المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌23 - النهي عن مس الذكر باليمين عند الحاجة - شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية - جـ ١

[محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌التمهيد

- ‌1 - تأويل قوله عز وجل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}

- ‌2 - باب السِّوَاكِ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌3 - باب كَيْفَ يَسْتَاكُ

- ‌4 - باب هَلْ يَسْتَاكُ الإِمَامُ بِحَضْرَةِ الرَعِيَّة

- ‌5 - باب التَّرْغِيبِ فِي السِّوَاكِ

- ‌6 - الإِكْثَارِ فِي السِّوَاكِ

- ‌7 - الرُّخْصَةِ فِي السِّوَاكِ بِالْعَشِيِّ لِلصَّائِمِ

- ‌8 - باب السِّوَاكِ فِي كُلِّ حِينٍ

- ‌9 - ذِكْرِ الْفِطْرَةِ والاِخْتِتَانُ

- ‌10 - تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ

- ‌11 - نَتْفِ الإِبْطِ

- ‌12 - حَلْقِ الْعَانَةِ

- ‌13 - قَصِّ الشَّارِبِ

- ‌14 - التَّوْقِيتِ فِي ذَلِكَ

- ‌15 - إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحية

- ‌16 - الإِبْعَادِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْحَاجَةِ

- ‌17 - الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ ذَلِكَ

- ‌18 - الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ

- ‌19 - النَّهْي عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ قضاء الْحَاجَةِ

- ‌20 - النَّهْي عَنِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ

- ‌21 - الأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ

- ‌22 - الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ

- ‌23 - النَّهْي عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْحَاجَةِ

- ‌25 - الْبَوْلِ فِي الْبَيْتِ جَالِسًا

- ‌26 - الْبَوْلِ إِلَى السُّتْرَةِ يَسْتَتِرُ بِهَا

- ‌28 - باب الْبَوْلِ فِي الإِنَاءِ

- ‌29 - الْبَوْلِ فِي الطسْتِ

- ‌30 - كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ

- ‌31 - النَّهْي عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌32 - كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ

- ‌33 - السَّلَامِ عَلَى مَنْ يَبُولُ

- ‌34 - رَدِّ السَّلَامِ على من يبول

- ‌35 - النَّهْي عَنْ الإسْتِطَابَةِ بِالْعَظْمِ

- ‌36 - النَّهْي عَنْ الإسْتِطَابَةِ بِالرَّوْثِ

- ‌37 - النَّهْي عَنْ الإكْتِفَاءِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

- ‌38 - الرُّخْصَةِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِحَجَرَيْنِ

- ‌39 - الرُّخْصَةِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ

- ‌40 - الإجْتِزَاءِ فِي الإسْتِطَابَةِ بِالْحِجَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا

- ‌41 - الإسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌42 - النَّهْي عَنْ الإسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

- ‌43 - باب دَلْكِ الْيَدِ بِالأَرْضِ بَعْدَ الإسْتِنْجَاءِ

- ‌44 - باب التَّوْقِيتِ فِي الْمَاءِ

- ‌45 - باب تَرْكِ التَّوْقِيتِ فِي الْمَاءِ

- ‌46 - باب الْمَاءِ الدَّائِمِ

- ‌47 - باب في مَاءِ الْبَحْرِ

- ‌48 - باب الْوُضُوءِ بِالثَّلْجِ

- ‌49 - الْوُضُوءِ بِمَاءِ الثَّلْجِ

- ‌50 - باب الْوُضُوءِ بِالْبَرَدِ

الفصل: ‌23 - النهي عن مس الذكر باليمين عند الحاجة

• الأحكام والفوائد

تقدم أن الحديث احتج به مالك والشافعي وأحمد في رواية وإسحاق ومن وافقهم، على أن النهي عن الاستقبال والاستدبار مخصوص بالفضاء دون البنيان، ورأوا أن هذا الحديث مخصص لأحاديث النهي، وقاسوا الاستقبال على الاستدبار وحملوا حديث جابر المتقدم على أنه في البنيان أو مع ساتر، وجعلوهما معًا دَالَّينْ على التخصيص وقد تقدم هذا قبل حديثين، كما تقدم أن القائلين بالجواز مطلقًا يحتجون بهما وبما ورد في معناهما وتقدم تضعيفه، كما احتج المدعون لخصوصية الجواز بالنبي صلى الله عليه وسلم به، ورأى القائلون بأن النهي للكراهة أن هذا الحديث دليل صارف للنهي عن التحريم، والذين قالوا بأن الجائز في البنيان إنما هو الاستدبار دون الاستقبال يستدلون به، وتقدمت المسألة مبسوطة في شرح حديث أبي أيوب السابق. ويستفاد من الحديث جواز قضاء الحاجة في البيوت ولو كانت في غير مرحاض، على شرط أن يكون يملك ذلك فيها بملك أو كراء أو نحو ذلك، وبشرط أن لا يضر ولا يؤدِّي إلى إبداء العورة للناس. والله أعلم.

‌23 - النَّهْي عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْحَاجَةِ

24 -

أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ الْقَنَّادُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ".

[رجاله: 5]

1 -

يحيى بن درست بن زياد الهاشمي -ويقال البكراوي- أبو زكريا البصري، روى عن حماد بن زيد وأبي عوانة ومحمد بن ثابت العبدي وإبراهيم بن عبد الملك القنّاد وغيرهم، وعنه الترمذي والنسائي وابن ماجه ويوسف بن موسى المروزي وعبدان الأهوازي والقاسم بن زكريا المطرز وغيرهم. وثقه النسائي.

2 -

أبو إسماعيل إبراهيم بن عبد الملك القنَّاد، روى عن يحيى بن

ص: 159

أبي كثير وقتادة، وعنه عبد الصمد بن عبد الوارث ويحيى بن درست ولوين وإسحاق بن أبي إسرائيل وغيرهم. قال النسائي: لا بأس به، وقال العقيلي: يهم في الحديث، وقال ابن حجر رحمه الله: ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ، ونقل الساجي عن ابن معين تضعيفه، وذكره أبو بكر الصقلي في الضعفاء. قال في الميزان: ضعفه الساجي بلا مستند، وقال ابن حجر: وأي مستند أقوى من ابن معين، وذكره العقيلي في الضعفاء. قلت: يحتمل أن المراد بقول صاحب الميزان: (بلا مستند) عدم تبيين وجه الضعف. قال ابن حجر في التقريب: صدوق، في حفظه شيء من السابعة.

3 -

يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، واسم أبيه صالح بن المتوكل وقيل: يسار، وقيل: نشيط، وقيل: دينار. روى عن أنس بن مالك وأبي سلمة وهلال بن أبي ميمونة ومحمد بن إبراهيم التيمي وأبي قلابة الجرمي، وأرسل عن أبي أمامة، وعنه ابنه عبد الله وأيوب السختياني ويحيى بن سعيد الأنصاري -وهما من أقرانه- والأوزاعي -وروى هو أيضًا عنه- ومعمر وهشام بن حسان وهشام الدستوائي وخلق آخرون. قال أيوب: ما أعلم على وجه الأرض أعلم بحديث أهل المدينة من يحيى. قال شعبة: يحيى أحسن حديثًا من الزهري، وقال أحمد: من أثبت الناس، إنما يُعد مع الزهري ويحيى بن سعيد، وإذا خالفه الزهري فالقول قول يحيى. وقال العجلي: ثقة، وقال أبو حاتم: إمام لا يحدث إلا عن ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال العقيلي: كان يذكر بالتدليس، وقال يحيى بن سعيد: مرسلات يحيى بن أبي كثير شبه الريح، وقال عمرو بن علي: ما حدثنا يحيى بن سعيد عن قتادة ولا عن يحيى بن أبي كثير بشيء مُرسل. مات سنة 129 وقيل 132، وذكر ابن حجر عن ابنه حبان أنه كان يدلس، وكلما روى عن أنس فقد دلس عنه، لم يسمع من أنس ولا من صحابي. رحم الله الجميع.

4 -

عبد الله بن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي أبو إبراهيم ويقال أبو يحيى المدني، روى عن أبيه وجابر، وعنه ابناه ثابت ويحيى وسعيد بن أبي سعيد ويحيى بن أبي كثير وزيد بن أسلم وجماعة. وثقه النسائي، قيل: توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك، وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة 99، وقيل: 79 وهو وهم ظاهر، قال ابن حجر: وفي

ص: 160

كتاب ابن سَعْدٍ توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك، وكان ثقة قليل الحديث، وقال البخاري: روى عنه ابنه قتادة بن عبد الله، وذكره في التاريخ والله أعلم.

5 -

أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي المدني فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: اسمه النعْمان وقيل عويد وقيل عمرو وقيل مراوح، والمشهور: الحارث بن ربعي بن بلدمة بن خناس بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن معاذ بن جبل وعمر بن الخطاب، وعنه ولداه ثابت وعبد الله ومولاه أبو محمَّد نافع بن عباس بن الأقرع وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وعبد الله بن رباح الأنصاري وكبشة بنت كعب وجماعة من التابعين، ومناقبه معروفة في محلها رضي الله عنه. توفي بالكوفة سنة 54 وهو ابن 70 سنة قال الواقدي: ولم أر بين علمائنا اختلافًا في ذلك، وروى أهل الكوفة أنه مات وعلي بها وصلى عليه، وحكى خليفة أن ذلك سنة 35، وهو شاذ، والأكثر على أنه مات سنة 54. قال ابن حجر: ذكره البخاري في الأوسط في فصل من مات بعد الخمسين إلى الستين، ثم روى أن مروان لما كان على المدينة من قبل معاوية، أرسل إلى أبي قتادة ليريه مواقف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

• التخريج

أخرجه البخاري في كتاب الوضوء بلفظ: (فلا يمس) وبلفظ (فلا يأخذ) ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه كلهم في الطهارة، ورواه الإِمام أحمد في المسند، وسيأتي للمصنف، وأخرجه الدارمي.

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (فلا يمس ذكره) الفاء واقعة في جواب "إذا" و"لا" ناهية، و"يمس" مجزوم بلا الناهية وحُرّك لالتقاء الساكنين، والذكر معروف، واليمين من اليمن وأصله البركة والخير والقوة، قال تعالى:{لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِين} .

• الأحكام والفوائد

الحديث ظاهر في الدلالة على عدم جواز المس للذكر باليمين، وتخصيص هذه الحالة التي تدعو الحاجة إلى مسكه باليد أكثر يدل على أن

ص: 161

غيرها من باب أولى وأحرى، فلا مفهوم لتخصيص حالة البول لأن ذكرها بالخصوص لما قدمناه. وقد استشكل العلماء رحمهم الله تعالى هذا النهي مع النهي عن الاستنجاء باليمين، فإن الإنسان إذا أراد أن يمسح ذكره لابد أن يقع في أحد الأمرين المنهي عنهما، وهما: التمسح باليمين أو مسك الذكر باليمين، لأنه إن مسك الذكر باليسار استنجى باليمين، وإن استنجى باليسار مسك الذكر باليمين، وأجابوا بأن التخلص منه بأن يجعل الآلة حجرًا أو غيره في يده اليمنى ويمسك العضو باليسار، ويسكّن اليمين والحجر فيها ويمسح العضو على الحجر وهو ثابت، فتكون حركة المسح باليسار، وقد قال ابن حجر في شرح ترجمة الباب عند البخاري: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال.

إن البخاري أشار إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين في الباب قبله، محمول على المقيد بحال البول فيكون ما عداه مباحا، ثم ذكر عن بعض العلماء نحو ما قدمنا أنه من باب أولى، ثم ذكر عن ابن أبي جمرة أنه استدل على الجواز بقوله صلى الله عليه وسلم لطلق بن علي لما سأله عن مس الذكر:"إنما هو بضعة منك"، فدل على الجواز في كل حال، فخرجت حال البول بهذا الحديث الصحيح وبقي ما عداها على الإباحة. قال ابن حجر: والحديث الذي أشار إليه صحيح أو حسن، وذكر رحمه الله أنه قد يجاب عنه بأن حمل المطلق على المقيد غير متفق عليه عند الأصوليين. قال: وقد استنبط منه بعض العلماء عدم جواز الاستنجاء باليد وفيها خاتم منقوش فيه اسم الله تعالى، لكون النهي عن ذلك لتشريف اليمين فيكون ذلك من باب أولى، وقال: وما وقع في العتبية عن مالك من عدم كراهة ذلك أنكره حُذّاق أصحابه. قلت: ومقتضى النهي في الحديث التحريم، ولكن حديث طلق يصلح أن يكون دليلًا صارفًا له عن التحريم إلى الكراهة. والله أعلم.

25 -

أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى -هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ".

ص: 162

[رجاله: 6]

1 -

هناد بن السري بن مصعب بن بكر بن شبر بن صعفوق بن عمرو بن زرارة بن عدس بن زائدة بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي أبو السري الكوفي، روى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وهشيم وأبي بكر بن عياش وعبد الله بن إدريس وجماعة، وعنه البخاري في خلق أفعال العباد، والباقون -يعني من أهل الكتب الستة- وابن أخيه محمَّد بن السري وأحمد بن منصور الرمادي وأبو حاتم وجماعة آخرون. قال أحمد بن حنبل: عليكم بهناد، وقال أبو حاتم: صدوق، وكان وكيع يعظمه، ووثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات. ولد سنة 152. ومات سنة 243، والله أعلم.

2 -

وكيع بن الجراح بن مليح الرواسي أبو سفيان الكوفي الحافظ، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وأيمن بن نابل وعبد الرحمن بن الغسيل وابن عون والأوزاعي ومالك وابن جريج وابن أبي ذئب وابن أبي ليلى والثوري وخلق كثير، وعنه أبناؤه سفيان ومليح وعبيد ومستمليه البلخي وشيخه الثوري ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وخلائق آخرهم إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار. وقال أحمد: وكيع شيخ، وقال أيضًا: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ منه، قال: كان حافظًا أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيرًا، وقال: ابن مهدي أكثر تصحيفا منه، ووكيع أكثر خطأ منه، أخطأ وكيع في خمسمائة حديث، وقال: ما رأيت أحدًا أوعى للعلم ولا أشبه بأهل النسك منه، وقال فيه: إمام المسلمين في وقته، وقال: الثبت عندنا بالعراق وكيع. وأثنى عليه غيره، قال إبراهيم بن شماس: كنت أتمنى عقل ابن المبارك وورعه، وزهد فضيل ورقّته، وعبادة وكيع وحفظه، وخشوع عيسى بن يونس، وصبر حسين بن علي الجعفي. وسأل علي بن حشرم وكيعا عن دواء الحفظ قال: ترك المعاصي، ما جربت مثله. قال له فضيل: ما هذا السمن وأنت راهب أهل العراق؟ قال: من فرحي بالإِسلام. قال ابن سعد: كان ثقة مأمونا عاليا رفيع القدر كثير الحديث حجة، وقال: كوفي ثقة عابد صالح أديب من حفاظ الحديث، والثناء عليه رحمه الله كثيرٌ جدًا. ولد سنة 128، 127 وقيل 129 ومات سنة 196، وحجّ سنة ست وتسعين ومائة ومات في الطريق. وقيل مات 197

ص: 163

بعيد منصرفهِ من الحج، وقيل في يوم عاشوراء، قال ابن حبان في الثقات: كان حافظًا متقنًا -رحمنا الله وإياه برحمته الواسعة-.

3 -

هشام بن عبد الله الدستوائي أبو بكر البصري واسم أبيه سنبر الربعي، كان يبيع الثياب التي تجلب من دستواء فنسب إليها، روى عن قتادة ويونس الإسكاف وشعيب بن الحبحاب وأبي الزبير وخلائق، وعنه ابناه عبد الله ومعاذ وشعبة -وهو من أقرانه- وابن المبارك وابن مهدي وجماعة كثيرون. قال شعبة: ما من الناس أحد أقول إنه طلب الحديث يريد به وجه الله تعالى إلا هشامًا، وكان يقول: ليتنا ننجو منه كفافًا. قال وكيع: كان ثبتًا، وكان يحيى بن سعيد إذا سمع الحديث من هشام لا يبالي ألا يسمعه من غيره. قال أبو داود الطيالسي: هشام الدستوائي أمير المؤمنين في الحديث، وقال أحمد: ما أرى يروون عن أحد أثبت منه. قال ابن معين: هشام عن يحيى فلا ترد به بدلًا، قال العجلي: بصري ثقة ثبت حجة إلا أنه يرى القدر. قال عبد الصمد بن عبد الوارث: كان بينه وبين قتادة في المولد سبع سنين، ومات سنة 152، وقال معاذ: عاش ثمانيًا وسبعين سنة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مات سنة 53 أو 54 ومائة، رحمه الله وإيانا.

4 -

يحيى بن أبي كثير الطائي: تقدم 24.

5 -

عبد الله بن أبي قتادة: تقدم 24.

6 -

أبو قتادة: تقدم 24.

• الأحكام والفوائد

الحديث تقدم شرحه، وليس بين روايته هذه والسابقة إلا قوله هنا:(إذا دخل) وهناك (إذا بال) وهنا (لا يمس) وهناك (لا يأخذ) والمس أعم من الأخذ، ولكن المراد هنا بالمس هو الأخذ. والله أعلم.

الرُّخْصَةِ فِي الْبَوْلِ فِي الصَّحْرَاءِ قَائِمًا

26 -

أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا.

ص: 164

[رجاله: 6]

1 -

مؤمل بن هشام اليشكري أبو هشام البصري، روى عن إسماعيل بن علية وكان صهره، وأبي معاوية الضرير ويحيى بن عباد الضبعي، وعنه البخاري وأبو داود والنسائي وأبو حاتم وابن أبي داود، والبجيري وابن خزيمة ومحمد بن علي الحكيم الترمذي وأبو بكر بن محمَّد بن هارون الروياني وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق، ووثقه النسائي وأبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات. مات في ربيع الأول سنة 253، وقال مسلمة بن القاسم: ثقة.

2 -

إسماعيل بن علية: تقدم 19.

3 -

شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم أبو بسطام الواسطي ثم البصري، روى عن إبراهيم بن عامر بن مسعود وإبراهيم بن محمَّد بن المنتشر وإبراهيم بن سالم الهجري وإسماعيل بن أبي خالد وإسماعيل بن رجاء وإسماعيل بن سميع وخلائق كثيرين، وعنه الأعمش وأيوب وسعد بن إبراهيم ومحمد بن إسحاق -وهم من شيوخه- وجرير بن حازم والحسن بن صالح والثوري -وهم من أقرانه- وخلائق يطول تعدادهم. قال أحمد: إنه أثبت في الحكم من الأعمش، وأحسن حديثًا من الثوري، لم يكن في زمنه مثله في الحديث، إلى أن قال: روى عن ثلاثين رجلًا من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان. وقال أحمد: كان أمة وحده في هذا الشأن، وسماه الثوري أمير المؤمنين في الحديث، وقال: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. وقال أبو داود: ليس في الدنيا أحسن حديثًا من شعبة ومالك على قلّته، وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث، وكان يخطئ في أسماء الرجال. وقال صالح جزرة: أول من تكلم في الرجال شعبة، ثم تبعه القطان، ثم أحمد ويحيى، وقال ابن سعد: ثقة مأمون حجة ثبت صاحب حديث، مات سنة 160، وقيل: ولد سنة 82. وقال الحاكم: شعبة إمام الأئمة في معرفة الحديث بالبصرة، رأى أنس بن مالك وعمرو بن سلمة الصحابيين، وسمع من أربعمائة من التابعين، وثناء الأئمة عليه كثير جدًا، رحمنا الله وإياه.

4 -

سليمان بن مهران: تقدم 18.

5 -

أبو وائل شقيق بن سلمة: تقدم 2.

ص: 165

6 -

حذيفة بن اليمان: تقدم 2.

الحديث قد تقدم شرحه وما يتعلق به في الرخصة في ترك الإبعاد.

ثم قال رحمنا الله وإياه:

27 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا.

[رجاله: 6]

1 -

محمَّد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان العبدي أبو بكر الحافظ البصري المعروف بِبُندار، روى عن عبد الوهاب الثقفي وغُندُر ورَوْح بن عبادة وحرمي بن عمارة والقطان وابن مهدي وابن أبي عدي وأبي داود الطيالسي وخلائق من الأئمة، وعنه الجماعة وروى النسائي أيضًا عن أبي بكر المروزي وزكريا السجزي عنه، وأبو زرعة وأبو حاتم وابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد وخلق كثير. قال ابن خزيمة: سمعت بُندارًا يقول: اختلفت إلى يحيى بن سعيد القطان أكثر من عشرين سنة. قال الآجري عن أبي داود: كتبت عن بندار نحوًا من خمسين ألف حديث، ولولا سلامة في بندار تركت حديثه. قال عبد الله بن محمَّد بن سيار: سمعت عمرو بن علي يحلف بالله إن بندارًا يكذب فيما يروي عن يحيى، قال ابن سيار: بندار وأبو موسى ثقتان. قال العجلي: بصري ثقة كثير الحديث، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: صالح لا بأس به. قال بندار: ولدت في السنة التي مات فيها حماد بن سلمة، ومات حماد سنة 167 ومات بندار في رجب سنة 252. قال حماد: كان يحفظ حديثه ويقرؤه من حفظه. قال ابن خزيمة في التوحيد: حدثنا إمام أهل زمانه محمَّد بن بشار. وما روي عن ابن معين من أنه كان يهوّن أمره ونحوه عن القواريري لا عبرة به، كتكذيب عمرو بن علي له، ولا يقدح شيء من ذلك في جلالته وعلمه. قال البخاري في صحيحه:"كتب إلى بندار" فذكر حديثًا مسندًا. قال ابن حجر في الطبقة الرابعة من شيوخه: إلا أنه كان مكثرًا فيوجد عنده ما لا يوجد عند غيره. قال مسلمة بن قاسم: كان ثقة مشهورًا. قال الدارقطني: من الحفاظ

ص: 166

الأثبات. وفي الزهرة: روى له البخاري مائتي حديث وخمسة أحاديث، ومسلم أربعمائة وستين حديثًا.

2 -

محمَّد بن جعفر غندر: تقدم 22.

3 -

شعبة بن الحجاج: تقدم 26.

4 -

منصور بن المعتمر: تقدم 2.

5 -

أبو وائل شقيق بن سلمة تقدم 2.

6 -

حذيفة رضي الله عنه: تقدم 2.

تقدم الكلام على الحديث في باب ترك الإبعاد.

ثم قال رحمنا الله وإياه:

28 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنْبَأَنَا بَهْزٌ قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَشَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، قَالَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ: وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْصُورٌ الْمَسْحَ.

[رجاله: 7]

1 -

سليمان بن عبيد الله بن عمرو بن جابر الغيلاني المازني أبو أيوب البصري، روى عن أبي عامر العقدي وأبي داود الطيالسي وأبي قتيبة سلم بن قتيبة وأمية بن خالد وغيرهم، وعنه مسلم والنسائي وابن ناجية وابن أبي عاصم وابن أبي الدنيا وعبيد الله بن واصل. قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ثقة مات سنة 246 أو 247. قال ابن مسلمة: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات.

2 -

بهز بن أسد العمّي أبو الأسود البصري، روى عن شعبة وحماد بن سلمة ووهيب بن خالد وجرير بن حازم وغيرهم، وعنه أحمد بن حنبل وبُندار ويعقوب الدورقي وأبو بكر بن خلاد وجماعة. قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت، قال ابن معين: ثقة، قال جرير بن عبد الحميد: اختلط عليَّ حديث عاصم الأحول وأحاديث أشعث بن سوار حتى قدم علينا بهز فخلّصها، وقال أبو حاتم: صدوق ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة. قال يحيى بن سعيد: صدوق ثقة، وقال العجلي: بصري ثقة ثبت في الحديث، رجل صاحب سنة وهو أثبت في حماد بن سلمة، وذكره ابن حبان في الثقات

ص: 167