المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(5) باب الدفع من عرفة والمزدلفة - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٦

[الطيبي]

الفصل: ‌(5) باب الدفع من عرفة والمزدلفة

(5) باب الدفع من عرفة والمزدلفة

الفصل الأول

2604 -

عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سئل أسامة بن زيد: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع؟ قال: كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص. متفق عليه.

2605 -

وعن ابن عباس، أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجراً شديداً، وضرباً للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال:((يا أيها الناس! عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع)). رواه البخاري.

2606 -

وعنه، أن أسامة بن زيد كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلي المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلي منى؛ فكلاهما قال: لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة. متفق عليه.

2607 -

وعن ابن عمر، قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بجمع، كل واحدة منهما بإقامة، ولم يسبح بينهما، ولا علي إثر كل واحدة منهما. رواه البخاري.

ــ

باب الدفع من عرفة

الفصل الأول

الحديث الأول عن هشام رضي الله عنه: قوله: ((حين دفع)) ((قض)):أي انصرف من عرفة إلي مزدلفة، سمى ذلك دفعاً لازدحامهم إذا انصرفوا، فيدفع بعضهم بعضاً، أو لأنهم كانوا يدفعون به أنفسهم إلي مزدلفة، و ((العنق)) السير السريع، وانتصابه علي المصدر انتصاب القهقرى في قولهم: رجع القهقرى، أو التقدير يسير السير العنق. و ((الفجوة)) الفرجة يريد بها المكان الخالي عن المارة. و ((النص)) السير الشديد، وأصله الاستقصاء والبلوغ غاية الشيء. وقيل: النص فوق العنق.

الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فإن البر ليس بالإيضاع)) ((تو)): أي ليس البر في الحج، وهو أن يوفق صاحبه في قضاء نسكه بالإصابة، واجتناب الرفث والفسوق، ويتداركه الله بالقبول بالإيضاع، وهو حمل الدابة علي إسراعها في السير، يقال: وضع البعير وغيره، أي أسرع في سيره، وأوضعه راكبه.

الحديث الثالث والرابع مضى شرحه في باب حجة الوداع مستقصى.

ص: 1993

2608 -

وعن عبد الله بن مسعود قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلي صلاة إلا لميقاتها، إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع، وصلي الفجر يومئذ قبل ميقاتها. متفق عليه.

2609 -

وعن ابن عباس، قال: أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله. متفق عليه.

2610 -

وعن الفضل بن عباس، وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا:((عليكم بالسكينة)) وهو كاف ناقته حتى دخل محسراً، وهو من منى، قال:((عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة)). وقال لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة. رواه مسلم.

2611 -

وعن جابر قال: أفاض النبي صلى الله عليه وسلم من جمع وعليه السكينة، وأمرهم

بالسكينة وأوضع في وادي محسر، وأمرهم أن يرموا بمثل حصى الخذف. وقال:

ــ

الحديث الخامس عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((إلا لميقاتها))، كقوله تعالي:{لا يجليها إلا لوقتها} ((مح)): معناه أنه صلى الله عليه وسلم صلي المغرب في وقت العشاء بجمع التي هي المزدلفة، وصلي الفجر يومئذ قبل ميقاتها المعتاد، ولكن بعد تحقق طلوع الفجر؛ لأن ذلك ليس جائز بإجماع المسلمين، فيتعين تأويله علي ما ذكرته، وقد ثبت في صحيح البخاري في هذا الحديث في بعض رواياته أن ابن مسعود: صلي الفجر حين طلع الفجر بالمزدلفة، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلي الفجر هذه الساعة.

الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((أنا ممن قدم)) الراجع إلي الموصول محذوف، أي ممن قدمه. قوله:((في ضعفة)) أي بعثني في زمرة ضعفاء أهله من النساء والصبيان، فيه دليل علي استحباب تقديم الضعفة حتى لا يتخلفوا، ولا يتأذوا بالاستعجال والازدحام.

الجديث السابع والثامن عن جابر رضي الله عنه: قوله: (0بمثل حصى الخذف)) أي صغاراً ((نه)): الخذف هو رميك حصاة أو نواة، تأخذها بين سبابتيك، وترمي بها. قوله:((لعلي لا أراكم)) (0لعل)) كلمة الترجي، لكن من مثله صلى الله عليه وسلم وارد علي التحقيق. ((مح)) فيه إشارة إلي

ص: 1994

((لعلي لا أراكم بعد عامي هذا)). لم أجد هذا الحديث في الصحيحين إلا في ((جامع الترمذي)) مع تقديم وتأخير. [2611]

الفصل الثاني

2612 -

وعن محمد بن قيس بن مخرمة، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفة حين تكون الشمس كأنها عمائم الرجال في وجوههم قبل أن تغرب، ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس حين تكون كأنها عمائم الرجال في وجوههم. وإنا لا ندفع من عرفة حتى تغرب الشمس، وندفع من المزدلفة قبل أن تطلع الشمس، هدينا مخالف لهدي عبدة الأوثان والشرك)). [رواه البيهقي في شعب الإيمان وقال فيه: خطبنا وساقه بنحوه]. [2612]

2613 -

وعن ابن عباس، قال: قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب علي حمرات فجعل يلطح أفخاذنا ويقول: ((أبيني! لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس)). رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [2613]

ــ

توديعه وإعلامهم بقرب وفاته صلى الله عليه وسلم، وحثهم علي الاعتناء بالأخذ عنه، وانتهاز الفرصة من ملازمته، وتعلم أمور الدين، ولهذا سميت حجة الوداع.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن محمد بن قيس: قوله: ((كأنها عمائم الرجال)) (0قض)) شبه ما يقع من الضوء علي الوجه طرفي النهار حينما دنت الشمس من الأفق بالعمامة، لأنه يلمع في وجهه لمعان بياض العمامة، والناظر إذا نظر إليه يجد الضوء في وجهه كنور العمامة فوق الجبين، والمعنى: إنا نخالف الجاهليين بتأخير الدفع من عرفة، وتقديمه من مزدلفة، لأن هدينا أي طريقتنا مخالف لطريقتهم، فأخرج العلة مخرج الاستئناف للمبالغة، ووضع المظهر موضوع المضمر للدلالة علي ما هو المقتضى للمخالفة، والداعي إليها – انتهي كلامه-. والإضافة في ((عمائم الرجال)) لمزيد التوضيح، وكذا قوله:((قبل أن تغرب)) في المرة الثانية زيادة للبيان، والمعنى بوضع المظهر موضوع المضمر قوله:((عبدة الأوثان)) مقام هديهم، لما يبق من قوله:((إن أهل الجاهلية)).

ص: 1995

2614 -

وعن عائشة، قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها. رواه أبو داود. [2614]

2615 -

وعن ابن عباس، قال: يلبي المقيم أو المعتمر حتى يستلم الحجر. رواه أبوداود وقال: وروي موقوفاً علي ابن عباس. [2615]

الفصل الثالث

2616 -

عن يعقوب بن عاصم بن عروة، أنه سمع الشريد يقول: أفضت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما مست قدماه الأرض حتى أتى جمعاً. رواه أبو داود.

ــ

الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((أغيلمة)) بدل من الضمير في ((قدمنا)) أو تفسير له. ((فا)): الأغيلمة تصغير لغلمة قياساًن ولم يجيئ كما أن أصبية تصغير صبية، ولم يستعمل، وإنما المستعمل صبية وغليمة. قوله:((علي حمرات)) هي جمع حمار، ويجمع الحمار علي حمير، وحمر، وحمرات، واحمرة. وهي حال من المفعول، أي راكبين علي حمرات.

قوله: ((يلطح)) هو بالحاء المهملة، الضرب بالكف ليس بالشديد. قوله:((أبيني)) ((نه)): قد اختلف في صيغتها ومعناها، فقيل: إنه تصغير ابني، كأعمى وأعيمي، وهو اسم مفرد يدل علي الجمع، وقيل: إن ابناً يجمع علي أبناء مقصوراً، وممدوداً، وقيل: هو تصغير ابن، وفيه نظر. وقال أبو عبيد: هو تصغير بني جمع ابن مضافاً إلي النفس، فهذا يوجب أن تكون صيغة اللفظ في الحديث أبيني بوزن شريحي، وهذه التقديرات علي اختلاف الروايات. ((حس)): فيه دليل علي أنه يجوز للنسوان والصبيان أن يدفعوا من المزدلفة إلي منى قبل طلوع الفجر يوم النحر بعد انتصاف الليل.

الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((فرمت الجمرة)) ((خط)): اختلفوا في رمي الجمرة قبل طلوع الفجر، فأجازه الشافعي ما دام بعد نصف الليل الأول، واحتج بحديث أم سلمة، وقال غيره: إنما هذه رخصة خاصة لها، فلا يجوز أن يرمى بعد الفجر قبل طلوع الشمس، ولا يجوز قبل ذلك. ((خط)): الأفضل أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس، كما جاء في حديث ابن عباس. وقوله:((فأفاضت)) أي مضت لطواف الإفاضة.

الحديث الرابع ظاهر.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن يعقوب: قوله: ((فما مست قدماه الأرض)) عبارة عن الركوب من عرفة إلي الجمع.

ص: 1996