الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَادَ وَخَرَجَ مِنْهَا عِزُّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَاتَّبَعَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ لِيُقَاتِلَهُ، وَأَخَذَ مَعَهُ الْخَلِيفَةَ الطَّائِعَ لِلَّهِ فَاسْتَعْفَاهُ الْخَلِيفَةُ مِنَ الْخُرُوجِ فَأَعْفَاهُ، وَسَارَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَرَاءَهُ، فَأَخَذَهُ أَسِيرًا، ثُمَّ قُتِلَ سَرِيعًا، وَتَصَرَّمَتْ دَوْلَتُهُ، وَاسْتَقَرَّ أَمْرُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بِبَغْدَادَ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الْخِلَعَ السَّنِيَّةَ وَالْأَسْوِرَةَ فِي يَدَيْهِ وَالطَّوْقَ فِي عُنُقِهِ، وَأَعْطَاهُ لِوَاءَيْنِ ; أَحَدُهُمَا فِضَّةٌ وَالْآخَرُ ذَهَبٌ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الثَّانِي يَصْنَعُهُ إِلَّا لِأَوْلِيَاءِ الْعَهْدِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ بِتُحَفٍ سَنِيَّةٍ، وَبَعَثَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْخَلِيفَةِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُهُ عَلَى بَغْدَادَ وَمَا وَالَاهَا مِنَ الْبِلَادِ.
وَزُلْزِلَتْ بَغْدَادُ مِرَارًا فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
وَزَادَتْ دِجْلَةُ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَانْبَثَقَتْ بُثُوقٌ كَثِيرَةٌ، غَرِقَ بِسَبَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ.
وَقِيلَ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ: إِنَّ أَهْلَ بَغْدَادَ قَدْ قَلُّوا كَثِيرًا بِسَبَبِ الطَّاعُونِ وَمَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْفِتَنِ بِسَبَبِ الرَّفْضِ وَالسُّنَّةِ، وَأَصَابَهُمْ حَرِيقٌ وَغَرَقٌ، فَقَالَ: إِنَّمَا يُهَيِّجُ
الشَّرَّ بَيْنَ النَّاسِ فِي السُّنَّةِ وَالرَّوَافِضِ هَؤُلَاءِ الْقُصَّاصُ وَالْوُعَّاظُ، ثُمَّ رَسَمَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَقُصُّ وَلَا يَعِظُ فِي سَائِرِ بَغْدَادَ وَلَا يَسْأَلُ سَائِلٌ بَاسِمِ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا يَقْرَأُ السَّائِلُ الْقُرْآنَ، فَمَنْ أَعْطَاهُ أَخَذَ مِنْهُ.
فَعُمِلَ بِذَلِكَ فِي الْبَلَدِ ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ سَمْعُونَ الْوَاعِظَ - وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ - قَدِ اسْتَمَرَّ يَعِظُ النَّاسَ عَلَى عَادَتِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ جَاءَ بِهِ، فَأُخِذَ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى الْمَلِكِ، فَقَبِّلِ التُّرَابَ، وَتَوَاضَعْ فِي الْخِطَابِ وَالْجَوَابِ. فَلَمَّا دَخَلَ دَارَ الْمَلِكِ وَجَدَ السُّلْطَانَ قَدْ جَلَسَ فِي حُجْرَةٍ وَحْدَهُ، لِئَلَّا يَنْدُرَ مِنِ ابْنِ سَمْعُونَ فِي حَقِّهِ كَلَامٌ بِحَضْرَةِ النَّاسِ يُؤْثَرُ عَنْهُ، وَدَخَلَ الْحَاجِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، لِيَسْتَأْذِنَ لَهُ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ قَدْ دَخَلَ وَرَاءَهُ، فَإِذَا الْمَلِكُ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَتَنَحَّى ابْنُ سَمْعُونَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ دَارِ عِزِّ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] ثُمَّ اسْتَدَارَ نَحْوَ الْمَلِكِ، وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 14] ثُمَّ أَخَذَ فِي مُخَاطَبَةِ الْمَلِكِ وَوَعْظِهِ، فَبَكَى عَضُدُ الدَّوْلَةِ بُكَاءً كَثِيرًا، وَجَزَاهُ خَيْرًا.
فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ لِلْحَاجِبِ: اذْهَبْ فَخُذْ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةَ أَثْوَابٍ، وَادْفَعْهَا إِلَيْهِ ; لِنَفْسِهِ أَوْ لِنَفَقَةِ أَهْلِهِ، فَإِنْ قَبِلَهَا جِئْنِي بِرَأْسِهِ، قَالَ الْحَاجِبُ: فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: هَذِهِ أَثْوَابٌ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْكَ الْمَلِكُ لِتَلْبِسَهَا، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِهَا ; هَذِهِ ثِيَابِي مِنْ عَهْدِ أَبِي مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، كُلَّمَا خَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ لَبِسْتُهَا، فَإِذَا رَجَعْتُ طَوَيْتُهَا. قُلْتُ: وَهَذِهِ نَفَقَةٌ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا ;
لِي دَارٌ آكُلُ مِنْ أُجْرَتِهَا، تَرَكَهَا لِي أَبِي فَأَنَا فِي غُنْيَةٍ عَنْهَا. فَقُلْتُ: فَرِّقْهَا فِي فُقَرَاءِ أَهْلِكَ، فَقَالَ: أَهْلُهُ أَحَقُّ مِنْ أَهْلِي وَأَفْقَرُ إِلَيْهَا مِنْهُمْ. فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَلِكِ لِأُشَاوِرَهُ وَأُخْبِرَهُ بِمَا قَالَ، فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَّمَهُ مِنَّا، وَسَلَّمَنَا مِنْهُ.
ثُمَّ إِنَّ عَضُدَ الدَّوْلَةِ أَخَذَ ابْنَ بَقِيَّةَ الْوَزِيرَ لِعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَأَمَرَ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ قَوَائِمِ الْفِيَلَةِ، فَتَخَبَّطَتْهُ بِأَرْجُلِهَا حَتَّى هَلَكَ، ثُمَّ صُلِبَ عَلَى رَأْسِ الْجِسْرِ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا، فَرَثَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ بِأَبْيَاتٍ يَقُولُ فِيهَا:
عُلُوٌّ فِي الْحَيَاةِ وَفِي الْمَمَاتِ
…
بِحَقٍّ أَنْتَ إِحْدَى الْمُعْجِزَاتِ
كَأَنَّ النَّاسَ حَوْلَكَ حِينَ قَامُوا
…
وُفُودُ نَدَاكَ أَيَّامَ الصِّلَاتِ
كَأَنَّكَ وَاقِفٌ فِيهَمْ خَطِيبًا
…
وَكُلُّهُمْ وَقُوفٌ لِلصَّلَاةِ
مَدَدْتَ يَدَيْكَ نَحْوَهُمُ احْتِفَاءً
…
كَمَدِّهِمَا إِلَيْهِمْ بِالْهِبَاتِ
وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، أَوْرَدَ كَثِيرًا مِنْهَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي كَامِلِهِ.
صِفَةُ مَقْتَلِ عِزِّ الدِّينِ بَخْتِيَارَ بْنِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَأَخْذِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ الْمَوْصِلَ وَأَعْمَالَهَا
لَمَّا دَخَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بَغْدَادَ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ عِزِّ الدَّوْلَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا ذَلِيلًا طَرِيدًا
فِي فَلٍّ مِنَ النَّاسِ، وَمِنْ عَزْمِ عِزِّ الدَّوْلَةِ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى الشَّامِ فَيَأْخُذَهَا، وَقَدْ حَلَّفَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِأَبِي تَغْلِبَ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ وَذَلِكَ لِمَوَدَّةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَمُكَاتَبَةٍ وَمُرَاسَلَاتٍ مِنْهُمَا، فَحَلَفَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَحِينَ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ كَانَ مَعَهُ حَمْدَانُ بْنُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَحَسَّنَ لِعِزِّ الدَّوْلَةِ أَخْذَ بِلَادِ الْمَوْصِلِ ; لِأَنَّهَا أَطْيَبُ وَأَكْثَرُ مَالًا، وَأَقْرَبُ إِلَيْهِ الْآنَ، وَكَانَ عِزُّ الدَّوْلَةِ ضَعِيفَ الْعَقْلِ، قَلِيلَ الدِّينِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا تَغْلِبَ، أَرْسَلَ إِلَى عِزِّ الدَّوْلَةِ يَقُولُ لَهُ: لَئِنْ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِأَخِي حَمْدَانَ بْنِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ أَعَنْتُكَ بِجَيْشِي وَبِنَفْسِي حَتَّى أَرُدَّكَ إِلَى مُلْكِ بَغْدَادَ وَأُقَاتِلُ مَعَكَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ. فَأَمْسَكَ حَمْدَانَ، وَأَرْسَلَهُ إِلَى عَمِّهِ أَبِي تَغْلِبَ، فَسَجَنَهُ فِي بَعْضِ الْقِلَاعِ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ، وَأَنَّهُمَا قَدِ اجْتَمَعَا عَلَى حَرْبِهِ، فَرَكِبَ إِلَيْهِمَا بِجَيْشِهِ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْخَلِيفَةِ الطَّائِعِ مَعَهُ، فَاسْتَعْفَاهُ فَأَعْفَاهُ، وَاسْتَمَرَّ هُوَ ذَاهِبًا إِلَيْهِمَا فَالْتَقَى مَعَهُمَا، فَكَسَرَهُمَا وَهَزَمَهُمَا، وَأَخَذَ عِزَّ الدَّوْلَةِ أَسِيرًا، فَلَمَّا جِيءَ بِهِ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ فِي الْحَالِ، ثُمَّ سَارَ مِنْ فَوْرِهِ، فَأَخَذَ الْمَوْصِلَ وَمُعَامَلَتَهَا، وَكَانَ قَدْ حَمَلَ مَعَهُ مِيرَةً كَثِيرَةً، وَتَشَرَّدَ أَبُو تَغْلِبَ فِي الْبِلَادِ، وَبَعَثَ وَرَاءَهُ السَّرَايَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَأَقَامَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بِالْمَوْصِلِ وَضَيَّقَ عَلَى أَبِي تَغْلِبَ تِلْكَ الْبِلَادَ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى أَكْثَرِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِصَرَامَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ وَهِمَّتِهِ وَعَزِيمَتِهِ، وَأَقَامَ بِالْمَوْصِلِ إِلَى أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَفَتَحَ مَيَّافَارِقِينَ وَآمِدَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ بِلَادِ بَكْرٍ وَرَبِيعَةَ، وَتَسَلَّمَ بِلَادَ مُضَرَ مِنْ أَيْدِي نُوَّابِ أَبِي تَغْلِبَ، وَأَخَذَ مِنْهُمُ الرَّحْبَةَ، وَرَدَّ بَقِيَّتَهَا عَلَى صَاحِبِ
حَلَبَ سَعْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَتَسَلَّطَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ عَلَى بِلَادِ عَمِّهِ أَبِي تَغْلِبَ يَتَسَلَّمُهَا بَلَدًا بَلَدًا، وَحِينَ رَجَعَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مِنَ الْمَوْصِلِ اسْتَنَابَ عَلَيْهَا أَبَا الْوَفَاءِ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ فَتَلَقَّاهُ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ لِلَّهِ وَرُءُوسُ النَّاسِ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَمِمَّا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْوَقْعَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ وَبَيْنَ أَفْتِكِينَ غُلَامِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ دِمَشْقَ فَهَزَمَهُ، وَأَسَرَهُ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُكَرَّمًا مُعَظَّمًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَسَلَّمُ الْعَزِيزُ دِمَشْقَ وَأَعْمَالَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ بَسْطُ هَذِهِ الْكَائِنَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
وَفِيهَا خُلِعَ عَلَى الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُعْتَزِلِيِّ بِقَضَاءِ قُضَاةِ الرَّيِّ وَمَا تَحْتَ حُكْمِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ مِنَ الْبِلَادِ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ حَسَنَةٌ، مِنْهَا دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ، وَعُمُدُ الْأَدِلَّةِ، وَغَيْرُهُمَا.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا نَائِبُ الْمِصْرِيِّينَ، وَهُوَ الْأَمِيرُ بَادِيسُ بْنُ زِيرِي أَخُو يُوسُفَ بْنِ بُلُكِّينَ.
وَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ اللُّصُوصُ، وَسَأَلُوا مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَهُمُ الْمَوْسِمَ هَذَا الْعَامَ، بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَأَظْهَرَ لَهُمُ الْإِجَابَةَ إِلَى مَا سَأَلُوا، وَقَالَ لَهُمْ: اجْتَمَعُوا كُلُّكُمْ حَتَّى أُضَمِّنَكُمْ كُلَّكُمْ، فَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ بِضْعٌ وَثَلَاثُونَ حَرَامِيًّا، فَقَالَ: هَلْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَحَلَفُوا لَهُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ