الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي هَذَا الْفَصْلِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَحْدَهُ أَبُو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، الشَّاعِرُ، اسْمُهُ حَرْمَلَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ كَانَ نَصْرَانِيًّا وَكَانَ يُجَالِسُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ فَاسْتَنْشَدَهُ شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً لَهُ فِي الْأَسَدِ بَدِيعَةً، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: تَفْتَأُ تَذْكُرُ الْأَسَدَ مَا حَيِيتَ؟ إِنِّي لَأَحْسَبُكَ جَبَانًا نَصْرَانِيًّا أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ الْعَامِرِيُّ، أَخُو أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ، أُمُّهُمَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بعدها، قال الزبير: لَا نَعْلَمُ بَدْرِيًّا سَكَنَ مَكَّةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سواه، قال: وأهله ببدر في ذَلِكَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَحَدُ نُقَبَاءِ لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ، وَقِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَبُو هَاشِمِ بْنُ عتبة نقدم وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه
وَلِنَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ تَرْجَمَتِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ قَبْلَ ذَلِكَ
هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهُ شَيْبَةُ بْنِ هَاشِمٍ وَاسْمُهُ عَمْرٌو ابن عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ، بْنُ قُصَيٍّ، وَاسْمُهُ زَيْدٌ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ أَبُو الْحَسَنِ والحسين، ويكنى بأبي تراب، وأبى القاسم الْهَاشِمِيُّ، ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَتَنُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ. وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ، وَيُقَالُ إِنَّهَا أَوَّلُ هَاشِمِيَّةٍ وَلَدَتْ هَاشِمِيًّا. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْإِخْوَةِ طَالِبٌ، وَعَقِيلٌ، وَجَعْفَرٌ، وَكَانُوا أَكْبَرَ مِنْهُ، بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَبَيْنَ الْآخَرِ عَشْرُ سِنِينَ، وَلَهُ أُخْتَانِ، أُمُّ هَانِئٍ وَجُمَانَةُ، وَكُلُّهُمْ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ كَانَ عَلِيٌّ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَأَحَدَ الستة أصحاب الشورى، وكان ممن تُوُفِّيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاضٍ عَنْهُمْ وَكَانَ رَابِعَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَكَانَ رجلا آدم شديد الأدمة أشكل العينين عظيمهما، ذُو بَطْنٍ، أَصْلَعَ، وَهُوَ إِلَى الْقِصَرِ أَقْرَبُ وَكَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ، قَدْ مَلَأَتْ صَدْرَهُ وَمَنْكِبَيْهِ، أبيضها، وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الصَّدْرِ وَالْكَتِفَيْنِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، ضَحُوكَ السِّنِّ، خَفِيفَ الْمَشْيِ عَلَى الْأَرْضِ أَسْلَمَ عَلِيٌّ قَدِيمًا، وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَقِيلَ ابْنُ ثمان، وقيل تسع، وقيل عشر، وقيل أحد عشر، وقيل اثني عشر، وقيل ثلاثة عشر، وَقِيلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ [وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ][1] مِنَ الْغِلْمَانِ، كَمَا أَنَّ خَدِيجَةَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَتْ مِنَ النِّسَاءِ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمَوَالِي، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ، وَكَانَ سَبَبُ إِسْلَامِ عَلِيٍّ صَغِيرًا أَنَّهُ كَانَ فِي كَفَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَصَابَتْهُمْ سَنَةُ مجاعة، فأخذه من أبيه، فكان عنده، فلما
[1] زيادة من المصرية.
بَعَثَهُ اللَّهُ بِالْحَقِّ آمَنَتْ خَدِيجَةُ وَأَهْلُ الْبَيْتِ وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ عَلِيٌّ، وَكَانَ الْإِيمَانُ النَّافِعُ الْمُتَعَدِّي نَفْعُهُ إِلَى النَّاسِ إِيمَانَ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه. وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ أَوْرَدَهَا ابْنُ عَسَاكِرَ كَثِيرَةٌ مُنْكَرَةٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ- رَجُلًا مِنْ مَوَالِي الْأَنْصَارِ- قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ وَفِي رِوَايَةٍ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى. قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّخَعِيِّ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: أَوَّلُ مَنْ آمن من النساء خَدِيجَةُ وَأَوَّلُ رَجُلَيْنِ آمَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ وَلَكِنْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُظْهِرُ إِيمَانَهُ وَعَلِيٌّ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ، قُلْتُ: يَعْنِي خَوْفًا مِنْ أَبِيهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِمُتَابَعَةِ ابْنِ عَمِّهِ وَنُصْرَتِهِ، وَهَاجَرَ عَلِيٌّ بَعْدَ خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ وَكَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَرَدِّ وَدَائِعِهِ، ثُمَّ يَلْحَقُ بِهِ، فَامْتَثَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، ثُمَّ هَاجَرَ، وَآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَهُ وبين نفسه، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا، وَرَكَّةِ بَعْضِ مُتُونِهَا، فَإِنَّ فِي بَعْضِهَا «أَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي وَخَلِيفَتِي وَخَيْرُ مَنْ أُمِّرَ بَعْدِي» وَهَذَا الْحَدِيثُ موضوع مخالف لما ثبت في الصحيحين وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ شَهِدَ عَلِيٌّ بَدْرًا وكانت له الوليد الْبَيْضَاءُ فِيهَا، بَارَزَ يَوْمَئِذٍ فَغَلَبَ وَظَهَرَ وَفِيهِ وفي عمه حمزة وابن عمه عبيدة ابن الْحَارِثِ وَخُصُومِهِمُ الثَّلَاثَةِ- عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ- نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ 22: 19 الآية. وَقَالَ الْحَكَمُ وَغَيْرُهُ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً» وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنْظَلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: نَادَى مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ يُقَالُ لَهُ رِضْوَانُ لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَهَذَا مُرْسَلٌ وَإِنَّمَا تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ عَلِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مسعر عن أبى عوف عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قِيلَ لِي يَوْمَ بَدْرٍ وَلِأَبِي بَكْرٍ قِيلَ لِأَحَدِنَا مَعَكَ جِبْرِيلُ وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ قَالَ وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ وَلَا يُقَاتِلُ وَيَكُونُ فِي الصَّفِّ. وَشَهِدَ عَلِيٌّ أُحُدًا وَكَانَ عَلَى الميمنة ومعه الراية بعد مصعب ابن عُمَيْرٍ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَلَى الْقَلْبِ وَعَلَى الرَّجَّالَةِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَقِيلَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأسود، وقد قاتل على يوم أحد قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَغَسَلَ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الدم الّذي كان أصابه من الجراح حين شج في وجهه وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ وَشَهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ فارس العرب، وأحد شجعانهم المشاهير، عمر وابن عبد ودّ العامري، كما قدمنا ذلك في غزوة الخندق، وَشَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَبَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَشَهِدَ خَيْبَرَ
وَكَانَتْ لَهُ بِهَا مَوَاقِفُ هَائِلَةٌ، وَمَشَاهِدُ طَائِلَةٌ، مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» فَبَاتَ النَّاسُ يذكرون أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَدَعَا عَلِيًّا- وَكَانَ أَرْمَدَ- فَدَعَا لَهُ، وَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ فَلَمْ يَرْمَدْ بَعْدَهَا، فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَتَلَ مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ وَذَكَرَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ يَهُودِيًّا ضَرَبَ عَلِيًّا فَطَرَحَ تُرْسَهُ، فَتَنَاوَلَ بَابًا عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَتَرَّسَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنَا وسبعة معى نجتهد أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ عَلَى ظَهْرِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَسْتَطِعْ. وَقَالَ لَيْثٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ عَلَى ظَهْرِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ حَتَّى صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عليه ففتحوها، فلم يحملوه إِلَّا أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَمِنْهَا أَنَّهُ قَتَلَ مَرْحَبًا فارس يهود وشجعانهم وشهد على عُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَفِيهَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَنْتَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكَ» وَمَا يُذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُصَّاصِ فِي مُقَاتَلَتِهِ الْجِنَّ فِي بِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ- وَهُوَ بِئْرٌ قَرِيبٌ مِنَ الْجُحْفَةِ- فَلَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مِنْ وَضْعِ الْجَهَلَةِ مِنَ الْأَخْبَارِيِّينَ فَلَا يُغْتَرُّ بِهِ. وَشَهِدَ الْفَتْحَ وَحُنَيْنًا وَالطَّائِفَ، وَقَاتِلَ فِي هَذِهِ الْمَشَاهِدِ قِتَالًا كَثِيرًا، وَاعْتَمَرَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [وَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم][1] إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ له: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُخَلِّفَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمِيرًا وَحَاكِمًا عَلَى الْيَمَنِ، وَمَعَهُ خَالِدُ ابن الْوَلِيدِ، ثُمَّ وَافَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، إِلَى مَكَّةَ، وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا، وَأَهَلَّ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى إِحْرَامِهِ، [وَنَحَرَا هَدْيَهُمَا بَعْدَ فَرَاغِ نُسُكِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ] [2] وَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فيمن الْأَمْرِ بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُ فَإِنَّهُ إِنْ مَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوصِ إِلَيْهِ وَلَا إِلَى غَيْرِهِ بِالْخِلَافَةِ، بَلْ لَوَّحَ بِذِكْرِ الصِّدِّيقِ، وَأَشَارَ إِشَارَةً مُفْهِمَةً ظَاهِرَةً جِدًّا إِلَيْهِ، كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ وللَّه الْحَمْدُ.
وَأَمَّا مَا يَفْتَرِيهِ كَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الشِّيعَةِ وَالْقُصَّاصِ الْأَغْبِيَاءِ، مِنْ أَنَّهُ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ، فَكَذِبٌ وَبَهْتٌ وَافْتِرَاءٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُ مِنْهُ خَطَأٌ كبير، من تخوين الصحابة وممالأتهم بعده عَلَى تَرْكِ إِنْفَاذِ وَصِيَّتِهِ وَإِيصَالِهَا إِلَى مَنْ أوصى إليه، وصرفهم إياها إلى غيره، ولا لِمَعْنًى وَلَا لِسَبَبٍ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ باللَّه، وَرَسُولِهِ يَتَحَقَّقُ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْحَقُّ، يَعْلَمُ بُطْلَانَ هَذَا الِافْتِرَاءِ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا خَيْرَ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُمْ خَيْرُ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْأُمَمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وإجماع
[1، 2] سقط من الحلبية.