الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إِحْدَى وسِتمِائَة
جَاءَت الفرنج إِلَى حماة بالفارس والراجل فَأخذُوا وَقتلُوا وَسبوا خلقا وحملوا إِلَى الْبَاب القبلي فاختنق فِيهِ جمَاعَة
وفيهَا أَسرُّوا الْفَقِيه الشهَاب بن البلاعي كَانَ شاطرا شجاعا
وَسَارُوا بِهِ فِي جملَة الأسرى فَبَاتَ فِي طرابلس لَيْلَة وَاحِدَة وهرب ونجاه الله مِنْهُم وَوصل إِلَى بِلَاده
وَذَلِكَ من أطرف مَا وَقع المأسور وَبلغ السُّلْطَان الْملك الْعَادِل نوبَة حماة فشق عَلَيْهِ ذَلِك
وفيهَا سير الْملك الْمُعظم الْعَسْكَر إِلَى حمص وحماة وَلم يفارقوا إِلَى أَن تقرر الصُّلْح
وفيهَا طلع الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة إِلَى الْملك الْعَادِل بالديار
المصرية فَتَلقاهُ وسر بِهِ سُرُورًا كَامِلا بَقِي مُدَّة وَعَاد
وفيهَا قطع الفرنج العَاصِي ودخلوا إِلَى أَرض حمص فَقتلُوا جمَاعَة وأسروا
فَبلغ ذَلِك الْملك الْعَادِل فوعد بنزوله إِلَى الشَّام وبرز إِلَى الْبركَة وَسَار أَولا فأولا وَوصل إِلَى دمشق
وفيهَا كَانَت وَاقعَة السُّلْطَان شهَاب الدّين الغوري مَعَ مُحَمَّد خوارزم شاه بن خوارزم شاه وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان شهَاب الدّين الغوري وَقع بَينه وَبَين خوارزم شاه فجَاء شهَاب الدّين أَخذ نشاوور وَولى فِيهَا ملكا من أَصْحَابه وَهُوَ ابْن أُخْته يُقَال لَهُ ضِيَاء الدّين وَعَاد إِلَى
غزنة
وَسبب ذَلِك أَن الْبِلَاد تخبطت عَلَيْهِ من الْهِنْد فَسمع خوارزم شاه بذلك فَجمع وَقصد نشاوور وَنزل عَلَيْهَا وحاصرها مائَة يَوْم وَأَن الهنود قَامُوا على السُّلْطَان شهَاب الدّين فانشغل بهم وَمَا نجدهم فَأَخذهَا خوارزم شاه بالأمان
وَنزل ضِيَاء الدّين الْمَذْكُور مِنْهَا وَضرب خيمته بِقرب خيمة خوارزم شاه والأمراء الَّذين كَانُوا مَعَه طَلَبهمْ يخدمونه فَمَا أجابوا إِلَى ذَلِك
قَالُوا إِذا لم نَحْفَظ الأول مَا نَحْفَظ الآخر
وفارقوا وتوجهوا إِلَى السُّلْطَان شهَاب الدّين الغوري فَسَأَلَهُمْ كَيفَ جرى فَقَالُوا لَهُ سيرنا عدَّة كتب مَا جَاءَنَا لَهَا جَوَاب فَاسْتَحْضر وزيره وَأنكر عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ كَيفَ كنت تخفيني مثل هَذَا وَقد حوصروا ثَلَاثَة أشهر لعَلي كنت أنجدهم
وَسخط عَلَيْهِ
وجند السُّلْطَان شهَاب الدّين بعد ذَلِك وَطلب خوارزم شاه
وَعمِلُوا مصافا واقتتلوا فانكسر خوارزم شاه إِلَى الْبَلَد وَبَقِي بَين السُّلْطَان الغوري وَبَين خوارزم شاه مَسَافَة يَوْمَيْنِ فَعمد خوارزم شاه وَكسر من سيحون وجيحون ساقية مَاء وأدارها فِي الخَنْدَق فمنعت من العبور إِلَى الْبَلَد فطال
مكث السُّلْطَان على ذَلِك المَاء وَشرع فِي عمل زواريق ليعبر إِلَى الْبَلَد فِي المَاء
فأنفذ خوارزم شاه إِلَى أَخْوَاله الخطا وَقَالَ لَهُم قد جَاءَ من يَأْخُذ الْبِلَاد منا ومنكم فأنجدوني
فَجمع الخطا وركبوا فِي أَرْبَعِينَ ألف فَارس جرائد كل وَاحِد وجنيبه وقصدوا السُّلْطَان فَسمع بهم السُّلْطَان فانتقل عَن المَاء وطلبهم فَبَقيَ بَينهم وَبَين المَاء مَسَافَة أَرْبَعَة أَيَّام وَبَقِي بَين السُّلْطَان وَالْمَاء مَسَافَة ثَلَاثَة أَيَّام
فَقَالَ الْأُمَرَاء
للسُّلْطَان إِن سبقُونَا إِلَى المَاء ظفروا بِنَا وان سبقناهم ظهرنا عَلَيْهِم فجد السُّلْطَان فِي السُّوق فسبقهم إِلَى المَاء بدقيقة
فوصلت بَوَادِر عَسْكَرهمْ وأشرفت على المَاء وَالسُّلْطَان نَازل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَمِير من أمرائه تُعْطِينِي رجَالًا ودستورا لألقى من وصل من عَسْكَرهمْ لأَنهم قد وصلوا تعابا إِلَى غَايَة
فَقَالَ السُّلْطَان لَا بل نصبر حَتَّى يصلوا
وَمَا قبل مِنْهُ وَكَانَ اسْمه حُسَيْن خر
فجَاء الخطا وطلبوا من السُّلْطَان مصافا فَقَالَ إِلَى غَد فتيقنوا ضعفه فطمعوا فِيهِ وضربوا مَعَه مصافا وَأرْسل الله هَوَاء عَظِيما فِي وَجه السُّلْطَان وَأَصْحَابه
فانتصر عَلَيْهِم الخطا وَقَاتل السُّلْطَان شهَاب الدّين بِنَفسِهِ أَشد قتال بِحَيْثُ إِنَّه غير على عشْرين دَابَّة غير أَنه كسر وَلَكِن بعد أَن قتل كل وَاحِد من أَصْحَابه جمَاعَة من الخطا
فَانْهَزَمَ
السُّلْطَان إِلَى قَرْيَة صَغِيرَة يُقَال لَهَا بندخوي
وَكَانَ مَعَ الخطا السُّلْطَان عُثْمَان سُلْطَان سَمَرْقَنْد وصعب عَلَيْهِ كسرة السُّلْطَان شهَاب الدّين وَذَلِكَ لإسلامه
غير أَنه لم يكن لَهُ حِيلَة فِي دفع ذَلِك عَن الْمُسلمين
وقصدوا محاصرة الرِّبَاط وَأخذ السُّلْطَان مِنْهُ
فَأَشَارَ عَلَيْهِم السُّلْطَان عُثْمَان بِأَن مَا هَذَا مصلحَة فَإِن لَهُ عدَّة غلْمَان ومماليك مَعَهم العساكر الْكَثِيرَة مثل تَاج الدّين الدز وأيبك لاشك وقطب الدّين فَيسمع هَؤُلَاءِ فيقصدونكم والمصلحة عِنْدِي رواحكم وآخذ لكم مِنْهُ
فيلا من فيلته وَحمل ذهب
قَالُوا افْعَل فنفذ إِلَى السُّلْطَان شهَاب الدّين وأطلعه على الْقَضِيَّة فسير لَهُ مَا طلب وَعَاد السُّلْطَان إِلَى غزنة مكسورا وَاجْتمعت إِلَيْهِ مماليك من جَمِيع الْأَطْرَاف وَأنْفق فِي الْعَسْكَر عَن سِنِين فَلَمَّا كَانَ هُوَ فِي بعض اللَّيَالِي فِي الصَّلَاة اخْتصم مملوكان صَغِير وكبير فخاصمهما السُّلْطَان وهددهما إِلَى مَا بعد صلَاته فَأخذ أَحدهمَا سكينَة صَغِيرَة وقفز على السُّلْطَان شهَاب الدّين فَقتله وَخرجت مصارينه فِي وقته وقبر فِي غزنة وَلم يعقب وَلَا بشر بِولد كَانَ عاقرا
وَكَانَ هَذَا السُّلْطَان عُثْمَان الْمُقدم ذكره وَهُوَ صَاحب سَمَرْقَنْد أحسن النَّاس بِحَيْثُ إِن نسَاء سَمَرْقَنْد إِذا ركب يدعونَ لَهُ وَيَقُلْنَ اللَّهُمَّ تقبل مهورتنا منا صَدَقَة عَن شباب السُّلْطَان عُثْمَان
وَالله أعلم