الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ قُرِئَ بِدَارِ الْخِلَافَةِ فِي الْمَوْكِبِ كِتَابٌ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ.
وَفِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَاضَ مَاءُ الْبَحْرِ الْمَالِحِ وَوَافَى الْأُبُلَّةَ، وَدَخَلَ الْبَصْرَةَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ.
وَفِيهَا غَزَا مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، وَتَوَاقَعَ هُوَ وَمَلِكُ مُلُوكِ الْهِنْدِ، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا عَظِيمًا، ثُمَّ انْجَلَتْ عَنْ هَزِيمَةِ الْهِنْدِ، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمِائَتَيْ فِيلٍ، وَاقْتَصُّوا آثَارَ الْمُنْهَزِمِينَ مِنْهُمْ، وَهَدَمُوا مَعَاقِلَ كَثِيرَةً جِدًّا، ثُمَّ عَادَ إِلَى غَزْنَةَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِيهَا اسْتَوْزَرَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ ذَا السَّعَادَتَيْنِ أَبَا غَالِبٍ الْحَسَنَ بْنَ مَنْصُورٍ، وَلَمْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ; لِفَسَادِ الْبِلَادِ وَعَيْثِ الْأَعْرَابِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
رَجَاءُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَنْصِنَاوِيُّ
نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ، يُقَالُ لَهَا: أَنْصِنَا. قَدِمَ بَغْدَادَ فَحَدَّثَ بِهَا، وَسَمِعَ مِنْهُ الْحُفَّاظُ، وَكَانَ ثِقَةً، فَقِيهًا مَالِكِيًّا، عَدْلًا مَقْبُولًا عِنْدَ الْحُكَّامِ، مَرْضِيًّا، فَرْضِيًّا. ثُمَّ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ، وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَلَّانَ، أَبُو أَحْمَدَ قَاضِي الْأَهْوَازِ، كَانَ ذَا يُسْرَةٍ كَثِيرَةٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ، مِنْهَا كِتَابٌ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، جَمَعَ فِيهِ أَلْفَ مُعْجِزَةٍ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ، تُوَفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ، أَبُو الْحَسَنِ، مُهَذِّبُ الدَّوْلَةِ
صَاحِبُ بِلَادِ الْبَطِيحَةِ، كَانَتْ لَهُ مَكَارِمُ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ النَّاسُ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ فِي الشَّدَائِدِ، فَيُؤْوِيهِمْ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَمِنْ أَكْبَرِ مَنَاقِبِهِ فِي ذَلِكَ إِحْسَانُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرِ بِاللَّهِ حِينَ اسْتَجَارَ بِهِ، وَنَزَلَ عِنْدَهُ بِالْبَطَائِحِ فَارًّا مِنَ الطَّائِعِ لِلَّهِ فَآوَاهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَكَانَ فِي خِدْمَتِهِ حَتَّى وَلِيَ إِمْرَةَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَانَتْ لَهُ بِهَا عِنْدَهُ الْيَدُ الْبَيْضَاءُ وَقَدْ وَلِيَ الْبَطَائِحَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَشُهُورًا، وَتُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ عَنْ ثِنْتَيْنِ
وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ سَبَبَ مَوْتِهِ أَنَّهُ افْتَصَدَ فَانْتَفَخَ زِرَاعُهُ حَتَّى مَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ
الْمِصْرِيُّ الْحَافِظُ، كَانَ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ وَفُنُونِهِ، وَلَهُ فِيهِ الْمُصَنَّفَاتُ الْكَثِيرَةُ الشَّهِيرَةُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيُّ الْحَافِظُ: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَا رَأَيْتُ بِمِصْرَ مِثْلَ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الْغَنِيِّ، كَأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ. وَجَعَلَ يُفَخِّمُ أَمْرَهُ وَيَرْفَعُ ذِكْرَهُ.
وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ هَذَا كِتَابًا فِيهِ أَوْهَامُ الْحَاكِمِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ جَعَلَ يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاسِ، وَيَعْتَرِفُ لِعَبْدِ الْغَنِيِّ بِالْفَضْلِ، وَيَشْكُرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ إِلَى مَا أَصَابَ فِيهِ مِنَ الرَّدِّ عَلَيْهِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وُلِدَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
مُحَمَّدُ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرِ بِاللَّهِ وَيُكَنَّى بِأَبِي الْفَضْلِ
كَانَ أَبُوهُ قَدْ
جَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَضُرِبَتِ السِّكَّةُ بِاسْمِهِ، وَخَطَبَ لَهُ الْخُطَبَاءُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَلُقِّبَ بِالْغَالِبِ بِاللَّهِ، فَلَمْ يَقْدِرْ ذَلِكَ. وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً.
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، أَبُو الْفَتْحِ الْبَزَّازُ الطَّرَسُوسِيُّ
وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْبَصْرِيِّ، سَمِعَ الْكَثِيرَ عَنِ الْمَشَايِخِ، وَسَمِعَ مِنْهُ الصُّورِيُّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ أَقَامَ بِهِ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَحِمَنَا أَجْمَعِينَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.