الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ يَهْلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينُهُمْ يَقُمْ لَهُمْ سَبْعِينَ عَامًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِمَّا مَضَى أَمْ مِمَّا بَقِيَ؟ قَالَ: بَلْ مِمَّا بَقِيَ» . وَقَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ في كتاب جمعه في سيرة على عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ مَنْصُورٍ بِهِ مِثْلَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ عَنْ مجالد عن عامر الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنْ رَحَى الْإِسْلَامِ سَتَزُولُ بَعْدَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَإِنْ يَصْطَلِحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا، وَإِنْ يَقْتَتِلُوا يَرْكَبُوا سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ» وَقَالَ ابْنُ دِيزِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ الشَيْبَانَيُّ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حوشب عن إبراهيم التميمي. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ عِنْدَ قَتْلِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ» - يَعْنِي عُثْمَانَ رضي الله عنه وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْأَشْيَاخِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُعِيَ إِلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ- وَهُوَ قَاعِدٌ ينتظرها- «كيف أنتم إذا راعيتم حملين [كذا] في الإسلام؟
قال أبو بكر: أَوَ يَكُونُ ذَلِكَ فِي أُمَّةٍ إِلَهُهَا وَاحِدٌ ونبيها واحد؟ قال: نعم! قال: أَفَأُدْرِكُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا! قَالَ عُمَرُ: أَفَأُدْرِكُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا! قَالَ عُثْمَانُ: أَفَأُدْرِكُ ذَلِكَ يَا رسول الله؟
قال: نعم! بك يفتنون» وقال أيضا عمر لابن عباس: كيف يختلفون وإلههم واحد وكتابهم واحد وملتهم واحدة؟ فقال: إنه سيجيء قوم لا يفهمون القرآن كما نفهمه، فيختلفون فيه فإذا اختلفوا فيه اقتتلوا. فأقر عمر بن الخطاب بِذَلِكَ. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- أَخُو أَبِي حَمْزَةَ- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: لَا يَنْتَطِحُ فِي قَتْلِهِ عَنْزَانِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَقِيلَ: لَا يَنْتَطِحُ فِي قَتْلِهِ عَنْزَانِ، فَقَالَ: بَلَى وَتُفْقَأُ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ مَرَّ بِصِفِّينَ فَرَأَى حِجَارَتَهَا فَقَالَ: لَقَدِ اقْتَتَلَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَنُو إِسْرَائِيلَ تِسْعَ مَرَّاتٍ، وَإِنَّ الْعَرَبَ سَتَقْتَتِلُ فِيهَا الْعَاشِرَةَ، حَتَّى يَتَقَاذَفُوا بِالْحِجَارَةِ الَّتِي تَقَاذَفَ فيها بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَتَفَانَوْا كَمَا تَفَانَوْا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسِنَةٍ عَامَّةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يسلط عليهم عدوا من سواهم فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا» ذَكَرْنَا ذَلِكَ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ 6: 65 قال رسول الله: هَذَا أَهْوَنُ.
قِصَّةُ التَّحْكِيمِ
ثُمَّ تَرَاوَضَ الْفَرِيقَانِ بَعْدَ مُكَاتَبَاتٍ وَمُرَاجَعَاتٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا عَلَى التَّحْكِيمِ، وَهُوَ أَنْ يُحَكِّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمِيرَيْنِ- عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ- رَجُلًا مِنْ جِهَتِهِ. ثُمَّ يَتَّفِقَ الحكمان على ما فيه مصلحة لِلْمُسْلِمِينَ. فَوَكَّلَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَأَرَادَ عَلِيٌّ أَنْ يُوَكِّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ- وليته فعل-
ولكنه منعه القراء مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَقَالُوا: لَا نَرْضَى إِلَّا بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَذَكَرَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي كِتَابِ الْخَوَارِجِ لَهُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَشَارَ بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَتَابَعَهُ أهل اليمن، ووصفوه أنه كَانَ يَنْهَى النَّاسَ عَنِ الْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ، وَكَانَ أَبُو مُوسَى قَدِ اعْتَزَلَ فِي بَعْضِ أَرْضِ الْحِجَازِ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنِّي أَجْعَلُ الْأَشْتَرَ حَكَمًا، فقالوا: وهل سعر الحرب وشعر الْأَرْضَ إِلَّا الْأَشْتَرُ؟ قَالَ:
فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَالَ الْأَحْنَفُ لِعَلِيٍّ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَمَيْتَ بِحَجَرٍ إنه لا يصلح هؤلاء الْقَوْمِ إِلَّا رَجُلٌ مِنْهُمْ، يَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى يصير في أكفهم، ويبتعد حَتَّى يَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ النَّجْمِ، فَإِنْ أَبَيْتَ أَنْ تجعلني حكما فاجعلني ثانيا وثالثا، فإنه لن يعقد عقدة إلا أحلها، وَلَا يَحُلَّ عُقْدَةً عَقَدْتُهَا إِلَّا عَقَدْتُ لَكَ أُخْرَى مِثْلَهَا أَوْ أَحْكَمَ مِنْهَا. قَالَ: فَأَبَوْا إِلَّا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ فَذَهَبَتِ الرُّسُلُ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ- وَكَانَ قَدِ اعْتَزَلَ- فَلَمَّا قِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اصْطَلَحُوا قَالَ: الْحَمْدُ للَّه، قِيلَ لَهُ: وَقَدْ جُعِلْتَ حَكَمًا، فَقَالَ: إِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ أَخَذُوهُ حَتَّى أَحْضَرُوهُ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه وَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَابًا هَذِهِ صُورَتُهُ.
بِسْمِ الله الرحمن الرحيم هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: اكْتُبِ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ، هُوَ أَمِيرُكُمْ وَلَيْسَ بِأَمِيرِنَا، فَقَالَ الْأَحْنَفُ: لَا تَكْتُبْ إِلَّا أَمِيرَ المؤمنين، فقال على: امح أمير المؤمنين وَاكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ اسْتَشْهَدَ عَلِيٌّ بِقِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ حين امتنع أهل مكة هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَامْتَنَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فكتب الكاتب: هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، قَاضَى عَلِيٌّ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ شِيعَتِهِمْ وَالْمُسْلِمِينَ، وَقَاضَى مُعَاوِيَةُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ إِنَّا نَنْزِلُ عند حكم الله وكتابه ونحيى ما أحيى الله، وَنُمِيتُ مَا أَمَاتَ اللَّهُ فَمَا وَجَدَ الْحَكَمَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ- وَهُمَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ- عَمِلَا بِهِ وَمَا لَمْ يَجِدَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَالسُّنَّةُ الْعَادِلَةُ الْجَامِعَةُ غَيْرُ الْمُتَفَرِّقَةِ ثُمَّ أَخَذَ الْحَكَمَانِ مِنْ عَلِيٍّ ومعاوية ومن الجندين العهود والمواثيق أَنَّهُمَا آمِنَانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَأَهْلِهِمَا، وَالْأُمَّةُ لَهُمَا أنصار على الذين يتقاضيان عليه، وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ كِلَيْهِمَا عَهْدُ الله وميثاقه أنهما عَلَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، وَأَجَّلَا الْقَضَاءَ إِلَى رَمَضَانَ وَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يُؤَخِّرَا ذَلِكَ عَلَى تَرَاضٍ مِنْهُمَا، وَكُتِبَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، عَلَى أَنْ يُوَافِيَ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ مَوْضِعَ الْحَكَمَيْنِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَمَضَانَ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَكَمَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا لِذَلِكَ اجْتَمَعَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ بأذرح، وقد ذكر الهيثم في كتابه في الْخَوَارِجِ أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ لَمَّا ذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالْكِتَابِ وَفِيهِ: «هَذَا مَا قَاضَى عبد الله على