المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر طوافه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 5

- ‌سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ

- ‌فصلفيمن تخلَّف مَعْذُورًا مِنَ البكَّائين وَغَيْرِهِمْ

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إِلَى نَخْلَةٍ هُنَاكَ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومة

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ أَقْوَامٍ تخلَّفوا مِنَ الْعُصَاةِ غَيْرِ هَؤُلَا

- ‌قُدُومُ وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌موت عبد الله بن أُبي

- ‌فصل

- ‌ غَزْوَةُ تَبُوكَ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ - مِنَ الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ غَزْوَةُ تَبُوكَ فِي رجب كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ

- ‌وَفِيهَا توفِّي عَبْدُ اللَّهِ بن أُبي بن سَلُولَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌قِصَّةُ ثُمَامَةَ وَوَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ

- ‌وَفْدُ أَهْلِ نَجْرَانَ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ

- ‌قدوم ضمام بن ثعلبة

- ‌فصل

- ‌وفد طئ مع زيد الخيل رضي الله عنه [

- ‌قدوم عمر بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ فِي أُنَاسٍ مِنْ زُبَيْدٍ

- ‌قدوم أعشى بن مَازِنٍ عَلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ رَسُولِ مُلُوكِ حِمْيَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَإِسْلَامُهُ

- ‌بَعْثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ حِينَ أَسْلَمَ إِلَى ذِي الْخَلَصَةِ

- ‌قدوم طارق بن عبيد اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ

- ‌قُدُومُ وَافِدِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ صَاحِبِ بِلَادِ مُعَانَ

- ‌قُدُومُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ

- ‌وفد بني مرة

- ‌وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي مُحَارِبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي رُؤَاسِ

- ‌وَفْدُ بَنِي عُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي قُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي الْبَكَّاءِ

- ‌وَفْدُ أَشْجَعَ

- ‌وَفْدُ بَاهِلَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي سُلَيْمٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي هِلَالِ

- ‌وفد خولان

- ‌وفد جعفيّ

- ‌فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَفْدُ الصَّدِفِ

- ‌وَفْدُ خُشَيْنٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي سَعْدٍ

- ‌وفد السِّبَاعِ

- ‌فصل وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وُفُودِ الْجِنِّ بِمَكَّةَ قَبْلَ الهجرة

- ‌سنة عشر من الهجرة

- ‌باب بعث رسول الله خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

- ‌بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن

- ‌باب بيان أنه عليه وَالسَّلَامُ لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَهَا ثَلَاثَ عُمر

- ‌باب خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌باب صفة خروجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ

- ‌فصل تقدم أنه عليه السلام صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا

- ‌بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أهلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَتَرْجِيحِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ بَسْطِ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه السلام في حجته هذه من الإفراد والتمتع أو القران

- ‌ذكر ما قاله أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مُتَمَتِّعًا

- ‌ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إلى أنه عليه السلام كان قارناً

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ذَاهِبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مكة شَرَّفَهَا اللَّهُ عز وجل

- ‌ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ

- ‌ذِكْرُ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌فصل

- ‌فصل روى أمره عليه السلام لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فصل فيما حفظ من دعائه عليه السلام وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ:

- ‌ذِكْرُ ما نزل عليّ رسول الله من الوحي في هذا الموقف

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَتِهِ عليه السلام بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌فصل في وُقُوفُهُ عليه السلام بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَدَفْعُهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيضَاعُهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ إِفَاضَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاس بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فصل الْيَوْمُ السَّادِسُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِيرَادِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ بِمَكَانٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ

- ‌سنة إحدى عشرة من الهجرة

- ‌ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَقْتَلِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُنْذِرَةِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذكر أمره عليه السلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يصلي بالصحابة أجمعين

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أمور مهمة وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فُصْلٌ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَبْلَغِ سنه حال وفاته وفي كيفية غسله عليه السلام وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، وَمَوْضِعِ قَبْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامه عليه

- ‌صفة غسله عليه السلام

- ‌كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة دفنه عليه السلام وأين دفن

- ‌صِفَةِ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ما أصاب المسلمين من المصيبة بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَوْمِ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ قَصَائِدَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَا نُورَثُ

- ‌فَصْلٌ وَقَدْ تكلَّمت الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِجَهْلٍ

- ‌بَابُ زوجاته صلوات الله وسلامه عليه وأولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ خطبها عليه السلام وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرَارِيِّهِ عليه السلام

- ‌فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ عَبِيدِهِ عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتَّابه وأمنائه وَلْنَذْكُرْ مَا أَوْرَدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ

- ‌فَصْلٌ وَأَمَّا خدَّامه صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ أَمَّا كُتَّاب الْوَحْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ خَاتَمِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌ذكر طوافه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ كَانَ الْحَجَّاجُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا مُنْصَرَفَهُ مِنْهَا حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.

قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا جَلِيلًا نَبِيلًا كَبِيرَ الْقَدْرِ وَكَانَ أَحَدَ النَّفَرِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ نَدَبَهُمْ عثمان بن عفان في كتابة المصاحف الَّتِي نَفَّذَهَا إِلَى الْآفَاقِ وَوَقَعَ عَلَى مَا فَعَلَهُ الْإِجْمَاعُ وَالِاتِّفَاقُ.

‌ذِكْرُ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ المتقدم بعد ذكره طوافه عليه السلام بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَاتَهُ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ * (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) * [الاحزاب: 21] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ

اللَّهُ بِهِ.

فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فوحَّد اللَّهَ وكبَّره وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شئ قدير.

لا إله إلا الله أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.

ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ حتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قدماه في الوادي رمل، حتَّى إذا صعد مَشَى حتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَرَقِيَ عَلَيْهَا حتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ فَقَالَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ، أَبُو حَفْصٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُضْطَبِعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِبُرْدٍ لَهُ نَجْرَانِيٍّ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا يُونُسُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ عُمَرَ بن عبد الرحمن، ثنا عطية، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ (1) قَالَتْ: دَخَلْتُ دار حصين فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ والنَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ: وَهُوَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ اسْعَوْا إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ.

وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: ثَنَا شريح، ثنا عبد الله بن المؤمل، ثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ والنَّاس بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ وَهُوَ يَسْعَى حتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ من شدة السعي، يكور بِهِ إِزَارُهُ وَهُوَ يَقُولُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ.

تفرَّد بِهِ أَحْمَدُ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ.

أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ فَاسْعَوْا.

وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ هِيَ حبيبة بنت تِجْرَاةَ الْمُصَرَّحُ بِذِكْرِهَا فِي الْإِسْنَادَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَعَنْ أُمِّ وَلَدِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ.

أَنَّهَا أَبْصَرَتِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ: " لَا يُقْطَعُ الْأَبْطَحُ إِلَّا شَدًّا "(2) .

رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هاهنا الذهاب من الصفا إلى المروة،

(1) في الاصل غير منقوطة، وفي نسخ البداية المطبوعة تجزأة تحريف والصواب تجراة ما اثبتناه من هامش المشتبه للذهبي 1 / 112.

وهي إحدى نساء بني عبد الدار كما قال ابن حجر.

(2)

في نسخ البداية المطبوعة: الاسدا تحريف.

(*)

ص: 178

ومنها إليها وليس المراد بالسعي ههنا الْهَرْوَلَةَ وَالْإِسْرَاعَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْنَا حَتْمًا بَلْ لَوْ مَشَى الْإِنْسَانُ عَلَى هِينَةٍ في السبع الطوافات بينهما ولم يرمل في المسير أجزأه ذلك عند جماعة العلماء لا نعرف بينهم اختلافاً فِي ذَلِكَ.

وَقَدْ نَقَلَهُ التِّرمذي رحمه الله عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

ثُمَّ قَالَ: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بن السائب، عن كثير بن جهمان قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي فِي الْمَسْعَى، فَقُلْتُ: أَتَمْشِي فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فقال: لئن سعيت، فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْعَى وَلَئِنْ مَشَيْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي، وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ.

ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابن عبَّاس نَحْوَ هَذَا.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عن كثير بن جهمان السُّلَمِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ شَاهَدَ الْحَالَيْنِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي وَقْتٍ مَاشِيًا لَمْ يَمْزُجْهُ بِرَمَلٍ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي بَعْضِ الطَّريق وَيَمْشِي فِي بَعْضِهِ، وَهَذَا لَهُ قُوَّةٌ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

وَتَقَدَّمَ في حديث جابر أنه عليه السلام: نَزَلَ مِنَ الصَّفَا فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ حتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى حتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَسْتَحِبُّهُ الْعُلَمَاءُ قاطبة أن الساعي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ - وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ - يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي في كل طوافه فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، وَحَدَّدُوا ذَلِكَ ما بَيْنَ الْأَمْيَالِ الْخُضْرِ فَوَاحِدٌ مُفْرَدٌ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّفَا مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ وَاثْنَانِ مُجْتَمِعَانِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَرْوَةِ مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ أَيْضًا.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْأَمْيَالِ الْيَوْمَ أَوْسَعُ مِنْ بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي رَمَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاللَّهُ أَعْلَمُ: وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي الْكِتَابِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ خرج عليه السلام إِلَى الصَّفَا فَقَرَأَ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْضًا سَبْعًا رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ يَخُبُّ ثَلَاثًا وَيَمْشِي أَرْبَعًا فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ يَتَفَوَّهْ بِهِ أَحَدٌ قبله من أنه عليه السلام خبَّ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ مَعَ هَذَا الْغَلَطِ الْفَاحِشِ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ دَلِيلًا بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ عَدَدَ

الرَّمَلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَنْصُوصًا وَلَكِنَّهُ متفق عليه هذا لفظه.

فإن أراد بأن الرمل في الثلاث التطوافات الْأُوَلِ عَلَى مَا ذَكَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الرَّمَلَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي الْجُمْلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا يُجْدِي لَهُ شَيْئًا وَلَا يحصل له شيئاً مقصوداً، فإنهم كما اتفقوا على الرمل الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي بَعْضِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ كَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ أَيْضًا.

فَتَخْصِيصُ ابْنِ حَزْمٍ الثَّلَاثَ الْأُوَلَ بِاسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ فِيهَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ: أَنَّهُ عليه السلام كَانَ رَاكِبًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ أَخْرَجَاهُ.

وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْهُ إِنْ أَسْعَى فَقَدْ رَأَيْتُ رسول الله يَسْعَى، وَإِنْ مَشَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَمْشِي.

وَقَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الوادي رمل

ص: 179

حتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تِجْرَاةَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ رَقِيَ عَلَى الصَّفَا حتَّى رَأَى الْبَيْتَ.

وَكَذَلِكَ على المروة.

وقد قدَّمناه مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي حتَّى طَافَ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ رَكِبَهُ حَالَ مَا خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ عليه السلام سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا وَلَكِنْ قَالَ مُسْلِمٌ: ثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ - أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وبين الصفا والمروة على بعير لِيَرَاهُ النَّاس وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ فَإِنَّ النَّاس غَشَوْهُ، وَلَمْ يَطُفِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ وَلَيْسَ فِي بَعْضِهَا وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ

الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ: عَنِ الْفَلَّاسِ عَنْ يَحْيَى، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ يزيد، عن سعيد بْنِ إِسْحَاقَ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ.

فَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا لِأَنَّ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ عَنْ جَابِرٍ وغيره تدل على أنه عليه السلام كَانَ مَاشِيًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ تَكُونُ رواية أبي الزبير عن جابر لهذه الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُقْحَمَةً أَوْ مُدْرَجَةً مِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

أو أنه عليه السلام طاف بين الصفا والمروة بعض الطوفان عَلَى قَدَمَيْهِ وَشُوهِدَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ فَلَمَّا ازْدَحَمَ النَّاس عَلَيْهِ وَكَثُرُوا رَكِبَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عبَّاس الْآتِي قَرِيبًا.

وَقَدْ سَلَّمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ طَوَافَهُ الْأَوَّلَ بِالْبَيْتِ كَانَ مَاشِيًا وَحَمَلَ رُكُوبَهُ فِي الطَّوَافِ عَلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ تأوَّل قَوْلَ جَابِرٍ حتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَّمَاهُ في الوادي رمل بأنه لم يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فَإِنَّهُ إِذَا انْصَبَّ بِعِيرُهُ فَقَدِ انْصَبَّ كُلُّهُ وَانْصَبَّتْ قَدَمَاهُ مَعَ سَائِرِ جَسَدِهِ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الرَّمَلِ يَعْنِي بِهِ رَمَلَ الدَّابَّةِ بِرَاكِبِهَا وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ جِدًّا.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى، ثَنَا حَمَّادٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عبَّاس: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَمَلَ بالبيت وأن ذلك من سنته.

قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا فَقُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا رَمَلَ رسول الله وَكَذَبُوا لَيْسَ بِسُنَّةٍ: إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ، فلما صالحوه على أن يحجوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَيُقِيمُوا بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لأصحابه ارملوا بالبيت ثلاثاً وليس بسنة.

قالت: يزعم قومك أن رسول الله طَافَ بَيْنَ الصَّفَا

ص: 180

وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ.

قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا قُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا.

قَالَ: صَدَقُوا قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ، وَكَذَبُوا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ، كَانَ النَّاس لَا يُدْفَعُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يُصْرَفُونَ عَنْهُ فَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَلِيَرَوْا مَكَانَهُ وَلَا تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ: عَنْ أَبِي كَامِلٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ.

عَنِ

الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عبَّاس فَذَكَرَ فَضْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عبَّاس: أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ، قال: صدقوا وكذبوا.

قلت: فما قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاس يَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّدٌ هَذَا مُحَمَّدٌ! حتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ وَكَانَ رسول الله لَا يُضْرَبُ النَّاس بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاس رَكِبَ.

قَالَ ابْنُ عبَّاس: وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ.

هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنَّمَا رَكِبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ.

وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ حَيْثُ قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عبَّاس: أُرَانِي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَصِفْهُ لِي قُلْتُ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ عَلَى نَاقَةٍ وَقَدْ كَثُرَ النَّاس عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عبَّاس: ذَاكَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا لا يضربون عَنْهُ، وَلَا يُكْرَهُونَ.

فَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وليس فيه دلالة على أنه عليه السلام سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا إِذْ لَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَا غَيْرِهَا وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَ الجائز أنه عليه السلام بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ السَّعْيِ وَجُلُوسِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ وَخُطْبَتِهِ النَّاس وَأَمْرِهِ إِيَّاهُمْ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْسَخَ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ فَحَلَّ النَّاس كُلُّهُمْ إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.

ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أُتِيَ بِنَاقَتِهِ فَرَكِبَهَا وَسَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالْأَبْطَحِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا.

وَحِينَئِذٍ رَآهُ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْبِكْرِيُّ، وَهُوَ معدود في صغار الصحابة.

قُلْتُ قَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ إِلَى أَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ، وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ.

وَلَهُمْ أَنْ يَحْتَجُّوا بحديث جابر الطويل ودلالة على أنه سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا وَحَدِيثُهُ هَذَا أَنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم سَعَى بَيْنَهُمَا رَاكِبًا عَلَى تَعْدَادِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا مَرَّةً مَاشِيًا وَمَرَّةً رَاكِبًا.

وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ منصور في سند عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ أهلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِحَجَّتِهِ ثُمَّ أَقَامَ حَرَامًا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ هَذَا لَفْظُهُ.

وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَسَعَى

لَهُمَا سَعْيَيْنِ، وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي خَصَائِصِ عَلِيٍّ فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ، ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ أَوْ مَنْصُورٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: لَقِيتُ

ص: 181

عَلِيًّا وَقَدْ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وأهلَّ هُوَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

فَقُلْتُ: هَلْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ كَمَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَوْ كُنْتَ بَدَأْتَ بِالْعُمْرَةِ قُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ إِذَا أَرَدْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فَتُفِيضُهَا عَلَيْكَ ثُمَّ تُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا ثُمَّ تَطُوفُ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَتَسْعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ، وَلَا يَحِلُّ لَكَ حَرَامٌ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ.

قَالَ مَنْصُورٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لمجاهد قال: ما كنا نفئ إِلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ، فَأَمَّا الْآنَ فَلَا نَفْعَلُ.

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السَّعْيَ.

قَالَ: وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا مَجْهُولٌ.

وَإِنْ صَحَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ.

قَالَ وَقَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ أُخَرَ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَمَدَارُهَا عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَحَفْصِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَمَّادِ بْنِ عَبْدِ الرحمن كلهم ضعيف، لا يحتج بشئ مِمَّا رَوَوْهُ فِي ذَلِكَ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ: وَالْمَنْقُولُ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ خِلَافُ ذَلِكَ فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّهُ أهلَّ بِعُمْرَةٍ وَأَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَصَارَ قَارِنًا وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَالَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَسَعَى لَهُمَا سَعْيًا وَاحِدًا.

قَالَ التِّرمذي: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

قُلْتُ: إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَهَكَذَا جَرَى لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ أهلَّ بِعُمْرَةٍ لِعَدَمِ سَوْقِ الْهَدْيِ مَعَهَا، فَلَمَّا حَاضَتْ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ بِحَجٍّ مَعَ عُمْرَتِهَا فَصَارَتْ قَارِنَةً فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ مِنًى طَلَبَتْ أَنْ يُعْمِرَهَا مِنْ يعد الْحَجِّ فَأَعْمَرَهَا تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْحَدِيثِ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا مُسْلِمٌ - هُوَ ابْنُ

خَالِدٍ - الزَّنْجِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أن رسول الله قَالَ لِعَائِشَةَ: طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ.

وَهَذَا ظَاهِرُهُ الْإِرْسَالُ وَهُوَ مُسْنَدٌ فِي الْمَعْنَى بِدَلِيلِ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ وَرُبَّمَا قَالَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ فَذَكَرَهُ قَالَ الْحَافِظُ البيهقي: ورواه ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مَوْصُولًا.

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ وُهَيْبٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ ابن عبَّاس عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ: مَالَكِ تَبْكِينَ؟ قَالَتْ: أَبْكِي أَنَّ النَّاس حلُّوا وَلَمْ أَحِلَّ وَطَافُوا بِالْبَيْتِ، وَلَمْ أَطُفْ وَهَذَا الْحَجُّ قَدْ حَضَرَ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي وأهلِّي بِحَجٍّ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَلَمَّا طَهَرْتُ، قَالَ: طُوفِي بِالْبَيْتِ وبين الصفا والمروة ثم حَلِلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمَرَتِكِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ عُمْرَتِي، أَنِّي لَمْ أَكُنْ طُفْتُ حتَّى حَجَجْتُ قَالَ: اذْهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ.

وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَيْضًا أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ: لَمْ يَطُفِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا، وَعِنْدَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ

ص: 182