الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دِرْهَمٍ فِيهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَأَخْبَرْتُهُ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي إِلَّا أَنَّهُ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ نَائِمٌ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، قَالَ: ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ» وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بن خصيفة عن أبى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ الرحمن بن عثمان التميمي أهي صلاة طلحة بن عبيد الله عَنْ صَلَاةِ عُثْمَانَ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: قُلْتُ لَأَغْلِبَنَّ اللَّيْلَةَ النَّفَرَ عَلَى الْحَجَرِ- يَعْنِي الْمَقَامَ- فلما قمت فإذا رجل يرجمنى مُقَنَّعًا قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا بِعُثْمَانَ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ فصلى فإذا هو يسجد بسجود الْقُرْآنِ، حَتَّى إِذَا قُلْتُ هَذَا هُوَ أَذَانُ الْفَجْرِ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَهَا ثُمَّ انْطَلَقَ» . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ صَلَّى بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، أَيَّامَ الْحَجِّ، وَقَدْ كَانَ هَذَا مِنْ دَأْبِهِ رضي الله عنه. وَلِهَذَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ 39: 9 قَالَ: هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ 16: 76 قال: هو عثمان. وَقَالَ حَسَّانُ:
ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ
…
يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنَا
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ مُوسَى سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ قَالَ عُثْمَانُ: لَوْ أَنَّ قُلُوبَنَا طَهُرَتْ مَا شَبِعْنَا مِنْ كَلَامِ رَبِّنَا، وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ، وَمَا مَاتَ عُثْمَانُ حَتَّى خَرَقَ مُصْحَفَهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا يُدِيمُ النَّظَرَ فِيهِ. وَقَالَ أَنَسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ يوم الدار: اقتلوه أو دعوه، فو الله لَقَدْ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ بِالْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ رضي الله عنه كَانَ لَا يُوقِظُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُعِينَهُ عَلَى وُضُوئِهِ، إِلَّا أن يجده يقظانا، وكان يصوم الدهر، وكان يعاتب فيقال: لَوْ أَيْقَظْتَ بَعْضَ الْخَدَمِ؟ فَيَقُولُ: لَا! اللَّيْلُ لَهُمْ يَسْتَرِيحُونَ فِيهِ. وَكَانَ إِذَا اغْتَسَلَ لَا يَرْفَعُ الْمِئْزَرَ عَنْهُ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْفَعُ صُلْبَهُ جَيِّدًا مِنْ شِدَّةِ حيائه رضي الله عنه.
فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ من خطبه
قال الواقدي: حدثني إبراهيم بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا بُويِعَ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَوَّلَ كُلِّ مَرْكَبٍ صَعْبٌ، وَإِنَّ بَعْدَ الْيَوْمِ أياما، وإن أعش تأتكم الخطب عَلَى وَجْهِهَا، وَمَا كُنَّا خُطَبَاءَ وَسَيُعَلِّمُنَا اللَّهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: خَطَبَ عُثْمَانُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! اتَّقُوا اللَّهَ فان فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ غُنْمٌ، وَإِنَّ أَكْيَسَ النَّاسِ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَاكْتَسَبَ مِنْ نُورِ اللَّهِ نُورًا لِظُلْمَةِ الْقَبْرِ، وَلْيَخْشَ عَبْدٌ أَنْ يَحْشُرَهُ اللَّهُ أَعْمَى، وَقَدْ كان بصيرا، وقد يلقى الْحَكِيمُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَالْأَصَمُّ يُنَادَى مِنْ مَكَانٍ بعيد، واعلموا أن من كان الله له لَمْ يَخَفْ شَيْئًا، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ