الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِيهَا وَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ أَيْضًا، وَجَرَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالرَّوَافِضِ بِبَغْدَادَ، قُتِلَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ رَكْبِ الْعِرَاقِ فِي هَذَا الْعَامِ. فَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْفَضْلِ الْقَاضِي الْهَاشِمِيُّ الرَّشِيدِيُّ
مِنْ وَلَدِ الرَّشِيدِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِسِجِسْتَانَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْغِطْرِيفِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:
قَالُوا اقْتَصِدْ فِي الْجُودِ إِنَّكَ مُنْصِفٌ
…
عَدْلٌ وَذُو الْإِنْصَافِ لَيْسَ يَجُورَ
فَأَجَبْتُهُمْ إِنِّي سُلَالَةُ مَعْشَرٍ
…
لَهُمْ لِوَاءٌ فِي النَّدَى مَنْشُورُ
تَاللَّهِ إِنِّي شَائِدٌ مَا قَدْ بَنَى
…
جَدِّي الرَّشِيدُ وَقَبْلَهُ الْمَنْصُورُ
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، أَبُو الْقَاسِمِ
الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِالْمُطَرَّزِ، وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ قَوْلُهُ:
يَا عَبْدُ كَمْ لَكَ مِنْ ذَنْبٍ وَمَعْصِيَةٍ
…
إِنْ كُنْتَ نَاسِيَهَا فَاللَّهُ أَحْصَاهَا
لَا بُدَّ يَا عَبْدُ مِنْ يَوْمٍ تَقُومُ لَهُ
…
وَوَقْفَةٍ لَكَ يُدْمِي الْقَلْبَ ذِكْرَاهَا
إِذَا عَرَضْتُ عَلَى قَلْبِي تَذَكُّرَهَا
…
وَسَاءَ ظَنِّي فَقُلْتُ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَبُو سَعْدٍ الْوَزِيرُ
وَزَرَ لِلْمَلِكِ أَبِي طَاهِرٍ سِتَّ مَرَّاتٍ، ثُمَّ كَانَ مَوْتُهُ بِجَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ سِتٍّ وَخَمْسِينَ سَنَةً.
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظُ الشِّيرَازِيُّ
قَالَ الْخَطِيبُ: قَدِمَ بَغْدَادَ وَأَظْهَرَ الزُّهْدَ وَالتَّقَشُّفَ وَالْوَرَعَ وَعُزُوفَ النَّفْسِ عَنِ الدُّنْيَا، فَافْتَتَنَ النَّاسُ بِهِ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ إِنَّهُ قَبْلَ مَا كَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ فَيَأْبَى قَبُولَهُ، فَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُ، وَلَبِسَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ، وَكَثُرَتْ أَتْبَاعُهُ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْغَزْوَ، فَاتَّبَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَبَرَزَ ظَاهِرَ الْبَلَدِ نَاحِيَةً مِنْهَا، وَكَانَ يُضْرَبُ لَهُ الطَّبْلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَسَارَ إِلَى نَاحِيَةِ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ فَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَضَاهَى أَمِيرَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ هُنَالِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ حَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَحَادِيثَ يَسِيرَةً، وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَأَنْشَدَنِي هُوَ لِبَعْضِهِمْ:
إِذَا مَا أَطَعْتَ النَّفْسَ فِي كُلِّ لَذَّةٍ
…
نُسِبَتْ إِلَى غَيْرِ الْحِجَا وَالتَّكَرُّمِ
إِذَا مَا أَجَبْتَ النَّفْسَ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ
…
دَعَتْكَ إِلَى الْأَمْرِ الْقَبِيحِ الْمُحَرَّمِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ، أَبُو الْحَسَنِ الْغَزَّالُ
سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُظَفَّرِ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ صَدُوقًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الْخَطَّابِ الْجَبَلِيُّ
الشَّاعِرُ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
مَا حَكَمَ الْحُبُّ فَهْوَ مُمْتَثَلُ
…
وَمَا جَنَاهُ الْحَبِيبُ مُحْتَمَلُ
يَهْوَى وَيَشْكُو الضَّنَى وَكُلُّ هَوًى
…
لَا يُنْحِلُ الْجِسْمَ فَهْوَ مُنْتَحَلُ
وَقَدْ سَافَرَ إِلَى الشَّامِ فَاجْتَازَ بِمَعَرَّةِ النُّعْمَانِ، فَامْتَدَحَ أَبَا الْعَلَاءِ بْنَ سُلَيْمَانَ بِأَبْيَاتٍ، فَأَجَابَهُ عَنْهَا. وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الْعَيْنَيْنِ حِينَ سَافَرَ، فَمَا عَادَ إِلَّا وَهُوَ أَعْمَى. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ شَدِيدَ الرَّفْضِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ، الْحُسَيْنُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدٍ
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، أَخَذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ، وَشَرَحَ " الْفُرُوعَ " لِابْنِ الْحَدَّادِ، وَقَدْ شَرَحَهَا قَبْلَهُ شَيْخُهُ، وَبَعْدَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَشَرَحَ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ كِتَابَ " التَّلْخِيصِ " لِابْنِ الْقَاصِّ شَرْحًا كَبِيرًا، وَلَهُ كِتَابُ " الْمَجْمُوعِ " وَأَخَذَ مِنْهُ الْغَزَّالِيُّ فِي " الْوَسِيطِ ". قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ طَرِيقَتَيِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.