الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّصَرُّفِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنَ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِفَسَادِ الْبِلَادِ وَالطُّرُقَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، أَبُو الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ قَاضِي قُضَاةِ بَغْدَادَ بَعْدَ ابْنِ الْأَكْفَانِيِّ بِثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ عَفِيفًا نَزِهًا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ وَعَبْدِ الْبَاقِي بْنِ قَانِعٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ. قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
وَحَكَى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْعَلَاءِ الْوَاسِطِيِّ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ هَذَا آخِرُ مَنْ وَلِيَ الْحُكْمَ بِبَغْدَادَ مِنْ سُلَالَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَقَدْ وَلِيَ الْحُكْمَ مِنْ سُلَالَتِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ وُلُّوا قَضَاءَ قُضَاةِ بَغْدَادَ. قَالَ أَبُو الْعَلَاءِ: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ أَبِي الْحَسَنِ هَذَا ; جَلَالَةً وَنَزَاهَةً وَصِيَانَةً وَشَرَفًا.
وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ صَدِيقًا وَصَاحِبًا، وَأَنَّ رَجُلًا مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَوْصَى لَهُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ، فَحَمَلَهَا إِلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ، فَأَبَى الْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَهَا، فَجَهَدَ عَلَيْهِ كُلَّ الْجَهْدِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ لَا تَذْكُرْ هَذَا لِأَحَدٍ مَا دُمْتُ
حَيًّا. فَفَعَلَ، فَلَمْ يُخْبِرْ عَنْهُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ فَقِيرًا إِلَيْهَا وَإِلَى مَا هُوَ دُونَهَا، فَلَمْ يَقْبَلْهَا، رحمه الله. وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
جَعْفَرُ بْنُ بَايٍ، أَبُو مُسْلِمٍ الْجِيلِيُّ
سَمِعَ ابْنَ بَطَّةَ وَدَرَسَ فِقْهَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَكَانَ ثِقَةً دَيِّنًا فَاضِلًا، تُوَفِّيَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدَوَيْهِ، أَبُو حَازِمٍ الْهُذَلِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ
سَمِعَ ابْنَ نُجَيْدٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّ وَخَلْقًا، وَسَمِعَ مِنْهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ النَّاسُ يَسْمَعُونَ بِإِفَادَتِهِ وَانْتِخَابِهِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ مِنْهَا.
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ الْمَعْرُوفُ بِالْحَمَّامِيِّ
سَمِعَ النَّجَّادَ وَالْخُلْدِيَّ وَابْنَ السَّمَّاكِ وَغَيْرَهُمْ، وَكَانَ صَدُوقًا فَاضِلًا، حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، وَتَفَرَّدَ بِأَسَانِيدِ الْقِرَاءَاتِ وَعُلُوِّهَا، تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْ
هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
صَاعِدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى الرَّبَعِيُّ الْبَغْدَادِيُّ اللُّغَوِيُّ
صَاحِبُ كِتَابِ " الْفُصُوصِ " فِي اللُّغَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْقَالِي فِي " الْأَمَالِي " صَنَّفَهُ لِلْمَنْصُورِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، فَأَجَازَهُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ آلَافِ دِينَارٍ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ كَذَّابٌ مُتَّهَمٌ فِيمَا يَنْقُلُهُ، فَأَمَرَ بِإِلْقَاءِ الْكِتَابِ فِي النَّهْرِ. فَقَالَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
قَدْ غَاصَ فِي الْمَاءِ كِتَابُ الْفُصُوصْ
…
وَهَكَذَا كُلُّ ثَقِيلٍ يَغُوصْ
فَلَمَّا بَلَغَ صَاعِدًا هَذَا الْبَيْتُ أَنْشَدَ:
عَادَ إِلَى عُنْصُرِهِ إِنَّمَا
…
يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ الْبُحُورِ الْفُصُوصْ
قُلْتُ: كَأَنَّهُ سَمَّى هَذَا الْكِتَابَ بِهَذَا الِاسْمِ لِيُشَاكِلَ بِهِ " الصِّحَاحَ " لِلْجَوْهَرِيِّ، لَكِنَّهُ كَانَ مَعَ فَصَاحَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ وَعِلْمِهِ مُتَّهَمًا بِالْكَذِبِ فِيمَا يَرْوِيهِ وَيَنْقُلُهُ، فَلِهَذَا رَفَضَ النَّاسُ كِتَابَهُ، وَلَمْ يَشْتَهِرْ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ كَانَ ظَرِيفًا مَاجِنًا سَرِيعَ الْجَوَابِ، سَأَلَهُ رَجُلٌ أَعْمَى عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا الْجَرَنْفُلُ؟ فَأَطْرَقَ سَاعَةً، وَعَرِفَ أَنَّهُ افْتَعَلَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَأْتِي نِسَاءَ الْعُمْيَانِ، وَلَا يَتَعَدَّاهُنَّ إِلَى غَيْرِهِنَّ. فَاسْتَحْيَى ذَلِكَ الْأَعْمَى، وَضَحِكَ الْحَاضِرُونَ. وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، سَامَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
الْقَفَّالُ الْمَرْوَزِيُّ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَفَّالُ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ الْكِبَارِ، عِلْمًا وَرُشْدًا وَحِفْظًا وَتَصْنِيفًا وَوَرَعًا، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الطَّرِيقَةُ الْخُرَاسَانِيَّةُ، وَمِنْ أَصْحَابِهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ، قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: وَأَخَذَ عَنْهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ; لِأَنَّ سِنَّ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ ; فَإِنَّ الْقَفَّالَ هَذَا تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِسِجِسْتَانَ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وُلِدَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بَعْدَ وَفَاةِ الْقَفَّالِ بِسَنَتَيْنِ. وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ كَمَا سَيَأْتِي. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: الْقَفَّالُ ; لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا يَعْمَلُ الْأَقْفَالَ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ إِلَّا وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الِاشْتِغَالِ بَعْدَ ذَلِكَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.