الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
47 - باب في مَاءِ الْبَحْرِ
59 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ.
• [رجاله: 5]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدم 1.
2 -
مالك بن أنس الإمام: تقدم 7.
3 -
صفوان بن سليم المدني أبو عبد الله -وقيل: أبو الحارث- القرشي الزهري مولاهم الفقيه، روى عن ابن عمر وأنس وأبي سبرة الغفاري وغيرهم من الصحابة، كما روى عن جماعة من التابعين كابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعنه زيد بن أسلم وابن المنكدر وموسى بن عقبة -وهم من أقرانه- وابن جريج ومالك والليث وجماعة غيرهم. وثقه ابن سعد وقال فيه: كثير الحديث عابد، وأثنى عليه ابن معين، وقال أحمد: ثقة من خيار عباد الله الصالحين. ووثقه العجلي والنسائي وأبو حاتم، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت مشهور بالعبادة. مات سنة 132 وقيل: 124 وهو ابن 72 سنة، وذكر ابن حجر عن أبي داود السجستاني أنه قال: إن صفوان لم ير أحدًا من الصحابة، إلا عبد الله بن بسر وأبا أمامة. والله أعلم.
4 -
سعيد بن سلمة المخزومي من آل الأزرق، قال ابن حجر: روى عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة حديث البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)، وعنه صفوان بن سليم والجلاح أبو كثير، وهو حديث في إسناده اختلاف. قلت: وظاهر هذا أنه لم يرو غيره والله أعلم. قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وحديثه صححه البخاري على ما حكاه الترمذي في العلل المفرد، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وغير واحد كما ذكره ابن حجر، والله أعلم.
5 -
المغيرة بن أبي بردة الكناني، ويقال: ابن عبد الله بن أبي بردة، ويقال: عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة، وقَلَبه بعضهم. روى عن أبي هريرة حديث البحر، قيل عن أبيه عن أبي هريرة، وقيل: عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل غير ذلك. وروى عن زياد بن نعيم الحضرمي أيضًا، وعنه سعيد بن سلمة وقيل: سلمة بن سعيد، وقيل: عبد الله بن سعيد، وأبو كثير الجلاح على اختلاف فيه، والحارث بن يزيد وعبد الله بن أبي صالح وجماعة آخرون، ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه النسائي، وله ذكر في غزو إفريقية سنة مائة. قال ابن حبان:"من أدخل أباه بينه وبين أبي هريرة فقد وهم". وتقدم أن جماعة صححوا حديثه في البحر، ومنهم ابن خزيمة وكذا ابن المنذر والطحاوي والخطابي وابن منده والحاكم وابن حزم والبيهقي وعبد الحق وآخرون، والله أعلم.
6 -
أبو هريرة رضي الله عنه: تقدم 1.
• التخريج
أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه والبيهقي والطبراني والحاكم والدارمي وأحمد وابن خزيمة وابن الجارود ومالك وابن حبان وابن أبي شيبة، وهو عند أحمد والحاكم وابن ماجه وابن حبان والدارقطني من حديث جابر. وذكر الترمذي أنه سأل عنه البخاري فصححه، وله طرق أخرى عن علي وابن عباس وابن عمر وكلها لا تخلو من ضعف أو وقف. قال ابن العربي في العارضة:(حديث مشهور، ولكن فيه راو مجهول، وهو الذي قطع بالصحيحين عن إخراجه). فتحصّل من هذا أن كثرة طرقه وشهرته تقوية له، تؤيد القول بصحته.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل) إلخ: جملة (يقول) في محل نصب على الحال، والرجل السائل مبهم قيل: اسمه عبد الله، وقيل: اسمه عبد بن زمعة البلوي، وقيل: العركي، ويقال: العركي صفة له وليست باسم لأنه الملاح، وفي رواية:"أن ناسًا من بني مدلج أتوه فسألوه" إلخ. والفاء في قوله: (فقال) عاطفة، والجملة مفسرة موضحة لمعنى السؤال. وقوله:(القليل من الماء) أي:
العذب للشرب وقوله: (أفنتوضأ) الفاء عاطفة والهمزة للاستفهام، والأصل أنها إذا صحبها حرف العطف قدمت عليه، ويعلل النحويون ذلك بكونها لها الصدر في الكلام أكثر. ومن في قوله:(من ماء البحر) تبعيضية أي: بشيء من ماء البحر، أو هي بمعنى الباء أي بماء البحر، والمراد به من الماء المالح لأن البحر الذي كانوا يركبونه هو البحر الأحمر المالح، فكأنهم اعتقدوا أن الملوحة مؤثرة في الماء وقوله:(هو الطهور ماؤه) تقدم الكلام على الطهور وأنه اسم لما يتطهر به وهذا التعبير يفيد الحصر، أي: حصر الطهورية في ماء البحر، وهو غير مراد لكنه على سبيل المبالغة في وصفه بذلك، لإزالة ما وقع في نفوسهم من الشك فيه، فهو كقوله:"الدعاء هو العبادة"، وأل فيه للجنس.
وقوله: (الحل ميتته) الحل بمعنى الحلال، وهو زيادة على جواب السؤال لتتميم الفائدة، وهو مستحسن كما سيأتي إن شاء الله. والميتة: كل حيوان خرجت روحه من غير ذكاة، والمراد: ميتة دوابه لا ما مَاتَ فيه من غير دوابِّه؛ فهو حرام، فالإضافة لتخصيص حيوانه بذلك دون غيره. والعدول عن قوله نعم أو توضؤوا منه، فيه فائدة وهو أنه لو أجاب بذلك؛ لأوهم أن يكون الحكم خاصًا بأهل الضرورات على حسب حال السائلين، فأزال ذلك الاحتمال بتعميم الصفة في ماء البحر، وزاد ما تدعو الحاجة إلى بيانه لهم ولغيرهم من حاجة ميتته.
• الأحكام والفوائد
فيه: دليل على التطهير بماء البحر وأنه لا فرق بينه وبين ماء السماء في التطهير، وأن كون الماء في معدن الملح ونحوه لا يضره ذلك؛ أما إذا طرح الملح فيه ففيها خلاف عند الفقهاء. ويؤخذ منه أن المعدن الذي يكون في محل قرار الماء ويغير طعمه أنه لا يمنع من التطهر به، وكذلك اختلاط الماء من المطر بالنبات وأوراق الأشجار التي تكون في محل مجرى الماء، كما يوجد كثيرًا في البوادي. وفي قوله:(الحل ميتته) دليل على جواز أكل حيوان البحر الميت، وهو مذهب الجمهور بدون تخصيص، ويدل عليه حديث العنبر في قصة سرية الخبط، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله.
وفيه: دليل على جواز الزيادة في الجواب على السؤال فيما تدعو إليه الحاجة، لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن حاجتهم إلى هذه الزيادة لا تقل عن حاجتهم إلى