الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَمِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ.
قَالَ التِّرمذي: وَرِوَايَةُ مَالِكٍ أصح.
وهو حديث حسن صحيح.
فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاس بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
وَهُوَ أَوْسَطُهَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ بَابٌ أَيَّ يَوْمٍ يَخْطُبُ (1) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ.
قَالَا: رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بَيْنَ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَنَحْنُ عِنْدَ رَاحِلَتِهِ وَهِيَ خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي خَطَبَ بِمِنًى.
انْفَرَدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حصين (2) حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي سَرَّاءُ بِنْتُ نَبْهَانَ - وَكَانَتْ رَبَّةَ بَيْتٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ -.
قَالَتْ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم الرؤوس فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
انْفَرَدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ عَمُّ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيُّ (3) أَنَّهُ خَطَبَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الإمام أحمد (4) متصلاً مطولاً فقال: ثنا عثمان، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ.
قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَذُودُ عَنْهُ النَّاس.
فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاس أَتَدْرُونَ فِي أَيِّ شَهْرٍ أَنْتُمْ وَفِي أَيِّ يَوْمٍ أَنْتُمْ وَفِي أَيِّ بَلَدٍ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: فِي يَوْمٍ حَرَامٍ وَشَهْرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حرام.
قال: فإن
دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا في بلدكم هذا إلى أن تَلْقَوْنَهُ.
ثُمَّ قَالَ: اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا أَلَا لَا تَظْلِمُوا أَلَا لَا تظلموا، أنه لا يحل مال امرء مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمٍ وَمَالٍ وَمَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ يُوضَعُ دَمُ (5) رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سعد فقتلته هذيل.
ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع وإن الله قَضَى أَنَّ أَوَّلَ رِبًا يُوضَعُ رِبَا العبَّاس بن عبد المطلب لكم رؤوس أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظلَمون، أَلَا وَإِنَّ الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات وَالْأَرْضَ ثُمَّ قَرَأَ * (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ
= النحر، والحادي عشر القر، والثاني عشر النفر الاول، والثالث عشر النفر الثاني.
وذكر مكي بن أبي طالب ان السابع يسمى يوم الزينة - انكره عليه النووي.
وأيام التشريق هي الثلاثة الايام التي بعد يوم النحر.
وأوسطها - الثاني منها - يوم الرؤوس.
سمي بذلك لانهم كانوا يأكلون فيه رؤوس الاضاحي.
(1)
في السنن - كتاب المناسك: باب أي يوم يخطب بمنى.
(2)
في سنن أبي داود: ابن حصن.
(3)
في الاصل أبو حمزة، وما أثبتناه من السنن، وميزان الاعتدال والخلاصة.
(4)
سنن أبي داود - ج 2 / 197 ومسند الامام أحمد ج 5 / 72.
(5)
كذا في الاصول دم ربيعة، وقد تقدم أنه ابن ربيعة.
(*)
خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فلا تظلموا فيهن أنفسكم) *، [التَّوْبَةِ 36 - 37] ، أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ وَلَكِنَّهُ فِي التَّحْرِيشِ بينكم، واتقوا الله فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عِوَانٌ (1) لَا يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ شَيْئًا، وَإِنَّ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقًّا وَلَكُمْ عليهن حق أن لا يوطئن فرشكم أحد غَيْرَكُمْ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِأَحَدٍ تَكْرَهُونَهُ.
فَإِنْ خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ واضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ
الله، أَلَا وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى من ائتمنه عليها وبسط يده وقال: أَلَا هَلْ بلغتُ أَلَا هَلْ بلغتُ! ثُمَّ قَالَ: ليبلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَسْعَدُ مِنْ سَامِعٍ.
قَالَ حُمَيْدٌ قَالَ الْحَسَنُ حِينَ بَلَّغَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: قَدْ وَاللَّهِ بَلَّغُوا أَقْوَامًا كَانُوا أَسْعَدَ بِهِ (2) .
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ سُنَنِهِ: عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ - وَاسْمُهُ حَنِيفَةُ - عَنْ عَمِّهِ بِبَعْضِهِ فِي النُّشُوزِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: جَاءَ أنه خطب يوم الرؤوس وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ بِلَا خِلَافٍ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَجَاءَ أَنَّهُ أَوْسَطُ أيام التشريق فيحتمل عَلَى أَنَّ أَوْسَطَ بِمَعْنَى أَشْرَفَ كَمَا قَالَ تَعَالَى * (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) * [الْبَقَرَةِ: 143] .
وَهَذَا الْمَسْلَكُ الَّذِي سَلَكَهُ ابْنُ حَزْمٍ بَعِيدٌ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حدثنا الوليد بن عمرو بن مسكين، ثَنَا أَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَصَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بمنى وَهُوَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
* (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) * فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاعُ فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ (3) فَرُحِلَتْ لَهُ ثُمَّ رَكِبَ، فَوَقَفَ النَّاس بِالْعَقَبَةِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ.
ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاس، فَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ هَدَرٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دِمَائِكُمْ أَهْدِرُ دَمَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ.
وَكُلُّ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ رِبَاكُمْ أَضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أيها النَّاس إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات وَالْأَرْضَ، وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ رَجَبُ - مُضَرَ - الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ * (ذَلِكَ الدِّينُ
(1) العواني: الاسرى، جمع عان.
(2)
رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 2 / 265 وقال: رواه أحمد، وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود وضعفه ابن معين، وفيه علي بن زيد وفيه كلام.
(3)
القصواء: الناقة التي قطع طرف اذنها، ولم تكن ناقة النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله قصواء وإنما كان هذا لقبا لها.
وقد جاء في الحديث إنه كان له: ناقة تسمى العضباء، وأخرى تسمى الجدعاء.
وفي حديث آخر صلماء.
فيحتمل أن
يكون الجميع صفة ناقة واحدة.
ويؤيد ذلك ما رُوي في حديث علي حين بعثه النبي صلى الله عليه وآله يبلغ أهل مكة سورة براءة.
فرواه ابن عباس أنه ركب ناقته صلى الله عليه وآله القصواء، وفي رواية جابر العضباء وفي رواية غيرهما الجدعاء.
(*)