ويحتمل أنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تتخذوا قبري وثناً يعبد)).
الحديث الرابع عن أنس رضي الله عنه:
قوله: ((نزورها)) هو أفخم بلاغة من أن لو قال: ((أزورها)) حسب ما اقتضاه تعظيم المزور، كأنه قيل: لم ننطلق إليها؟ فأجيب: نزورها، لأنها مستحقة لذلك، ونحوه في الاستئناف قول الشاعر:
وقال رائدهم ارسوا نزاولها.
قوله: ((إني لا أعلم)) مفعول لقوله: ((لا أبكي)).
الحديث الخامس عن أبي سعيد رضي الله عنه:
قوله: ((حتى الساعة)) حتى هي الجارة، والمراد بالساعة القيامة، يعني فما قام عليه بعد في حياته.
5969 -
وعن ابن عباس، قال: لما نزلت {إذا جاء نصر الله والفتح} . دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة قال: ((نعيت إلي نفسي) فبكت قال: ((لا تبكي فإنك أول أهلي لاحق بي)) فضحكت: فرآها بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: يا فاطمة رأيناك بكيت ثم ضحكت. قالت: إنه أخبرني أنه قد نعيت إليه نفسه فبكيت، فقال لي: لا تبكي فإنك أول أهلي لاحق بي فضحكت. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء نصر الله والفتح، وجاء أهل اليمين، هم أرق أفئدة، والإيمان يمان، والحكمة يمانية)) رواه الدارمي [5969].
ــ
الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله: ((نعيت إلي نفسي)) ضمن ((نعى)) معنى الإنهاء، وعدي بإلى، أي أنهى إلي نعي نفسي، كما تقول: أحمد إليك فلاناً.
يقال: نعى الميت ينعاه نعياً، ونعاه إذا أذاع موته وأخبر به، ولعل السر في ذلك أنه تعالى رتب قوله:{فسبح بحمد ربك} على مجموع قوله: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس} فهو أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاشتغال بخاصة نفسه في الثناء على الله بصفات الجلال حامداً له على ما أولى من النعم بصفات الإكرام وهي بذلك المجهود فيما كلف به من تبليغ الرسالة ومجاهدة أعداء الدين، وبالإقبال على العبادة والتقوى، والتأهب للمسير إلى المقامات العليا، واللحوق بالرفيق الأعلى.
وقوله: ((فرآها بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم) يراد بها عائشة رضي الله عنها وجمعها في قوله: ((فقلن)) تعظيماً لشأنها.
وقوله: ((وجاء أهل اليمين)) عطف على قوله: ((جاء)) وتفسير لقوله تعالى: {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً)) وإيذان بأن المراد بالناس هم أهل اليمين.
قوله ((والإيمان يمان)) قيل: إنما قال ذلك لأن الإيمان بدأ من مكة وهي تهامة، وتهامة من أرض اليمن، ولهذا يقال: الكعبة يمانية.
وقيل: إنه قال هذا القول وهو بتبوك، ومكة والمدينة يومئذ بينه وبين اليمين فأشار إلى ناحية اليمين وهو يريد مكة.
5970 -
وعن عائشة، أنها قالت: وارأساه! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك)) فقالت عائشة: واثكلياه! والله إني لأظنك تحب موتي، فلو كان ذلك لظللت آخر يومك معرساً ببعض أزواجك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((بل أنا وارأساه! لقد هممت- أو أردت- أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد، أن يقول القائلون: أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون)) رواه البخاريز
5971 -
وعنها: قالت: رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعاً، وأن أقول: وارأساه! قال: ((بل أنا يا عائشة! وارأساه)) قال: وما ضرك لو مت قبلي، فغسلتك وكفنتك، وصليت عليك، ودفنتك؟)) قلت: لكأني بك والله لو فعلت ذلك لرجعت إلى بيتي فغرست فيه بعض نسائك، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه. رواه الدارمي [5971]
ــ
((والحكمة يمانية)) الحكمة كل كلمة صالحة تمنع صاحبها من الوقوع في المهالك.
الحديث السابع عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((وارأساه)) ندبت نفسها وأشارت إلى الموت.
قوله: ((ذاك لو كان وأنا حي)) أي إن حصل ذاك، أي موتك وأنا حي أستغفر لك.
فأجابت بقولها: ((واثكلياه والله إني لأظنك)) يعني إني فقدتني وعشت بعدي وتفرغت لغيري نسيتني.
وقوله: ((أن يقول القائلون)) مفعول له على تقدير محذوف، أي أجعل أبا بكر ولي عهدي كراهة أن يقول القائلون: لم يعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الخلافة، أو يتمنى المتمنون الخلافة، ثم قلت: ((يأبى الله إلا خلافته، ولذلك يدفع المؤمنون خلافة غيره لاستخلافي إياه في الإمامة الصغرى والله أعلم.
الحديث الثامن عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: ((لكأني بك)) فيه جواب قسم محذوف، والمذكور معترض بين الحال وصاحبها، والمعنى: والله لكأني أبصرتك والحال كيت وكيت.
5972 -
وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رجلاً من قريش دخل على أبيه على بن الحسين، فقال: ألا أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى حدثنا عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فقال: ((يا محمد! إن الله أرسلني إليك تكريماً لك، وتشريفاً لك، خاصة لك يسألك عما هو أعلم به منك، يقول: كيف تجدك؟ قال: أجدني يا جبريل! مغموماً، وأجدني يا جبريل! مكروباً)). ثم جاءه اليوم الثاني، فقال له ذلك، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم كما رد أول يوم، ثم جاءه اليوم الثالث، فقال له كما قال أول يوم، ورد عليه كما رد عليه، وجاء معه ملك يقال له: إسماعيل على مائة ألف ملك، كل ملك على مائة ألف ملك، فاستأذن عليه، فسأله عنه. ثم قال جبريل: هذا ملك الموت يستأذن عليك. ما استأذن على آدمي قبلك، ولا يستأذن على آدمي بعدك. فقال: ائذن له، فأذن له، فسلم عليه، ثم قال يا محمد! إن الله أرسلني إليك، فإن أمرتني أن أقبض روحك قبضت، وإن أمرتني أن أتركه تركته فقال: وتفعل يا ملك الموت؟ قال: نعم، بذلك أمرت، وأمرت أن أطيعك. قال: فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام، فقال جبريل: يا محمد! إن الله قد اشتاق إلى لقائك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لملك الموت:((امض لما أمرت به)) فقبض روحه، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية سمعوا صوتاً من ناحية البيت: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة،
ــ
الحديث التاسع عن جعفر بن محمد:
قوله: ((وأمرت أن أطيعك)) عطف على قوله: ((بذلك أمرت)) أي بقبض روحك وهو من العطف المخصص للمعطوف عليه.
وقوله: ((امض لما أمرت به)) أي انفذ لما أمرت به ولا تتوقف فيه.
وإلى هاهنا ذكره ابن الجوزي في كتابه ((الوفاء)) وذكر بعده:
((فقال جبريل عليه السلام: السلام عليك يا رسول الله، هذا آخر موطئ الأرض إنما كنت حاجتي من الدنيا)).