الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَطِبَتْ تَحْتَهُ، وَاعْتَرَى أَسْنِمَتَهَا الْعَقْرُ، وَلَمَّا رَدُّوهُ حَمَلَهُ قَعُودٌ وَاحِدٌ لَمْ يُصِبْهُ بِأْسٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِيهَا دَخَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ بِجَيْشٍ كَثِيفٍ نَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَوَغَلَ فِيهَا، وَفَتَحَ حُصُونًا، وَقَتَلَ خَلْقًا، وَأَسَرَ أُمَمًا، وَغَنِمَ شَيْئًا كَثِيرًا ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَتِ الرُّومُ عَلَيْهِ الدَّرْبَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ، فَقَتَلُوا عَامَّةَ مَنْ مَعَهُ، وَأَسَرُوا بَقِيَّتَهُمْ، وَاسْتَرَدُّوا مَا كَانَ أَخَذَهُ لَهُمْ، وَنَجَا سَيْفُ الدَّوْلَةِ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِيهَا مَاتَ الْوَزِيرُ أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْمَرِيُّ، فَاسْتَوْزَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مَكَانَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيَّ فِي جُمَادَى الْأُولَى، فَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ الصَّيَّادِ، وَتَفَاقَمَ الْحَالُ بِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ، يَهْزِمُهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، ثُمَّ عَدَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى مُصَالَحَتِهِ، وَاسْتِعْمَالِهِ لَهُ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ النَّوَاحِي.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ بَابْشَاذَ أَبُو سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَكَانَ مِنْ
أَفَاضِلِ النَّاسِ وَعُلَمَائِهِمْ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، مُفْرِطَ الذَّكَاءِ، قَوِيَّ الْفَهْمِ، كَتَبَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ ثِقَةً.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الشُّونِيزِيَّةِ، وَلَمْ يَبْلُغْ مِنَ الْعُمُرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
مُحَمَّدٌ الْقَاهِرُ بِاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
ابْنُ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ، وَلِيَ الْخِلَافَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ بِطَّاشًا سَرِيعَ الِانْتِقَامِ، فَخَافَ مِنْهُ وَزِيرُهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ، فَاسْتَتَرَ وَشَرَعَ فِي الْعَمَلِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَتْرَاكِ، فَخَلَعُوهُ وَسَمَلُوا عَيْنَيْهِ، وَأُودِعَ دَارَ الْخِلَافَةِ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ، ثُمَّ أُخْرِجَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ إِلَى دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ، وَقَدْ نَالَتْهُ فَاقَةٌ وَحَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، وَسَأَلَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَهُ ثِنْتَانِ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ أَبِيهِ الْمُعْتَضِدِ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ الْأَصْبَهَانِيُّ، مُحَدِّثُ عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا بِبَعْضِ كُتُبِهِ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَمَكَثَ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَكَانَ يَقُولُ: اسْمِي مُحَمَّدٌ، وَاسْمُ أَبِي عَبْدُ اللَّهِ، وَاسْمُ أُمِّي آمِنَةُ. يَفْرَحُ بِهَذِهِ الْمُوَافَقَةِ فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ وَالْأُمِّ.
أَبُو نَصْرٍ الْفَارَابِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو نَصْرٍ الْفَارَابِيُّ
التُّرْكِيُّ الْفَيْلَسُوفُ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْمُوسِيقَى، بِحَيْثُ كَانَ يَتَوَسَّلُ بِصِنَاعَتِهِ إِلَى التَّأْثِيرِ فِي الْحَاضِرِينَ مِنْ مُسْتَمِعِيهِ، إِنْ شَاءَ حَرَّكَ مَا يُبْكِي أَوْ مَا يُضْحِكُ أَوْ مَا يُنَوِّمُ.
وَكَانَ حَاذِقًا فِي الْفَلْسَفَةِ، وَمِنْ كُتُبِهِ تَفَقَّهَ ابْنُ سِينَا
وَكَانَ يَقُولُ بِالْمَعَادِ الرُّوحَانِيِّ لَا الْجُثْمَانِيِّ، وَيُخَصِّصُ بِالْمَعَادِ الْأَرْوَاحَ الْعَالِمَةَ لَا الْجَاهِلَةَ، وَلَهُ مَذَاهِبُ فِي ذَلِكَ يُخَالِفُ الْمُسْلِمِينَ وَالْفَلَاسِفَةَ مِنْ سَلَفِهِ الْأَقْدَمِينَ، فَعَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَعْنَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
مَاتَ بِدِمَشْقَ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ " وَلَمْ أَرَ الْحَافِظَ ابْنَ عَسَاكِرَ ذَكَرَهُ فِي تَارِيخِهِ ; لِنَتَنِهِ وَقَبَاحَتِهِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.