الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي هريرة السابق من رواياته الثلاث عن الزهري، فإن فيه لفظ (القص)، وفي رواية لابن عمر بلفظ (الجز) وهو القص. وفي الأثر عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} ، قال: خمس في الرأس وخمس في الجسد، وذكر منهم قص الشارب، وقول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم "من السنة قص الشارب"، فهذا يدل على أن المطلوب فيه القص وأنه لا يحلق وحديث أبي هريرة عند مسلم:"جزوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المجوس"، ولمسلم من رواية أبي الزبير عن عائشة:"من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية"، ولأبي داود عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الفطرة المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب.
وقد اختلف العلماء في السنة في ذلك: فذهب الكوفيون إلى استئصاله، وجوّز أحمد الأمرين، وروي عنه أنه كان يحفيه، وكره مالك إحفاءه وقال: إنه مُثلة، وروي عنه أن فاعل ذلك يؤدب، وأما الشافعي فلم يثبت عنه التصريح في ذلك بشيء، لكن رُوي عن المزني والربيع أنهما كانا يحفيان شواربهما، وقد نسب إليه بعض المالكية كما ذكره ابن القيم أن مذهبه في ذلك كمذهب أبي حنيفة. والذي رجحه النووي وقال إنه المختار: ترك الاستئصال والقص حتى يبدو طرف الشفة؛ فمن رجّح الإحفاء رأى أن رواية (احفوا الشوارب) فيها زيادة على رواية التقصير، ومن رجح رواية التقصير، فللتنصيص على ذلك في أكثر الروايات، ولأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الأخذ من شاربه وهو يقتضي القص، وكذلك رواية:"من لم يأخذ من شاربه"، وقصُّه وجزُّه يقتضي عدم الاستئصال وكذلك الأخذ منه. ومن جوّز الأمرين رأى أن الكل ثبت فالكل جائز. والله أعلم، والذي يترجح عندي القص؛ لأنه المتفق عليه المروي من فعله صلى الله عليه وسلم.
14 - التَّوْقِيتِ فِي ذَلِكَ
14 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الإِبْطِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
• [رجاله 4]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدم 1.
2 -
جعفر بن سليمان الضبعي أبو سليمان البصري مولى ابن الحريش، كان ينزل في ضبيعة فنُسِبَ إليهم. روى عن ثابت البناني والجعد أبي عثمان ويزيد الرشك وحميد بن قيس الأعرج وابن جريج ومالك بن دينار وغيرهم، وعنه الثوري -ومات قبله- وابن المبارك وابن مهدي وعبد الرزاق وسيار بن حاتم ويحيى بن يحيى النيسابوري وصالح بن عبد الله الترمذي وقطن بن نسير وغيرهم وثقه ابن معين، وقال أحمد: لا بأس به وكان يتشيع، وقيل: كان يحيى بن معين لا يكتب حديثه. قال ابن سعد: كان ثقة وبه ضعف، وحسَّنَ أحمد القول فيه. قلت: روي عنه كلام قبيح في حق أبي بكر وعمر، ولكن قالوا: إنه كان يعني جارين له، فالله أعلم، فإن صح عنه فلا خير فيه. قال أحمد: هو عندي ممن يجب أن يقبل حديثه، قال: وقد روى في فضل الشيخين أحاديث وقال البخاري في الضعفاء: يخالف في بعض حديثه. قال ابن حبان: كان من الثقات غير أنه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن داعية إلى مذهبه، وقال ابن المديني: ثقة عندنا.
قلت: ثناء هؤلاء الأئمة عليه يدل على أن ما نسب إليه في حق الشيخين غير صحيح، فإن شخصًا وثقه ابن معين وأحمد وابن المديني لا يصح أن يكون بهذه المثابة من الرفض، والله تعالى أعلم. مات في رجب سنة:178. وبالجملة فالرجل فيه تشيّع، ولكن لم يثبت أنه داعية إلى مذهبه، ولم يتهمه أحد بالكذب في الحديث، وإنما ذكر بعضهم أن في حديثه مناكير، فهو ممن يثبت به النقل، وتوثيق من تقدم من الأجلاء النقاد يدل على ذلك، ويدل أيضًا على أنه لم يثبت عندهم ما نسب إليه في حق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والله أعلم.
3 -
عبد الملك بن حبيب أبو عمران الجوني الأزدي -ويقال: الكندي- البصري، أحد العلماء الأجلاء، رأى عمران بن حصين وروى عن جندب بن عبد الله البجلي وأنس وربيعة بن كعب الأسلمي وعائذ بن عمرو المزني وعبد الله بن رباح الأنصاري كتابة وغيرهم، وعنه ابنه وسليمان التيمي وابن عون وأبو عامر الخزاز وشعبة والحمادان وغيرهم. وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح وقال النسائي: