المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌17 - الرخصة في ترك ذلك - شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية - جـ ١

[محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌التمهيد

- ‌1 - تأويل قوله عز وجل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}

- ‌2 - باب السِّوَاكِ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌3 - باب كَيْفَ يَسْتَاكُ

- ‌4 - باب هَلْ يَسْتَاكُ الإِمَامُ بِحَضْرَةِ الرَعِيَّة

- ‌5 - باب التَّرْغِيبِ فِي السِّوَاكِ

- ‌6 - الإِكْثَارِ فِي السِّوَاكِ

- ‌7 - الرُّخْصَةِ فِي السِّوَاكِ بِالْعَشِيِّ لِلصَّائِمِ

- ‌8 - باب السِّوَاكِ فِي كُلِّ حِينٍ

- ‌9 - ذِكْرِ الْفِطْرَةِ والاِخْتِتَانُ

- ‌10 - تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ

- ‌11 - نَتْفِ الإِبْطِ

- ‌12 - حَلْقِ الْعَانَةِ

- ‌13 - قَصِّ الشَّارِبِ

- ‌14 - التَّوْقِيتِ فِي ذَلِكَ

- ‌15 - إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحية

- ‌16 - الإِبْعَادِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْحَاجَةِ

- ‌17 - الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ ذَلِكَ

- ‌18 - الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ

- ‌19 - النَّهْي عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ قضاء الْحَاجَةِ

- ‌20 - النَّهْي عَنِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ

- ‌21 - الأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ

- ‌22 - الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ

- ‌23 - النَّهْي عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْحَاجَةِ

- ‌25 - الْبَوْلِ فِي الْبَيْتِ جَالِسًا

- ‌26 - الْبَوْلِ إِلَى السُّتْرَةِ يَسْتَتِرُ بِهَا

- ‌28 - باب الْبَوْلِ فِي الإِنَاءِ

- ‌29 - الْبَوْلِ فِي الطسْتِ

- ‌30 - كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ

- ‌31 - النَّهْي عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌32 - كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ

- ‌33 - السَّلَامِ عَلَى مَنْ يَبُولُ

- ‌34 - رَدِّ السَّلَامِ على من يبول

- ‌35 - النَّهْي عَنْ الإسْتِطَابَةِ بِالْعَظْمِ

- ‌36 - النَّهْي عَنْ الإسْتِطَابَةِ بِالرَّوْثِ

- ‌37 - النَّهْي عَنْ الإكْتِفَاءِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

- ‌38 - الرُّخْصَةِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِحَجَرَيْنِ

- ‌39 - الرُّخْصَةِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ

- ‌40 - الإجْتِزَاءِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِالْحِجَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا

- ‌41 - الإسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌42 - النَّهْي عَنْ الإسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

- ‌43 - باب دَلْكِ الْيَدِ بِالأَرْضِ بَعْدَ الإسْتِنْجَاءِ

- ‌44 - باب التَّوْقِيتِ فِي الْمَاءِ

- ‌45 - باب تَرْكِ التَّوْقِيتِ فِي الْمَاءِ

- ‌46 - باب الْمَاءِ الدَّائِمِ

- ‌47 - باب في مَاءِ الْبَحْرِ

- ‌48 - باب الْوُضُوءِ بِالثَّلْجِ

- ‌49 - الْوُضُوءِ بِمَاءِ الثَّلْجِ

- ‌50 - باب الْوُضُوءِ بِالْبَرَدِ

الفصل: ‌17 - الرخصة في ترك ذلك

بجيد والله أعلم. (فذهب لحاجته) الفاء عاطفة وتحتمل السببية على بعد، والحاجة كناية عن الغائط كما تقدم، وجملة:(وهو في بعض أسفاره) حالية فيحتمل أنه سفر تبوك كما تقدم أو غيره. (فقال: ائتني بوضوء) الفاء كذلك عاطفة أو سببية مبينة أن طلب الوضوء سببه إتيان الحاجة. والوضوء -بفتح الواو- تقدم، وسيأتي الكلام على مسح الخفين.

• الأحكام والفوائد

تقدم أكثر ما يتعلق به في الحديث السابق، وفيه المسح على الخفين وسيأتي في بابه إن شاء الله. وفيه استصحاب الماء ونحوه عند إرادة قضاء الحاجة للاستنجاء به.

‌17 - الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ ذَلِكَ

18 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: أَنْبَأَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ فَدَعَانِي وَكُنْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.

[رجاله: 5]

1 -

إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: تقدم 2.

2 -

عيسى بن يونس: تقدم 8.

3 -

الأعمش سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم أبو محمَّد الكوفي، أصله من طبرستان ولد بالكوفة، روى عن أنس ولم يثبت له منه سماع وقد رآه، وعن ابن أبي أوفى وقيل إن روايته عنه مرسلة، وروى عن زيد بن وهب وأبي وائل والشعبي والنخعي وعبد الملك بن عمير وغيرهم، وعنه أبو إسحاق السبيعي -وهو من شيوخه- وسهيل بن أبي صالح -وهو من أقرانه- والسفيانان وفضيل بن عياض وسليمان التيمي وغيرهم وآخرهم أبو نعيم وعبد الله بن موسى. قال ابن المديني: حفظ العلم على أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم ستة: عمرو بن دينار بمكة، والزهري بالمدينة، وأبو إسحاق والأعمش بالكوفة، وقتادة ويحيى بن أبي كثير

ص: 138

بالبصرة. وكان شعبة يسميه بالمصحف لصدقه، قال ابن عمار: ليس في المحدثين أثبت من الأعمش، ومنصور ثبت أيضًا إلَّا أن الأعمش أعرف منه بالمسند. قال العجلي: كان ثقة ثبتًا، محدّث أهل الكوفة في زمانه، رأسًا مقدمًا في القرآن، وكان عسرًا سيء الخلق عالمًا بالفرائض، وكان لا يلحن حرفًا واحدًا، وكان فيه تشيع، ويقال إنه ولد يوم قتل الحسين بن علي سنة 61، وقيل سنة 59. وقال عيسى بن يونس: لم نر مثل الأعمش، ولا رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره وحاجته، قال يحيى القطان: كان من النُّساك وهو علامة الإِسلام، وذكروا أنه مكث قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، وذكروا أنه كان يدلس عن الصحابة ولم يثبت له سماع، وذكر ابن حجر عن الكديمي أنه سمع من أنس حديثًا واحدًا:(طلب العلم فريضة على كل مسلم) والكديمي متهم والله أعلم. مات سنة 145 وقيل 147 رحمه الله.

4 -

شقيق بن سلمة: تقدم 2.

5 -

حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: تقدم 2.

• التخريج

أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد وابن ماجه وابن الجارود والدارمي والطيالسي.

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (الرخصة) أي الترخيص في الأمر، بمعنى: التسهيل فيه بعد التشديد، فهي نقل الحكم من صعوبة إلى سهولة.

وقوله: (ترك ذلك) الإشارة ترجع إلى الإبعاد عند قضاء الحاجة. وجملة (أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم) في محل نصب خبر كان، وقوله:(فانتهى) أي وصل في مشيه إليها (والسباطة) الكناسة وهي ملقى الأوساخ بأفنية البيوت، (فانتهى) الفاء عاطفة (وإلى) للغاية (فبال) الفاء عاطفة، و (قائمًا) حال من قوله: بال. وقوله: (فتنحيت) الفاء للعطف، وتنحى عن المكان: انحرف وزال عنه. وقوله: (فدعاني) أي ناداني النبي صلى الله عليه وسلم (وكنت عند عقبيه) المراد أنه وقف خلفه قريبًا منه، والعقب: أصله مؤخر القدم، ولكن العرب قد تستعمله في جهة القفا

ص: 139

والرجوع إلى الوراء، ويكون حسيًا أو معنويًا، ومنه قوله تعالى:{وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} . وقوله تعالى حكاية عن إبليس لما رأى الملائكة يوم بدر فولى هاربًا: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} . وقوله: (حتى فرغ) حتى للغاية، وسيأتي الكلام عليها وعلى مسح الخفين إن شاء الله تعالى.

• الأحكام والفوائد

فيه جواز البول قائمًا، لكنه قد علل بكونه كان به وجع في مأبضه فلذلك بال قائمًا، وقد ضعف الحديث فيه، وعلى صحة ذلك يكون فعله للضرورة فلا يكون فيه دليل على الجواز، وقيل: إن العرب كانت تستشفى بالبول قائمًا من وجع الصلب، وقيل: لأن المحل كان غير صالح للقعود، وكل هذه الوجوه تفيد أنه اضطراري لا اختياري، وقيل: فعله لبيان الجواز، وعلى ذلك يكون جائزًا جوازًا لا ينافي الكراهة. وقد وردت أحاديث تدل على النهي عنه ولكنها ضعيفة، وأصحها حديث عائشة:"من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا جالسًا"، وسيأتي للمصنف. وأما بوله على سباطة القوم ففيه وجوه من الاحتمال: يحتمل أنها كانت مشاعة ونسبتها للقوم لقربها منهم، ويحتمل أنها لهم ولكنهم قد أباحوها لذلك، وذكر النووي احتمال أن يكون قد علم حبهم لذلك. ودل الحديث على ما ترجم له المصنف: وهو ترك الابتعاد، وقد علل ذلك باحتمال كونه مشغولًا بشيء من مصالح المسلمين فحصره البول، ولا يبعد أن يكون فعل خلاف عادته لبيان الجواز. وفيه كما قدمنا من استتباع الخادم والرفيق وقت الحاجة، والاستعانة في الوضوء وغيره من الطهارة.

قلت: لا شك أن غالب حالاته صلى الله عليه وسلم أن يبول جالسًا، ولم يحفظ عنه أنه بال قائمًا إلَّا في حديث حذيفة هذا، وفيه ما فيه من الاحتمال، وأقصى أمره أن يكون فعل لبيان الجواز ولا ينافي أن السنة خلافه، وأما نفي عائشة لذلك فبحسب علمها، والمثبت مقدم على النافي، لاسيما أن هذا السياق يدل على أنها مسألة نادرة ربما حصلت اتفاقًا، فلا يستغرب أن لا تطلع عليها عائشة وهي خارجة عن محلها الذي هي فيه والله أعلم.

ص: 140