المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 5

- ‌سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ

- ‌فصلفيمن تخلَّف مَعْذُورًا مِنَ البكَّائين وَغَيْرِهِمْ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إِلَى نَخْلَةٍ هُنَاكَ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومة

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ أَقْوَامٍ تخلَّفوا مِنَ الْعُصَاةِ غَيْرِ هَؤُلَا

- ‌قُدُومُ وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌موت عبد الله بن أُبي

- ‌فصل

- ‌ غَزْوَةُ تَبُوكَ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ - مِنَ الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ غَزْوَةُ تَبُوكَ فِي رجب كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ

- ‌وَفِيهَا توفِّي عَبْدُ اللَّهِ بن أُبي بن سَلُولَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌قِصَّةُ ثُمَامَةَ وَوَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ

- ‌وَفْدُ أَهْلِ نَجْرَانَ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ

- ‌قدوم ضمام بن ثعلبة

- ‌فصل

- ‌وفد طئ مع زيد الخيل رضي الله عنه [

- ‌قدوم عمر بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ فِي أُنَاسٍ مِنْ زُبَيْدٍ

- ‌قدوم أعشى بن مَازِنٍ عَلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ رَسُولِ مُلُوكِ حِمْيَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَإِسْلَامُهُ

- ‌بَعْثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ حِينَ أَسْلَمَ إِلَى ذِي الْخَلَصَةِ

- ‌قدوم طارق بن عبيد اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ

- ‌قُدُومُ وَافِدِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ صَاحِبِ بِلَادِ مُعَانَ

- ‌قُدُومُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ

- ‌وفد بني مرة

- ‌وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي مُحَارِبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي رُؤَاسِ

- ‌وَفْدُ بَنِي عُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي قُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي الْبَكَّاءِ

- ‌وَفْدُ أَشْجَعَ

- ‌وَفْدُ بَاهِلَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي سُلَيْمٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي هِلَالِ

- ‌وفد خولان

- ‌وفد جعفيّ

- ‌فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ الصَّدِفِ

- ‌وَفْدُ خُشَيْنٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي سَعْدٍ

- ‌وفد السِّبَاعِ

- ‌فصل وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وُفُودِ الْجِنِّ بِمَكَّةَ قَبْلَ الهجرة

- ‌سنة عشر من الهجرة

- ‌باب بعث رسول الله خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

- ‌بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن

- ‌باب بيان أنه عليه وَالسَّلَامُ لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَهَا ثَلَاثَ عُمر

- ‌باب خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌باب صفة خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ

- ‌فصل تقدم أنه عليه السلام صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا

- ‌بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أهلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَتَرْجِيحِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ بَسْطِ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه السلام في حجته هذه من الإفراد والتمتع أو القران

- ‌ذكر ما قاله أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مُتَمَتِّعًا

- ‌ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إلى أنه عليه السلام كان قارناً

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ذَاهِبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مكة شَرَّفَهَا اللَّهُ عز وجل

- ‌ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ

- ‌ذِكْرُ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌فصل

- ‌فصل روى أمره عليه السلام لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فصل فيما حفظ من دعائه عليه السلام وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ:

- ‌ذِكْرُ ما نزل عليّ رسول الله من الوحي في هذا الموقف

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَتِهِ عليه السلام بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌فصل في وُقُوفُهُ عليه السلام بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَدَفْعُهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيضَاعُهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ إِفَاضَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاس بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فصل الْيَوْمُ السَّادِسُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ بِمَكَانٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ

- ‌سنة إحدى عشرة من الهجرة

- ‌ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَقْتَلِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُنْذِرَةِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذكر أمره عليه السلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يصلي بالصحابة أجمعين

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أمور مهمة وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فُصْلٌ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَبْلَغِ سنه حال وفاته وفي كيفية غسله عليه السلام وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، وَمَوْضِعِ قَبْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامه عليه

- ‌صفة غسله عليه السلام

- ‌كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن

- ‌صِفَةِ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ما أصاب المسلمين من المصيبة بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَوْمِ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ قَصَائِدَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَا نُورَثُ

- ‌فَصْلٌ وَقَدْ تكلَّمت الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِجَهْلٍ

- ‌بَابُ زوجاته صلوات الله وسلامه عليه وأولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ خطبها عليه السلام وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرَارِيِّهِ عليه السلام

- ‌فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ عَبِيدِهِ عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتَّابه وأمنائه وَلْنَذْكُرْ مَا أَوْرَدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ

- ‌فَصْلٌ وَأَمَّا خدَّامه صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ أَمَّا كُتَّاب الْوَحْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ خَاتَمِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْفَانِهِ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى شَفِيرِ حُفْرَتِهِ، ثُمَّ كَانَ النَّاس يَدْخُلُونَ عليه رفقاء رفقاء لا يؤمهم عليه أَحَدٌ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: وَجَدْتُ كِتَابًا بِخَطِّ أَبِي، فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا كفِّن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما، وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْبَيْتُ.

فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبيّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وسلَّم الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ كَمَا سلَّم أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ثُمَّ صُفُّوا صُفُوفًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - وَهُمَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ حِيَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وجاهد في سيبل الله حتَّى أعزَّ الله دِينَهُ وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَأُومِنَ بِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَاجْعَلْنَا إِلَهَنَا مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حتَّى تُعَرِّفَهُ بِنَا وَتُعَرِّفَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوفا رحيماً، لا نبتغي بالإيمان به بديلاً، وَلَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَبَدًا.

فَيَقُولُ النَّاس: آمِينَ آمِينَ وَيَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ حتَّى صَلَّى الرِّجَالُ، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ (1) .

وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، وَقِيلَ إِنَّهُمْ مَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ قَرِيبًا.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذَا الصَّنِيعُ، وَهُوَ صَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ فُرَادَى لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ عَلَيْهِ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهِ.

فَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَكَانَ نَصًّا فِي ذَلِكَ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّعَبُّدِ الَّذِي يَعْسُرُ تَعَقُّلِ مَعْنَاهُ.

وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يقول لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ، لِأَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ إِنَّمَا شَرَعُوا فِي تَجْهِيزِهِ عليه السلام بَعْدَ تَمَامِ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ لِيُبَاشِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاس الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَلِتُكَرَّرَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مِنْ كُلِّ فرد فرد من آحاد الصحابة رجالهم ونساءهم وَصِبْيَانُهُمْ حتَّى الْعَبِيدُ

وَالْإِمَاءُ.

وَأَمَّا السُّهَيْلِيُّ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ المؤمنين أَنْ يُبَاشِرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

قَالَ وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَنَا فِي ذَلِكَ أَئِمَّةٌ.

فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ لِغَيْرِ الصحابة.

فقيل نعم! لأن جسده عليه السلام طَرِيٌّ فِي قَبْرِهِ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا فَهُوَ كَالْمَيِّتِ الْيَوْمَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَفْعَلُ لِأَنَّ السَّلَفَ مِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَفْعَلُوهُ، وَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَبَادَرُوا إِلَيْهِ وَلَثَابَرُوا عَلَيْهِ.

وَاللَّهُ أعلم.

‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبِي - وَهُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بن جريج:

(1) رواه الواقدي في آخر مغازيه 3 / 1120.

(*)

ص: 286

أَنَّ أَصْحَابَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، لم يدروا أين يقبروا النَّبيّ صلى الله عليه وسلم.

حتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لم يقبرني إلا حيث يموت، فأخَّروا فراشه وحفروا تَحْتَ فِرَاشِهِ صلى الله عليه وسلم.

وَهَذَا فِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ وَبَيْنَ الصِّدِّيقِ فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ.

لَكِنْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عبَّاس وَعَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهم.

فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْهَرَوِيُّ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ.

قَالَتْ: اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قُبِضَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يُقْبَضُ النَّبيّ إِلَّا فِي أَحَبِّ الْأَمْكِنَةِ إِلَيْهِ " فَقَالَ ادْفِنُوهُ حَيْثُ قُبِضَ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبَى كُرَيْبٍ عَنْ أَبَى مُعَاوِيَةَ عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُلَيْكِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سمعت من رسول الله شَيْئًا مَا نَسِيتُهُ.

قَالَ: " مَا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ ".

ادْفِنُوهُ فِي مَوْضِعِ فِرَاشِهِ، ثُمَّ إِنَّ التِّرمذي ضعَّف الْمُلَيْكِيَّ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ رَوَاهُ ابْنُ عبَّاس عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ الْأُمَوِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ

إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّهُ لَمْ يُدْفَنْ نبي قط إلا حيث قُبض " قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيالسيّ، عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ حَفَّارَانِ فَلَمَّا مَاتَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا أَيْنَ نَدْفِنُهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا يُلْحِدُ وَالْآخِرُ يَشُقُّ، فَجَاءَ الَّذِي يُلْحِدُ فَلَحَدَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ مُنْقَطِعًا.

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ، ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ كَحَفْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ هُوَ الَّذِي كَانَ يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ يُلْحِدُ، فَدَعَا العبَّاس رَجُلَيْنِ فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: اذْهَبْ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: وقال للآخر أذهب إلى أبي طلحة.

اللهم خره لِرَسُولِكَ.

قَالَ: فَوَجَدَ صَاحِبُ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ فَجَاءَ بِهِ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ جَهَازِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ.

فَقَالَ قَائِلٌ نَدْفِنُهُ فِي مَسْجِدِهِ.

وَقَالَ قَائِلٌ: نَدْفِنُهُ مَعَ أَصْحَابِهِ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ ".

فَرُفِعَ فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَحَفَرُوا لَهُ تَحْتَهُ، ثُمَّ أُدْخِلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلون عليه أرسالاً [دخل](1) الرِّجَالُ حتَّى إِذَا فُرِغَ مِنْهُمْ، أُدْخِلَ النِّسَاءُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ النِّسَاءُ، أُدْخِلَ الصِّبْيَانُ وَلَمْ يؤمَّ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ.

فَدُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَوْسَطِ اللَّيْلِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.

وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَنَزَلَ فِي حفرته علي بن أبي طالب

(1) من سيرة ابن هشام ج 4 / 314.

(*)

ص: 287

والفضل وقثم ابنا عبَّاس وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ - وَهُوَ أَبُو لَيْلَى - لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! وَحَظَّنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: انْزِلْ وَكَانَ شُقْرَانُ مَوْلَاهُ أَخَذَ

قَطِيفَةً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا فَدَفَنَهَا فِي الْقَبْرِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ! فَدُفِنَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مُخْتَصَرًا.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وغيره عن إِسْحَاقَ بِهِ.

وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عبَّاس عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ما قبض الله نبياً إلا ودفن حَيْثُ قُبِضَ ".

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: عَنِ الْحَاكِمِ، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ (1) أَوْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ.

قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ فَقَالُوا: كَيْفَ نَدْفِنُهُ، مَعَ النَّاس أَوْ فِي بُيُوتِهِ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ ".

فَدُفِنَ حَيْثُ كَانَ فِرَاشُهُ رُفِعَ الْفِرَاشُ وَحُفِرَ تَحْتَهُ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ - يَعْنِي ابْنَ يَرْبُوعٍ - قَالَ: لمَّا تُوُفِّيَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ قَبْرِهِ.

فَقَالَ قَائِلٌ: فِي الْبَقِيعِ فَقَدْ كَانَ يُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُمْ، وَقَالَ قَائِلٌ: عِنْدَ مِنْبَرِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: فِي مُصَلَّاهُ.

فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا خَبَرًا وَعِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:" مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ تُوُفِّيَ ".

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيهِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ -.

قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حيث مَاتَ ثُمَّ خَرَجَ، فَقِيلَ لَهُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نعم! فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ وَقِيلَ لَهُ: أَنُصَلِّي عَلَيْهِ وَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: تَجِيئُونَ عُصَبًا عُصَبًا فَتُصَلُّونَ فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ.

قَالُوا: هَلْ يُدْفَنُ وَأَيْنَ؟ قَالَ: حَيْثُ قَبَضَ اللَّهُ رُوحَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ (2) .

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.

قَالَ: عَرَضَتْ عَائِشَةُ عَلَى أَبِيهَا رُؤْيَا وَكَانَ مِنْ أَعْبَرِ النَّاس، قَالَتْ: رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ وَقَعْنَ فِي حِجْرِي، فَقَالَ لَهَا: إِنْ صدقت رؤياك

دفن في بيتك من خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا عَائِشَةُ: هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ (3) .

وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَائِشَةَ مُنْقَطِعًا.

وَفِي الصحيحين عنها أنها قالت:

(1) في الدلائل 7 / 260: الحسين.

والحديث نقله السيوطي 2 / 278 عن ابن سعد وعن البيهقي، وقال: له عدة طرق موصولة ومرسلة.

(2)

دلائل البيهقي 7 / 259 وابن سعد 2 / 275 ونقله السيوطي في خصائصه 2 / 278.

(3)

دلائل النبوة 7 / 262.

وأخرجه الحاكم في المستدرك 3 / 60 وقال: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرِّجاه ".

(*)

ص: 288

تُوُفِّيَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ سَاعَةٍ مِنَ الْآخِرَةِ.

وَفِي صحيح البخاري، من حديث أبي عوانة من هلال الوراق، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.

قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُولُ: " لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ".

قَالَتْ عَائِشَةُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، ثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

قَالَ: لمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ بالمدينة (1) رجل يلحد والآخر يضرح فقالوا نستخير الله وَنَبْعَثُ إِلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا سُبِقَ تَرَكْنَاهُ، فَأُرْسِلَ إِلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا: حدثنا عمر بن شبة عن عُبَيْدَةَ بْنِ زَيْدٍ (2) ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ طُفَيْلٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي ابن أبي مليكة عن عائشة.

قالت: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ حتَّى تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ.

فَقَالَ عُمَرُ: لَا تَصْخَبُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيًّا وَلَا مَيِّتًا - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - فَأَرْسَلُوا إِلَى الشقَّاق وَاللَّاحِدِ جَمِيعًا فَجَاءَ اللَّاحِدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ دفن، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُلْحِدَ لَهُ

لَحْدٌ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.

وَقَالَ الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن شُعْبَةَ، وَابْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو حمزة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ: جُعِلَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ بِهِ.

وَقَدْ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ وَقَالَ وَكِيعٌ: كَانَ هَذَا خَاصًّا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، ثَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بسط تحته قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ كَانَ يَلْبَسُهَا، قَالَ: وَكَانَتْ أَرْضًا ندية.

وقال هشيم بن مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: جُعِلَ فِي قَبْرِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ كان أصابها يوم حنين قَالَ الْحَسَنُ: جَعَلَهَا لِأَنَّ الْمَدِينَةَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الصَّهْبَاءِ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إفرشوا لي قطيفة فِي لَحْدِي فَإِنَّ الْأَرْضَ لَمْ تُسَلَّطْ عَلَى أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ "(3) .

وَرَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: مِنْ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: غَسَّلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ إِلَى مَا يَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَكَانَ طَيِّبًا حَيًّا وَمَيِّتًا.

قَالَ: وَوَلِيَ دَفْنَهُ عليه الصلاة والسلام وَإِجْنَانَهُ دُونَ النَّاس أَرْبَعَةٌ، عَلِيٌّ والعبَّاس وَالْفَضْلُ وَصَالِحٌ مَوْلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وَلُحِدَ للنبي صلى الله عليه وسلم لحداً، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا.

وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ بعضهم: أنه نصب

(1) في سنن ابن ماجه: لما توفي النَّبيّ صلى الله عليه وآله كان بالمدينة.

حديث: 1557.

(2)

من ابن ماجه، وفي الاصل يزيد تحريف.

(3)

خبر القطيفة في ابن سعد ج 2 / 299.

(*)

ص: 289

على لحده عليه السلام تِسْعُ لبِنَات.

وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ [عَبَّاسِ بْنِ](1) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْضُوعًا عَلَى سَرِيرِهِ مِنْ حِينِ زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، إِلَى أَنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، يُصَلِّي النَّاس عَلَيْهِ، وَسَرِيرُهُ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ.

فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَقْبُرُوهُ عليه السلام نحَّوا السَّرِيرَ قِبَلَ رِجْلَيْهِ، فَأُدْخِلَ مِنْ هُنَاكَ.

وَدَخَلَ فِي حُفْرَتِهِ العبَّاس وَعَلِيٌّ وَقُثَمُ وَالْفَضْلُ وَشُقْرَانُ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ

السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ: دَخَلَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العبَّاس وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وسوَّى لَحْدَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ الَّذِي سوَّى لُحُودَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ.

قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: صَوَابُهُ يَوْمَ أُحد.

وَقَدْ تَقَدَّمَ رِوَايَةُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ: كَانَ الَّذِينَ نَزَلُوا فِي قبر رسول الله عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ وَشُقْرَانُ، وَذَكَرَ الْخَامِسَ وَهُوَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ، وَذَكَرَ قِصَّةَ الْقَطِيفَةِ الَّتِي وَضَعَهَا فِي الْقَبْرِ شُقْرَانُ.

وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أخبرنا أبو طاهر المحمد آبادي، ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحَبٍ.

قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهِ.

ثُمَّ رواه أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ حَدَّثَنِي مَرْحَبٌ أَوْ أَبُو مَرْحَبٍ: أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا مَعَهُمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ قَالَ: إِنَّمَا يَلِي الرَّجُلَ أَهْلُهُ.

وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا.

وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ وَلَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي اسْتِيعَابِهِ أَبُو مَرْحَبٍ: اسْمُهُ سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، وَذَكَرَ أَبَا مَرْحَبٍ آخَرَ وَقَالَ لَا أعرف خبره.

قال ابن الأثير في [أسد] الْغَابَةِ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ أحدهما أو ثالثاً غيرهما.

ولله الحمد.

آخِرَ النَّاس بِهِ عَهْدًا عليه الصلاة والسلام قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا يَعْقُوبُ، ثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، أَبِي الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ مَوْلَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ.

قَالَ: اعْتَمَرْتُ مَعَ عَلِيٍّ فِي زَمَانِ عُمَرَ أَوْ زَمَانِ عُثْمَانَ فَنَزَلَ عَلَى أُخْتِهِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طالب، فلما فرغ من عمرته رجع فسكبت له غسلاً فَاغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ مَنْ غُسْلِهِ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالُوا: يَا أَبَا حَسَنٍ جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرٍ نُحِبُّ أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ.

قَالَ: أَظُنُّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يحدِّثكم أَنَّهُ كَانَ أَحْدَثَ النَّاس عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: أَجَلْ! عَنْ ذَلِكَ جِئْنَا نَسْأَلُكَ.

قَالَ (2) : أَحْدَثُ النَّاس عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُثَمُ بْنُ عبَّاس.

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وكان المغيرة بن شعبة يقول:

(1) من ابن سعد والبيهقي في روايتهما عن الواقدي.

(الدلائل 7 / 253 - طبقات ابن سعد 2 / 291) .

(2)

في ابن هشام والبيهقي عنه.

فقال: كذب.

(*)

ص: 290

أَخَذْتُ خَاتَمِي فَأَلْقَيْتُهُ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُلْتُ حِينَ خَرَجَ الْقَوْمُ: إِنَّ خَاتَمِي قَدْ سَقَطَ فِي الْقَبْرِ، وَإِنَّمَا طَرَحْتُهُ عَمْدًا لِأَمَسَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكُونَ آخِرَ النَّاس عَهْدًا بِهِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ مَوْلَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ.

قَالَ: اعْتَمَرْتُ مَعَ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ.

وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مَا أَمَّلَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلِيٌّ رضي الله عنه لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنَ النُّزُولِ فِي الْقَبْرِ بَلْ أَمَرَ غَيْرَهَ فَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ يَكُونُ الَّذِي أَمَرَهُ بِمُنَاوَلَتِهِ لَهُ قُثَمَ بْنَ عبَّاس.

وَقَدْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ.

قَالَ: أَلْقَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ خَاتَمَهُ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّمَا أَلْقَيْتُهُ لِتَقُولَ نَزَلْتُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَ فَأَعْطَاهُ أَوْ أَمَرَ رَجُلًا فَأَعْطَاهُ (1) .

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزٌ وَأَبُو كَامِلٍ.

قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَبِي عَسِيبٍ (2) أو أبي غنم قَالَ بَهْزٌ: إِنَّهُ شَهِدَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: كَيْفَ نُصَلِّي؟ قال: إدخلوا أرسالاً أرسال، فَكَانُوا يَدْخُلُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ الْبَابِ الْآخَرِ، قَالَ فَلَمَّا وضع في لحده قال المغيرة: قد بقي من رجليه شئ لم تصلحوه قَالُوا: فَادْخُلْ فَأَصْلِحْهُ فَدَخَلَ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَّ قدميه عليه السلام.

فَقَالَ: أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ فَأَهَالُوا عَلَيْهِ حتَّى بلغ إلى أَنْصَافَ سَاقَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ.

فَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَحْدَثُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

مَتَى وَقَعَ دَفْنُهُ عليه الصلاة والسلام

وقال يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ (3) امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وأدخلني عليها حتَّى سمعته منها من عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ.

أَنَّهَا قَالَتْ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي فِي جَوْفِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ الحليس بن هشام، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.

قَالَتْ بَيْنَا نَحْنُ مُجْتَمِعُونَ نَبْكِي لَمْ نَنَمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بُيُوتِنَا

وَنَحْنُ نَتَسَلَّى بِرُؤْيَتِهِ عَلَى السَّرِيرِ، إذا سَمِعْنَا صَوْتَ الْكَرَازِينِ (4) فِي السَّحَرِ.

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَصِحْنَا وَصَاحَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ صَيْحَةً وَاحِدَةً، وأذَّن بِلَالٌ بِالْفَجْرِ، فَلَمَّا ذَكَرَ النبي صلى الله عليه وسلم وبكى وانتحب، فزادنا حزن، وَعَالَجَ النَّاس الدُّخُولَ إِلَى قَبْرِهِ فَغُلِقَ دُونَهُمْ، فَيَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أُصِبْنَا بَعْدَهَا بِمُصِيبَةٍ إِلَّا هَانَتْ إِذَا ذَكَرْنَا مُصِيبَتَنَا بِهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ.

وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأئمة سلفاً وخلفا،

(1) في رواية لابن سعد قال: أمر علي ابنه الحسن فدخل فناول المغيرة خاتمه.

(2 / 302) .

(2)

في ابن سعد: أبو عسيم 2 / 302.

(3)

في ابن هشام: فاطمة بنت عمارة، عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة.

(4)

الكرازين جمع كرزين وهو الفأس الكبيرة.

(*)

ص: 291

معهم سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُمْ.

وَقَدْ رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ (1) بْنِ بَكَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ.

وَهَكَذَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ فِي الضُّحَى يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ فِي الضُّحَى.

وقال يعقوب (2) حدثنا سُفْيَانَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبيه وعن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّ رَسُولَ الله تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَلَبِثَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَتِلْكَ اللَّيْلَةَ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، فَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الْجُمْهُورِ مَا أَسْلَفْنَاهُ من أنه عليه السلام تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ.

وَمِنَ الْأَقْوَالِ الْغَرِيبَةِ فِي هَذَا أَيْضًا مَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بكار، عن محمد بن شعيب، عن أبي النُّعْمَانِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَأُوحِيَ إِلَيْهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَهَاجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً وَنِصْفٍ، وَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُدْفَنُ يَدْخُلُ

عَلَيْهِ النَّاس أَرْسَالًا أَرْسَالًا يُصَلُّونَ لَا يُصَفُّونَ وَلَا يَؤُمُّهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ.

فَقَوْلُهُ إِنَّهُ مكث ثلاثة أيام لا يدفن غريباً، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَكَثَ بَقِيَّةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ بِكَمَالِهِ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ كَمَا قَدَّمْنَا.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَضِدُّهُ مَا رَوَاهُ سَيْفٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وغسِّل يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ.

قَالَ سَيْفٌ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مرة بجمعيه عن عائشة به، وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ: رُشَّ عَلَى قَبْرِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الْمَاءُ رَشًّا، وَكَانَ الَّذِي رَشَّهُ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ بِقِرْبَةٍ، بَدَأَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ مِنْ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حتَّى انْتَهَى إِلَى رِجْلَيْهِ، ثمَّ ضَرَبَ بِالْمَاءِ إِلَى الْجِدَارِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَدُورَ مِنَ الْجِدَارِ (3) .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يمن، عن أم سلمة.

قالت: توفي رسول الله يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَقَالَ ابْنُ خزيمة: حدثنا مسلم بن حماد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ (4) بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْرَائِيلَ أَبُو مُحَمَّدٍ النَّهْرُتِيرِيُّ (5) ثنا

(1) من البيهقي، وفي الاصل عن تحريف.

(2)

في البيهقي: حدثنا يعقوب بن سفيان.

(3)

نقل الخبر عن الواقدي البيهقي في الدلائل 7 / 264 وابن سعد بعضه 2 / 306.

(4)

من ابن سعد عن الواقدي 2 / 272 وفيه: عن أبيه عن جده

وقال: فمكث يوم الاثنين والثلاثاء ودفن يوم الاربعاء.

(5)

النهرتيري: نسبة إلى نهر تيرى بلد من نواحى الاهواز.

(*)

ص: 292