المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 5

- ‌سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ

- ‌فصلفيمن تخلَّف مَعْذُورًا مِنَ البكَّائين وَغَيْرِهِمْ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إِلَى نَخْلَةٍ هُنَاكَ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومة

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ أَقْوَامٍ تخلَّفوا مِنَ الْعُصَاةِ غَيْرِ هَؤُلَا

- ‌قُدُومُ وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌موت عبد الله بن أُبي

- ‌فصل

- ‌ غَزْوَةُ تَبُوكَ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ - مِنَ الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ غَزْوَةُ تَبُوكَ فِي رجب كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ

- ‌وَفِيهَا توفِّي عَبْدُ اللَّهِ بن أُبي بن سَلُولَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌قِصَّةُ ثُمَامَةَ وَوَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ

- ‌وَفْدُ أَهْلِ نَجْرَانَ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ

- ‌قدوم ضمام بن ثعلبة

- ‌فصل

- ‌وفد طئ مع زيد الخيل رضي الله عنه [

- ‌قدوم عمر بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ فِي أُنَاسٍ مِنْ زُبَيْدٍ

- ‌قدوم أعشى بن مَازِنٍ عَلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ رَسُولِ مُلُوكِ حِمْيَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَإِسْلَامُهُ

- ‌بَعْثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ حِينَ أَسْلَمَ إِلَى ذِي الْخَلَصَةِ

- ‌قدوم طارق بن عبيد اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ

- ‌قُدُومُ وَافِدِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ صَاحِبِ بِلَادِ مُعَانَ

- ‌قُدُومُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ

- ‌وفد بني مرة

- ‌وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي مُحَارِبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي رُؤَاسِ

- ‌وَفْدُ بَنِي عُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي قُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي الْبَكَّاءِ

- ‌وَفْدُ أَشْجَعَ

- ‌وَفْدُ بَاهِلَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي سُلَيْمٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي هِلَالِ

- ‌وفد خولان

- ‌وفد جعفيّ

- ‌فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ الصَّدِفِ

- ‌وَفْدُ خُشَيْنٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي سَعْدٍ

- ‌وفد السِّبَاعِ

- ‌فصل وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وُفُودِ الْجِنِّ بِمَكَّةَ قَبْلَ الهجرة

- ‌سنة عشر من الهجرة

- ‌باب بعث رسول الله خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

- ‌بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن

- ‌باب بيان أنه عليه وَالسَّلَامُ لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَهَا ثَلَاثَ عُمر

- ‌باب خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌باب صفة خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ

- ‌فصل تقدم أنه عليه السلام صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا

- ‌بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أهلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَتَرْجِيحِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ بَسْطِ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه السلام في حجته هذه من الإفراد والتمتع أو القران

- ‌ذكر ما قاله أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مُتَمَتِّعًا

- ‌ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إلى أنه عليه السلام كان قارناً

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ذَاهِبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مكة شَرَّفَهَا اللَّهُ عز وجل

- ‌ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ

- ‌ذِكْرُ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌فصل

- ‌فصل روى أمره عليه السلام لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فصل فيما حفظ من دعائه عليه السلام وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ:

- ‌ذِكْرُ ما نزل عليّ رسول الله من الوحي في هذا الموقف

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَتِهِ عليه السلام بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌فصل في وُقُوفُهُ عليه السلام بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَدَفْعُهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيضَاعُهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ إِفَاضَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاس بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فصل الْيَوْمُ السَّادِسُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ بِمَكَانٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ

- ‌سنة إحدى عشرة من الهجرة

- ‌ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَقْتَلِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُنْذِرَةِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذكر أمره عليه السلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يصلي بالصحابة أجمعين

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أمور مهمة وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فُصْلٌ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَبْلَغِ سنه حال وفاته وفي كيفية غسله عليه السلام وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، وَمَوْضِعِ قَبْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامه عليه

- ‌صفة غسله عليه السلام

- ‌كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن

- ‌صِفَةِ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ما أصاب المسلمين من المصيبة بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَوْمِ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ قَصَائِدَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَا نُورَثُ

- ‌فَصْلٌ وَقَدْ تكلَّمت الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِجَهْلٍ

- ‌بَابُ زوجاته صلوات الله وسلامه عليه وأولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ خطبها عليه السلام وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرَارِيِّهِ عليه السلام

- ‌فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ عَبِيدِهِ عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتَّابه وأمنائه وَلْنَذْكُرْ مَا أَوْرَدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ

- ‌فَصْلٌ وَأَمَّا خدَّامه صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ أَمَّا كُتَّاب الْوَحْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ خَاتَمِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

بِيَدِ عَلِيٍّ قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل * (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) *.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ مَنْ صَامَ يَوْمَ ثَمَانَ عَشْرَةَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ كُتِبَ لَهُ صِيَامُ سِتِّينَ شَهْرًا.

فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا بَلْ كَذِبٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ.

وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفٌ بِهَا كَمَا قَدَّمْنَا وَكَذَا قَوْلُهُ أَنَّ صِيَامَ يَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ يَعْدِلُ صِيَامَ سِتِّينَ شَهْرًا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ مَا مَعْنَاهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَكَيْفَ يَكُونُ صِيَامُ يَوْمٍ وَاحِدٍ يَعْدِلُ سِتِّينَ شَهْرًا هَذَا بَاطِلٌ.

وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ: بَعْدَ إِيرَادِهِ هَذَا الْحَدِيثَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا.

وَرَوَاهُ حَبْشُونُ الْخَلَّالُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ النِّيرِيُّ وَهُمَا صَدُوقَانِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الرَّمْلِيِّ عَنْ ضَمْرَةَ.

قَالَ وَيُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِمْ بِأَسَانِيدَ وَاهِيَةٍ.

قَالَ: وَصَدْرُ الْحَدِيثِ مُتَوَاتِرٌ أَتَيَقَّنُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ وَأَمَّا اللَّهُمَّ والِ مَنْ وَالَاهُ فَزِيَادَةٌ قَوِيَّةُ الْإِسْنَادِ وَأَمَّا هَذَا

الصَّوْمُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ غَدِيرِ خُمٍّ بِأَيَّامٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَزِيرُ الأصبهانيّ، حدثنا علي بن محمد المقدمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ شبان بْنِ مَالِكِ بْنِ مِسْمَعٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حنيف بْنِ سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ أَخِي كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.

قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَسُؤْنِي قط، فاعرفوا ذلك له.

أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ رَاضٍ فَاعْرِفُوا ذَلِكَ لَهُمْ.

أَيُّهَا النَّاس احْفَظُونِي فِي أصحابي وأصهاري وأحبابي لا يطلبكم اللَّهُ بِمَظْلِمَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

أَيُّهَا النَّاس ارْفَعُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فقولوا فيه خيراً.

* (بسم الله الرحمن الرحيم) *.

‌سنة إحدى عشرة من الهجرة

اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَقَدِ اسْتَقَرَّ الرِّكَابُ الشَّرِيفُ النَّبَوِيُّ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُطَهَّرَةِ مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَقَدْ وَقَعَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُمُورٌ عِظَامٌ مِنْ أَعْظَمِهَا خَطْبًا‌

‌ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ولكنه عليه السلام نَقَلَهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْفَانِيَةِ إِلَى النَّعِيمِ الْأَبَدِيِّ فِي مَحَلَّةٍ عَالِيَةٍ رَفِيعَةٍ وَدَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ لَا أَعْلَى مِنْهَا وَلَا أَسْنَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: * (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) * [الضحى: 4] وذلك بعدما أَكْمَلَ أَدَاءَ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِبْلَاغِهَا، وَنَصَحَ أُمَّتَهُ وَدَلَّهُمْ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَحَذَّرَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَمَّا فِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا رَوَاهُ صَاحِبَا الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى * (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) * [المائدة: 3] يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقٍ جَيِّدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بَكَى فَقِيلَ

ص: 233

مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْكَمَالِ إِلَّا النُّقْصَانُ، وَكَأَنَّهُ اسْتَشْعَرَ وَفَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وقد أشار عليه السلام إِلَى ذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

وَقَفَ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَالَ لَنَا: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَلَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هذا.

وقدمنا مَا رَوَاهُ الْحَافِظَانِ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ * (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) * فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَعَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ الْوَدَاعُ فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَرُحِّلَتْ ثُمَّ ذَكَرَ خُطْبَتَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ (1) .

وَهَكَذَا قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبَّاس رضي الله عنهما لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ سَأَلَهُ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَحْضَرِ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لِيُرِيَهُمْ فَضْلَ ابْنِ عبَّاس وَتَقَدُّمَهُ وَعِلْمَهُ حِينَ لَامَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى تَقْدِيمِهِ وَإِجْلَاسِهِ لَهُ مَعَ مَشَايِخِ بَدْرٍ.

فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُونَ ثُمَّ سَأَلَهُمْ وَابْنُ عبَّاس حَاضِرٌ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةُ * (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) * فَقَالُوا: أُمِرْنَا إِذَا فُتِحَ لَنَا أَنْ نَذْكُرَ اللَّهَ وَنَحْمَدَهُ وَنَسْتَغْفِرَهُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا بن عبَّاس؟ فَقَالَ: هُوَ أَجَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُعي إِلَيْهِ.

فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ (2) .

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عبَّاس مِنْ وُجُوهٍ وَإِنْ كان لا ينافي ما فسر به الصحابة رضي الله عنهم وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَجَّ بِنِسَائِهِ قَالَ: " إِنَّمَا هِيَ هَذِهِ الْحَجَّةُ ثُمَّ الْزَمْنَ ظُهُورَ الْحُصُرِ ".

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ جَيِّدٍ.

والمقصود أن النفوس استشعرت بوفاته عليه السلام فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ وَنُورِدُ مَا رُوِيَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ وَلْنُقَدِّمْ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ في هذا موضع قَبْلَ الْوَفَاةِ مِنْ تَعْدَادِ حِجَجِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ إِلَى الْمُلُوكِ فَلْنَذْكُرْ ذَلِكَ مُلَخَّصًا مُخْتَصَرًا ثُمَّ نُتْبِعُهُ بِالْوَفَاةِ.

فَفِي الصَّحِيحَيْنِ (3) مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة، وحج بعدما هَاجَرَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَلَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَوَاحِدَةً بِمَكَّةَ كَذَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.

وَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّ ثَلَاثَ حَجَّاتٍ: حجتين قبل أن يهاجر، وواحدة

بعدما هَاجَرَ مَعَهَا عُمْرَةٌ وَسَاقَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ بَدَنَةً وَجَاءَ عَلِيٌّ بِتَمَامِهَا مِنَ الْيَمَنِ (4) .

وَقَدْ قَدَّمْنَا من غير

(1) انظر دلائل النبُّوة للبيهقي ج 5 / 447.

(2)

الحديث أخرجه البخاري في كتاب التفسير (4) باب.

الحديث (4970) فتح الباري (8 / 734) .

(3)

في البخاري - كتاب المغازي (77) باب الحديث 4404.

ومسلم في 15 كتاب الحج (35) باب الحديث (218) .

(4)

تقدم ان ما ساقه رسول الله صلى الله عليه وآله معه من الهدي ست وستون، وأتى علي بتمام المئة من اليمن.

(*)

ص: 234

وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ في الصحيحين أنه عليه السلام: اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَعُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ وَالْعُمْرَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

وَأَمَّا الْغَزَوَاتُ فَرَوَى الْبُخَارِيُّ: عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبيّل (1) عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ.

قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَمَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ تِسْعَ غَزَوَاتٍ يؤمِّره عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ (2) عَنْ سَلَمَةَ.

قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سبع غزوات و [خرجت](3) فيما يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ: مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ.

قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غزوة وشهد مَعَهُ مِنْهَا سَبْعَ عَشْرَةَ أَوَّلُهَا الْعُشَيْرُ أَوِ الْعُسَيْرُ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ كَهَمْسِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً قَاتَلَ مِنْهَا فِي ثَمَانٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَبَعَثَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَرِيَّةً قاتل يوم بدر وأُحد والأحزاب والمريسيع وَخَيْبَرَ وَمَكَّةَ وَحُنَيْنٍ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا إِحْدَى وَعِشْرِينَ غَزْوَةً غَزَوْتُ مَعَهُ مِنْهَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَلَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا وَلَا أُحُدًا مَنَعَنِي أَبِي فَلَمَّا قُتل أَبِي يَوْمَ

أُحد لَمْ أتخلف عن غزاة غَزَاهَا.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة غزوة.

؟ ؟ ؟ ؟ ؟ وسمعته مرة يَقُولُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ غَزْوَةً فَلَا أَدْرِي أَكَانَ ذَلِكَ وَهْمًا أَوْ شَيْئًا سمعته بَعْدَ ذَلِكَ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ تِسْعَ عَشْرَةَ قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا، وَبَعَثَ مِنَ الْبُعُوثِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ.

فَجَمِيعُ غَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ.

وَقَدْ ذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ والزُّهري وموسى بن عقبة ومحمد إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةٍ هذا الشأن: أنه عليه السلام قَاتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ فِي أُحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثلاث، ثم الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ فِي شَوَّالٍ أَيْضًا مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ فِي أُحد فِي شَوَّالٍ سنة ثلاث، ثم الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ فِي شَوَّالٍ أَيْضًا مِنْ سنة أربع وقيل خمس، فِي بَنِي الْمُصْطَلِقِ بِالْمُرَيْسِيعِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ، ثُمَّ فِي خَيْبَرَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سبع ومنهم من يقول سنة ست والتحقيق أَنَّهُ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَآخِرِ سِنَةِ سِتٍّ، ثُمَّ قَاتَلَ أَهْلَ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَقَاتَلَ هَوَازِنَ وَحَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ في شوال وبعض ذي الحجة سَنَةَ ثَمَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، وَحَجَّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ بالنَّاس عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ نَائِبُ مَكَّةَ، ثُمَّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُسْلِمِينَ سَنَةَ عَشْرٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بن

(1) واسمه الضحاك بن مخلد.

والحديث في فتح الباري 7 / 517، رقم 4272.

(2)

في نسخ البداية المطبوعة زيد تحريف.

(3)

من البخاري.

(*)

ص: 235

إِسْحَاقَ (1) : وَكَانَ جَمِيعُ مَا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزْوَةً: غَزْوَةَ وِدَّان وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ، ثمَّ غَزْوَةَ بُوَاطٍ مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى، ثُمَّ غَزْوَةَ الْعُشَيْرَةِ مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ، ثُمَّ غَزْوَةَ بدر الأولى بطلب كُرْزَ بْنَ جَابِرٍ، ثُمَّ غَزْوَةَ بَدْرٍ الْعُظْمَى الَّتِي قَتَلَ اللَّهُ فِيهَا صَنَادِيدَ قُرَيْشٍ، ثُمَّ غَزْوَةَ بَنِي سُلَيْمٍ حتَّى بَلَغَ الْكُدْرَ، ثُمَّ غزوة السويق بطلب أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، ثمَّ غَزْوَةَ غَطَفَانَ وهي غزوة ذي أمر، ثمَّ غزوة بحران مَعْدِنٍ بِالْحِجَازِ، ثُمَّ غَزْوَةَ أُحد، ثُمَّ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ، ثُمَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ، ثُمَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقاع مِنْ نَخْلٍ، ثُمَّ غَزْوَةَ بَدْرٍ الْآخِرَةِ، ثُمَّ غَزْوَةَ دُومَةِ الْجَنْدَلِ، ثُمَّ غَزْوَةَ الْخَنْدَقِ،

ثمَّ غَزْوَةَ بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ مِنْ هُذَيْلٍ، ثُمَّ غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ، ثُمَّ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، ثُمَّ غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ لَا يُرِيدُ قِتَالًا، فَصَدَّهُ المشركون، ثم غزوة خيبر، ثم غزوة الْقَضَاءِ، ثُمَّ غَزْوَةَ الْفَتْحِ، ثُمَّ غَزْوَةَ حُنَيْنٍ، ثُمَّ غَزْوَةَ الطَّائف، ثمَّ غَزْوَةَ تَبُوكَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَاتَلَ مِنْهَا فِي تِسْعِ غَزَوَاتٍ: غَزْوَةِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالْخَنْدَقِ وَقُرَيْظَةَ وَالْمُصْطَلِقِ وَخَيْبَرَ وَالْفَتْحِ وَحُنَيْنٍ والطَّائف.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَبْسُوطًا فِي أَمَاكِنِهِ بِشَوَاهِدِهِ وَأَدِلَّتِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ (2) : وَكَانَتْ بُعُوثُهُ عليه السلام وَسَرَايَاهُ ثَمَانِيًا وَثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ بَعْثٍ وَسَرِيَّةٍ، ثُمَّ شَرَعَ رحمه الله فِي ذِكْرِ تَفْصِيلِ ذَلِكَ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ مُفَصَّلًا فِي مَوَاضِعِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَلْنَذْكُرْ مُلَخَّصَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعْثُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ إِلَى أَسْفَلِ ثَنِيَّةِ الْمَرَةِ، ثُمَّ بَعْثُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى السَّاحل مِنْ نَاحِيَةِ الْعِيصِ، وَمِنَ النَّاس مَنْ يقدِّم هَذَا عَلَى بَعْثِ عُبَيْدَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ، بَعْثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى الْخَرَّارِ، بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ إِلَى نَخْلَةَ، بَعْثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى الْقَرَدَةِ، بَعْثُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ إِلَى كَعْبِ بْنِ الأشرف، بعث مرثد بن أبي مرتد [الغنوي] إِلَى الرَّجِيعِ، بَعْثُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو إِلَى بِئْرِ مَعُونَةَ، بَعْثُ أَبِي عُبَيْدَةَ إِلَى ذِي القصة، بعث عمر بن الخطاب إلى برية فِي أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ، بَعْثُ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ، بَعَثَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيَّ إِلَى الْكَدِيدِ فَأَصَابَ بَنِي الْمُلَوَّحِ أَغَارَ عَلَيْهِمْ في اللَّيل فقتل طائفة منهم فاستاق نعمهم فجاء نفرهم فِي طَلَبِ النَّعَمِ فَلَمَّا اقْتَرَبُوا حَالَ بَيْنَهُمْ وَادٍ مِنَ السَّيْلِ وَأَسَرُوا فِي مَسِيرِهِمْ هَذَا الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ.

وَقَدْ حَرَّرَ ابن إسحاق هذا ها هنا وقد تقدم بَيَانُهُ، بَعْثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى أَرْضِ فَدَكَ، بَعْثُ أَبِي الْعَوْجَاءِ السَّلمي إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ أُصِيبَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، بَعْثُ عُكَّاشَةُ إِلَى الْغَمْرَةِ، بَعْثُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَى قَطَنٍ وَهُوَ مَاءٌ بِنَجْدٍ لِبَنِي أَسَدٍ، بَعْثُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ إِلَى الْقُرَطَاءِ مِنْ هَوَازِنَ، بَعْثُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ إِلَى بَنِي مُرَّةَ بِفَدَكَ، وَبَعْثُهُ أَيْضًا إِلَى نَاحِيَةِ حُنَيْنٍ، بَعْثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى الْجَمُومِ مِنْ أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ، بَعْثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى جُذَامٍ مِنْ أَرْضِ بَنِي خُشَيْنٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهِيَ مِنْ أَرْضِ حِسْمَى وَكَانَ سَبَبُهَا فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: أنَّ دحية بن خليفة لما

(1) سيرة ابن هشام ج 4 / 256.

(2)

سيرة ابن هشام ج 4 / 257.

ونقلها عنه البيهقي في الدلائل ج 5 / 467 - 468.

(*)

ص: 236

رَجَعَ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ وَقَدْ أَبْلَغَهُ كِتَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ فَأَعْطَاهُ مِنْ عِنْدِهِ تُحَفًا وَهَدَايَا فَلَمَّا بَلَغَ وَادِيًا فِي أَرْضِ بَنِي جُذَامٍ يُقَالُ لَهُ شَنَارٌ أَغَارَ عَلَيْهِ الْهُنَيْدُ بْنُ عوص وابنه عوص بن الهنيد الضليعيان.

والضليع بَطْنٌ مِنْ جُذَامٍ فَأَخَذَا مَا مَعَهُ فَنَفَرَ حَيٌّ (1) مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا فَاسْتَنْقَذُوا مَا كَانَ قد أخذ لدحية فروده عَلَيْهِ فَلَمَّا رَجَعَ دِحْيَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَاسْتَسْقَاهُ دَمَ الْهُنَيْدِ وَابْنِهِ عَوْصٍ، فَبَعَثَ حِينَئِذٍ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي جَيْشٍ إِلَيْهِمْ فَسَارُوا إِلَيْهِمْ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَوْلَاجِ فَأَغَارَ بِالْمَاقِصِ مِنْ نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ، فَجَمَعُوا مَا وَجَدُوا مِنْ مَالٍ وَنَاسٍ وَقَتَلُوا الْهُنَيْدَ وَابْنَهُ وَرَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي الْأَحْنَفِ، وَرَجُلًا مِنْ بَنِي خَصِيبٍ فلمَّا احْتَازَ زَيْدٌ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهِمُ اجْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْهُمْ بِرِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ.

وَكَانَ قَدْ جَاءَهُ كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ رِفَاعَةُ فَاسْتَجَابَ لَهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَعْلَمُ ذلك فَرَكِبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَعْطَوْهُ الْكِتَابَ فَأَمَرَ بِقِرَاءَتِهِ جَهْرَةً عَلَى النَّاس.

ثمَّ قال: رسول الله كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْقَتْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أَبُو زَيْدِ بْنُ عَمْرٍو أَطْلِقْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كَانَ حيَّاً وَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ فَبَعَثَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ زَيْدًا لَا يُطِيعُنِي فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ عَلَامَةً فَسَارَ مَعَهُمْ عَلَى جَمَلٍ لَهُمْ فَلَقُوا زَيْدًا وَجَيْشَهُ وَمَعَهُمُ الْأَمْوَالُ وَالذَّرَارِيَّ بِفَيْفَاءِ الْفَحْلَتَيْنِ فَسَلَّمَهُمْ عَلِيٌّ جَمِيعَ مَا كَانَ أُخِذَ لَهُمْ لَمْ يَفْقِدُوا مِنْهُ شَيْئًا (2) .

بَعْثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَيْضًا إِلَى بَنِي فَزَارَةَ بِوَادِي الْقُرَى فَقُتِلَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَارْتَثَّ هُوَ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى، فَلَمَّا رَجَعَ آلَى أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ غُسْلٌ مِنْ جَنَابَةٍ حتَّى يَغْزُوَهُمْ أَيْضًا، فَلَمَّا اسْتَبَلَّ مِنْ جِرَاحِهِ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَانِيًا فِي جَيْشٍ فَقَتَلَهُمْ بِوَادِي الْقُرَى، وَأَسَرَ أُمَّ قِرْفَةَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَبِيعَةَ بْنِ بَدْرٍ وَكَانَتْ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ حذيفة بن بدر ومعها ابنة لها [وعبد الله بن مسعدة] ، فَأَمَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ قَيْسَ بْنَ الْمُسَحَّرِ الْيَعْمَرِيَّ فَقَتَلَ أُمَّ قِرْفَةَ وَاسْتَبْقَى ابْنَتَهَا وَكَانَتْ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ يُضْرَبُ بِأُمِّ قِرْفَةَ الْمَثَلُ فِي عزِّها، وَكَانَتْ بِنْتُهَا مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَاسْتَوْهَبَهَا مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأعطاها إياه، فوهبها

رسول الله لِخَالِهِ حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبٍ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحمن.

بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ مَرَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا الَّتِي أَصَابَ فِيهَا الْيُسَيْرَ بْنَ رِزَامٍ (3) وَكَانَ يَجْمَعُ غَطَفَانَ لِغَزْوِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ رسول الله عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فِي نَفَرٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَالُوا يُرَغِّبُونَهُ لِيُقْدِمُوهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَارَ مَعَهُمْ فلمَّا كَانُوا بِالْقَرْقَرَةِ (4) ، عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ خَيْبَرَ، نَدِمَ الْيُسَيْرُ عَلَى مَسِيرِهِ فَفَطِنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن أنيس - وهو يريد

(1) وهم بنو الضبيب، رهط رفاعة بن زيد.

(2)

الخبر في سيرة ابن هشام ج 4 / 260 - 265.

(3)

قال ابن هشام: رزام، وفي ابن سعد والواقدي: أسير بن زارم.

(4)

في ابن سعد والواقدي: قرقرة ثبار.

وفي مغازي موسى بن عقبة قرقرة تيار.

وقال صاحب وفاء الوفا: ثبار على ستة أميال من خيبر.

(*)

ص: 237

السَّيف - فَضَرَبَهُ بالسَّيف فَأَطَنَّ قَدَمَهُ وَضَرَبَهُ اليُسير بِمِخْرَشٍ (1) مِنْ شَوْحَطٍ فِي رَأْسِهِ فَأَمَّهُ، وَمَالَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَاحِبِهِ مِنَ الْيَهُودِ فَقَتَلَهُ، إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا أَفْلَتَ عَلَى قدميه، فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ أُنَيْسٍ تَفَلَ فِي رَأْسِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَقِحْ (2) جُرْحُهُ وَلَمْ يُؤْذِهِ.

قُلْتُ: وَأَظُنُّ الْبَعْثَ الآخر (3) إلى خيبر لما بعثه عليه السلام خَارِصًا عَلَى نَخِيلِ خَيْبَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَى خَيْبَرَ فَقَتَلُوا أَبَا رَافِعٍ الْيَهُودِيَّ، بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ فَقَتَلَهُ بِعُرَنَةَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ قِصَّتَهُ هَاهُنَا مُطَوَّلَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، بَعْثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ فَأُصِيبُوا كَمَا تَقَدَّمَ، بَعْثُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ (4) إِلَى ذَاتِ أَطْلَاحٍ مِنْ أَرْضِ الشَّام فَأُصِيبُوا جَمِيعًا أَيْضًا، بَعْثُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ إِلَى بَنِي الْعَنْبَرِ مِنْ تَمِيمٍ فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ فأصاب مِنْهُمْ أُنَاسًا ثمَّ رَكِبَ وَفْدُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَسْرَاهُمْ فَأَعْتَقَ بَعْضًا وَفَدَى بَعْضًا.

بَعْثُ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا إِلَى أَرْضِ بَنِي مُرَّةَ فَأُصِيبَ بِهَا مِرْدَاسُ بْنُ نَهِيكٍ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنَ

الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ قَتَلَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ.

أَدْرَكَاهُ فَلَمَّا شَهَرَا السِّلاح قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَمَّا رَجَعَا لَامَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ اللَّوْمِ فَاعْتَذَرَا بِأَنَّهُ مَا قَالَ ذَلِكَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ.

فَقَالَ لِأُسَامَةَ هلا شققت عن قبله وَجَعَلَ يَقُولُ لِأُسَامَةَ: مَنْ لَكَ بِلَا إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَالَ أُسَامَةُ: فَمَا زال يكررها حتَّى لوددت أَنْ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ.

بَعْثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إلى دات السَّلَاسِلِ مِنْ أَرْضِ بَنِي عُذْرَةَ يَسْتَنْفِرُ الْعَرَبَ إلى الشَّامِ، وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ كَانَتْ مِنْ بَلِيٍّ، فَلِذَلِكَ بَعَثَ عَمْرًا يَسْتَنْفِرُهُمْ لِيَكُونَ أَنْجَعَ فِيهِمْ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مَاءٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ السَّلْسَلُ خَافَهُمْ فَبَعَثَ يَسْتَمِدُّ رسول الله، فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلَيْهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ تأمَّر عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ عَمْرٌو وَقَالَ إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مَدَدًا لِي فَلَمْ يُمَانِعْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ لِأَنَّهُ كَانَ رجلاً سهلاً ليناً هيناً عند أَمْرُ الدُّنْيَا فَسَلَّمَ لَهُ وَانْقَادَ مَعَهُ، فَكَانَ عَمْرٌو يُصَلِّي بِهِمْ كُلِّهِمْ وَلِهَذَا لَمَّا رَجَعَ.

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاس أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ.

قَالَ فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا.

بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى بَطْنِ إِضَمٍ وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَفِيهَا قِصَّةُ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا فِي سَنَةِ سَبْعٍ، بَعْثُ ابْنِ أَبِي حدرد أيضاً إلى الغابة، بعث عبد

(1) مخرش وتروى مخراش وهي عصا معوجة الرأس.

والشوحط: ضرب من شجر في الجبال.

(2)

في ابن هشام: فلم تقح ولم تؤذه، وفي الواقدي: فلم تقح بعد ذلك ولم تؤذني.

(3)

قال الواقدي في مغازيه عن عروة بن الزبير: غزا عبد الله بن رواحة خيبر مرتين.

الاولى بعثه النبي إلى خيبر في رمضان في ثلاثة نفر ينظر إلى خيبر وحال أهلها ما يريدون وما يتكلمون به

فأقبلوا حتى ناحية خيبر وتفرقوا

ووعوا ما سمعوا من أسير وغيره ثم عادوا بعد ثلاثة أيام.

وأخبروا النبي صلى الله عليه وآله بما رأوه وسمعوه.

والبعث الآخر في شوال وهو البعث الذي تقدم، (1 / 566) .

(4)

في الاصل عمرو، وما أثبتناه من ابن هشام، وابن سعد.

(*)

ص: 238