الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ " فَجُلْتُ فِي ظَهْرِهِ فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ في موضع غضون الكتف مثل الحمحمة (1) الضَّخْمَةِ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ به تفرَّد به الإمام أحمد (2) .
مصالحته (3) عليه السلام ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح قبل رجوعه من تبوك قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى تَبُوكَ أَتَاهُ يُحَنَّةُ بْنُ رُؤْبَةَ، صَاحِبُ أَيْلَةَ فَصَالَحَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ، وأتاه أهل جرباء وأذرح (4) وأعطوه الجزية، كتب لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابًا فهو عندهم، وكتب لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمن الرَّحيم،
هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ ومحمَّد النَّبيّ رَسُولِ اللَّهِ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ سُفُنِهِمْ وَسَيَّارَتِهِمْ فِي البرِّ وَالْبَحْرِ: لَهُمْ ذمة الله [وذمة](5) محمد النَّبيّ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّام وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَأَهْلِ الْبَحْرِ، فَمَنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ حَدَثًا فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ.
وَإِنَّهُ طَيِّبٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاس، وَإِنَّهُ لا يحلّ أن يمنعوا مَاءً يَرِدُونَهُ، وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهُ مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ.
زَادَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بَعْدَ هَذَا، وَهَذَا كِتَابُ جُهَيْمِ بْنِ الصَّلت وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ.
قَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وَكَتَبَ لِأَهْلِ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبيّ رَسُولِ اللَّهِ لِأَهْلِ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ، أنَّهم آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ مُحَمَّدٍ، وأنَّ عَلَيْهِمْ مِائَةَ دِينَارٍ فِي كُلِّ رَجَبٍ (6) ، وَمِائَةَ أُوقِيَّةٍ طَيِّبَةٍ، وأنَّ اللَّهَ عَلَيْهِمْ كَفِيلٌ بِالنُّصْحِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: وَأَعْطَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ أَيْلَةَ بُرْدَهُ مَعَ كِتَابِهِ أَمَانًا لَهُمْ، قَالَ: فَاشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو العبَّاس عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بثلثمائة دينار.
بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومة
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فبعثه إلى أكيدر دومة، وهو
(1) في المسند: الحجمة، وفي نسخة العجمة وهي الاكثر مناسبة، والعجمة بالضم والكسر ما تعقد من الرمل أو كثرة الرمل.
ولعل المراد ناتئ قليلا (القاموس المحيط) .
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج 3 / 341 - 342.
(3)
وفي النسخة التيمورية: كتابه صلى الله عليه وآله ليحنة.
(4)
أيلة: مدينة بالشام على النصف ما بين مصر ومكة على ساحل البحر.
جرباء: بلدة بالشام تلقاء السراة.
أذرح: مدينة بالشام، قيل هي فلسطين، قال في القاموس: بجنب جربا.
(5)
من ابن هشام.
(6)
في الواقدي والبيهقي نقلا عن ابن إسحاق: في كل رجب وافية طيبة.
(انظر في كتبه صلى الله عليه وآله سيرة ابن هشام 4 / 169 مغازي الواقدي 3 / 1032 - دلائل البيهقي 5 / 247 - 248) .
(*)
أكيدر بن عبد الملك، رجل من بني كنانة (1) كَانَ مَلِكًا عَلَيْهَا وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَالِدٍ " إنَّك سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ " فَخَرَجَ خَالِدٌ حتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ بِمَنْظَرِ الْعَيْنِ، وَفِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ صَائِفَةٍ، وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ لَهُ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ (2) .
وَبَاتَتِ الْبَقَرُ تحكُّ بِقُرُونِهَا بَابَ الْقَصْرِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَتْ: فَمَنْ يَتْرُكُ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَحَدَ فَنَزَلَ فَأَمَرَ بِفَرَسِهِ، فأُسرج له، وركب معه نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فِيهِمْ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ حَسَّانُ، فَرَكِبَ وَخَرَجُوا مَعَهُ بِمَطَارِدِهِمْ (3) .
فلمَّا خَرَجُوا تلقَّتهم خَيْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَتْهُ وَقَتَلُوا أَخَاهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مخوَّص بالذَّهب، فَاسْتَلَبَهُ خَالِدٌ فَبَعَثَ بِهِ (4) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ قَبَاءَ أُكَيدر حِينَ قُدِمَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَلْمِسُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا [فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ] (5) لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا ".
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لَمَّا قَدِمَ بأُكَيدر عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقَنَ لَهُ دَمَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ، ثمَّ خلَّى سَبِيلَهُ فَرَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ (6)، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بني طئ يُقَالُ لَهُ بُجَيْرُ بْنُ بَجْرَةَ فِي ذَلِكَ: تَبَارَكَ سَائِقُ البَقَرَاتِ إِنِّي * رَأَيْتُ اللَّهَ يَهْدِي كُلَّ هَادِ فَمَنْ يَكُ حَائِدَاً عَنْ ذِي تَبوكٍ * فَإنَّا قَدْ أَمَرْنَا بِالِجهَادِ وَقَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِهَذَا الشَّاعِرِ " لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فاك " فأتت عليه سبعون (7) سَنَةً مَا تحرَّك لَهُ فِيهَا ضِرْسٌ وَلَا سِنٌّ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خَالِدًا مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَارِسًا إِلَى أُكَيدر دومة فذكر نحو ما
(1) في ابن هشام: رجل من كندة، قال الواقدي وهو ابن عبد الملك بن عبد الجن.
(2)
اسمها الرباب بنت أنيف بن عامر من كندة (قاله الواقدي) .
(3)
المطارد: جمع المطرد، وزن منبر، وهو رمح قصير يطرد به، وقيل يطرد به الوحش (اللسان) .
(4)
بعثه مع عمرو بن أمية الضمري.
(5)
من ابن هشام ومغازي الواقدي.
(6)
قال الواقدي وابن سعد وكتب رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا فيه أمانهم وما صالحهم وختمه يومئذ بظفره ونصفه: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ محمد رسول الله لاكيدر حين أجاب إلى الاسلام وخلع الانداد والاصنام، مع خالد بن الوليد سيف الله، في دومة الجندل وأكنافها.
وان لنا الضاحية من الضحل، والبور، والمعامي، وأغفال الارض، والحلقة، والسلاح والحافر والحصن، ولكم الضامنة من النخل، والمعين من المعمور بعد الخمس، لا تعدل سارحتكم ولا تعد فاردتكم، ولا يحظر عليكم النبات، ولا يؤخذ منكم عشر البتات تقيمون الصلاة لوقتها، وتؤتون الزكاة لحقها.
عليكم بذلك العهد والميثاق، ولكم بذلك الصدق والوفاء، شهد الله ومن حضر معه من المسلمين.
".
(7)
في دلائل البيهقي ج 5 / 251: تسعون سنة.
(*)