الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا غَزَا السُّلْطَانُ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، وَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً، فَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ حَاصَرَ قَلْعَةً حَصِينَةً، فَخَرَجَتْ مِنَ السُّورِ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ سَاحِرَةٌ، وَأَخَذَتْ مِكْنَسَةً فَبَلَّتْهَا وَرَشَّتْهَا عَلَى نَاحِيَةِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَرِضَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَضًا شَدِيدًا، فَارْتَحَلَ عَنْ تِلْكَ الْقَلْعَةِ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّ ذَاهِبًا عَنْهَا عُوفِيَ عَافِيَةً كَامِلَةً، وَرَجَعَ إِلَى غَزْنَةَ سَالِمًا.
وَفِيهَا تَوَلَّى الْبَسَاسِيرِيُّ حِمَايَةَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ لَمَّا تَفَاقَمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَكَثُرَ سِرُّهُمْ وَفَسَادُهُمْ.
وَفِيهَا وَلِيَ سِنَانُ بْنُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ غَرِيبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَقْنٍ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، فَقَصَدَ عَمَّهُ قِرْوَاشًا، فَأَقَرَّهُ وَسَاعَدَهُ عَلَى اسْتِقَامَةِ أُمُورِهِ.
وَفِيهَا هَلَكَ مَلِكُ الرُّومِ أَرْمَانُوسُ، فَمَلَكَهُمْ مِنْ بَعْدِهِ رَجُلٌ لَيْسَ مِنْ بَيْتِ مُلْكِهِمْ، قَدْ كَانَ صَيْرَفِيًّا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، إِلَّا أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ الْمَلِكِ قُسْطَنْطِينَ
بَانِي الْمَدِينَةِ الَّتِي لَهُمْ.
وَفِيهَا كَثُرَتِ الزَّلَازِلُ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، فَهَدَمَتْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَمَاتَ تَحْتَ الرَّدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَانْهَدَمَ مِنَ الرَّمْلَةِ ثُلُثُهَا، وَتَقَطَّعَ جَامِعُهَا تَقْطِيعًا، وَخَرَجَ أَهْلُهَا مِنْهَا، فَأَقَامُوا ظَاهِرَهَا ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ سَكَنَ الْحَالُ فَعَادُوا إِلَيْهَا، وَسَقَطَ بَعْضُ حَائِطِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَوَقَعَ مِنْ مِحْرَابِ دَاوُدَ قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ، وَمِنْ مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ قِطْعَةٌ، وَسَلَّمَتِ الْحُجْرَةُ، وَسَقَطَتْ مَنَارَةُ عَسْقَلَانَ وَرَأْسُ مَنَارَةِ غَزَّةَ وَسَقَطَ نِصْفُ بُنْيَانِ نَابُلُسَ وَخُسِفَ بِقَرْيَةٍ بِإِزَائِهَا وَبِأَهْلِهَا وَبَقَرِهَا وَغَنَمِهَا، وَسَاخَتْ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ قُرًى كَثِيرَةٌ هُنَالِكَ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
وَكَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَعَصَفَتْ رِيحٌ سَوْدَاءُ بِنَصِيبِينَ، فَأَلْقَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَشْجَارِ كَالتُّوتِ وَالْجَوْزِ وَالْعُنَّابِ، وَاقْتَلَعَتْ قَصْرًا مُشَيَّدًا بِحِجَارَةٍ وَآجُرٍّ وَكِلْسٍ، ثُمَّ سَقَطَ مَطَرٌ مَعَهُ بَرَدٌ أَمْثَالُ الْأَكُفِّ وَالزُّنُودِ وَالْأَصَابِعِ، وَجَزَرَ الْبَحْرُ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ، فَذَهَبَ النَّاسُ خَلْفَ السَّمَكِ، فَرَجَعَ الْمَاءُ عَلَيْهِمْ، فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
وَفِيهَا كَثُرَ الْمَوْتُ بِالْخَوَانِيقِ، حَتَّى كَانَ يُغْلَقُ الْبَابُ عَلَى مَنْ فِي الدَّارِ، كُلُّهُمْ قَدْ مَاتَ، وَكَانَ أَكْثَرُ ذَلِكَ بِبَغْدَادَ، فَمَاتَ مِنْ أَهْلِهَا فِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ