المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وفد بني عامر وقصة عامر بن الطفيل - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 5

- ‌سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ

- ‌فصلفيمن تخلَّف مَعْذُورًا مِنَ البكَّائين وَغَيْرِهِمْ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إِلَى نَخْلَةٍ هُنَاكَ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومة

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ أَقْوَامٍ تخلَّفوا مِنَ الْعُصَاةِ غَيْرِ هَؤُلَا

- ‌قُدُومُ وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌موت عبد الله بن أُبي

- ‌فصل

- ‌ غَزْوَةُ تَبُوكَ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ - مِنَ الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ غَزْوَةُ تَبُوكَ فِي رجب كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ

- ‌وَفِيهَا توفِّي عَبْدُ اللَّهِ بن أُبي بن سَلُولَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌قِصَّةُ ثُمَامَةَ وَوَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ

- ‌وَفْدُ أَهْلِ نَجْرَانَ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ

- ‌قدوم ضمام بن ثعلبة

- ‌فصل

- ‌وفد طئ مع زيد الخيل رضي الله عنه [

- ‌قدوم عمر بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ فِي أُنَاسٍ مِنْ زُبَيْدٍ

- ‌قدوم أعشى بن مَازِنٍ عَلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ رَسُولِ مُلُوكِ حِمْيَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَإِسْلَامُهُ

- ‌بَعْثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ حِينَ أَسْلَمَ إِلَى ذِي الْخَلَصَةِ

- ‌قدوم طارق بن عبيد اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ

- ‌قُدُومُ وَافِدِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ صَاحِبِ بِلَادِ مُعَانَ

- ‌قُدُومُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ

- ‌وفد بني مرة

- ‌وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي مُحَارِبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي رُؤَاسِ

- ‌وَفْدُ بَنِي عُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي قُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي الْبَكَّاءِ

- ‌وَفْدُ أَشْجَعَ

- ‌وَفْدُ بَاهِلَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي سُلَيْمٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي هِلَالِ

- ‌وفد خولان

- ‌وفد جعفيّ

- ‌فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ الصَّدِفِ

- ‌وَفْدُ خُشَيْنٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي سَعْدٍ

- ‌وفد السِّبَاعِ

- ‌فصل وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وُفُودِ الْجِنِّ بِمَكَّةَ قَبْلَ الهجرة

- ‌سنة عشر من الهجرة

- ‌باب بعث رسول الله خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

- ‌بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن

- ‌باب بيان أنه عليه وَالسَّلَامُ لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَهَا ثَلَاثَ عُمر

- ‌باب خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌باب صفة خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ

- ‌فصل تقدم أنه عليه السلام صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا

- ‌بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أهلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَتَرْجِيحِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ بَسْطِ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه السلام في حجته هذه من الإفراد والتمتع أو القران

- ‌ذكر ما قاله أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مُتَمَتِّعًا

- ‌ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إلى أنه عليه السلام كان قارناً

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ذَاهِبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مكة شَرَّفَهَا اللَّهُ عز وجل

- ‌ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ

- ‌ذِكْرُ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌فصل

- ‌فصل روى أمره عليه السلام لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فصل فيما حفظ من دعائه عليه السلام وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ:

- ‌ذِكْرُ ما نزل عليّ رسول الله من الوحي في هذا الموقف

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَتِهِ عليه السلام بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌فصل في وُقُوفُهُ عليه السلام بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَدَفْعُهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيضَاعُهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ إِفَاضَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاس بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فصل الْيَوْمُ السَّادِسُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ بِمَكَانٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ

- ‌سنة إحدى عشرة من الهجرة

- ‌ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَقْتَلِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُنْذِرَةِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذكر أمره عليه السلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يصلي بالصحابة أجمعين

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أمور مهمة وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فُصْلٌ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَبْلَغِ سنه حال وفاته وفي كيفية غسله عليه السلام وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، وَمَوْضِعِ قَبْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامه عليه

- ‌صفة غسله عليه السلام

- ‌كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن

- ‌صِفَةِ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ما أصاب المسلمين من المصيبة بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَوْمِ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ قَصَائِدَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَا نُورَثُ

- ‌فَصْلٌ وَقَدْ تكلَّمت الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِجَهْلٍ

- ‌بَابُ زوجاته صلوات الله وسلامه عليه وأولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ خطبها عليه السلام وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرَارِيِّهِ عليه السلام

- ‌فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ عَبِيدِهِ عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتَّابه وأمنائه وَلْنَذْكُرْ مَا أَوْرَدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ

- ‌فَصْلٌ وَأَمَّا خدَّامه صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ أَمَّا كُتَّاب الْوَحْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ خَاتَمِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌وفد بني عامر وقصة عامر بن الطفيل

عَلْقَمَةَ يُسَايِرُهُ إِذْ عَثَرَتْ بَغْلَةُ أَبِي حَارِثَةَ فَقَالَ كُرْزٌ: تَعِسَ الْأَبْعَدُ - يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ أَبُو حَارِثَةَ: بَلْ أَنْتَ تَعِسْتَ فَقَالَ لَهُ كُرْزٌ وَلِمَ يَا أَخِي فَقَالَ وَاللَّهِ إنَّه لَلنَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُهُ فَقَالَ لَهُ كُرْزٌ وما يمنعك وأنت تعلم هذا.

فقال له: مَا صَنَعَ بِنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ شرَّفونا وموَّلونا وَأَخْدَمُونا وَقَدْ أَبَوْا إِلَّا خِلَافَهُ، وَلَوْ فَعَلْتُ نَزَعُوا مِنَّا كُلَّ مَا تَرَى قَالَ فَأَضْمَرَ عَلَيْهَا مِنْهُ أَخُوهُ كُرْزٌ حتَّى أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ دَخَلُوا فِي تَجَمُّلٍ وَثِيَابٍ حِسَانٍ وَقَدْ حَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَامُوا يُصَلُّونَ إِلَى الْمَشْرِقِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعُوهُمْ فَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ لَهُمْ أَبَا حَارِثَةَ بْنَ عَلْقَمَةَ وَالسَّيِّدَ وَالْعَاقِبَ حتَّى نَزَلَ فِيهِمْ صدر من سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَالْمُبَاهَلَةُ فَأَبَوْا ذَلِكَ وَسَأَلُوا أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُمْ أَمِينًا فَبَعَثَ مَعَهُمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

‌وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ

وَأَرْبَدَ بن مقيس قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن

مقيس بن جزء بن جعفر (1) بن خالد وَجَبَّارُ (2) بْنُ سُلْمَى بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ رُؤَسَاءَ الْقَوْمِ وَشَيَاطِينَهُمْ.

وَقَدِمَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ عَدُوُّ اللَّهُ، عليَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيدُ الْغَدْرَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: يَا أبا عَامِرُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا فَأَسْلِمْ.

قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ آلَيْتُ أَلَّا أَنْتَهِيَ حتَّى تتبع العرب عقبي، فأنا أَتْبَعُ عَقِبَ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ؟ ثمَّ قَالَ لِأَرْبَدَ: إِنْ قَدِمْنَا عَلَى الرَّجُلِ فَإِنِّي سَأَشْغَلُ عَنْكَ وَجْهَهُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَاعْلُهُ بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي قَالَ: " لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ " قَالَ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي، قَالَ: وَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَيَنْتَظِرُ مِنْ أَرْبَدَ مَا كَانَ أَمَرَهُ بِهِ، فَجَعَلَ أَرْبَدُ لَا يُحِيرُ شئيا، فَلَمَّا رَأَى عَامِرٌ مَا يَصْنَعُ أَرْبَدُ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي، قَالَ " لَا حتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ " فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ " فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ لِأَرْبَدَ: أَيْنَ مَا كُنْتُ أَمَرْتُكَ بِهِ؟ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ أَخْوَفَ عَلَى نَفْسِي مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَخَافُكَ بعد اليوم أبداً.

قال: لا أبالك لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ وَاللَّهِ مَا هَمَمْتُ بِالَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ إِلَّا دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّجُلِ حتَّى مَا أَرَى غَيْرَكَ أَفَأَضْرِبُكَ بِالسَّيْفِ؟ وَخَرَجُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ، حتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بَعَثَ اللَّهُ عز وجل عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ الطَّاعُونَ فِي عُنُقِهِ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا بَنِي عَامِرٍ أَغُدَّةً كَغُدَّةِ الْبِكْرِ في بيت امرأة من بني سلول؟

(1) في ابن هشام: ابن خالد بن جعفر.

(2)

في رواية البيهقي عن ابن إسحاق: حيان بن مسلم بن مالك.

(*)

ص: 68

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ أَغُدَّةً كَغُدَّةِ الْإِبِلِ وموت فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ (1) .

وَرَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ عبد العزيز بن مؤمل عن أبيها عن جدها مؤمل بْنِ جَمِيلٍ (2) قَالَ: أَتَى عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ " يَا عَامِرُ أَسْلِمْ " فَقَالَ: أُسْلِمُ عَلَى أَنَّ لِي الْوَبَرَ وَلَكَ الْمَدَرَ: قَالَ: " لَا " ثمَّ قَالَ: أَسْلِمْ، فَقَالَ: أُسْلِمُ عَلَى أَنَّ لِي الْوَبَرَ وَلَكَ الْمَدَرَ،

قَالَ: لَا فَوَلَّى وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا، وَرِجَالًا مُرْدًا، وَلَأَرْبِطَنَّ بِكُلِّ نَخْلَةٍ فَرَسًا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرًا وَاهْدِ قَوْمَهُ.

فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ صَادَفَ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهَا: سَلُولِيَّةٌ فَنَزَلَ عَنْ فرسه، ونام في بيتها، فأخذته عدة فِي حَلْقِهِ، فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ وَأَخَذَ رُمْحَهُ، وَأَقْبَلَ يَجُولُ، وَهُوَ يَقُولُ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ، وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ حَالُهُ حتَّى سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ مَيِّتًا (3) .

وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ في أسماء الصحابة موءلة هذا فقال هو موءلة بْنُ كُثَيْفٍ الضَّبَابِيُّ الْكِلَابِيُّ الْعَامِرِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَسْلَمَ وَعَاشَ فِي الْإِسْلَامِ مِائَةَ سَنَةٍ وَكَانَ يُدْعَى ذَا اللِّسانين مِنْ فَصَاحَتِهِ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ الَّذِي رَوَى قِصَّةَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ.

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حدثتني ظميا بنت عبد العزيز بن موءلة بْنِ كُثَيْفِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الضِّبَابُ بْنِ كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَتْ: حدثني أبي عن أبيه عن موءلة أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ يَمِينَهُ وَسَاقَ إِبِلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَدَّقَهَا بِنْتَ لَبُونٍ ثُمَّ صَحِبَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَاشَ فِي الْإِسْلَامِ مِائَةَ سَنَةٍ وَكَانَ يُسَمَّى ذَا اللِّسانين مِنْ فَصَاحَتِهِ.

قلت والظاهر أن قصة عامر بن لطفيل مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْفَتْحِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْبَيْهَقِيُّ قَدْ ذَكَرَاهَا بَعْدَ الْفَتْحِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ بِئْرِ مَعُونَةَ وَقَتْلِ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ حَرَامَ بْنَ مِلْحَانَ خَالَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَدْرِهِ بِأَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ حتَّى قُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ سِوَى عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ يَحْيَى: فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ ثَلَاثِينَ صَبَاحًا: اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بِمَا شِئْتَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِ مَا يَقْتُلُهُ فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ الطَّاعُونَ.

وَرَوَى عَنْ هَمَّامٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ فِي قِصَّةِ ابن

(1) سيرة ابن هشام ج 4 / 213، ونقله البيهقي في الدلائل ج 5 / 318.

(2)

من الدلائل، وفي الاصل: عبد العزيز بن موءلة عن أبيها عن جدها موءلة، وفي القاموس: موءلة بن كثيف بن حمل، وفي الاصابة: ابن حميل.

(3)

الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ج 5 / 320.

(*)

ص: 69

مِلْحَانَ قَالَ: وَكَانَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ قَدْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ: يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ، وَيَكُونُ لِي أَهْلُ الْوَبَرِ، وَأَكُونُ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ، قَالَ: فَطُعِنَ فِي بَيْتِ امرأة، فقال: غدة كغدة البعير وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، ائْتُونِي بِفَرَسِي فَرَكِبَ فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ (1) .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ خَرَجَ أَصْحَابُهُ حِينَ وَارَوْهُ حتَّى قَدِمُوا أَرْضَ بَنِي عَامِرٍ شَاتِينَ، فلما قدموا أتاهم قومهم: فقالوا وما وراءك يا أربد؟ قال لا شئ: والله لقد دعانا إلى عبادة شئ لَوَدَدْتُ لَوْ أَنَّهُ عِنْدِي الْآنَ، فَأَرْمِيَهُ بِالنَّبْلِ حتَّى أَقْتُلَهُ الْآنَ، فَخَرَجَ بَعْدَ مَقَالَتِهِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مَعَهُ جَمَلٌ لَهُ يَبِيعُهُ (2) فَأَرْسَلَ الله عَلَيْهِ وَعَلَى جَمَلِهِ صَاعِقَةً فَأَحْرَقَتْهُمَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَرْبَدُ بْنُ قَيْسٍ أَخَا لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ لِأُمِّهِ فَقَالَ لَبِيدٌ يَبْكِي أَرْبَدَ: ما أنْ تعدِّي (3) الْمَنُونُ مِنْ أَحَدٍ * لَا والدٍ مُشْفِقٍ وَلَا ولدِ أَخْشى عَلَى أَرْبدِ الحتوفِ وَلا * أَرهبُ نوءَ السماكِ والأسَدِ فَعْينَ هَلَّا بَكيتِ أَربد إذْ * قُمْنَا وَقام النِساءُ فِي كَبِدِ إنْ يَشْغَبُوا لَا يُبَالُ شغْبَهُمُ * أَو يَقْصِدُوا في الحكومِ يَقْتَصِدِ حُلْوٌ أَريبٌ وَفي حَلاوَتِهِ * مُرٌ لصيقُ الأَحْشاءِ والكَبِدِ وَعينُ هَلَا بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذْ * أَلْوَتْ رياحُ الشِّتاءِ بالعَضُدِ (4) وَأَصْبَحَتْ لاقحاً مصرمةً * حتَّى تجلَّت غوابرُ المددِ أَشْجَعُ مِن ليثِ غابةٍ لحمٍ * ذُو نهمةٍ في العُلا ومنتقدِ لا تَبلُغ العَينْ كُلَّ نهمتِها * ليلةَ تمُسى الجيادُ كالقِدَدِ (5)

الباعِث النَوْحَ فِي مآتمِهِ * مِثْلَ الظِبَاءِ الأبكارِ بالجُرَدِ فَجَعَني البرق والصواعِقُ بالفا * رِسِ يومَ الكريهَةِ النَجُدِ والحاربِ الجابرِ الحريبِ إِذَا * جَاءَ نَكِيبًا وَإِنْ يعدْ يعدِ (6) يَعْفُو عَلَى الجُهْدِ والسُّؤالِ كَما * ينبتُ غيثُ الرَّبيعِ ذو الرَّصَدِ كُلُّ بَنِي حرَّةٍ مصيرهُمُ * قَلَّ وَإِنْ كثروا من العدد

(1) رواه البيهقي في الدلائل ج 5 / 320 وأخرج الجزء الثاني منه البخاري عن همام في كتاب المغازي (28) باب غزوة الرجيع، الحديث (4091) فتح الباري (7 / 385) .

(2)

في ابن هشام: يتبعه.

(3)

من ابن هشام: تعدى أي تترك.

وفي الاصل تعزي، وفي المطبوعة تعري (4) العضد: الشجر ذهبت الريح بأوراقه.

(5)

القدد: جمع قدة وهي السير يقطع من الجلد يشبه به الخيل بالسير في النحول والضعف.

(6)

الحارب: السالب، والحريب: المسلوب.

والنكيب: المنكوب المصاب.

(*)

ص: 70

إنْ يغبِطُوا يهبِطُوا وإن أمِروا * يوماً فهم للهلاكِ والنفدِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ لَبِيدٍ أَشْعَارًا كَثِيرَةً فِي رِثَاءِ أَخِيهِ لِأُمِّهِ أَرْبَدَ بْنِ قَيْسٍ تَرَكْنَاهَا اخْتِصَارًا وَاكْتِفَاءً بِمَا أَوْرَدْنَاهُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَذَكَرَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابن عبَّاس قال فأنزل اللَّهُ عز وجل فِي عَامِرٍ وَأَرْبَدَ * (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شئ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يده وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) * [الرعد: 8] يَعْنِي محمَّداً صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَدَ وَقَتْلَهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى * (وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ ومالهم مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وطعما وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا

مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) * [سورة الرَّعْدِ: 11] .

قُلْتُ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَدْ وَقَعَ لَنَا إِسْنَادُ مَا عَلَّقَهُ ابْنُ هِشَامٍ رحمه الله فَرَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْعَدَةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَطَّارُ، حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَرْبَدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ جَزْءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ وعامر بن الطفيل بن مالك قا؟ ؟ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْتَهَيَا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَجَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ: فَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا مُحَمَّدُ مَا تَجْعَلُ لِي إِنْ أَسْلَمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ ".

قَالَ عَامِرٌ: أَتَجْعَلُ لِيَ الْأَمْرَ إِنْ أَسْلَمْتُ مِنْ بَعْدِكَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ وَلَا لِقَوْمِكَ وَلَكِنْ لَكَ أَعِنَّةُ الْخَيْلِ ".

قَالَ: أَنَا الْآنَ فِي أَعِنَّةِ خَيْلِ نَجْدٍ، اجْعَلْ لِي الْوَبَرَ وَلَكَ الْمَدَرَ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لا " فلما قفل (1) مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَامِرٌ أَمَا وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَمْنَعُكَ اللَّهُ " فَلَمَّا خَرَجَ أَرْبَدُ وَعَامِرٌ قَالَ عَامِرٌ: يَا أَرْبَدُ أَنَا أَشْغَلُ عَنْكَ مُحَمَّدًا بِالْحَدِيثِ فَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ فإنَّ النَّاس إِذَا قَتَلْتَ مُحَمَّدًا لَمْ يَزِيدُوا عَلَى أَنْ يَرْضُوا بالدِّية، وَيَكْرَهُوا الْحَرْبَ فَسَنُعْطِيهِمُ الدِّية، قَالَ أَرْبَدُ أَفْعَلُ.

فَأَقْبَلَا رَاجِعَيْنِ إِلَيْهِ، فَقَالَ عَامِرٌ: يَا مُحَمَّدُ قُمْ مَعِي أُكَلِّمْكَ فَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَلَّيَا إِلَى الْجِدَارِ، وَوَقَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُهُ، وسلَّ أَرْبَدُ السَّيْفَ فَلَمَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى السَّيْفِ يَبِسَتْ يده على قائم السيف، فلم يستطيع سلَّ السَّيْفِ، فَأَبْطَأَ أَرْبَدُ عَلَى عَامِرٍ بِالضَّرْبِ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى أَرْبَدَ وَمَا يَصْنَعُ فَانْصَرَفَ عَنْهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَ أَرْبَدُ وَعَامِرٌ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَا بِالْحَرَّةِ، حَرَّةِ وَاقِمٍ نَزَلَا فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ فَقَالَا: اشْخَصَا يا عدوا اللَّهِ لَعَنَكَمَا اللَّهُ، فَقَالَ عَامِرٌ مَنْ هَذَا

(1) من سيرة ابن كثير، وفي الاصل: قفا (*)

ص: 71