المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بعث النبي صلى الله عليه وسلم له حين أسلم إلى ذي الخلصة - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 5

- ‌سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ

- ‌فصلفيمن تخلَّف مَعْذُورًا مِنَ البكَّائين وَغَيْرِهِمْ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إِلَى نَخْلَةٍ هُنَاكَ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومة

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ أَقْوَامٍ تخلَّفوا مِنَ الْعُصَاةِ غَيْرِ هَؤُلَا

- ‌قُدُومُ وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌موت عبد الله بن أُبي

- ‌فصل

- ‌ غَزْوَةُ تَبُوكَ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ - مِنَ الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ غَزْوَةُ تَبُوكَ فِي رجب كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ

- ‌وَفِيهَا توفِّي عَبْدُ اللَّهِ بن أُبي بن سَلُولَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌قِصَّةُ ثُمَامَةَ وَوَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ

- ‌وَفْدُ أَهْلِ نَجْرَانَ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ

- ‌قدوم ضمام بن ثعلبة

- ‌فصل

- ‌وفد طئ مع زيد الخيل رضي الله عنه [

- ‌قدوم عمر بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ فِي أُنَاسٍ مِنْ زُبَيْدٍ

- ‌قدوم أعشى بن مَازِنٍ عَلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ رَسُولِ مُلُوكِ حِمْيَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَإِسْلَامُهُ

- ‌بَعْثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ حِينَ أَسْلَمَ إِلَى ذِي الْخَلَصَةِ

- ‌قدوم طارق بن عبيد اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ

- ‌قُدُومُ وَافِدِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ صَاحِبِ بِلَادِ مُعَانَ

- ‌قُدُومُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ

- ‌وفد بني مرة

- ‌وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي مُحَارِبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي رُؤَاسِ

- ‌وَفْدُ بَنِي عُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي قُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي الْبَكَّاءِ

- ‌وَفْدُ أَشْجَعَ

- ‌وَفْدُ بَاهِلَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي سُلَيْمٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي هِلَالِ

- ‌وفد خولان

- ‌وفد جعفيّ

- ‌فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ الصَّدِفِ

- ‌وَفْدُ خُشَيْنٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي سَعْدٍ

- ‌وفد السِّبَاعِ

- ‌فصل وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وُفُودِ الْجِنِّ بِمَكَّةَ قَبْلَ الهجرة

- ‌سنة عشر من الهجرة

- ‌باب بعث رسول الله خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

- ‌بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن

- ‌باب بيان أنه عليه وَالسَّلَامُ لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَهَا ثَلَاثَ عُمر

- ‌باب خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌باب صفة خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ

- ‌فصل تقدم أنه عليه السلام صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا

- ‌بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أهلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَتَرْجِيحِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ بَسْطِ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه السلام في حجته هذه من الإفراد والتمتع أو القران

- ‌ذكر ما قاله أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مُتَمَتِّعًا

- ‌ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إلى أنه عليه السلام كان قارناً

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ذَاهِبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مكة شَرَّفَهَا اللَّهُ عز وجل

- ‌ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ

- ‌ذِكْرُ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌فصل

- ‌فصل روى أمره عليه السلام لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فصل فيما حفظ من دعائه عليه السلام وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ:

- ‌ذِكْرُ ما نزل عليّ رسول الله من الوحي في هذا الموقف

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَتِهِ عليه السلام بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌فصل في وُقُوفُهُ عليه السلام بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَدَفْعُهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيضَاعُهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ إِفَاضَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاس بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فصل الْيَوْمُ السَّادِسُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ بِمَكَانٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ

- ‌سنة إحدى عشرة من الهجرة

- ‌ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَقْتَلِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُنْذِرَةِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذكر أمره عليه السلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يصلي بالصحابة أجمعين

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أمور مهمة وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فُصْلٌ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَبْلَغِ سنه حال وفاته وفي كيفية غسله عليه السلام وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، وَمَوْضِعِ قَبْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامه عليه

- ‌صفة غسله عليه السلام

- ‌كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن

- ‌صِفَةِ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ما أصاب المسلمين من المصيبة بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَوْمِ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ قَصَائِدَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَا نُورَثُ

- ‌فَصْلٌ وَقَدْ تكلَّمت الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِجَهْلٍ

- ‌بَابُ زوجاته صلوات الله وسلامه عليه وأولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ خطبها عليه السلام وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرَارِيِّهِ عليه السلام

- ‌فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ عَبِيدِهِ عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتَّابه وأمنائه وَلْنَذْكُرْ مَا أَوْرَدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ

- ‌فَصْلٌ وَأَمَّا خدَّامه صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ أَمَّا كُتَّاب الْوَحْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ خَاتَمِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌بعث النبي صلى الله عليه وسلم له حين أسلم إلى ذي الخلصة

حدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ السَّوَّاقُ، حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيُّ، حدَّثنا حُصَيْنُ (1) بْنُ عُمَرَ الأحمسي، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد - أو (2) قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ - عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ: بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [فأتيته] فقال: يا جرير لاي شئ جِئْتَ؟ قُلْتُ: أُسْلِمُ عَلَى يَدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَأَلْقَى عَلَيَّ كِسَاءً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ " إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ " ثُمَّ قَالَ: يَا جَرِيرُ أَدْعُوكَ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَأَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.

وَتُصَلِّيَ الصَّلاة الْمَكْتُوبَةَ وتؤدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَرَانِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي (3) ، هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدَّثنا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.

وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهِ.

وَهُوَ فِي الصحيحين من حديث زياد بن علاثة عَنْ جَرِيرٍ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حدَّثنا زَائِدَةُ، ثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ سفيان يَعْنِي - أَبَا وَائِلٍ - عَنْ جَرِيرٍ.

قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِطْ عَلَيَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالشَّرْطِ قَالَ: " أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وحده لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزكاة، وتنصح المسلم، وتبرأ من الشرك ".

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ جَرِيرٍ وَفِي طَرِيقٍ أخرى عن الأعمش عن مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي نُخَيْلَةَ عَنْ جَرِيرٍ بِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ عَنْ جَرِيرٍ بِهِ وَرَوَاهُ عَنْ جَرِيرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ مُنْفَرِدًا بِهِ وَابْنُهُ عُبَيْدُ الله بن جرير أَحْمَدُ أَيْضًا مُنْفَرِدًا بِهِ وَأَبُو جَمِيلَةَ وَصَوَابُهُ نخيلة ورواه أحمد وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَرِيرٍ فَذَكَرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ أَبُو نُخَيْلَةَ الْبَجَلِيُّ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا

‌بَعْثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ حِينَ أَسْلَمَ إِلَى ذِي الْخَلَصَةِ

بَيْتٍ كَانَ يَعْبُدُهُ خَثْعَمٌ وَبُجَيْلَةُ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ يُضَاهُونَ بِهِ الْكَعْبَةَ الَّتِي بِمَكَّةَ وَيَقُولُونَ لِلَّتِي بِبَكَّةَ الْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ وَلِبَيْتِهِمْ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ فَحِينَئِذٍ شَكَى إِلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ فِي صَدْرِهِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِيهِ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا ".

فَلَمْ يَسْقُطْ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ فَرَسٍ وَنَفَرَ إِلَى ذِي الْخَلَصَةِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ رَاكِبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَحْمَسَ فَخَرَّبَ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَحَرَّقَهُ حتَّى تَرَكَهُ مِثْلَ الْجَمَلِ الْأَجْرَبِ، وَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَشِيرًا يُقَالُ لَهُ: أَبُو أَرْطَاةَ فَبَشَّرَهُ بِذَلِكَ فَبَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ وَالْحَدِيثُ مَبْسُوطٌ فِي الصَّحيحين وَغَيْرِهِمَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ بَعْدَ الْفَتْحِ اسْتِطْرَادًا بَعْدَ ذِكْرِ تَخْرِيبِ بَيْتِ الْعُزَّى عَلَى يدي خالد بن

(1) في الدلائل: حسين.

(2)

في الدلائل: عن قيس.

(3)

دلائل البيهقي ج 5 / 347، ورواه الطبراني وابن سعد عن جرير.

(*)

ص: 92

الْوَلِيدِ رضي الله عنه.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ رضي الله عنه كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْفَتْحِ (1) بِمِقْدَارٍ جَيِّدٍ.

فَإِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَالَ: حدثنا هشام بْنُ الْقَاسِمِ، حدَّثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن علاثة بن عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ.

قَالَ: إنما أسلمت بعدما أُنْزِلَتِ الْمَائِدَةُ وَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يمسح بعدما أَسْلَمْتُ.

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا بَيْنَ مُجَاهِدٍ وَبَيْنَهُ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ فِي مَسْحِ الْخُفِّ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، وَسَيَأْتِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ اسْتَنْصِتِ النَّاس يَا جَرِيرُ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا وَكَانَ ذَا شَكْلٍ عَظِيمٍ كَانَتْ نَعْلُهُ طُولُهَا ذِرَاعٌ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا وَكَانَ مَعَ هَذَا مِنْ أَغَضِّ النَّاس طَرْفًا.

وَلِهَذَا رَوَيْنَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ أَطْرِقْ بَصَرَكَ.

وِفَادَةُ وَائِلِ بْنِ حُجْرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ يعمر الحضرمي ابن (2) هُنَيْدٍ أَحَدِ مُلُوكِ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ أَحَدَ أَقْيَالِ حَضْرَمَوْتَ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ مُلُوكِهِمْ، وَيُقَالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَشَّرَ أَصْحَابَهُ قَبْلَ قُدُومِهِ بِهِ وَقَالَ يَأْتِيكُمْ بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَلَمَّا دَخَلَ رَحَّبَ بِهِ، وَأَدْنَاهُ مِنْ نَفْسِهِ وَقَرَّبَ مَجْلِسَهُ وَبَسَطَ لَهُ رِدَاءَهُ وَقَالَ:" اللَّهم بارك في وائل وولده وولده وَلَدِهِ " وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْأَقْيَالِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَكَتَبَ مَعَهُ ثَلَاثَ كُتُبٍ، مِنْهَا كِتَابٌ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ.

وَكِتَابٌ إِلَى الْأَقْيَالِ وَالْعَبَاهِلَةِ وَأَقْطَعَهُ أَرْضًا وَأَرْسَلَ مَعَهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سفيان.

فخرج معه راجلا فشكى إليه حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَقَالَ: انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ فَقَالَ: وَمَا يُغْنِي عَنِّي ذَلِكَ لَوْ جَعَلْتَنِي رِدْفًا.

فَقَالَ لَهُ وَائِلٌ: اسْكُتْ فَلَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ ثُمَّ عَاشَ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ حتَّى وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَعَرَفَهُ مُعَاوِيَةُ فَرَحَّبَ بِهِ وقرَّبه وَأَدْنَاهُ وَأَذْكَرَهُ الْحَدِيثَ وَعَرَضَ عَلَيْهِ جَائِزَةً سَنِيَّةً فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا، وَقَالَ أَعْطِهَا مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهَا مِنِّي (3) .

وَأَوْرَدَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ بَعْضَ هَذَا وَأَشَارَ إِلَى أن البخاري

(1) جابر بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نضر بن ثعلبة البجلي الصحابي يكنى أبا عمرو، وقيل يكنى: أبا عبد الله.

اختلف في وقت إسلامه، انظر الروايات المختلفة في ذلك: الاصابة ج 1 / 232 والاستيعاب لابن عبد البر على هامش الاصابة 1 / 232 وأسد الغابة ج 1 / 279.

(2)

في الاستيعاب وأسد الغابة، أبو هنيدة.

(3)

الخبر في الاستيعاب على هامش الاصابة 3 / 642 وانظر ترجمته في أُسد الغابة 5 / 80 والاصابة 3 / 628.

ودلائل النبوة للبيهقي ج 5 / 349، وانظر التاريخ الكبير للبخاري (4 / 175 - 176) ورواه الطبراني، والبزار وأبو نعيم بنحوه.

وابن سعد في الطبقات 1 / 349 في وفد حضرموت.

أما الكتب التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم لوائل بن حجر: - من المعجم الصغير للطبراني ص 243، ومعجم البلدان مادة (يبعث) فيه:(*)

ص: 93

فِي التَّارِيخِ رَوَى فِي ذَلِكَ شَيْئًا.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ

حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً قال وأرسل معي معاوية أن أعطيها إِيَّاهُ - أَوْ قَالَ أَعْلِمْهَا إِيَّاهُ - قَالَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَرْدِفْنِي خَلْفَكَ فَقُلْتُ لَا تَكُونُ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ قَالَ فَقَالَ أَعْطِنِي نَعْلَكَ فَقُلْتُ انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ قَالَ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ أَتَيْتُهُ فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ فَذَكَّرَنِي الْحَدِيثَ - قَالَ سِمَاكٌ - فَقَالَ وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ حَمْلَتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ صَحِيحٌ.

وِفَادَةُ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ الْمُنْتَفِقِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: كَتَبَ إِلَيَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ الزُّبَيْرِيُّ: كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ عَرَضْتُهُ وَسَمِعْتُهُ عَلَى ما كتبت به إليك فحدث

= * بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلى المهاجر بن أبي أمية لابناء معشر أبناء ضمعاج، أقول شنوءة.

بما كان لهم فيها من ملك وموامر وعمران، وبحر وملحح ومحجر، وما كان لهم من مال أترثوه بايعت، ومالهم فيها من مال بحضرموت: أعلاها وأسفلها، مني الذمة والجوار، الله لهم جوار، والمؤمنون على ذلك أنصار.

- الصواب: أقوال شبوة.

وتروى الاقيال جمع قيل، ملك بلغة حمير.

- قوله موامر: الصواب مرامر، وهو الاراضي العامرة، وفي النهاية ومعجم البلدان: مزاهر.

- من البيان والتبيين للجاحظ ج 2 / 21، والعقد الفريد باب الوفود، ونهاية الارب للقلقشندي ص 220 ومعجم الطبراني الصغير ص 243 والطبقات الكبرى لابن سعد 1 / 287 وأسد الغابة 3 / 38.

* بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلى الاقيال العباهلة من أهل حضرموت، بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، على التيعة السائمة شاة، والتيمة لصاحبها، وفي السيوب الخمس، لا خلاط، ولا وراط، ولا شناق، ولا شغار، ولا جلب، ولا جنب، وعليهم العون.

لسرايا المسلمين، على كل عشرة ما تحمل العراب فمن أجبى فقد أربى وكل مسكر حرام.

شرح مفرداته: - التيعة: اسم لادنى ما يجب فيه الزكاة من الحيوان.

- التيمة: الشاة الزائدة على الاربعين حتى تبلغ الفريضة الاخرى.

- السيوب: الركاز، قال الزمخشري: يريد به المال المدفون في الجاهلية، أو المعدن - خلاط: خلط الرجل ابله بإبل غيره - وراط: اخفاء الغنم عن المصدق، والشناق: هو ما بين الخمس إلى التسع.

والشغار: نكاح معروف في الجاهلية.

- من طبقات ابن سعد ج 1 / 287 و 349.

* هذا كتاب من محمد النبي لوائل بن حجر قيل حضرموت وذلك انك أسلمت وجعلت لك ما في يديك من الارضين والحصون وانه يؤخذ منك من كل عشرة واحد ينظر في ذلك ذو عدل وجعلت لك أن لا تظلم فيها ما قام الدين والنبي والمؤمنون عليه أنصار.

(*)

ص: 94

بِذَلِكَ عَنِّي.

قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المغيرة الحزامي، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ السَّمَعِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الْقُبَائِيُّ، مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ دَلْهَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاجِبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ دَلْهَمٌ: وحدَّثنيه أَبِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ أَنَّ لَقِيطًا خَرَجَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: نَهِيكُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ قَالَ لَقِيطٌ فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينة انْسِلَاخَ رَجَبٍ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَافَيْنَاهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَقَامَ فِي النَّاس خَطِيبًا.

فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاس أَلَا إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكُمْ صَوْتِي مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَلَا لَأُسْمِعَنَّكُمْ أَلَا فَهَلْ مِنَ امْرِئٍ بَعَثَهُ قَوْمُهُ " فَقَالُوا اعْلَمْ لَنَا مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ أَلَا ثُمَّ لَعَلَّهُ أَنْ يُلْهِيَهُ حَدِيثُ نَفْسِهِ، أَوْ حَدِيثُ صَاحِبِهِ، أَوْ يُلْهِيَهُ الضَّلَالُ أَلَا إني مسؤول هل بلغت ألا فاسمعوا تَعِيشُوا أَلَا اجْلِسُوا أَلَا اجْلِسُوا (قَالَ) فَجَلَسَ النَّاس وَقُمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حتَّى إِذَا فَرَغَ لَنَا فُؤَادُهُ وَبَصَرُهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَكَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ؟ فَضَحِكَ لَعَمْرُ اللَّهِ وهزَّ رَأْسَهُ وَعَلِمَ أَنِّي أَبْتَغِي لِسَقْطِهِ.

فَقَالَ: " ضَنَّ رَبُّكَ عز وجل بِمَفَاتِيحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ " وَأَشَارَ بِيَدِهِ قُلْتُ وَمَا هِيَ؟ قَالَ عِلْمُ الْمَنِيَّةِ قَدْ عَلِمَ مَتَى مَنِيَّةُ أَحَدِكُمْ وَلَا تَعْلَمُونَهُ.

وَعِلْمُ [الْمَنِيِّ حِينَ يَكُونُ فِي الرَّحِمِ قَدْ

عَلِمَهُ وَلَا تَعْلَمُونَ وَعِلْمُ] مَا فِي غَدٍ وَمَا أَنْتَ طَاعِمٌ غَدًا وَلَا تَعْلَمُهُ، وَعِلْمُ يَوْمِ الْغَيْثِ يُشْرِفُ عَلَيْكُمْ آزِلِينَ مُسْنِتِينِ (1) فَيَظَلُّ يَضْحَكُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ غَيْرَكُمْ إِلَى قَرِيبٍ ".

قَالَ لَقِيطٌ: قُلْتُ لَنْ نَعْدَمَ مِنْ ربٍّ يضحك خيراً - وعلم يو الساعة.

قلنا (2) : يا رسول الله علِّمنا مما لا يعلم النَّاس ومما تَعْلَمُ، فَأَنَا مِنْ قَبِيلٍ لَا يُصَدِّقُونَ تَصْدِيقَنَا أَحَدٌ، مِنْ مَذْحِجٍ الَّتِي تَرْبُوا عَلَيْنَا وَخَثْعَمٍ الَّتِي تَوَالِينَا وَعَشِيرَتِنَا الَّتِي نَحْنُ مِنْهَا قَالَ: تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ ثُمَّ يُتَوَفَّى نَبِيُّكُمْ، ثُمَّ تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ ثُمَّ تُبْعَثُ الصَّائِحَةُ، لَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا من شئ إلا مات، والملائكة الذين مع ربك فأصبح ربك عز وجل يطوف بالأرض وَقَدْ خَلَتْ عَلَيْهِ الْبِلَادُ، فَأَرْسَلَ رَبُّكُ السَّمَاءَ تَهْضِبُ مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ مَصْرَعِ قَتِيلٍ وَلَا مَدْفَنِ مَيِّتٍ إِلَّا شَقَّتِ الْقَبْرَ عَنْهُ تخلقه مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ، فَيَسْتَوِي جَالِسًا فَيَقُولُ رَبُّكَ عز وجل مهيم؟ لما كان فيه - يقول: يا رب أمس اليوم، فلعهده بالحياة يتحسبه حَدِيثًا بِأَهْلِهِ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يجمعنا بعدما تفرقنا الرِّيَاحُ وَالْبِلَى وَالسِّبَاعُ.

فَقَالَ: أُنْبِئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ في آلاء اللَّهَ فِي الْأَرْضِ أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا وَهِيَ مَدَرَةٌ بَالِيَةٌ فَقُلْتَ لا تحي أَبَدًا.

ثُمَّ أَرْسَلَ رَبُّكَ عَلَيْهَا السَّمَاءَ فَلَمْ تَلْبَثْ عَلَيْكَ [إِلَّا] أَيَّامًا حتَّى أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا وهي شرية (3) وَاحِدَةٌ فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَجْمَعَكُمْ مِنَ الْمَاءِ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ نَبَاتَ الْأَرْضِ فَتَخْرُجُونَ من الأصواء (4) ومن مصارعكم فنتظرون إِلَيْهِ وَيَنْظُرُ إِلَيْكُمْ.

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله

(1) الازل: الشدة، والمسنتين: من أصابتهم السنة - أي القحط.

(2)

في المسند: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنَا مِمَّا تُعَلِّمُ الناس وما تعلم.

(3)

الشرية: شجر الحنظل، والشرية بفتح الراء: الطريقة.

(4)

الاصواء: القبور (*)

ص: 95

وَكَيْفَ وَنَحْنُ مَلْءُ الْأَرْضِ، وَهُوَ عز وجل شَخْصٌ وَاحِدٌ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَنَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ: أُنْبِئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَةٌ مِنْهُ صَغِيرَةٌ تَرَوْنَهُمَا وَيَرَيَانِكُمْ سَاعَةً وَاحِدَةً لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَرَاكُمْ وَتَرَوْنَهُ مِنْ أَنْ تَرَوْنَهُمَا وَيَرَيَانِكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا يَفْعَلُ [بِنَا] رَبُّنَا إِذَا لَقِينَاهُ؟ قَالَ تُعْرَضُونَ عَلَيْهِ بَادِيَةً لَهُ

صحائفكم ولا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، فَيَأْخُذُ رَبُّكَ عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح قبلكم بها، فلعمر إلهك ما يخطئ وَجْهَ أَحَدِكُمْ مِنْهَا قَطْرَةٌ فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَتَدَعُ على وَجْهَهُ مِثْلَ الرَّيْطَةِ (1) الْبَيْضَاءِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتَخْطِمُهُ بِمِثْلِ الْحُمَمِ الْأَسْوَدِ أَلَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ نَبِيُّكُمْ، وَيَنْصَرِفُ عَلَى أَثَرِهِ الصَّالِحُونَ فَتَسْلُكُونَ جِسْرًا مِنَ النَّارِ فَيَطَأُ أَحَدُكُمُ الْجَمْرَ فَيَقُولُ حَسِّ فَيَقُولُ ربك عز وجل أوانه (2) فتطلعون على حوض الرسول على أطماء وَاللَّهِ نَاهِلَةٍ عَلَيْهَا مَا رَأَيْتُهَا قَطُّ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَا يَبْسُطُ وَاحِدٌ مِنْكُمْ يَدَهُ إِلَّا وَقَعَ عَلَيْهَا قَدَحٌ يُطَهِّرُهُ مِنَ الطَّوْفِ وَالْبَوْلِ وَالْأَذَى وَتُحْبَسُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَلَا تَرَوْنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فيمَ نبصر؟ قال مثل بَصَرِكَ سَاعَتَكَ هَذِهِ، وَذَلِكَ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ في يوم أشرقته الْأَرْضُ وَوَاجَهَتْهُ الْجِبَالُ.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ فيمَ نجزي من سيآتنا وَحَسَنَاتِنَا.

قَالَ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِمَّا الْجَنَّةُ وَإِمَّا النَّارُ.

قَالَ: لَعَمْرُ إلهك إِنَّ لِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ مَا مِنْهُنَّ [بَابَانِ](3) إِلَّا يَسِيرُ الرَّاكِبُ بَيْنَهُمَا سَبْعِينَ عَامًا [وَإِنَّ لِلْجَنَّةِ لَثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ مَا مِنْهَا بَابَانِ إِلَّا يَسِيرُ الرَّاكِبُ بَيْنَهُمَا سَبْعِينَ عَامًا] قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فعلامَ نَطَّلِعُ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ: عَلَى أَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وأنها مِنْ كَأْسٍ، مَا بِهَا مِنْ صُدَاعٍ وَلَا نَدَامَةٍ وَأَنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَمَاءٌ غَيْرُ آسِنٍ وَفَاكِهَةٍ لَعَمْرُ إِلَهِكَ، مَا تَعْلَمُونَ وَخَيْرٍ مِنْ مِثْلِهِ مَعَهُ، وَأَزْوَاجٍ مُطَهَّرَةٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَنَا فِيهَا أَزْوَاجٌ أَوَ مِنْهُنَّ مُصْلِحَاتٌ قَالَ: الصَّالِحَاتُ لِلصَّالِحِينَ تَلَذُّونَهُنَّ مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذونكم غير أن لا توالد.

قال لقيط: قلت أَقْصَى مَا نَحْنُ بَالِغُونَ وَمُنْتَهُونَ إِلَيْهِ [فَلَمْ يُجِبْهُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم] قُلْتُ: يا رسول الله علام أبايعك فبسط [النَّبيّ] يَدَهُ وَقَالَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وزيال الشرك، وَأَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ.

قَالَ قُلْتُ: وَإِنَّ لَنَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَقَبَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وبسط أصابعه وَظَنَّ أَنِّي مُشْتَرِطٌ شَيْئًا لَا يُعْطِينِيهِ.

قَالَ قلت: تحل منها حيث شئناً ولا يجني منها امْرُؤٌ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، فَبَسَطَ يَدَهُ وَقَالَ: وذلك لك تحل حيث شئت ولا تجئ عَلَيْكَ إِلَّا نَفْسُكَ قَالَ فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ.

ثُمَّ قال: إن هذين من [لعمر إلهك] أَتْقَى النَّاس [فِي] الْأُولَى وَالْآخِرَةِ فَقَالَ: لَهُ كَعْبُ بْنُ الخدارية أحد بني كلاب منهم: يا رسول الله بنو المنتفق أهل ذلك منهم؟ قال: فانصرفنا

وأقبلت عليه - وذكر تمام الحديث إلى أن قال - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ مضى خير في

(1) الريطة: الثوب اللين الرقيق.

(2)

الاوان: الحين والزمان.

(3)

من مسند أحمد، وفي الاصل: باب.

(*)

ص: 96

جاهليته قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عُرْضِ قُرَيْشٍ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقَ لَفِي النَّارِ، قَالَ: فَلَكَأَنَّهُ وقع حر بين جلدتي وجهي ولحمي مما قال.

لأني على رؤس النَّاس فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا الْأُخْرَى أَجْمَلُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَهْلُكُ؟ قَالَ: وَأَهْلِي لَعَمْرُ اللَّهِ، مَا أَتَيْتَ [عَلَيْهِ] (1) مِنْ قَبْرِ عَامِرِيٍّ أَوْ قُرَشِيٍّ مِنْ مُشْرِكٍ فَقُلْ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ فَأُبَشِّرُكَ بِمَا يَسُوءُكَ تُجَرُّ عَلَى وَجْهِكَ، وَبَطْنِكَ فِي النَّار.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانُوا عَلَى عَمَلٍ لَا يُحْسِنُونَ إِلَّا إِيَّاهُ وَقَدْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُصْلِحُونَ.

قَالَ: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يبعث فِي آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ - يَعْنِي نَبِيًّا - فَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَمَنْ أَطَاعَ نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ.

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَأَلْفَاظُهُ فِي بَعْضِهَا نَكَارَةٌ وَقَدْ أخرجه الحافظ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَعَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ فِي الْعَاقِبَةِ وَالْقُرْطُبِيُّ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ فِي أَحْوَالِ الْآخِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وِفَادَةُ زِيَادِ بن الحارث رضي الله عنه قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أبو أحمد (2) الاسد اباذي بِهَا أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ] بْنِ مَالِكِ القطيعي [حدثنا: أَبُو عَلِيٍّ: بِشْرُ بْنُ مُوسَى] حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ يحدِّث.

قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدْ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى قَوْمِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِإِسْلَامِ قَوْمِي وَطَاعَتِهِمْ.

فَقَالَ لِيَ: اذْهَبْ فَرُدَّهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ رَاحِلَتِي قَدْ كلَّت، فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا فَرَدَّهُمْ.

قَالَ

الصُّدَائِيُّ: وَكَتَبْتُ إِلَيْهِمْ كِتَابًا فَقَدِمَ وَفْدُهُمْ بِإِسْلَامِهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَخَا صُدَاءٍ! إِنَّكَ لمطاع في قومك، فقلت بل هو الله هداهم للإسلام فقال:" أفلا أومرك عليهم " قلت: بلى يا رسول الله، فَكَتَبَ لِي كِتَابًا أمَّرني.

فَقُلْتُ.

يَا رَسُولَ الله مر لي بشئ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ، قَالَ: نَعَمْ! فَكَتَبَ لِي كِتَابًا آخَرَ.

قَالَ الصُّدَائِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ.

فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلًا فَأَتَاهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ يَشْكُونَ عاملهم، ويقولون: أخذنا بشئ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

فَقَالَ رسول الله: أَوَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ! فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَنَا فِيهِمْ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ، قَالَ الصُّدَائِيُّ: فَدَخَلَ قَوْلُهُ فِي نَفْسِي، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ سَأَلَ النَّاس عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ ".

فقال السائل: أعطني من الصدقة، فقال رسول الله إِنَّ [اللَّهَ] لَمْ يرضَ فِي الصَّدَقَاتِ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ حتَّى حَكَمَ هُوَ فِيهَا، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ

(1) ما وقع بين معكوفتين في الحديث من مسند الإمام أحمد ج 4 / 13، 14 (2) الاسد أبادي واسمه الحسين بن علوش بن محمد بن نصر.

(*)

ص: 97

الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ.

قَالَ الصُّدَائِيُّ: فَدَخَلَ ذَلِكَ فِي نَفْسِي أَنِّي غَنِيٌّ وَأَنِّي سَأَلْتُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ، قال: ثم أن رسول الله اعْتَشَى (1) مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَلَزِمْتُهُ، وَكُنْتُ قَرِيبًا، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَنْقَطِعُونَ عَنْهُ، وَيَسْتَأْخِرُونَ مِنْهُ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَلَمَّا كَانَ أَوَانُ صَلَاةِ الصُّبْحِ، أَمَرَنِي فأذَّنت، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أُقِيمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَ يَنْظُرُ نَاحِيَةَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْفَجْرِ، وَيَقُولُ: لَا، حتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَزَلَ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيَّ وَهُوَ مُتَلَاحِقٌ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ مِنْ مَاءٍ يَا أخا صُداءٍ؟ قلت: لا إلا شئ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيكَ، فَقَالَ: اجْعَلْهُ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ، فَفَعَلْتُ فَوَضَعَ كفَّه فِي الْمَاءِ قَالَ: فَرَأَيْتُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تَفُورُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْلَا أَنِّي أَسْتَحِي مِنْ رَبِّي عز وجل لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا " نَادِ فِي أَصْحَابِي من له حاجة في الماء، فناديث فِيهِمْ فَأَخَذَ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ شَيْئًا ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاةِ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ له رسول الله: إِنَّ أَخَا

صُدَاءٍ أذَّن وَمَنْ أذَّن فَهُوَ يُقِيمُ ".

قَالَ الصُّدَائِيُّ: فَأَقَمْتُ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله الصَّلَاةَ أَتَيْتُهُ بِالْكِتَابَيْنِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْفِنِي مِنْ هَذَيْنِ.

فَقَالَ: مَا بَدَا لَكَ؟ فَقُلْتُ سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ: لَا خير في الإمارة لرجل مؤمن، وأنا أو من بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَسَمِعْتُكَ تَقُولُ لِلسَّائِلِ: مَنْ سَأَلَ النَّاس عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَهُوَ صُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ، وَسَأَلْتُكَ وَأَنَا غَنِيٌّ.

فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ فَإِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ فَقُلْتُ أَدَعُ فَقَالَ لِي رَسُولُ الله: فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ أُؤَمِّرُهُ عَلَيْكُمْ فَدَلَلْتُهُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ فأمَّره عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا بِئْرًا إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ وَسِعَنَا مَاؤُهَا، وَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهَا، وَإِذَا كَانَ الصَّيف قلَّ مَاؤُهَا فتفرَّقنا على مياه حولنا، فقد أَسْلَمْنَا وَكُلُّ مَنْ حَوْلَنَا عَدُوٌّ، فَادْعُ اللَّهَ لنا في بئرنا فيسعنا ماؤها فنجتمع عليه ولا نتفرق! فدعا سبع حَصَيَاتٍ فَعَرَكَهُنَّ بِيَدِهِ وَدَعَا فِيهِنَّ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبُوا بِهَذِهِ الْحَصَيَاتِ فَإِذَا أَتَيْتُمُ الْبِئْرَ فَأَلْقُوا وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَاذْكُرُوا اللَّهَ.

قَالَ الصُّدَائِيُّ: فَفَعَلْنَا مَا قَالَ لَنَا فَمَا اسْتَطَعْنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى قَعْرِهَا - يَعْنِي الْبِئْرَ (2) .

وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَوَاهِدُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان بَعَثَ بَعْدَ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ إِلَى بِلَادِ صُدَاءٍ فَيُوَطِّئُهَا، فَبَعَثُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَقَالَ جِئْتُكَ لِتَرُدَّ عَنْ قَوْمِي الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِهِمْ، ثُمَّ قَدِمَ وَفْدُهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا، ثُمَّ رَأَى مِنْهُمْ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مِائَةَ رَجُلٍ، ثُمَّ رَوَى الْوَاقِدِيُّ: عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قِصَّتَهُ فِي الاذان.

(1) اعتشى: أي سار وقت العشاء.

(2)

خبر قدوم زياد رواه البيهقي في الدلائل ج 5 / 355 ورواه البغوي وابن عساكر وحسنه، ونقله الصالحي في السيرة الشامية 6 / 532.

وعن الواقدي روى ابن سعد في الطبقات ج 1 / 326 - 327.

أجزاء منه.

(*)

ص: 98

وِفَادَةُ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانٍ الْبَكْرِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حدَّثني أَبُو الْمُنْذِرِ: سَلَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ،

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ الْحَارِثِ الْبَكْرِيُّ.

قَالَ: خَرَجْتُ أَشْكُو الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا عَجُوزٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مُنْقَطِعٌ بِهَا.

فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إنَّ لِي إِلَى رَسُولِ الله حَاجَةً فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَحَمَلْتُهَا فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَإِذَا الْمَسْجِدُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ تَخْفِقُ وَبِلَالٌ مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاس؟ قَالُوا: يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَجْهًا.

قَالَ: فَجَلَسْتُ مَنْزِلَهُ أَوْ قَالَ رَحْلَهُ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ بَيْنَكُمْ وبين تميم شئ؟ قُلْتُ: نَعَمْ! وَكَانَتِ الدَّائِرَةُ عَلَيْهِمْ وَمَرَرْتُ بِعَجُوزٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مُنْقَطِعٍ بِهَا فَسَأَلَتْنِي أَنْ أَحْمِلَهَا إِلَيْكَ وَهَا هِيَ بِالْبَابِ، فَأَذِنَ لَهَا فَدَخَلَتْ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ تَمِيمٍ حَاجِزًا فَاجْعَلِ الدَّهْنَاءَ، فَحَمِيَتِ الْعَجُوزُ وَاسْتَوْفَزَتْ، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ يُضْطَرُّ مُضَرَكَ قَالَ قُلْتُ: إِنَّ مِثْلِي مَا قَالَ الْأَوَّلُ مِعْزًى حَمَلَتْ حَتْفَهَا حَمَلْتُ هَذِهِ وَلَا أَشْعُرُ أَنَّهَا كَانَتْ لِي خَصْمًا أَعُوذُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْ أَكُونَ كَوَافِدِ عاد.

قالت: هي وما وافد عاد؟ وهي أعلم بالحديث منه ولكن تستطعمه.

قُلْتُ: إِنَّ عَادًا قُحِطُوا فَبَعَثُوا وَافِدًا لَهُمْ يُقَالُ لَهُ قَيْلٌ فَمَرَّ بِمُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا يَسْقِيهِ الْخَمْرَ وَتُغَنِّيهِ جَارِيَتَانِ يقال الْجَرَادَتَانِ، فَلَمَّا مَضَى الشَّهْرُ خَرَجَ إِلَى جِبَالِ مهرة (1) فقال: اللهم إنك تعلم لَمْ أَجِئْ إِلَى مَرِيضٍ فَأُدَاوِيَهُ، وَلَا إِلَى أَسِيرٍ فَأُفَادِيَهُ، اللَّهُمَّ اسْقِ عَادًا مَا كُنْتَ تَسْقِيهِ.

فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَاتٌ سُودٌ فَنُودِيَ مِنْهَا اخْتَرْ فَأَوْمَأَ إِلَى سَحَابَةٍ مِنْهَا سَوْدَاءَ فَنُودِيَ مِنْهَا: خُذْهَا رَمَادًا رِمْدَدًا، لَا تُبْقِي مِنْ عَادٍ أَحَدًا.

قَالَ: فَمَا بَلَغَنِي أَنَّهُ أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الرِّيحِ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يَجْرِي فِي خَاتَمِي هَذَا حتَّى هَلَكُوا قَالَ - أَبُو وَائِلٍ وَصَدَقَ - وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ أَوِ الرَّجُلُ إِذَا بَعَثُوا وَافِدًا لهم قالوا: لا يكن كَوَافِدِ عَادٍ.

وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْمُنْذِرِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمَانَ بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنِ الْحَارِثِ الْبَكْرِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا وَائِلٍ وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ عَنِ الْحَارِثِ وَالصَّوَابُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ الْحَارِثِ كَمَا تقدَّم (2) .

وِفَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ (3) مَعَ قومه

قال أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، أَنْبَأَنَا أبو

(1) في رواية أبي وائل: جبال تهامة.

(2)

مسند الإمام أحمد ج 3 / 481 و 482.

(3)

اخنلفوا في نسبه، قال الكلبي: هو عبد الرحمن بن أبي عقيل بن مسعود بن معتب بن مالك كعب بن عمرو بن = (*)

ص: 99