الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2590 -
وعن أبي هريرة [رضي الله عنه] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وكل به سبعون ملكاً)) يعني الركن اليمإني ((فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا: آمين)). رواه ابن ماجه [2590].
2591 -
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من طاف بالبيت سبعاً ولا يتكلم إلا بـ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ محيت عنه عشر سيئات وكتب له عشر حسنات ورفع له عشر درجات. ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال؛ خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه)). رواه ابن ماجه. [2591]
(4) باب الوقوف بعرفة
الفصل الأول
2592 -
عن محمد بن أبي بكر الثقفي، أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان
ــ
برسول الله صلى الله عليه وسلم في تقبيله، ونبه أنه لولا الاقتداء لما فعله، وقد سبق سنن بيان الاستلام والتقبيل وآدابهما.
الحديث الرابع والخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ومن تكلم)) أي بتلك الكلمات وهو في حالة الطواف، وإنما كرر ((طاف)) ليناط به غير ما نيط به أولاً، وليبرز المعنى المعقول في صورة المشاهد المحسوس، فشبه الرحمة المعني بها الثواب بالماء، وسعيه في حالة الذكر بالخائض فيه، فترك المشبه به وهو الماء، وجعل القرينة الدالة عليه كلمة ((خاض))، ثم شبه هذا التمثيل بما يزيد التصوير من قوله:((كخائض الماء برجليه)).
باب الوقوف بعرفة
((غب)): هو اسم لبقعة مخصوصة، وقيل: سميت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحواء، وقيل: بل لتعرف العباد إلي الله تعالي بالعبادات والأدعية.
من منى إلي عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه. متفق عليه.
2593 -
وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا
في رحالكم. ووقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف. ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف)). رواه مسلم.
2594 -
وعن عائشة، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار؛ من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء)). رواه مسلم.
ــ
الفصل الأول
الحديث الأول عن محمد: قوله: ((ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه)) ((مظ)): هذا رخصة يعني لا حرج في التكبير، بل يجوز كسائر الأذكار، ولكن ليس التكبير في يوم عرفة سنة للحاج، بل السنة التلبية إلي رمي جمرة العقبة يوم النحر؛ وأما لغير الحاج في سائر البلاد، فالتكبير يوم عرفة سنة عقيب الصلوات من صبح يوم عرفة إلي صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((ومنى كلها منحر)) حال، وبيان أن منحره صلى الله عليه وسلم حينئذ غير مختص بالمنحر، بل منى كلها منحر، قوله:((نحرت هاهنا)) أولاً إشارة إلي منى، وثإنياً ((ووقفت هاهنا)) إشارة إلي عرفة. فإن قلت: إنما يشار بـ ((هاهنا)) إلي المكان القريب الذي يكون المشير حالة الإشارة فيه، فكيف تصح هاتان الإشارتان في حالة واحدة، إذ لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إذ ذاك في ذينك المكإنين؟ قلت: الجواب من وجهين، أحدهما: أنه يجوز أن يكون كل من الإشارتين صدرت عنه في الموضع المشار إليه، والآخر: أ، يكون مستحضراً لصورة المكان الذي لم يكن فيه في خيال المخاطب، فأشار بذلك الاعتبار. قوله:((وجمع)) ((نه)): هو علم للمزدلفة، وسمي به لاجتماع آدم وحواء عليهما السلام فيه، كذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ما من يوم أكثر)) ((ما)) بمعنى ليس،
واسمه ((يوم)) و ((من)) زائدة و ((أكثر)) خبره و ((من)) الثانية أيضاً زائدة، و ((من يوم عرفة)) متعلق بـ
((أكثر)) أي ليس يوم أكثر إعتاقاً فيه من يوم عرفة. قوله: ((ليدنو)) ((قض)): لما كان الحج
عرفة، والحج يهدم ما قبله، كان ما في يوم عرفة من الخلاص عن العذاب، والعتق من النار
الفصل الثاني
2595 -
عن عمرو بن عبد الله بن صفوان، عن خال له يقال له يزيد بن شيبان، قال: كنا في موقف لنا بعرفة يباعده عمرو من موقف الإمام جداً، فأتانا ابن مربع الأنصاري فقال: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول لكم: ((قفوا علي مشاعركم، فإنكم علي إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه [2595]
ــ
أكثر ما يكون في سائر الأيام، ولما كان الناس يتقربون إلي الله تعالي في ذلك اليوم بأعظم القربات، والله سبحانه أبر بهم، وألطف منه في سائر الأيام عبر عن هذا المعنى بالدنو منهم في الموقف، أي ليدنوا منهم بفضله ورحمته. ((ثم يباهي بهم)) أي يفاخر، والمعنى أنه يحلهم من قربه وكرامته محل الشيء المباهي به.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عمرو: قوله: ((كنا في موقف لنا)) ((تو)) و ((قض)): أي في موقف كان لنا في قديم الزمان يقف أسلافنا فيه قبل الإسلام. قوله: ((يباعده عمرو)) أي يجعله بعيداً بوصفه إياه بالبعد، و ((جداً)) نصب علي المصدر، أي يجد في التبعيد جداً، والتباعد يجيء في كلامهم بمعنى التبعيد، وبه ورد التنزيل {ربنا باعد بين أسفارنا} وقوله:((فأتانا ابن مربع)) بكسر الميم، يريد زيد بن مربع الأنصاري من بني حارثة، والمشاعر جمع مشعر، يريد بها مواضع النسك، سميت بذلك، لأنها معالم العبادات. وقوله:((فإنكم علي إرث من إرث أبيكم)) علة للأمر بالاستقرار والتثبيت علي الوقوف في مواقفهم القديمة، علل ذلك بأن موقفهم موقف إبراهيم، متبع لطريقته وإن بعد موقفه عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم. أراد بذلك إعلامهم أن عرفة كله موقف حتى لا يتوهموا أن الموقف ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لا غير، ولا يتنازعوا في المواقف، ولا يتشاجروا عليها.
أقول: إنما قيل: ((علي إرث من إرث أبيكم)) وقطع من الإضافة ابتداء، ولم يقل:((علي إرث أبيكم)) فنكر ثم بين، ليفيد ضرباً من التفخيم والتعظيم، كأنهم حقروا شأن موقفهم، لبعده من موقف انبي الله صلى الله عليه وسلم فعظمه صلى الله عليه وسلم ذلك التعظيم، ونسبه إلي خليل الله عليه السلام تسلية لقلوبهم، واغتباطاً بما كانوا عليه.
2596 -
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كل عرفة موقف وكل منى منحر. وكل المزدلفة موقف. وكل فجاج مكة طريق ومنحر)). رواه أبو داود والدارمي. [2596]
2597 -
وعن خالد بن هوذة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عرفة علي بعير قائما في الركابين. رواه أبو داود. [2597]
2598 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو علي كل شيء قدير)). رواه الترمذي. [2598]
ــ
الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((وكل فجاج مكة)) ((نه)) الفجاج جمع فج وهو الطريق الواسع. ((مظ)): يعني من أي طريق مكة يدخ الرجل مكة جاز، وفي أي موضع من حوالي مكة ينحر الهدي جاز، لأنها من أرض الحرم. أقول: أراد به التوسعة، ونفي الحرج، وأنشد في المعنى:
خذا بطن هرشي أو قفاها فإنما
…
كلا جانبي هرشي لهن طريق
الحديث الثالث والرابع عن عمرو: قوله: ((دعاء يوم عرفة)) الإضافة فيه يجوز أن تكون بمعنى اللام، أي دعاء خص بذلك اليوم. وقوله:((وخير ما قلت)) بمعنى خير ما دعوت، بيان له، فالدعاء له قوله:((لا إله إلا الله)) إلي آخره. فإن قيل: هو ذكر وليس دعاء؟ أجيب بوجهين، أحدهما أنه علي سبيل التعريض تجنباً عن التصريح مراعاة للأدب، وقد قيل لسفيان بن سعيد الثوري: هذا هو الثناء، فأين الدعاء؟ فأنشد قول أمية بن الصلت في ابن جدعان:
أأذكر حاجتي أم قد كفإني
…
حياؤك؟ إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوماً
…
كفاه من تعرضه الثناء
وثإنيهما: الاشتغال بخدمة المولي، والإعراض عن الطلب اعتماداً علي كرمه، فإنه لا يضيع
أجر المحسنين. قال: ((من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين)). فالفرق
2599 -
وروى مالك عن طلحة بن عبيد الله إلي قوله: ((لا شريك له)).
2600 -
وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما رئي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة؛ وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رئي يوم بدر)) فقيل: ما رئي يوم بدر؟ قال: ((فإنه قد رأي جبريل يزع الملائكة)) رواه مالك مرسلاً وفي ((شرح السنة)) بلفظ ((المصابيح)). [2600]
2601 -
وعن جابر [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان
يوم عرفة، إن الله ينزل إلي السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: انظروا إلي
عبادي، أتوني شعثاً غبراً ضاجين من كل فج عميق، أشهدكم إني قد غفرت لهم،
ــ
بين الوجهين أن الذاكر في الأول وإن لم يصرح بالطلبة فهو طالب بما هو أبلغ من التصريح بخلاف الثاني، قال:
وكلت إلي المحبوب أمري كله
…
فإن شاء أحيإني وإن شاء أتلفا
وأن تكون بمعنى ((في)) فعلي هذا يعم الدعاء بأي شيء دعا، فيكون قوله:((خير ما قلت)) عطفاً علي قوله: ((خير الدعاء)) لا علي البيان، بلي يجري علي المغايرة، والعموم في القول، فيتناول الذكر والدعاء.
الحديث الخامس عن طلحة رضي الله عنه: قوله: ((ولا أدحر)) ((فا)): الدحر الدفع بعنف علي سبيل الإهانة والإذلال. ((يزع الملائكة)) أي يتقدمهم فيكف ريعانهم من قوله تعالي: {فهم يوزعون} ((نه)): أي يرتبهم ويسويهم، ويصفهم للحرب، فكأنه يكفهم عن الانتشار. وأفعل التفضيل في ((أدحر)) كما في أشهر وأجن من شهر وجن. قوله:((هو فيه أصغر)) الجملة صفة ((يوما)) و ((منه)) متعلق بأفعل، والضمير للشيطان، أي الشيطان في يوم عرفة أبعد من مراده من نفسه في سائر الأيام. وقوله:((إلا ما رئي يوم بدر)) مستثنى من هذه الجملة. وقوله: ((إلا لما يرى)) مستثنى من قوله: ((وما ذاك)) وهذه الجملة معترضة بين المستثنى والمستثنى منه، مؤكدة لمضمون الجملة، وليست مختصة بالسابقة. و ((كريز)) بفتح وكسر الراء.
الحديث السادس عن جابر: قوله: ((بهم)) إما ضمير مبهم فسر بما بعده من قوله: ((عبادي)) أو راجع إلي المفهوم من قوله: ((إذا كان يوم عرفة)) لما يعرف منه اجتماع العباد فيها. قوله: ((ضاجين)) أي رافعين أصواتهم بالتلبية. قوله: ((يرهق) 9 ((تو)): أي يتهم بسوء، والهاء مشددة،
فيقول الملائكة: يا رب! فلان كان يرهق، وفلان، وفلانة، قال: يقول الله عز وجل: قد غفرت لهم)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فما من يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة)). رواه في شرح السنة. [2601]
الفصل الثالث
2602 -
عن عائشة قالت: كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، فكان سائر العرب يقفون بعرفة. فلما جاء الإسلام أمر الله تعالي نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، فيقف بها، ثم يفيض منها، فذلك قوله عز وجل:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} متفق عليه.
ــ
ويقال: فيه رهق أي غشيان للمحارم، ويقال للفاعل: المرهق بتشديد الهاء، وتخفيفها أيضاً، وبلي مفتوحة في الصيغتين. وقول الملائكة هذا علي سبيل الاستعلام، ليعلموا: هل دخل ذلك المرهق في جملتهم ببركة ذلك اليوم أم لا؟ وسألوه عن طريق التعجب- انتهي كلامه-. قالوه تعجباً منهم؛ لعظم الجريمة، ولم يعرفوا أن الحج يهدم ما كان قبله من الذنوب.
((قض)): في تعبيرهم الفواحش بالترهيق أدب من آداب أرباب الكمال بأن لا يصرحوا بمعايب أرباب العيوب، ولا يبثوا بفجور أصحاب الذنوب وإن كانوا واقفين مطلعين عليها. قوله:((فما من يوم)) الفاء جواب شرط محذوف، و ((أكثر)) خبر ((ما))، والضمير المستتر عائد إلي ((يوم))، و ((عتيقاً)) تمييز، إما بمعنى الفاعل أو المفعول علي الإسناد المجازي؛ لأن العتق واقع فيه مبالغة في تعظيم اليوم كما في قوله تعالي:{يوماً يجعل الولدان شيباً} .
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ومن دان دينها)) ((نه)): أي اتبعهم في دينهم، ووافقهم عليه، واتخذ دينهم له ديناً وعبادة. و ((الحمس)) جمع أحمس وهو قريش، وأصلها الشجاعة والشدة. والإفاضة الزحف، والدفع في السير بكثرة، ولا يكون إلا عن تفرق وجمع، وأصلها الصب، فاستعيرت للدفع في السير، وأصله أفاض نفسه وراحلته، فرفضوا ذكر المفعول حتى أسبه غير المتعدى. قوله:((فذلك)) الفاء تعقيب للتفصيل بالمجمل، أي المذكور تفصيل وتفسير لقوله تعالي:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} أي فلتكن إفاضتكم من حيث أفاض الناس، ولا تكن من المزدلفة، بل عرفة.
2603 -
وعن عباس بن مرداس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب:((إني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإني آخذ للمظلوم منه)). قال: ((أي رب! إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة، وغفرت للظالم)) فلم يجب عشيته. فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء، فأجيب إلي ما سأل قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال تبسم - فقال له أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي، إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها، فما الذي أضحكك، أضحك الله سنك؟ قال:((إن عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي، وغفر لأمتي. أخذ التراب، فجعل يحثوه علي رأسه، ويدعو بالويل والثبور، فأضحكني ما رأيت من جزعه)). رواه ابن ماجه، وروى البيهقي في ((كتاب البعث والنشور)) نحوه.
ــ
الحديث الثاني عن عباس بن مرداس: قوله: ((فأجيب إلي ما سأل)) أي لما سأل، وقد سبق أن الأغراض نهاية المطالب، و ((إلي)) للغاية، فيلتقيان في معنى واحد. قوله:((يحثوه علي رأسه)) يلمح إلي قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما رئي الشيطان يوماًً هو فيه أصغر ولا أدحر)). قوله: ((ويدعو بالويل)) أي يقول: يا ويلاه يا ثبوراه! ((نه)): الويل الحزن والهلاك، والمشقة من العذاب، وكل من وقع في هلكة دعا بالويل، ومعنى النداء فيه، يا حزني يا هلاكي يا عذابي احضر، فهذا وقتك وأوانك، فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من الأمر الفظيع، والثبور الهلاك، ونداؤه كنداء الويل.
قال الإمام أحمد البيهقي رحمه الله: يحتمل أن تكون الإجابة إلي المغفرة بعد أن يذيقهم شيئاً من العذاب دون الاستحقاق، فيكون الخبر خاصاً في وقت دون وقت، ويحتمل أن تكون الإجابة إلي المغفرة ليعضهم، فيكون الخبر خاصاً في قوم دون قوم، ثم من لا يغفر له يذيقه من العذاب بما كسب وافياً، ويحتمل أن يكون عاماً، ونص الكتاب يدل علي أنه مفوض إلي مشيئة الله تعالي حيث قال:{ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلا ينبغي لمسلم أن [يغر] نفسه، فإن المعصية شؤم، وخلاف الجبار في أوامره ونهيه عظيم، وأحدنا لا يصبر علي حمى يوم، أو وجع ساعة، فكيف يصبر علي عذاب أليم، وعقاب شديد، لا يعلم وقت نهايته إلا الله تعالي، وإن كان قد ورد خبر الصادق بنهايته دون بيان وقته، متى ما كان مؤمناً، وبالله التوفيق.