الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالْخَلِيفَةُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَالسُّلْطَانُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ.
وَعَمِلَتِ الرَّوَافِضُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَزَاءَ الْحُسَيْنِ، عَلَى مَا ابْتَدَعُوهُ مِنَ النَّوْحِ.
وَلَمَّا كَانَ ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ تُوَفِّيَ:
مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ
الَّذِي أَظْهَرَ الرَّفْضَ، وَيُقَالُ لَهُ: مُعِزُّ الدَّوْلَةِ، بِعِلَّةِ الذَّرَبِ، فَصَارَ لَا يَثْبُتُ فِي مَعِدَتِهِ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ، وَأَنَابَ إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَرَدَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَظَالِمِ، وَتَصَدَّقَ بِكَثِيرٍ مِنْ أَمْوَالِهِ، وَأَعْتَقَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ مَمَالِيكِهِ، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ بَخْتِيَارَ عِزِّ الدَّوْلَةِ.
وَقَدِ اجْتَمَعَ بِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، فَكَلَّمَهُ فِي السُّنَّةِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِهَذَا قَطُّ. وَرَجَعَ إِلَى السُّنَّةِ وَمُتَابَعَتِهَا، وَلَمَّا حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، خَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا
تُصَلِّي هَاهُنَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ دَارَكَ مَغْصُوبَةٌ. فَاسْتَحْسَنَ مِنْهُ ذَلِكَ.
وَكَانَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ حَلِيمًا كَرِيمًا عَاقِلًا، وَكَانَتْ إِحْدَى يَدَيْهِ مَقْطُوعَةً، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ السُّعَاةَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُلُوكِ ; لِيَبْعَثَ بِأَخْبَارِهِ إِلَى أَخِيهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ إِلَى شِيرَازَ سَرِيعًا، وَحَظِيَ عِنْدَهُ أَهْلُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ، وَتَعَلَّمَ أَهْلُ بَغْدَادَ ذَلِكَ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَجْرِي فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ فَرْسَخًا، وَكَانَ فِي الْبَلَدِ سَاعِيَانِ مَاهِرَانِ، وَهُمَا فَضْلٌ وَمَرْعُوشٌ، يَتَعَصَّبُ لِهَذَا عَوَامُّ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلِهَذَا عَوَامُّ أَهْلِ الشِّيعَةِ، وَجَرَتْ لَهُمَا مَنَاصِفُ وَمَوَاقِفُ.
وَلَمَّا مَاتَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ دُفِنَ بِبَابِ التِّبْنِ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ، وَجَلَسَ ابْنُهُ لِلْعَزَاءِ، وَأَصَابَ النَّاسَ مَطَرٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا، فَبَعَثَ عِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى رُءُوسِ الدَّوْلَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِمَالٍ جَزِيلٍ ; لِئَلَّا تَجْتَمِعَ الدَّوْلَةُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ قَبْلَ اسْتِحْكَامِ مُبَايَعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ عَقْلِهِ وَدَهَائِهِ.
وَكَانَ عُمُرُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَمُدَّةُ وِلَايَتِهِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَيَوْمَيْنِ، وَكَانَ قَدْ نَادَى فِي أَيَّامِهِ بِرَدِّ الْمَوَارِيثِ إِلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ قَبْلَ بَيْتِ الْمَالِ.
وَقَدْ سَمِعَ بَعْضُ النَّاسِ لَيْلَةَ تُوُفِّيَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ هَاتِفًا يَقُولُ:
لَمَّا بَلَغْتَ أَبَا الْحُسَيْ
…
نِ مُرَادَ نَفْسِكَ فِي الطَّلَبْ