الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2617 -
وعن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم أن الحجاج بن يوسف عام نزل بابن الزبير، سأل عبد الله: كيف نصنع في الموقف يوم عرفة؟ فقال سالم: إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة يوم عرفة. فقال عبد الله بن عمر: صدقن إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السنة. فقلت لسالم: أفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال سالم: وهل يتبعون في ذلك إلا سنته؟! رواه البخاري.
(6) باب رمي الجمار
الفصل الأول
2618 -
عن جابر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي علي راحلته يوم النحر، ويقول:((لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)). رواه مسلم.
ــ
الحديث الثاني عن ابن شهاب: قوله: ((نزل)) أي بارز، وقاتل ابن الزبير، و ((سأل عبد الله))، أراد به عبد الله بن عمر، وهو أبو سالم الراوي. قوله:((فهجر بالصلاة)) أي صلها وقت الهجير. ((نه)) الهجير والهاجرة اشتداد الحر نصف النهار، والتهجر، والتهجير، والإهجار السير في الهاجرة. قوله:((في السنة)) حال من فاعل ((يجمعون)) أي متوغلين في السنة، ومتمسكين بها بضرس قاطع، قاله تعريضاً بالحجاج، ومن ثم قال سالم:((وهل يتبعون في ذلك إلا سنته)) علي سبيل الحصر بعد الاستفهام، أي ما يتبعون التهجير والجمع، لشيء من الأشياء إلا لسنته، فـ (0سنته)) منصوبة بنزع الخافض، ويجوز أن يكون التقدير لا يتبعون في ذلك إلا سنته.
باب رمي الجمار
الفصل الأول
الحديث الأول عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((لتأخذوا)) ((مح)): هذه اللام هي لام الأمر، ومعناه خذوا مناسككم، وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال، والهيئات هي أمور الحج، وهي مناسككم، فخذوا عني واقبلوها، واحفظوها واعملوا بها، وعلموها الناس. وفيه دلالة علي ما قاله الشافعي وموافقوه: إنه يستحب لمن وصل منى راكباً أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً، ولو رماها ماشياً جاز، وأما من وصلها ماشياً، فيرميها ماشياً، وهذا في يوم النحر، وأما اليومان الأولان من أيام التشريق، فالسنة أن يرمي فيها جميع الجمرات ماشياً، وفي اليوم الثالث يرمي راكباً. وقال أحمد وإسحاق: يستحب يوم النحر أن يرمي ماشياً.
2619 -
وعنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة بمثل حصى الخذف. رواه مسلم.
2620 -
وعنه، قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحىً، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس. متفق عليه.
2621 -
وعن عبد الله بن مسعود: أنه انتهي إلي الجمرة الكبرى، فجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ورمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم قال: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة. متفق عليه.
2622 -
وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الاستجمار تو، ورمي الجمار تو، والسعي بين الصفا والمروة تو، والطواف تو، وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتو)). رواه مسلم.
ــ
أقول: أدخل اللام علي أمر المخاطب كما في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فبذلك فلتفرحوا} – الكشاف-: ((فلتفرحوا)) بالتاء هو الأصل والقياس. وقال: إنما آثر القراءة بالأصل؛ لأنه أدل علي الأمر بالفرح، وأشد تصريحاً به إيذاناً بأن الفرح بفضل الله وبرحمته بليغ التوصية به، وإلي هذا المعنى أشار الشيخ محي الدين بقوله:((فخذوا عني واقبلوها، واحفظوها واعملوا بها، وعلموها الناس)). قال ابن جني: أصل الأمر أن يكون بحرفه، وهو اللام، فأصل ((اضرب)) لتضرب، كما هو الغالب، لكن لما كثر أمر الحاضر حذفوه تخفيفاً، والذي حسن التاء هاهنا علي الأصل، أنه أمر للحاضرين بالفرح، لأن النفس تقبل الفرح، فذهب به إلي قوة الخطاب، ولا تقل قياساً علي ذلك ((فبذلك فلتحزنوا))؛ لأن الحزن لا تقبله النفس إلا أن براد بها التهكم والصغار. ويجوز أن تكون اللام للتعليل والمعلل محذوف، و ((لعلي)) مستأنف، أي لا أدري ما يفعل بي، أي أظن إني لا أحج، ويحتمل أن يكون للتحقيق، كما يقع في كلام الله تعالي كثيراً.
الحديث الثاني إلي الرابع عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((سورة البقرة)) ((حس)): إنما ذكر سورة البقرة؛ لأن معظم المناسك مذكور فيها. أقول: عدوله من التسمية، والوصف برسول الله ونحوه إلي الموصول وصلته، لزيادة التقرير، والاعتناء بشأن الفعل، كما في قوله تعالي:{وراودته التي هو في بيتها} .
الفصل الثاني
2623 -
عن قدامة بن عبد الله بن عمار، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر علي ناقة صهباء، ليس ضرب ولا طرد، وليس قيل: إليك إليك. رواه الشافعي، والترمذي، والنسائي. وابن ماجه والدارمي. [2623]
2624 -
وعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله)). رواه الترمذي، والدارمي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. [2624]
ــ
الحديث الخامس عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((الاستجمار تو)) ((مح)): التو- بفتح التاء المثناة فوق وتشديد الواو- الوتر، والمراد بـ ((الاستجمار)) الاستنجاء. قال القاضي عياض: قوله في آخر الحديث: ((وإذا استجمر أحدكم فليستجمر)) ليس بتكرير، بل المراد بالأول الفعل، وبالثاني عدد الأحجار. والمراد ((بالتو)) في الجمار سبع، وفي الطواف والسعي سبع سبع، وفي الاستنجاء ثلاث.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن قدامة: قوله ((صهباء)) ((نه)): الأصهب الذي يعلو لونه صهبة، وهي كالشقرة. و ((إليك إليك)) أي تنح وابعد، وهذا كما يقال: الطريق الطريق، وتكريره للتأكيد، المعنى لا ضرب هناك، ولا قول: إليك إليك. ((قض)): أي ضم إليك ثوبك، وتنح عن الطريق.
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((إنما جعل رمي الجمار)) ((فا)): في الحديث أن آدم عليه السلام رمى إبليس بمنى، فأجمر بين يديه، فسميت الجمار به الجمار، أي أسرع. أقول: قد مر أن ((إنما)) وضعت للحصر، وإثبات الحكم للمذكور، ونفيه عما سواه، فدل الحديث علي أن شرعية السعي والرمي ليست إلا لإقامة ذكر الله لا غير، فالعاقل الفطن إذا تفكر في السعي والرمي يتحير، ولم يفهم منهما شيئاً إلا التعبد المحض، ويرى عقله وفطنته معزولين مضمحلين عند تلك الحركات، فلا يرى غير الله، ولا يذكر سواه، فيتقرر عند ذلك معنى قوله تعالي:{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} فإذا كان القصد في مثل تلك الحركات، هو ذكر الله تعالي، فما بال غيرها من الحركات المناسبة له؟ والله أعلم.