الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما كان من أمر النَّاس حتَّى فاؤوا وَرَجَعُوا إِلَى اللَّهِ تَائِبِينَ نَازِعِينَ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فِي حَالِ ردَّتهم مِنَ السَّفَاهَةِ وَالْجَهْلِ الْعَظِيمِ الَّذِي اسْتَفَزَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِهِ، حتَّى نَصَرَهُمُ اللَّهُ وثبَّتهم وَرَدَّهُمْ إِلَى دِينِهِ
الْحَقِّ عَلَى يَدَيِ الْخَلِيفَةِ الصِّدِّيقِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ، كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا مُبَيَّنًا مَشْرُوحًا إن شاء الله.
فَصْلٌ
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ
قَصَائِدَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَمِنْ أجلِّ ذَلِكَ وَأَفْصَحِهِ وَأَعْظَمِهِ، مَا رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ رحمه الله عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ يَبْكِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ * منيرٌ وَقد تعفُو الرسومُ وَتمهدُ (1) وَلا تمتَحى الآياتُ مِن دارِ حُرمةٍ * بِهَا مِنبرُ الهادِي الَّذِي كانَ يَصعدُ وواضحُ آياتٍ وبَاقي معالمٍ * وَربعٌ لهُ فيهِ مَصلَّى وَمسْجِدُ بِهَا حُجراتٌ كانَ ينزلُ وَسْطَها * مِن اللَّهِ نورٌ يُستضاءُ وَيوقدُ معارفٌ لَمْ تطمسْ عَلى العَهْدِ آيُّها * أَتاها البَلا فَالْآيُ مِنها تجدُّدُ عَرَفتُ بِهَا رَسْمَ الرَّسولِ وَعهدهُ * وَقبراً بِهَا واراهُ فِي التُّربِ مُلحدُ ظَللتُ بِهَا أَبْكِي الرَّسولَ فأَسعدتْ * عيونٌ وَمثلاها مِنَ الجنِّ تسعدُ (2) يُذَكِّرنَ آلَاءَ الرَّسولِ وَلَا أرَى * لَهَا مُحْصِيًا نفسِي فَنَفْسِي تبلَّدُ مُفجَّعةَّ قَدْ شفَّها فَقْدُ أحمدٍ * فَظَلَّتْ لآلاءِ الرَّسولِ تُعدِّدُ وَمَا بلغتْ منْ كلِّ أمرٍ عشيرهُ * وَلَكِنْ لنفْسي بعدُ مَا قَدْ توجَّدُ أَطالتْ وُقُوفًا تذرفُ العينُ جَهدَها * عَلى طَلَلِ القَبرِ الَّذِي فيهِ أَحمَدُ فَبوركتَ يَا قبرَ الرَّسولِ وَبورِكَتْ * بلادٌ ثَوى فيها الرَّشيدُ المُسَدَّدُ (3) تهيلُ عليهِ التُّربَ أيدٍ وَأَعْيُنٌ * عَلَيْهِ - وَقَدْ غارتْ بذلكَ - أسعَدُ لقدْ غَيَّبوا حِلماً وَعِلماً وَرحمةً * عشيةَ عَلُّوهُ الثَّرى لَا يوسَّدُ ورَاحوا بحزنٍ ليسَ فيهمْ نبيُّهمْ * وَقد وَهنتْ منهمْ ظهورٌ وأَعضدُ ويبكونَ منْ تبكِي السَّمواتُ يومَهُ * وَمن قدْ بكتهُ الأرضُ فَالنَّاسُ أَكْمَدُ
(1) في ابن هشام: 4 / 317، وتهمد.
(2)
في ابن هشام: من الجفن تسعد.
(3)
بعده في ابن هشام: وَبُورِكَ لَحْدٌ مِنْكَ ضُمِّنَ طَيِّبًا * عَلَيْهِ بِنَاءٌ من صفيح منضد (*)
وهلْ عَدَّلتْ يَوْمًا رزيةُ هالكٍ * رزيةَ يومٍ ماتَ فيهِ محمَّدُ تقطَّعَ فيهِ مَنزلُ الْوَحْيِ عَنهُمُ * وَقد كَانَ ذَا نورٍ يغورُ وَينجدُ يدلُّ عَلَى الرحمنِ مَنْ يقتدِي بهِ * وَيُنقذُ مِنْ هولِ الخزايَا ويرشدُ إمامٌ لَهُمْ يهديهُمُ الحقَّ جَاهِدًا * معلمُ صدقٍ إنْ يطيعوهُ يُسعدُوا عفوٌ عنِ الزَّلاتِ يَقْبَلُ عذرهمْ * وإنْ يحسنُوا فاللهُ بالخيرِ أجودُ وَإِنْ نابَ أمرٌ لَمْ يَقُومُوا بحملهِ * فَمِنْ عِنْدِهِ تيسيرُ مَا يتشدَّدُ فبيناهُمْ في نعمةِ اللهِ وسطهُمْ (1) * دليلٌ بهِ نهجُ الطَّريقةِ يُقصدُ عزيزٌ عليهِ أَنْ يَجُورُوا عَنِ الهُدَى * حريصٌ عَلَى أنْ يستقيمُوا وَيهتدُوا عَطوفٌ عَليهم لَا يُثَنِّي جَناحُهُ * إلى كنف يحنوا عليهمْ ويمهِدُ فبيناهُمْ فِي ذلكَ النُّورِ إذْ غَدا * إلى نورِهِمْ منهمْ منَ الموتِ مقصدُ فأصبحَ مَحْمُودًا إِلَى اللهِ راجعاً * يبكيه جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ (2) وأمستْ بلادُ الحرمِ وَحشاً بقاعُها * لغيبةِ مَا كانَتْ منَ الوحيِ تعهَدُ قِفاراً سِوَى معمورةِ اللَّحْدِ ضافَها * فقيدٌ يبكيهِ بلاطٌ وغرقدُ ومسجدُهُ فالموحِشاتِ لفقدهِ * خلاءٌ له فيها (3) مَقامٌ وَمقعدُ وبالجمرةِ الكُبرى لهُ ثمَّ أوحشتْ * ديارٌ وعرصاتٌ وَرَبْعٌ ومولدُ فَبَكِّي رَسُولَ اللَّهِ يَا عينُ عَبْرَةً * وَلَا أعْرفنَّكِ الدَّهرَ دَمْعُكِ يجمَدُ ومالكِ لَا تبكينَ ذَا النعمةِ الَّتِي * عَلَى النَّاسِ مِنْهَا سابغُ يتَغمَّدِ
فَجودِي عليهِ بالدُموعِ وَأَعْوِلِي * لِفَقْدِ الَّذِي لَا مثلهُ الدَّهرُ يوجدُ وَمَا فقدَ الماضونَ مثلَ محمَّدً * وَلَا مِثلهُ حتَّى القِيامةِ يُفقدُ أعفَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً بعدَ ذِمَّةٍ * وأقربَ مِنْهُ نَائِلًا لَا ينكَّدُ وأبذلَ مِنْهُ للطريفِ وتالدٍ * إِذَا ضنَّ مِعْطَاءٌ بِمَا كَانَ يتلَدُ وأكرمَ صِيتًا فِي البيوتِ إِذَا انتمَى * وأكرمُ جَدًّا أَبْطَحِيًّا يسوَّدُ وأمنعَ ذرواتٍ وأثبتَ فِي العُلا * دعائمَ عزٍ شاهقاتٍ تُشيَّدُ وأثبتُ فَرْعًا فِي الْفُرُوعِ وَمنبتاً * وَعُودًا غذاهُ المزنُ فالعودِ أغيدِ رباهُ وَلِيدًا فَاسْتَتَمَّ تَمَامُهُ * عَلَى أَكْرَمِ الخيراتِ رَبُّ ممجَّدُ تناهَتْ وصاةُ المسلمينَ بكفِّه * فَلَا العِلمُ محبوسٌ وَلَا الرأيُ يفندِ
(1) في ابن هاشم: بينهم.
(2)
في ابن هشام: حق المرسلات.
والمرسلات هنا الملائكة.
وتروى جن المرسلات: أي الملائكة المستور أعين الآدميين.
(3)
في ابن هشام: فيه.
(*)
أقولُ وَلَا يُلْفَى لِمَا قُلتُ (1) عائبٌ * مِنَ الناس إلا عازبُ القولِ مبعدُ وليسَ هوائي نَازِعًا عَنْ ثنائِهِ * لعلِّي بِهِ فِي جنةِ الخُلدِ مبعدُ معَ المصطفَى أَرْجُو بذاكَ جِوارَهُ * وَفِي نيلِ ذاكَ اليومِ أسْعى وَأجهَدُ وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ الرَّوْضِ: وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَبْكِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرقتُ فباتَ لَيْلِيَ لَا يَزُولُ * وليلَ أَخي المصيبةِ فِيهِ طُولُ وَأَسْعَدَنِي الْبُكَاءُ وَذَاكَ فِيمَا * أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ قليلُ لقدْ عظُمَتْ مُصِيبَتُنَا وَجَلَّتْ * عَشِيَّةَ قِيلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسولُ
وَأَضْحَتْ أَرضُنا مِمَّا عَراهَا * تكادُ بِنَا جَوانبهَا تميلُ فَقَدْنَا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ فينَا * يروحُ بهِ ويغدُو جبرئيلُ وذاكَ أحقُّ مَا سالتْ عَليهِ * نفوسُ النَّاسِ أَوْ كربَتْ (2) تسيلُ نبيٌ كانَ يَجْلُو الشَّكَ عنَّا * بِمَا يُوحَى إليهِ وَمَا يقولُ وَيَهدينَا فَلا نخشَى ضَلَالًا * عَلَيْنَا والرَّسول لَنَا دليلُ أفاطمُ إنْ جزعتِ فذاكَ عذرٌ * وإنْ لَمْ تجزعِي ذاكَ السَّبيلُ فقبرُ أبيكِ سيدُ كلَّ قبرٍ * وفيهِ سيدُ النَّاسِ الرَّسُولُ بَابُ بَيَانِ أَنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا شَيْئًا يُورَثُ عَنْهُ، بَلْ أَرْضًا جَعَلَهَا كُلَّهَا صَدَقَةً لِلَّهِ عز وجل.
فَإِنَّ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا كَانَتْ أَحْقَرَ عِنْدَهُ - كَمَا هِيَ عِنْدَ اللَّهِ - مِنْ أَنْ يَسْعَى لَهَا أَوْ يَتْرُكَهَا بَعْدَهُ مِيرَاثًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ النَّبيّين وَالْمُرْسَلِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ.
قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لِابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً (3) .
انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ، فَرَوَاهُ فِي أَمَاكِنَ مِنْ صَحِيحِهِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ وَسُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ وزهير بن معاوية، ورواه الترمذي من
(1) في ابن هشام: ولا يلقى لقولي عائب.
(2)
من السهيلي، وفي الاصل: كادت تسيل.
(3)
رواه البخاري في كتاب فرض الخمس (3) باب - الحديث (3097) فتح الباري 6 / 209.
(*)
حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنهما به.
وقد رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ثَنَا الْأَعْمَشُ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا أوصى بشئ (1) .
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ الصدِّيقة بِنْتِ الصِّدِّيقِ حَبِيبَةِ حَبِيبِ اللَّهِ الْمُبَرَّأَةِ مِنْ فوق سبع سموات رضي الله عنها وَأَرْضَاهَا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا أَمَةٍ وَلَا عَبْدًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَائِشَةَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا.
قال سفيان: وأكثر عِلْمِي وَأَشُكُّ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ بِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرٍّ عَنِ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا.
هَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ.
قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: تَسْأَلُونِي عَنْ ميراث رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا وَلِيدَةً.
قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهُ قَالَ وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا.
قَالَ: وَأَنْبَأَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ.
قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا وَلِيدَةً (2) وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.
وَفِي لَفْظِ لِلْبُخَارِيِّ رَوَاهُ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
قَالَتْ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ (3) .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ: مِنْ حَدِيثِ
يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْهَا.
قَالَتْ: تُوُفِّيَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ (4) .
ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ.
ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بكر محمد بن حمويه (5)
(1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية (5) باب الحديث (18) ص 1256.
(2)
أخرجه الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ - بَابُ مَا جَاءَ فِي تركة رسول الله صلى الله عليه وآله 7 / 274.
(3)
زاد في البخاري: أي صاعاً من شعير.
(4)
الدلائل 7 / 274 والبخاري في كتاب الجهاد (89) باب الحديث (2916) فتح الباري 6 / 99.
(5)
في الدلائل 7 / 275: محمويه.
(*)
الْعَسْكَرِيُّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، ثَنَا آدَمُ، ثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ.
قَالَ: لَقَدْ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ (1) .
قَالَ أَنَسٌ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ بُرٍّ وَلَا صَاعُ تَمْرٍ ".
وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَ نِسْوَةٍ، وَلَقَدْ رَهَنَ دِرْعًا لَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ، وَأَخَذَ مِنْهُ طَعَامًا فَمَا وَجَدَ مَا يَفْتَكُّهَا بِهِ حتَّى مَاتَ صلى الله عليه وسلم.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بَعْضَهُ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، ثَنَا ثَابِتٌ، ثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى أُحُدٍ.
فَقَالَ: " والذي نفسي بيد ما يسرني أُحداً لِآلِ مُحَمَّدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَمُوتُ يَوْمَ أَمُوتُ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارَانِ إِلَّا أَنْ أُرْصِدَهُمَا لِدَيْنٍ ".
قَالَ: فَمَاتَ فَمَا تَرَكَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا وليدةً، فترك دِرْعَهُ رَهْنًا عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ وَقَدْ رَوَى آخِرَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ الْعَبْدِيِّ الْكُوفِيِّ بِهِ.
وَلِأَوَّلِهِ شَاهَدٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ وَأَبُو سَعِيدٍ وَعَفَّانُ.
قَالُوا: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ - ثَنَا هِلَالٍ - هُوَ ابْنُ خَبَّابٍ - عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمرو وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ.
فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ فِرَاشًا
أوثر من هذا؟ فقال: " مالي وَلِلدُّنْيَا، مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عبَّاس عَنْ عُمَرَ فِي الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقِصَّةِ الْإِيلَاءِ.
وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا شَاكَلَهُ فِي بَيَانِ زُهْدِهِ عليه السلام وَتَرْكِهِ الدُّنْيَا، وَإِعْرَاضِهِ عَنْهَا، وَاطِّرَاحِهِ لَهَا، وَهُوَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ تَكُنِ الدُّنْيَا عِنْدَهُ بِبَالٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ.
قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ، عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ عبَّاس: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ.
قَالَ وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى أَأَوْصَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَا.
فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاس الْوَصِيَّةُ، أَوْ أُمروا (2) بِهَا؟ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِهِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بن مغول.
تنبيه: قد ورد أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ سَنُورِدُهَا قَرِيبًا بَعْدَ هَذَا الْفَصْلِ فِي ذِكْرِ أَشْيَاءَ كَانَ يَخْتَصُّ بِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ دُورٍ وَمَسَاكِنِ نِسَائِهِ وَإِمَاءٍ وَعَبِيدٍ وَخُيُولٍ وَإِبِلٍ وَغَنَمٍ وَسِلَاحٍ وَبَغْلَةٍ وَحِمَارٍ وَثِيَابٍ وَأَثَاثٍ وَخَاتَمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَنُوَضِّحُهُ بِطُرُقِهِ وَدَلَائِلِهِ، فَلَعَلَّهُ عليه السلام تصدق
(1) الاهالة: الزيت.
والسنخة: المتغيرة الرائحة.
(2)
في البخاري: أو أمروا بالوصية؟ (*)