الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو زرعة بن عمرو بن جرير وأنس وأبو وائل وزيد بن وهب وزياد بن علاقة والشعبي وغيرهم. أسلم سنة عشر، وكان يقول: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، سكن الكوفة ثم انتقل إلى قرقيسياء، وقال: لا أقيم ببلد يشتم فيها عثمان. وكان يقول: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم، وكان يقال له: يوسف الأمة لجماله. قال عبيد بن عمير: رأيت جريرًا وكان وجهه شقة قمر، قال له عمر: يرحمك الله، نِعم السيد كنت في الجاهلية ونِعم السيد أنت في الإِسلام. توفي سنة 51، والله أعلم.
• التخريج
تقدم الكلام على تخريجه في الذي قبله.
• اللغة والإعراب والمعنى
تقدم سائر ألفاظه إلا قوله: (هات) وهي فعل أمر على الصحيح فيها، كما رجحه ابن هشام.
44 - باب التَّوْقِيتِ فِي الْمَاءِ
52 -
أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ فَقَالَ: إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ.
• [رواته: 7]
1 -
هناد بن السري تقدم: 25.
2 -
الحسين بن حريث بن الحسن بن ثابت بن قطبة الخزاعي مولاهم، أبو عمار المروزي. روى عن الفضل بن موسى السيناني والفضيل بن عياض وابن عيينة وابن المبارك وجرير وسعيد القداح وغيرهم، وعنه الجماعة "سوى ابن ماجه وسوى أبي داود فكتابة" وحامد بن شعيب البلخي وابن خزيمة وابن أبي الدنيا وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه النسائي. مات منصرفًا من الحج سنة 244.
3 -
أبو أسامة حماد بن أسامة بن زيد القرشي مولاهم الكوفي، روى عن هشام بن عروة والأعمش ومجاهد وعبيد الله بن عمر وهشام بن حسان والثوري، وعنه الشافعي وأحمد بن حنبل ويحيى وإسحاق بن راهويه، وآخر من روى عنه: الحسن بن علي بن عفان ومحمد بن عاصم الأصبهاني. وثقه أحمد وقال: صحيح الكتاب ضابط للحديث كيّس صدوق، وقال فيه: كان ثبتًا لا يكاد يخطئ، وأثنى عليه غير واحد. مات سنة 201 وهو ابن ثمانين سنة، ووثقه ابن سعد والعجلي. وقد ذكر فيه ابن حجر كلامًا منقولًا عن سفيان بن وكيع، قال: وهو به أليق -أي بسفيان- لأنه كان ضعيفًا والله أعلم.
4 -
الوليد بن كثير أبو محمد المدني مولى بني مخزوم، سكن الكوفة، روى عن سعيد بن أبي هند وسعيد المقبري ومحمد بن كعب القرظي ومعبد ومحمد ابنا كعب بن مالك وغيرهم، وعنه إبراهيم بن سعد وعيسى بن يونس وابن عيينة وأبو أسامة والواقدي وغيرهم. وثقه ابن معين وأثنى عليه ابن عيينة بالصدق، ووثقه أبو داود وأثنى عليه غير واحد. مات بالكوفة سنة 151.
5 -
محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام الأسدي، روى عن عمه عبد الله -ولم يسمع منه- وعروة، وعن ابن عمه عباد بن عبد الله بن الزبير وغيرهم، وعنه ابن إسحاق وابن جريج وعبد الله بن أبي جعفر والوليد بن كثير وجماعة. كان من قراء المدينة وفقهائها، ووثقه الدارقطني، وذكره البخاري فيمن مات بعد عشر ومائة إلى عشرين ومائة، والله أعلم.
6 -
عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي أبو عبد الرحمن المدني، روى عن أبيه وكان وصي أبيه، وروى عن أخيه حمزة وأبي هريرة وأسماء بنت زيد بن الخطاب وجماعة غيرهم، وعنه ابنه عبد العزيز وابن أخيه عبد الله بن واقد بن عبد الله والقاسم بن محمد والزهري وجماعة آخرون. وثقه النسائي ووكيع وأبو زرعة، وذكره ابن حبان في الثقات مات سنة 105، ووثقه العجلي وابن سعد، وكان أكبر ولد عبد الله، ليس له في الترمذي إلا حديث الإغتسال للجمعة، والله تعالى أعلم.
7 -
أبوه عبد الله بن عمر: تقدم 12.
• التخريج
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن الجارود والدارمي وأبو داود الطيالسي، والحاكم وقال: على شرطهما، وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والشافعي والبيهقي. وسيأتي اختلاف الروايات فيه، حتى حكم عليه بعض العلماء بالاضطراب.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء) أي: سأله الصحابة عن حكم الماء، (وما) أي: والذي ينوبه، أي: يأتيه نوبة، بعد نوبة بمعنى مرة بعد أخرى، و (من) في قوله (من الدواب) بيانية. و (الدواب) جمع دابة، وهي في الأصل ما دبّ على وجه الأرض من ذوات الأرواح، كما في قوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} ، وقوله:{خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} ودبَّ: مشى رويدًا رويدًا، ودبَّ: سرى بالليل. قال جرير:
إذا نزل الحجيج على قنيع
…
دببت الليل تسترق العيابا
و(السِّباع) جمع سبع وهو الحيوان المفترس "وما" في قوله: (وما ينوبه) معطوفة على لفظ الماء، والتقدير: سئل عن حكم الماء الذي ترده الدواب والسباع، فكأن الحكم مشترك بين الماء والذي ينوبه، لأن المسؤول عن حكمه بعد إصابة المذكورات له. وقوله:(إذا كان) أي صار الماء (قلتين) أي قدر قلّتين، والقلّتان تثنية قلّة وهي: الجرة، والجمع قلال. وقوله:(لم يحمل الخبث) أي لم يؤثر فيه الخبث وهو النجاسة، وهذا مقيد بما لم يتغير بالنجاسة، فإن غيرته تنجس اتفاقًا.
• الأحكام والفوائد
ظاهر هذا الحديث أن الماء إذا بلغ القلتين (وقدرهما غير معين تعيينًا يجب المصير إليه كما يأتي إن شاء الله) أنه لا يتأثر بالنجاسة، ودل بمفهومه على أن ما دون القلتين يتنجس بالنجاسة قَلَّتْ أَو كثرت. وقد اختلف العلماء في هذا الحديث والقول بمقتضاه على ما يأتي تفصيله إن شاء الله: فذهب الشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه إلى القول بمقتضاه من التفرقة بين مقدار القلتين (وما دونهما)
على اختلافهم في تحديد القلتين، ويروى هذا القول عن ابن عمر ومجاهد.
واحتجوا لهذا المذهب: بالنهي عن البول في الماء الراكد، والنهي عن إدخال اليد في الماء بعد النوم. قلت: وفي الاستدلال بذلك نظر، لأن النهي في الحديثين ليس فيه تقييد صريح، ولا يفهم منه التقييد بالقلتين ونحوهما حتى يكون دليلًا على ذلك، ولا فيهما ذكر النجاسة ولا التعليل بها، ولاسيما والاتفاق حاصل على أن المتغير بالنجاسة نجس ولو كان أكثر من القلتين، ولأن يكون النهي عن البول في الماء الراكد دليلًا على عدم اعتبار القلتين؛ أولى من أن يكون دليلًا على اعتبارها.
وذهب الإِمام أبو حنيفة إلى التفرقة بين القليل والكثير ولكنه لم يقيد ذلك بالقلتين، بل القلة والكثرة عنده موكولة إلى نظر الإنسان الذي يريد استعمال الماء، ويسميه أصحابه المبتلى، وقيّده بعض أصحابه بالماء الذي يتحرك طرفه الأقصى بتحريك الطرف الأدنى، ومنهم من قال: الكثير عشرة أذرع في عشرة، وبعضهم جعل العبرة بغلبة الظن بحصول مخالطة النجاسة لسائر الماء فهذه أربعة أوجه عنده لا تدل على اعتباره للقلتين حدًا في الماء، وإذا لم يعتبرهما لم يكن هناك ما يصلح للتمسك به في إثبات هذا الحكم.
وذهب مالك إلى أن الماء لا يؤثر فيه إلا ما غيّر أحد أوصافه الثلاثة: لونه أو طعمه أو ريحه، ولم يفرّق بين القليل والكثير، إلا أنه إذا كان قدر وضوء أو قدر ما يغتسل به المغتسل، ووقعت فيه نجاسة قليلة لا تؤثر فيه؛ يكره استعماله عنده، مع وجود غيره.
وعدم التفرقة مذهب ابن عباس وأبي هريرة والحسن البصري وابن المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى والثوري وداود الظاهري والنخعي وجابر بن زيد والغزالي من الشافعية وبعض الزيدية. واحتج أهل هذا المذهب بحديث أبي سعيد الخدري في بئر بضاعة، وبأمره صلى الله عليه وسلم للصحابة أن يصبوا الماء على بول الأعرابي كما سيأتي، وعدم التفرقة في النهي عن البول في الماء الدائم ولم يفرق بين القليل والكثير، وكذلك النهي عن إدخال اليد بعد النوم ولم يفرق بين القليل والكثير، وبأن الأصل في الماء الطهارة حتى يثبت خلاف ذلك، وبأن القائلين بمفهوم حديث القلتين لم يتفقوا على شيء معين، والتحديد بشيء
مجهول غير معهود في الشرع. ولفظ القلة مشترك بين الكبيرة والصغيرة، وكل منهما يختلف حجمها عن غيرها، ودعوى أن العرب خصصتها بقلال هجر دعوى عريضة لا برهان عليها، وكونه صلى الله عليه وسلم مَثَّلَ نبق سدرة المنتهى بقلال هجر في حديث الإسراء؛ لا حجة فيه كما لا يخفى.
والقلال مختلفة في نفسها، فالشافعي يقول: القلتان مقدار خمس قُربَ بناء على أن الواحدة قربتان ونصف، وأبو حنيفة لا يعتبر ذلك كما تقدم، فلم يكن هناك حد مسلَّم. وسيأتي أن الحديث معلول، ومن قال بصحته قد يتعذر عليه الاحتجاج به، لما قدمنا من عدم وجود حد فاصل.
قال الإِمام تقي الدين محمد بن الحسين المعروف بابن دقيق العيد: (هذا حديث قد صححه بعضهم، وهو صحيح على طريقة الفقهاء لأنه وإن كان مضطرب الإسناد مختلفًا في بعض ألفاظه، فإنه يجاب عنها بجواب صحيح بإمكان الجمع بين الروايات، ولكني تركته لأنه لم يثبت عندنا بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعًا لتعيين مقدار القلتين)، اهـ.
وقال ابن القيم رحمه الله في هذا الحديث: (ومع صحة سنده فهو غير صحيح المتن، لأنه لا يلزم من صحة السند صحة الحديث، ما لم ينتف الشذوذ والعلة ولم ينتفيا عن هذا الحديث. أما الشذوذ: فإن هذا الحديث مع شدة حاجة الأمة إليه لفصله بين الحلال والحرام والطاهر والنجس، لم يروه غير ابن عمر ولا عن ابن عمر غير ابنه عبد الله أو عبيد الله، فأين نافع وسالم وأيوب وسعيد بن جبير، وأين أهل المدينة وعلماؤهم لم يعلموا هذه السنة وهم إليها أحوج الخلق لعزة الماء عندهم، ومن البعيد جدًا أن تكون هذه السنة عند ابن عمر وتخفى على علماء المدينة ولا يذهب إليها أحد منهم ولا يرونها، ومن أنصف لم يخف عليه امتناع هذا، فلو كانت هذه السنة العظيمة المقدار عند ابن عمر، لكان أصحابه وأهل المدينة أول من يقول بها ويرويها، وحيث لم يقل بهذا التحديد أحد من أصحاب ابن عمر؛ علم أنه لم يكن فيه عنده سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما علّته: فالاختلاف على عبد الله بن عمر رفعًا ووقفًا، وقد رجّح المزي وابن تيمية وقفه. ويدل على وقفه؛ أن مجاهدًا وهو العَلَم المشهور والثبت المعروف رواه عنه موقوفًا، كما صوّبه الدارقطني في سننه ورجح
البيهقي في سننه وقفه من طريق مجاهد وجعله هو الصواب، وقال ابن تيمية: وهذا كله يدل على أن ابن عمر لم يكن يحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن سئل عن ذلك فأجاب بحضرة ابنه، فنقل ابنه ذلك عنه) اهـ.
وقد نقل العيني في شرحه على البخاري، في الكلام على حديث النهي عن البول بعد ذكره الاحتجاج به لمذهبهم، أن الماء إذا لم يكن كالغدير إذا وقعت فيه النجاسة لا يصح الوضوء به، ولو كان أكثر من القلتين إلخ؛ عن ابن المديني أنه قال في حديث القلتين: لا يثبت هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقدير الماء.
أما حديث بئر بضاعة: فقد رواه الشافعي وأحمد وابن ماجه والترمذي وأبو داود والدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري. قيل: يا رسول الله: أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر تلقى فيها الحُيَّض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" وقال الترمذي: حديث حسن. قال ابن حجر رحمه الله: وقد جوّده أبو أسامة وصححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن حزم، ونقل ابن الجوزي أن الدارقطني قال: ليس بثابت. قال ابن حجر: ولم نر ذلك في العلل له ولا في السنن، ثم ذكر ابن حجر للحديث عدة طرق تدل على ثبوته.
قلت: لاسيما وقد صححه أحمد وابن معين وهما من أئمة هذا الشأن، فالعجب ممن ينفي صحته على الإطلاق. وأما ما روي عن الشافعي من قوله: لا يثبت أهل الحديث مثله، وكذلك قول الدارقطني نحوه، إنما أراد بذلك نفي الزيادة التي هي قوله:"إلَّا ما غلب على ريحه أو طعمه" وفي رواية: "إلا إن تغير ريحه أو لونه أو طعمه"، فالمنفي هذه الزيادة كما نص عليه الشوكاني وغيره. قال:(وقد عرفت أن الحديث صححه أحمد وابن معين وابن حزم وحسَّنه الترمذي، وجميع طرقه الأخرى موصولة وموقوفة يؤيد بعضها بعضًا، إلا أن الزيادة في الاستثناء ضعيفة كما تقدم) اهـ.
لكن إطلاقه مخصص بالإجماع -كما قالوا- على أن الماء المتغير بالنجاسة نجس قليلًا كان أو كثيرًا. أما وجه الاحتجاج على عدم النجاسة إذا لم يتغير الماء ولو كان قليلًا، بحديث صب الماء على البول؛ فوجهه أن الذي يصل إلى