الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن إِبْرَاهِيمَ ثَنَا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَنْصُورٍ الْعَنَزِيُّ- اسْمُهُ النَّضْرُ- ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْيَشْكَرِيُّ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الْجَنَّةِ» وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَنَا وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ متقابلين) وَقَالَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقَعُ فِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضى الله عنهم فَجَعَلَ سَعْدٌ يَنْهَاهُ وَيَقُولُ: لَا تَقَعْ فِي إخواني فأبى فقام فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنْ كَانَ سخطا لَكَ فِيمَا يَقُولُ، فَأَرِنِي فِيهِ الْيَوْمَ آيَةً واجعله للناس عبرة. فخرج الرجل فإذا بِبُخْتِيٍّ يَشُقُّ النَّاسُ فَأَخَذَهُ بِالْبَلَاطِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ كِرْكِرَتِهِ وَالْبَلَاطِ فَسَحَقَهُ حَتَّى قَتَلَهُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأَنَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَتَّبِعُونَ سَعْدًا وَيَقُولُونَ: هَنِيئًا لَكَ أَبَا إِسْحَاقَ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكَ.
والزبير بن العوام بن خويلد
ابن أسد بن عبد العزى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بن مالك ابن النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْأَسَدِيُّ، وَأُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
أسلم قَدِيمًا وَعُمُرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ أَقَلُّ وقيل أكثرها. جر إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ إِلَى الْمَدِينَةَ فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍّ، وَقَدْ شَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَحْزَابِ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: أَنَا، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لكل نبي حواريا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ زِرٍّ عَنْ عَلِيٍّ، وَثَبَتَ عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ:«جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْهِ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ» وَرُوِيَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَلَّ سَيْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَذَلِكَ بِمَكَّةَ حِينَ بَلَغَ الصَّحَابَةَ أَنَّ رَسُولَ الله قد قتل فجاء شَاهِرًا سَيْفَهُ حَتَّى رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَامَ سَيْفَهُ، وَهُوَ أَحَدُ الْعَشْرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عنهم راض، وصحب الصديق فأحس صحبته، وكان ختنه على ابنته أسماء بنت الصديق، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنْهَا أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَخَرَجَ مَعَ النَّاسِ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا فَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ فَتَشَرَّفُوا بِحُضُورِهِ، وَكَانَتْ لَهُ بِهَا الْيَدُ الْبَيْضَاءُ وَالْهِمَّةُ الْعَلْيَاءُ، اخْتَرَقَ جيوش الروم وصفوفهم مَرَّتَيْنِ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، وَكَانَ مِنْ جملة من دافع عن عثمان وحاجف عَنْهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجَمَلِ ذَكَّرَهُ عَلِيٌّ بما ذكَّره به فَرَجَعَ عَنِ الْقِتَالِ وَكَرَّ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَرَّ بِقَوْمِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ- وَكَانُوا قَدِ انعزلوا عن الفريقين- فقال قائل يقال له الْأَحْنَفُ: مَا بَالَ هَذَا جَمَعَ بَيْنَ النَّاسِ
حتى إذا التقوا كر راجعا إلى بيته؟ مَنْ رَجُلٌ يَكْشِفُ لَنَا خَبَرَهُ؟ فَاتَّبَعَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ وَفَضَالَةُ بْنُ حَابِسٍ وَنُفَيْعٌ فِي طَائِفَةٍ مِنْ غُوَاةِ بَنِي تَمِيمٍ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمَّا أَدْرَكُوهُ تَعَاوَنُوا عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ وَيُقَالُ بَلْ أَدْرَكَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ: ادْنُ! فقال مولى الزبير، واسمه عطية- إن معه سلاحا فقال: وإن، فتقدم إليه فجعل يحدثه وكان وَقْتُ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ:
الصَّلَاةُ فَقَالَ: الصلاة فتقدم الزبير فيصلي بِهِمَا فَطَعَنَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتْلَهُ وَيُقَالُ بَلْ أَدْرَكَهُ عَمْرٌو بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي السِّبَاعِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْقَائِلَةِ فَهَجَمَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَشْهَرُ، وَيَشْهَدُ لَهُ شَعْرُ امْرَأَتُهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل وكانت آخَرَ مَنْ تَزَوَّجَهَا وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عُمَرَ بن الخطاب فقتل عنها وكانت قبله تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقُتِلَ عَنْهَا فَلَمَّا قُتِلَ الزُّبَيْرُ رَثَتْهُ بِقَصِيدَةٍ مَحْكَمَةِ الْمَعْنَى فَقَالَتْ:
غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوزٍ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ
…
يَوْمَ اللِّقَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ
يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهْ
…
لَا طَائِشًا رَعِشَ الْجَنَانِ وَلَا الْيَدِ
ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَنْ ظَفَرْتَ بِمِثْلِهِ
…
مِمَّنْ بَقِي مِمَّنْ يَرُوحُ وَيَغْتَدِي
كَمْ غَمْرَةٍ قَدْ خَاضَهَا لَمْ يَثْنِهِ
…
عَنْهَا طِرَادُكَ يا ابن فقع العردد
وَاللَّهِ رَبِّي إِنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا
…
حَلَّتْ عَلَيْكَ عُقُوبَةُ الْمُتَعَمِّدِ
وَلَمَّا قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ فاحتز رَأْسَهُ وَذَهَبَ بِهِ إِلَى عَلِيٍّ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ حُظْوَةٌ عِنْدَهُ فَاسْتَأْذَنَ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تَأْذَنُوا لَهُ وَبَشِّرُوهُ بِالنَّارِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بِشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ» وَدَخَلَ ابْنُ جُرْمُوزٍ وَمَعَهُ سَيْفُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ هَذَا السيف طال ما فَرَّجَ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيُقَالُ إِنَّ عَمْرَو بْنَ جُرْمُوزٍ لَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَقِيلَ بَلْ عَاشَ إِلَى أَنْ تَأَمَّرَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَلَى الْعِرَاقِ فَاخْتَفَى مِنْهُ، فَقِيلَ لِمُصَعَبٍ:
إن عمرو بن جرموز ها هنا وَهُوَ مُخْتَفٍ، فَهَلْ لَكَ فِيهِ؟ فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيَظْهَرْ فَهُوَ آمِنٌ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ لِأُقِيدَ لِلزُّبَيْرِ مِنْهُ فَهُوَ أَحْقَرُ مِنْ أَنْ أَجْعَلَهُ عِدْلًا لِلزُّبَيْرِ، وَقَدْ كَانَ الزُّبَيْرُ ذَا مَالٍ جزيل وصدقات كثيرة جدا، لما كَانَ يَوْمُ الْجَمَلِ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا قُتِلَ وَجَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ ألفى ألف ومائتا أَلْفٍ فَوَفَّوْهَا عَنْهُ، وَأَخْرَجُوا بَعْدَ ذَلِكَ ثُلُثَ ماله الّذي أَوْصَى بِهِ ثُمَّ قُسِمَتِ التَّرِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فأصاب كل واحدة من الزوجات الأربع مِنْ رُبُعِ الثُّمُنِ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَجْمُوعُ مَا قُسِمَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ وَالثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ ألف ومائتا ألف فتلك الجملة سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَسِتُّمِائَةِ أَلْفٍ وَالدَّيْنُ الْمُخْرَجُ قَبْلَ ذَلِكَ أَلْفَا أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ جَمِيعُ مَا تَرَكَهُ مِنَ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وثمانمائة