الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ صِفَتِهِ رضي الله عنه
كَانَ رضي الله عنه حسن الوجه دقيق الْبَشَرَةِ، كَبِيرَ اللِّحْيَةِ، مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ، عَظِيمَ الْكَرَادِيسِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، حسن الثغر، فيه سمرة، وَقِيلَ كَانَ فِي وَجْهِهِ شَيْءٌ مِنْ آثَارِ الْجُدَرِيِّ، رضي الله عنه. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ حسن الوجه والثغر، مربوعا، أصلع، أزوج الرجلين يخضب بالصفرة وقد كان شد أسنانه بالذهب وقد كسى ذراعيه الشعر وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ سعيد ابن أَبِي زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله ابن عُتْبَةَ. قَالَ: كَانَ لِعُثْمَانَ عِنْدَ خَازِنِهِ يَوْمَ قُتِلَ، ثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسُمِائَةِ أَلْفِ درهم، وَمِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ، فَانْتُهِبَتْ وَذَهَبَتْ، وَتَرَكَ أَلْفَ بَعِيرٍ بِالرَّبَذَةِ، وَتَرَكَ صَدَقَاتٍ كَانَ تَصَدَّقَ بِهَا، بئر أريس، وخيبر، ووادي القرى، فيه مائتا ألف دينار. [وبئر رومة كان اشتراها فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وسبّلها][1]
فصل
قَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ الْفِتَنِ قَتْلُ عُثْمَانَ، وَآخِرُ الْفِتَنِ الدَّجَّالُ.
وَرَوَى الْحَافِظُ بْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ مُوَرِّقٍ الباهلي، عن حجاج بن أبى عمار الصَّوَّافِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ حُذَيْفَةَ. قَالَ: أَوَّلُ الْفِتَنِ قَتْلُ عُثْمَانَ، وَآخِرُ الْفِتَنِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَمُوتُ رَجُلٌ وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ حُبِّ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَّا تَبِعَ الدَّجَّالَ إِنْ أَدْرَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ، آمَنَ بِهِ فِي قَبْرِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرُهُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ ثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ حَدَّثَنِي عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَالَ: اللَّهمّ إِنْ كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ خَيْرًا. فَلَيْسَ لِي فِيهِ نَصِيبٌ، وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ شَرًّا فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، والله لئن كان قتله خيرا ليحلبنه لبنا، وإن كان قتله شرا ليمتص بِهِ دَمًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ: ذكر محمد بن حمزة حدثني أبو عبد الله الحراني أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِهِ وَهُوَ يُنَاجِي امْرَأَتَهُ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا خيرا، فَقَالَ:
إِنَّ شَيْئًا تُسِرَّانِهِ دُونِي مَا هُوَ بِخَيْرٍ، قَالَ: قُتِلَ الرَّجُلُ- يَعْنِي عُثْمَانَ- قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي كُنْتُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ بِمَعْزِلٍ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَهُ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَهُ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، اليوم تغيرت القلوب يا عثمان، الْحَمْدُ للَّه الَّذِي سَبَقَ بِيَ الْفِتَنَ، قَادَتَهَا وعلوجها الخطى، من تردى بغيره فشبع شحما وقبل عَمَلُهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إبراهيم بن
[1] زيادة من عقد الجمان منسوبة لابن كثير.
عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ لَوْ كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ هُدًى لَاحْتَلَبَتْ بِهِ الْأُمَّةُ لَبَنًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ ضَلَالًا فَاحْتَلَبَتْ بِهِ الْأُمَّةُ دَمًا، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أنا حازم بْنُ الْفَضْلِ أَنَا الصَّعِقُ بْنُ حَزْنٍ ثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ. قَالَ: خَطَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَطْلُبِ النَّاسُ بِدَمِ عُثْمَانَ لَرُمُوا بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْهُ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ وَغَيْرُهُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيِّ. قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ جِئْتُ عَلِيًّا وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ فَقُلْتُ لَهُ: قُتِلَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: تَبًّا لَهُمْ آخِرَ الدَّهْرِ. وَفِي رِوَايَةٍ: خَيْبَةً لَهُمْ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا وَهُوَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ رَافِعًا صَوْتَهُ يَقُولُ: اللَّهمّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ. وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ. قَالَ: قُتِلَ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ غَائِبٌ فِي أَرْضٍ لَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي لَمْ أَرْضَ وَلَمْ أُمَالِئْ وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَوَقَعَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يَبْكِي حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ سَيَلْحَقُ بِهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عن ليث عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ وَلَا أَمَرْتُ ولكنى غلبت. ورواه غير ليث عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ. وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ إِنْ شَاءَ النَّاسُ حَلَفْتُ لَهُمْ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ باللَّه مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَلَا أَمَرْتُ بِقَتْلِهِ، وَلَقَدْ نَهَيْتُهُمْ فَعَصَوْنِي، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَلِيٍّ بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ: اللَّهمّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَأَنْكَرْتُ نَفْسِي، وَجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لِأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلًا قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأستحيى ممن تستحي منه الملائكة» وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل في الْأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ، فَانْصَرَفُوا، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ يَسْأَلُونِي الْبَيْعَةَ فَقُلْتُ: اللَّهمّ إِنِّي أشفق مِمَّا أُقْدِمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزْمَةٌ فَبَايَعْتُ. فلما قالوا: أمير المؤمنين كان صدع قلبي واسكت نفرة من ذلك. وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ بِجَمْعِ الطُّرُقِ الْوَارِدَةِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَكَانَ يُقْسِمُ عَلَى ذَلِكَ فِي خُطَبِهِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَلَا مَالَأَ وَلَا رَضِيَ بِهِ، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُ فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ. ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ 15: 47 وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قال: وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا 5: 93 وَفِي رِوَايَةٍ
أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه خَيْرَنَا وَأَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ، وَأَشَدَّنَا حَيَاءً، وَأَحْسَنَنَا طُهُورًا، وَأَتْقَانَا لِلرَّبِّ عز وجل. وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زيد عن مجالد عن عمير ابن رودي (كذا) أَبِي كَثِيرٍ. قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ فَقَطَعَ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِ خُطْبَتَهُ فَنَزَلَ فَقَالَ: إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ عُثْمَانَ كَمَثَلِ أَثْوَارٍ ثَلَاثَةٍ، أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، وَمَعَهُمْ فِي أَجَمَةٍ أَسَدٌ، فَكَانَ كُلَّمَا أَرَادَ قَتْلَ أَحَدِهِمْ مَنَعَهُ الْآخَرَانِ، فَقَالَ لِلْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ: إِنَّ هَذَا الْأَبْيَضَ قَدْ فَضَحَنَا فِي هَذِهِ الْأَجَمَةِ فَخَلِّيَا عَنْهُ حَتَّى آكُلَهُ، فَخَلَّيَا عَنْهُ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ كَانَ كُلَّمَا أَرَادَ أَحَدَهُمَا مَنَعَهُ الْآخَرُ فَقَالَ لِلْأَحْمَرِ: إِنَّ هَذَا الْأَسْوَدَ قَدْ فَضَحَنَا فِي هَذِهِ الْأَجَمَةِ، وَإِنَّ لَوْنِي عَلَى لَوْنِكَ فَلَوْ خَلَّيْتَ عَنْهُ أَكَلْتُهُ فَخَلَّى عَنْهُ الْأَحْمَرُ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَحْمَرِ: إِنِّي آكِلُكَ، فَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَصِيحَ ثَلَاثَ صَيْحَاتٍ، فَقَالَ دُونَكَ، فَقَالَ: أَلَا إِنِّي إِنَّمَا أُكِلْتُ يَوْمَ أكل الأبيض ثلاثا فلو انى نصرته لما اكلت. ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ:
وَإِنَّمَا أَنَا وَهَنْتُ يَوْمَ قتل عثمان ولو انى نصرته لما وهنت، قَالَهَا ثَلَاثًا. وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ محمد بن هارون الحضرميّ عن سويد بن عبد الله القشيري الْقَاضِي عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجِيءُ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ فَتَحْمِلُ وِقْرَهَا وَتَقُولُ: اللَّهمّ بَدِّلْ، اللَّهمّ غَيِّرْ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه
قُلْتُمُ بَدِّلْ فَقَدْ بَدَّلَكُمْ
…
سَنَةً حَرَّى وَحَرْبًا كَاللَّهَبْ
مَا نَقِمْتُمْ مِنْ ثِيَابٍ خِلْفَةٍ
…
وَعَبِيدٍ وَإِمَاءٍ وَذَهَبْ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ- وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وكان ممن جَانَبَ عُثْمَانَ- فَلَمَّا قُتِلَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْنَا قَتْلَهُ، وَلَا كُنَّا نَرَى أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ الْقَتْلَ، اللَّهمّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ أَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا وَلَا أَضْحَكَ حَتَّى أَلْقَاكَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ أَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي وَأُخْتَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوِ ارْفَضَّ أُحُدٌ فِيمَا صَنَعْتُمْ بِابْنِ عَفَّانَ لَكَانَ حَقِيقًا. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في صحيحه.
وروى محمد بن عائد عن إسماعيل بن عباس عَنْ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ. قَالَ:
سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رَجُلًا يَقُولُ لِآخَرَ: قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَلَمْ يَنْتَطِحُ فِيهِ عَنْزَانِ. فَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ أَجَلْ! إِنَّ الْبَقَرَ وَالْمَعْزَ لَا تَنْتَطِحُ في قتل الخليفة، ولكن ينتطح فيه الرجال بالسلاح، والله لتقتلن بِهِ أَقْوَامٌ إِنَّهُمْ لَفِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ مَا ولدوا بعد. وقال ليث عن طاووس. قَالَ: قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: يُحَكَّمُ عُثْمَانُ يَوْمَ القيامة في القتال وَالْخَاذِلِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ: ثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ ثَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ سَمِعْتُ أَبَا الْأَسْوَدِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إلى من أن أشرك في قتل عُثْمَانَ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الهبانى ثنا البراء
ابن أبى فضال ثَنَا الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ رَضِيعِ الْجَارُودِ. قَالَ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِي عَجَبًا، رَأَيْتُ الرَّبَّ تبارك وتعالى فَوْقَ عَرْشِهِ فَجَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عِنْدَ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ أَبِي بكر، ثم جاء عثمان فكان بيده- يعنى رأسه- فَقَالَ: رَبِّ سَلْ عِبَادَكَ فِيمَ قَتَلُونِي؟ فَانْبَعَثَ مِنَ السَّمَاءِ مِيزَابَانِ مِنْ دَمٍ فِي الْأَرْضِ، قَالَ فَقِيلَ لِعَلِيٍّ أَلَا تَرَى مَا يُحَدِّثُ بِهِ الْحَسَنُ؟! فَقَالَ: حَدَّثَ بِمَا رَأَى. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ عن جميع بن عمير عن عبد الرحمن بن مجالد عن حرب الْعِجْلِيِّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ- بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: مَا كُنْتُ لِأُقَاتِلَ بَعْدَ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا، رَأَيْتُ الْعَرْشَ وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم متعلق بِالْعَرْشِ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى منكب رسول الله، وَكَانَ عُمَرُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ دَمًا دُونَهُمْ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فقيل: دَمُ عُثْمَانَ يَطْلُبُ اللَّهَ بِهِ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ أَنَّهُ قَالَ: يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ نَفَرَتِ الْقُلُوبُ مَنَافِرَهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَتَآلَفُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: قَالَتْ عائشة: مصصتموه مص الْإِنَاءِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ؟ وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ ثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ ثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إسحاق عن عون بن عبد الله ابن عُتْبَةَ. قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: غَضِبْتُ لَكُمْ مِنَ السَّوْطِ وَلَا أَغْضَبُ لِعُثْمَانَ مِنَ السَّيْفِ، اسْتَعْتَبْتُمُوهُ حتى إذا تركتموه كالقعب الْمُصَفَّى قَتَلْتُمُوهُ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ.
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ: تَرَكْتُمُوهُ كَالثَّوْبِ النَّقِيِّ مِنَ الدَّنَسِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ قَرَّبْتُمُوهُ ثم ذبحتموه كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ؟ فَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ: هَذَا عملك، أنت كتبت إلى الناس تأمريهم أَنْ يَخْرُجُوا إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَا وَالَّذِي آمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَكَفَرَ بِهِ الْكَافِرُونَ، مَا كَتَبْتُ لهم سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ حَتَّى جَلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا. قَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَى لِسَانِهَا.
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَيْهَا. وَفِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ، زَوَّرُوا كُتُبًا عَلَى لِسَانِ الصَّحَابَةِ إِلَى الْآفَاقِ يُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى قِتَالِ عُثْمَانَ، كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا حَزْمٌ الْقُطَعِيُّ ثَنَا أَبُو الأسود بن سوادة أخبرنى طلق بن حسان قال: قَالَ قُتِلَ عُثْمَانُ فَتَفَرَّقْنَا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَسْأَلُهُمْ عَنْ قَتْلِهِ فَسَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: قُتِلَ مَظْلُومًا لَعَنَ اللَّهُ قَتَلَتَهُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لَمَّا سَمِعَتْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ: رحمه الله، أما إنه لم يحلبوا بَعْدَهُ إِلَّا دَمًا.
وَأَمَّا كَلَامُ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ فِي هَذَا الْفَصْلِ فَكَثِيرٌ جِدًّا يَطُولُ ذِكْرُنَا لَهُ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ حِينَ رَأَى الْوَفْدَ الَّذِينَ قَدِمُوا مِنْ قَتْلِهِ: انكم مثلهم أو أعظم جرما أَمَا مَرَرْتُمْ بِبِلَادِ ثَمُودَ؟ قَالُوا: نَعَمْ! قَالَ: فأشهد