الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه عليه السلام لبَّد رَأْسَهُ لِيَكُونَ أَحْفَظَ لِمَا فِيهِ مِنَ الطِّيبِ وَأَصْوَنَ لَهُ مِنَ اسْتِقْرَارِ التُّرَابِ وَالْغُبَارِ.
قَالَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنَ الْعُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ.
قَالَ: " إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هدي فَلَا أَحِلُّ حتَّى أَنْحَرَ ".
وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ عَنْ نافع.
قال البيهقي: أنبأنا الحكام، أنبأنا الأصم، أنبأنا يَحْيَى، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لبَّد رَأْسَهُ بالعسل.
وهذا إسناد جيد ثم أنه عليه السلام أَشْعَرَ (1) الْهَدْيَ وقلَّده وَكَانَ مَعَهُ بِذِي
الْحُلَيْفَةِ.
قَالَ اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ تمتَّع رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ.
وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِتَمَامِهِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ وقلَّدها نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ قَتَادَةَ.
وَهَذَا يدل على أنه عليه السلام تَعَاطَى هَذَا الْإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ فِي هَذِهِ الْبَدَنَةِ وَتَوَلَّى إِشْعَارَ بَقِيَّةِ الْهَدْيِ وَتَقْلِيدَهُ غير، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ هَدْي كَثِيرٌ إِمَّا مِائَةُ بَدَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِقَلِيلٍ، وَقَدْ ذَبَحَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَأَعْطَى عَلِيًّا فَذَبَحَ مَا غَبَرَ (2) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي سِيَاقِ ابْنِ إِسْحَاقَ أنه عليه السلام أَشْرَكَ عَلِيًّا فِي بُدْنِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ ذَبَحَ هُوَ وَعَلِيٌّ يَوْمَ النَّحْرِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ سَاقَهَا مَعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَقَدْ يَكُونُ اشْتَرَى بعضها بعد ذلك وهو مُحرم.
بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أهلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَتَرْجِيحِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ
تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ: أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ (3) بَابُ الْإِهْلَالِ عِنْدَ مسجد ذي
(1) أشعر الهدي: الاشعار هو جرح الهدي في صفحة سنامها اليمنى بحربة أو سكين أو حديدة أو نحوها وأصل الاشعار والشعور الاعلام والعلامة، وإشعار الهدي لكونه علامة له، ليعلم أنه هدي.
(2)
ما غبر: ما بقي.
(3)
في كتاب الحج - 20 باب الحديث 1541.
(*)
الْحُلَيْفَةِ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ سَالِمَ بن عبد الله.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: مَا أهلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ، وَحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فذكره.
وزاد فقال لَبَّيْكَ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: بَيْدَاؤُكُمْ (1) هَذِهِ التي تكذبون فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أهلَّ رسول الله مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافُ هَذَا كَمَا يَأْتِي فِي الشِّقِّ الْآخَرِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ حتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي خُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
قَالَ قُلْتُ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبَّاس يَا أَبَا العبَّاس عَجَبًا لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَوْجَبَ.
فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاس بِذَلِكَ، إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حجة وَاحِدَةٌ فَمِنْ هُنَاكَ اخْتَلَفُوا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجًّا فَلَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ، أَوْجَبَ فِي مَجْلِسِهِ فأهلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ، فسمع ذلك منه قوم فَحَفِظُوا عَنْهُ، ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أهلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاس إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ فَقَالُوا: إِنَّمَا أهلَّ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ، ثم مضى رسول الله فما عَلَا شَرَفَ الْبَيْدَاءِ أهلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أهلَّ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ عَلَا شَرَفَ الْبَيْدَاءِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أَوْجَبَ فِي مُصلاه، وأهلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ، وأهلَّ حِينَ عَلَا شَرَفَ الْبَيْدَاءِ.
فَمَنْ أَخَذَ بقول عبد الله بن عبَّاس أنه أهلَّ فِي مُصَلَّاهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ جَمِيعًا عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ خُصَيْفٍ بِهِ نَحْوَهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نعرف أحد رَوَاهُ غَيْرَ
عَبْدِ السَّلَامِ كَذَا قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ رِوَايَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَهُ مِنْ طَرِيقِ محمد ابن إِسْحَاقَ عَنْهُ - وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ الْحَاكِمِ، عَنِ الْقَطِيعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ قَالَ خُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ غَيْرُ قَوِيٍّ، وَقَدْ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ مُتَابَعَةُ الْوَاقِدِيِّ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي وَرَدَتْ في ذلك عن عمر وغيره مسانيدها قوية ثابتة.
والله تعالى أعلم.
(1) المراد ببيداء هنا: موضع فوق ذي الحليفة لمن صعد من الوادي (قاله البكري في معجم ما استعجم) .
(*)
قُلْتُ: فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ، لَكَانَ فِيهِ جَمْعٌ لِمَا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَبَسْطُ لعذر من نَقَلَ خِلَافَ الْوَاقِعِ وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عبَّاس وَابْنِ عُمَرَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمَا كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَنُبَيِّنُهُ وَهَكَذَا ذَكَرَ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ عليه السلام أهلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا هشام بْنُ يُوسُفَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حتَّى أَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أهلَّ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ الله يهل حتَّى تنبعث به راحلته وأخرجا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُهِلُّ حِينَ تَسْتَوِي بِهِ قَائِمَةً.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ (1) : بَابُ مَنْ أهلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر.
قَالَ: أهلَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً.
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ.
وقال مسلمم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ (2) وَانْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَهَلَّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ.
انْفَرَدَ بِهِ
مُسْلِمٌ من هذا الوجه، وأخرجاه من وحه آخَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ بَابُ الْإِهْلَالِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ: قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صلَّى الْغَدَاةَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا ثُمَّ يُلَبِّي حتَّى يَبْلُغَ الْحَرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ فِي الْغُسْلِ (3) .
وَقَدْ عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَسْنَدَهُ فِيهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ د عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَعَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَيُّوبَ، عن أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ بِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ، ثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كان ابن عمر إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهن بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) في كتاب الحج 28 باب الحديث 1552.
(2)
الغرز: فتح الغين واسكان الراء: ركاب كور البعير إذا كان من جلد أو خشب، وقيل هو الكور مطلقا.
وانظر صحيح مسلم شرح النووي 8 / 97.
(3)
فتح الباري - كتاب الحج الحديث 1553.
(*)
يَفْعَلُ (1) .
تفرَّد بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا وَاللَّهِ مَا أهلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ عِنْدِ الشجرة حِينَ قَامَ بِهِ بَعِيرُهُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَجْمَعُ بَيْنَ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ الْأُولَى وَهَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّ الْإِحْرَامَ كَانَ مِنْ عِنْدِ المسجد، ولكن بعد ما رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، يَعْنِي الْأَرْضَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بِالْبَيْدَاءِ،
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (2) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي كُرَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس قَالَ: انْطَلَقَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ بَعْدَمَا تَرَجَّلَ وادَّهن وَلَبِسَ إِزَارَهُ هو وأصحابه، ولم ينه عن شئ مِنَ الْأَرْدِيَّةِ وَالْأُزُرِ تُلْبَسُ، إِلَّا الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ، فَأَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، رَكِبَ راحلته حتى استوت عَلَى الْبَيْدَاءِ أهلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وقلَّد بُدْنَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ [مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ مكة لأربع خَلَوْنَ](3) مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يُحِلَّ مِنْ أَجْلِ بدنه لأنه قلَّدها، لم تزل بأعلا مَكَّةَ عِنْدَ الْحَجُونِ وَهُوَ مُهِلٌ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا من رؤوسهم ثُمَّ يُحِلُّوا، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قلَّدها، وَمَنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَهِيَ لَهُ حَلَالٌ وَالطِّيبُ وَالثِّيَابُ.
انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ، وَحَجَّاجٍ، وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، وَعَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي.
قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ الْأَعْرَجَ الْأَجْرَدَ وَهُوَ مُسْلِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِبَدَنَتِهِ فَأَشْعَرَ صَفْحَةَ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وقلَّدها نَعْلَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَلَمَّا استوت عَلَى الْبَيْدَاءِ أهلَّ بِالْحَجِّ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ هُشَيْمٍ أَنْبَأَنَا أَصْحَابُنَا مِنْهُمْ شُعْبَةُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
ثُمَّ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ رَوْحٍ وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ نَحْوَهُ.
وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَأَهْلُ السُّنَنِ فِي كُتُبِهِمْ فَهَذِهِ الطُّرُقُ عَنِ ابن عباس من أنه عليه السلام أهلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ مِنْ رِوَايَةِ خُصَيْفٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حبير عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ الْمُثْبِتَةُ الْمُفَسِّرَةُ أَنَّهُ أهلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ الرَّاحِلَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُخْرَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَيَكُونُ رِوَايَةُ رُكُوبِهِ الرَّاحِلَةَ فِيهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ عَلَى الْأُخْرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرِوَايَةُ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ سَالِمَةٌ عَنِ الْمُعَارِضِ وَهَكَذَا رِوَايَةُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرٍ الصادق، عن أبيه، عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، عَنْ جَابِرٍ في
(1) فتح الباري - الحديث 1554 ج 3 / 413.
(2)
في كتاب الحج، 23 باب ما يلبس المحرم من الثياب والاردية - حديث 1545 فتح الباري 3 / 405.
(3)
ما بين معكوفين زيادة من البخاري، سقطت من الاصل.
(*)