الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَدَخَلَ الْمَاءُ إِلَى أَكْثَرِ دُورِ بَغْدَادَ.
وَفِيهَا رَجَعَ الْوَزِيرُ أَبُو غَالِبِ بْنُ خَلَفٍ إِلَى بَغْدَادَ وَلُقِّبَ فَخْرَ الْمُلْكِ بَعْدَ عَمِيدِ الْجُيُوشِ.
وَفِيهَا عَصَى أَبُو الْفَتْحِ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيُّ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَتَلَقَّبَ بِالرَّاشِدِ بِاللَّهِ. وَلَمْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَيْضًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَشْرَافِ:
أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ
الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، مُصَنِّفُ كِتَابِ " الْأَطْرَافِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ "، رَحَلَ إِلَى بِلَادٍ شَتَّى كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَوَاسِطٍ وَالْأَهْوَازِ وَأَصْبَهَانَ وَخُرَاسَانَ، وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الصَّادِقِينَ الْأُمَنَاءِ الضَّابِطِينَ، وَلَمْ يَرْوِ إِلَّا الْيَسِيرَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو ذَرٍ الْهَرَوِيُّ وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ فِي رَجَبٍ، وَأَوْصَى إِلَى أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ جَامِعِ الْمَنْصُورِ قَرِيبًا مِنَ السِّكَكِ رحمه الله، وَقَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
عَمِيدُ الْجُيُوشِ، الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ أُسْتَاذُ هُرْمُزَ، أَبُو عَلِيٍّ، الْمُلَقَّبُ
بِعَمِيدِ الْجُيُوشِ، وَزِيرُ بِهَاءِ الدَّوْلَةِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ حُجَّابِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَوَلَّاهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ النَّظَرَ فِي وِزَارَتِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ، وَالشُّرُورُ عَامَّةٌ كَثِيرَةٌ، فَمَهَّدَ الْبِلَادَ وَأَخَافَ الْعَيَّارِينَ وَاسْتَقَامَتْ بِهِ الْأُمُورُ، وَأَمَرَ بَعْضَ غِلْمَانِهِ أَنْ يَحْمِلَ صِينِيَّةً فِيهَا دَرَاهِمُ مَكْشُوفَةٌ، مِنْ أَوَّلِ بَغْدَادَ إِلَى آخِرِهَا فِي أَزِقَّتِهَا، فَإِنِ اعْتَرَضَهُ أَحَدٌ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْهِ، وَلْيَعْرِفَ ذَلِكَ الْمَكَانَ، فَذَهَبَ الْغُلَامُ، فَلَمْ يَعْتَرِضْهُ أَحَدٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَمَنَعَ الرَّوَافِضَ مِمَّا كَانُوا يَتَعَاطَوْنَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ فِي عَاشُورَاءَ، وَإِقَامَةِ الْعِيدِ الْمُبْتَدَعِ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: غَدِيرُ خُمٍّ. وَكَانَ عَادِلًا مُنْصِفًا، رحمه الله.
خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمْدُونَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ
رَحَلَ إِلَى الْبِلَادِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ ثُمَّ رَحَلَ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَكَتَبَ النَّاسُ بِانْتِخَابِهِ، وَصَنَّفَ أَطْرَافًا عَلَى " الصَّحِيحَيْنِ " وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ، وَحِفْظٌ جَيِّدٌ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَاشْتَغَلَ بِالتِّجَارَةِ، وَتَرَكَ النَّظَرَ فِي الْعِلْمِ حَتَّى تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، رحمه الله وَسَامَحَهُ. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ.
أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ، صَاحِبُ " الْغَرِيبَيْنِ "، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الْعَبْدِيُّ
اللُّغَوِيُّ الْبَارِعُ، كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ فِي الْأَدَبِ وَاللُّغَةِ،
وَكِتَابُهُ " الْغَرِيبَيْنِ " فِي مَعْرِفَةِ غَرِيبِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، يَدُلُّ عَلَى اطِّلَاعِهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَكَانَ مِنْ تَلَامِذَةِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْبِذْلَةَ، وَيَتَنَاوَلُ فِي الْخَلْوَةِ، وَيُعَاشِرُ أَهْلَ الْأَدَبِ فِي مَجَالِسِ اللَّذَّةِ وَالطَّرَبِ. سَامَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ: وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوِ الَّتِي قَبْلَهَا وَفَاةُ أَبِي الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ الشَّاعِرِ وَهُوَ:
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
الْكَاتِبُ صَاحِبُ الطَّرِيقَةِ الْأَنِيقَةِ فِي التَّجْنِيسِ الْأَنِيسِ، الْبَدِيعِ التَّأْسِيسِ، وَالْحَذَاقَةِ وَالنَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَقَدْ أَسْلَفْنَا ذِكْرَهُ.
وَمِمَّا أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ قَوْلُهُ: مَنْ أَصْلَحَ فَاسِدَهُ أَرْغَمَ حَاسِدَهُ. مَنْ أَطَاعَ غَضَبَهُ أَضَاعَ أَدَبَهُ. مِنْ سَعَادَةِ جَدِّكَ وُقُوفُكَ عِنْدَ حَدِّكَ. الْمَنِيَّةُ تَضْحَكُ مِنَ الْأُمْنِيَةِ. الرَّشْوَةُ رِشَاءُ الْحَاجَاتِ. حَدُّ الْعَفَافِ الرِّضَا بِالْكَفَافِ.
وَمِنْ شَعْرِهِ:
إِنْ هَزَّ أَقْلَامَهُ يَوْمًا لِيُعْمِلَهَا
…
أَنْسَاكَ كُلَّ كَمِيٍّ هَزَّ عَامِلَهُ
وَإِنْ أَقَرَّ عَلَى رِقٍّ أَنَاَمِلَهُ
…
أَقَرَّ بَالرِّقِّ كُتَّابُ الْأَنَامِ لَهُ
وَلَهُ:
إِذَا تَحَدَّثْتَ فِي قَوْمٍ لِتُؤْنِسَهُمْ
…
بِمَا تُحَدِّثُ مِنْ مَاضٍ وَمِنْ آتِ
فَلَا تَعُدْ لِحَدِيثٍ إِنَّ طَبْعَهُمُ
…
مُوَكَّلٌ بَمُعَادَاةِ الْمُعَادَاتِ