الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة
وَالْملك الْمُعظم وَالْملك الْأَشْرَف على مَا هما عَلَيْهِ بِدِمَشْق من الِاجْتِمَاع فِي الملاذ وَغَيرهَا
وفيهَا وَردت الْأَخْبَار أَن عَسْكَر الْخَوَارِزْمِيّ فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة كَانُوا قد قصدُوا خلاط وهجموها وبلغوا فِيهَا إِلَى سوق الدَّقِيق وَأَن النَّاس تحايوا ونصحوا وقاتلوا أَشد قتال وأخرجوهم مِنْهَا عنْوَة ورحلوا عَنْهَا لَكِن بعد خراب كثير وَقع فِي الْبَلَد
وَقيل إِن أهل أخلاط هم الَّذين كَانُوا استدعوا الْخَوَارِزْمِيّ ليسلموها إِلَيْهِ ثمَّ عَادوا عَن قَوْلهم فَعَاد الْحَاجِب عَليّ بعد رحيلهم حصنها وَنقل إِلَيْهَا الْعدَد والغلال وحشدها خيالة ورجالة وَبقيت فِي أتم حصانة
وفيهَا عَاد الْملك النَّاصِر دَاوُد من إربل إِلَى أَبِيه الْملك الْمُعظم وتلقاه عَمه السُّلْطَان الْأَشْرَف
وفيهَا كَانَت الْأَخْبَار قد حققت بِعُود عَلَاء الدّين من حِصَار صَاحب آمد بعد أَن أَخذ الكختين ومواضع أخر مثل حصن
مَنْصُور وَغَيرهَا إِلَى بِلَاده
وَكَانَ الْملك الْحَافِظ نور الدّين قد توجه منجدا لصَاحب آمد هُوَ وَعز الدّين أيبك الأشرفي وَوَقع ابْن بدر وَأَخذه الْعَسْكَر الرُّومِي وَكَانَ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَقع هَذَا
وفيهَا كَانَ صَاحب ماردين قد خطب للرومي وَعَاد فِي خدمته
وفيهَا وصل قَاضِي حصن كيفا إِلَى الْملك الْأَشْرَف يُخبرهُ أَن صَاحب آمد فِي خدمته وَأَنه مَا عَاد إِلَى الرُّومِي كَمَا نقل عَنهُ
وفيهَا وصل بدر الدّين عُثْمَان أَخُو الْحَاجِب عَليّ وَالْغَرْس
مبارك المعظمي الَّذِي كَانَ بسجن دمشق برسالة من الْملك الْمُعظم وَالْملك الْأَشْرَف إِلَى الْملك النَّاصِر صَاحب حماة وَإِلَى أتابك حلب لَا غير فَمَا وَقع الْجَواب مرضيا لقولهما
وفيهَا عَاد النَّجْم خَلِيل الْحَمَوِيّ قَاضِي الْعَسْكَر من عِنْد خوارزم شاه وَقد كَانَ لَهُ عِنْده مُدَّة تِسْعَة شهور وَحكى من جوره وظلمه وجبروته وعظمته مَالا سمع عَن غَيره وفارقه مُتَوَجها إِلَى كنجة وَسَار صحبته مَمْلُوك الْمُعظم الْمَعْرُوف بالبركين
وفيهَا مَاتَ الْمُهَذّب السامري الْحَكِيم الَّذِي كَانَ عِنْد الْملك الأمجد صَاحب بعلبك الَّذِي كَانَ النَّاس قد عمِلُوا الْأَشْعَار فِي الأمجد
بِسَبَب عشقه لَهُ ومحبته فَمن جُمْلَتهمْ الشهَاب فتيَان النَّحْوِيّ الشاغوري رحمه الله عمل
(الْملك الأمجد الَّذِي شهِدت
…
لَهُ جَمِيع الْمُلُوك بِالْفَضْلِ)
(أصبح فِي السامري مُعْتَقدًا
…
مُعْتَقد السامري فِي الْعجل) // المنسرح //
وفيهَا وصل الْكَمَال بن مهَاجر الْموصِلِي الْمَعْرُوف بِالدّينِ والزهد والورع من بدر الدّين لُؤْلُؤ أتابك الْموصل وَقد كَانَ وزيره إِلَى الْملك الْأَشْرَف وَالْملك الْمُعظم وهما بِدِمَشْق بقود وهدية وأقمشة وَغَيرهَا وَهُوَ كَبِير الْقدر كثير المَال وَالْمَعْرُوف وَله الصَّدقَات الدارة وَبِنَاء الطرقات والخانات وأوقف الْوُقُوف فتلقي بحلب
أحسن تلق وَحمل إِلَيْهِ أَشْيَاء فَلم يقبل شَيْئا من أحد وَلَا أكل طَعَامه وَتوجه إِلَى حمص وتلقاه الْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص وَحمل لَهُ وأضافه وَبَالغ فِي إكرامه ووداعه ثمَّ توجه إِلَى دمشق
وفيهَا كَانَ وصل إِلَى صَاحب الْموصل رِسَالَة من الإِمَام الْمُسْتَنْصر يطيب قلبه ويبسط أمله ويعده بِكُل جميل لَا سِيمَا عَن صَاحب إربل وَوصل إِلَيْهِ أَيْضا رَسُول السُّلْطَان عَلَاء الدّين كيقباذ سُلْطَان الرّوم فِي معنى التعاضد على الْخَوَارِزْمِيّ والتعجب من تَأَخّر الْملك الْأَشْرَف عِنْد أَخِيه فِي مثل هَذَا المهم
وفيهَا قبض بدر الدّين لُؤْلُؤ على أَوْلَاد بلس وَذَلِكَ بعد اتفاقه مَعَ ابْن زبن الدّين صَاحب إربل على ذَلِك وَأخذ جَمِيع أَمْوَالهم وَكَانَت كَثِيرَة
وفيهَا عَاد نَاصِر الدّين بن أيمر من عِنْد الإِمَام الْمُسْتَنْصر إِلَى مخدومه الْمُعظم
وفيهَا عَاد كريم الدّين الْمَعْرُوف بالخلاطي من عِنْد سُلْطَان
الرّوم كيقباذ إِلَى صَاحبه الْمُعظم بجوابه
وفيهَا عَاد الْملك الْجواد بن مودود بن الْملك الْعَادِل إِلَى الديار المصرية بِطَلَب عَمه الْملك الْكَامِل لَهُ ورضا أَعْمَامه الْملك الْأَشْرَف والمعظم فَتَلقاهُ وضاعف إكرامه
وفيهَا كَانَت الْوَقْعَة بَين الْأَمِير مَانع بن حَدِيثَة وَابْن عَمه الْأَمِير منيع على يرعم بِبَلَد بارين فطعن منيع طعنة بلغت مِنْهُ وَحمله مَانع إِلَى بيوته وسير الْملك الْمُجَاهِد جرائحيا من عِنْده لعلاجه فصلح
وَمَات الْأَمِير حُلْو من أَصْحَاب منيع وَطرح مِنْهُم جمَاعَة مَانع مائَة وَثَمَانِينَ شخصا وَكَانَت وقْعَة عَظِيمَة كَانَ أَصْلهَا منيع لِأَن مَانع قَالَ لَهُ عِنْد الالتقاء كف الشَّرّ واحقن الدِّمَاء فَأبى إِلَّا
السَّيْف وَالْبَغي فَحمل مَانع بجماعته على منيع وَأَصْحَابه فَرَمَوْهُمْ إِلَى الأَرْض وَجرى من الْقَتْل وَالْجرْح وَالْمَوْت والهرب مَا اشْتهر فِي النَّاس وَهَذِه عَاقِبَة الْبَغي
ثمَّ رَحل بَقِيَّة أَصْحَاب منيع إِلَى بلد بعلبك وصاروا يتخطفون النَّاس فَمن جملَة فعلهم وإقدامهم أَنهم وَقَعُوا على الْبَهَاء ابْن رسْلَان بغا وَهُوَ فِي قَرْيَة يُقَال لَهَا قطينة بِقرب بحيرة قدس من بلد حمص لَيْلًا فَأخذُوا قماشه وجرحوه ومماليكه وَأصْبح فَقِيرا وَكم لَهُم من فعل قَبِيح هَذَا أَقَله
وفيهَا كَانَ الْملك الْمُعظم وَالْملك الْأَشْرَف قد توجها إِلَى الْغَوْر للصَّيْد والتفرج وَغَيره أَقَامَا مُدَّة ثمَّ عادا إِلَى خربة اللُّصُوص بِدِمَشْق أَقَامَا فِيهَا
وفيهَا فِي آذار فِي الْعشْرين مِنْهُ وَقع من الثَّلج والأمطار والأهوية مَا لَا يحد وَلَا رُؤِيَ من الْأَعْمَار وَتلف بعض الْأَشْجَار
وفيهَا شرعوا فِي إِعَادَة عمَارَة البرج الَّذِي كَانَ بسلمية
وَخَرَّبَهُ الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد بن تَقِيّ الدّين رحمه الله وَذَلِكَ بِأَمْر الْملك الْكَامِل وإشارته لصَاحِبهَا وَهُوَ الْملك المظفر مَحْمُود الْمُقدم ذكره
وفيهَا شرع السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص فِي حفر خَنْدَق القلعة وتعميقه وتوسعته وحصانته لِأَنَّهُ من الثغور الإسلامية الْمَنْدُوب إِلَى حصانته وَقد كَانَت قلعة حمص أَيْضا قبل ذَلِك مترجلة صَغِيرَة فعلاها وكبرها وحصنها وَكم عني بهَا من أتم عناية لله تَعَالَى وسَاق إِلَى حمص الْمِيَاه وأطاعه فِي ذَلِك العَاصِي الَّذِي لم يطع قبله لغيره من الْمُلُوك
وفيهَا وَقع بَين صَاحب حماة النَّاصِر وَصَاحب شيزر شهَاب الدّين الْأَعْرَج على ضامنة اللطف وقصده النَّاصِر وَخرب شيزر ونهبها وَقتل مِنْهَا إِلَى أَن وصل من الْملك الْأَشْرَف رَسُول بِالصُّلْحِ بَينهمَا
وفيهَا عَاد الْحجَّاج ووصفوا من الرُّخص وَكَثْرَة الْمِيَاه والأمن مَا تجَاوز الْوَصْف وانباع الليمون الْأَخْضَر فِي الطَّرِيق بِرُخصِهِ فِي السَّاحِل
وفيهَا وَقع الصُّلْح بَين مَانع بن حَدِيثَة وَابْن عَمه منيع بن تَوْبَة وَذَلِكَ بِإِشَارَة السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص
وفيهَا عَاد الْملك الظافر خضر الْمَعْرُوف بالمشمر لدين الله بن صَلَاح الدّين رحمه الله من عِنْد أَوْلَاد عَمه الْعَادِل من دمشق فَأحْسن إِلَيْهِ الْملك الْمُجَاهِد وَأَعْطَاهُ نَفَقَة سنية وَحمل إِلَيْهِ الْإِقَامَة الْكَثِيرَة إِلَى حِين انْفِصَاله
وفيهَا عاود الْملك الْمُعظم بن الْعَادِل مَرضه وَهُوَ نَازل بخربة اللُّصُوص من بلد دمشق
وفيهَا وَردت الْأَخْبَار من الْبَحْر أَن البابا أعْطى الْملك الَّذِي كَانَ صَاحب عكا اثْنَي عشر بَلَدا وَكَانَ الْملك الأمبراطور قد
تزوج ابْنة هَذَا الْملك الْمَذْكُور وَبقيت عكا لَهُ ورتب نَائِبه فِيهَا
وفيهَا مَاتَ ملك الإفرنس وَكَانَ يحاصر بلد صنجيل وَهُوَ بلد البطلانية والبطلانية عِنْد الفرنج كالنصيرية عِنْد الْمُسلمين فَاجْتمع الأكابر ومحتشمو الخيالة ورتبوا وَلَده فِي الْملك عَلَيْهِم
ولازموا حِصَار من كَانُوا عَلَيْهِم ورتبوا الصَّبِي بَالا وَهُوَ مثل أتابك الْعَسْكَر
وفيهَا عَاد خصبك ابْن صَاحب تكريت من الْعَجم وَخبر أَن الْخَوَارِزْمِيّ تَأَخّر عَن حركته بِسَبَب من قَامَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الخطة
وفيهَا توفّي نور الدّين بن عماد الدّين الَّذِي كَانَ صَاحب قرقيسيا وَأَخذهَا الْملك الْمُعظم مِنْهُ بِدِمَشْق
وفيهَا وَردت الْأَخْبَار بِأَن الاسماعيلية قتلوا خَال الْخَوَارِزْمِيّ ووصلت رسلهم إِلَى الْأَشْرَف بذلك
وفيهَا اتّفق الْأَشْرَف وَأَخُوهُ الْمُعظم على مَا جرى بَينهمَا وسيروا الْكَمَال بن مهَاجر إِلَى السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد وَإِلَى النَّاصِر صَاحب حماة وأتابك حلب بِصُورَة مَا وَقع بِهِ الِاتِّفَاق بَينهمَا فَمَا وافقوا على شَيْء مِنْهُ وشرعوا فِي عمَارَة بِلَادهمْ وتحصينها
وفيهَا وَردت الْأَخْبَار إِلَى الشَّام بإنفاق السُّلْطَان الْكَامِل الْأَمْوَال فِي عسكره وَخُرُوجه
وفيهَا وَردت الْأَخْبَار أَن الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر بِاللَّه قتل رَشِيق الشرابي ورتب عوضه كافور أحد خدام أَبِيه ثمَّ بعد ذَلِك توجه الْخَلِيفَة إِلَى الحديثة للتفرج بَقِي أَيَّامًا فغلا السّعر بِبَغْدَاد بلغه ذَلِك فَعَاد إِلَيْهَا وَأعَاد السّعر إِلَى حَاله
وفيهَا فِي شهر جُمَادَى الْآخِرَة ودع الْأَشْرَف أَخَاهُ الْمُعظم من الْمنزلَة عَائِدًا إِلَى بِلَاده الشرقية بعد الإرجاف بِقَبض الْمُعظم لَهُ قطعا
وفيهَا فِي الشَّهْر بِعَيْنِه بعد انْفِصَال الْأَشْرَف عَاد كيميار رَسُول الرُّومِي إِلَى مخدومه
فَتَلقاهُ الْملك الْمُجَاهِد وَأَوْلَاده ولي عَهده الْملك الْمَنْصُور ابراهيم واخوته وَأحسن إِلَيْهِ
وفيهَا فِي الشَّهْر أَيْضا غارت الْعَرَب وهم غزيَّة البطنين وَغَيرهم على بلد حمص وَأخذُوا حَتَّى غنم أهل الْبَلَد فَوَقع الصَّوْت وَركب الْعَسْكَر وتبعوا العربان إِلَى مُعظم الطَّرِيق وَكَانَ فيهم قُوَّة
ومنعة لكثرتهم فَعَاد عَنْهُم بمراسلة جرت بَينهم وَذَلِكَ تَوْفِيقًا من الله لحقن الدِّمَاء
ثمَّ بعد ذَلِك أَمر الْمُعظم عربه أَن يُغيرُوا على بلد حمص وحماة وسلمية وبارين فَجَاءُوا ونزلوا الزِّرَاعَة من أَرض حمص وَأَرْض جوسية الخربة والقصب ومكثوا أَيَّامًا يغيرون على الْبِلَاد ويعودون إِلَى مَنَازِلهمْ وَالْملك الْمُجَاهِد مهمل لَهُم فَلَمَّا طمعوا ركب إِلَيْهِم بِمن مَعَه وَأَوْلَاده وَأذن لأهل بَلَده فِي النهب وأطمعهم فَمَا كَانَ بِأَقَلّ من نصف نَهَار حَتَّى نهبوهم وسبوهم وَقتلُوا وجرحوا خلقا وَكَانَ مَانع بن حَدِيثَة يَوْمئِذٍ قد وصل إِلَى خدمته فَحَضَرَ الْوَقْعَة أَيْضا وَكَانَ عِنْد الْعَرَب الْمَذْكُورين مَمْلُوك الْمُعظم سنجر أَمِير الْعَرَب فرحلوا غصبا وكاتبوا الْمُعظم بِمَا جرى فصعب
عَلَيْهِ وَأمرهمْ بنزولهم الغوطة خوفًا عَلَيْهِم وعاتب الْملك الْمُجَاهِد فِي ذَلِك فَأَجَابَهُ جَوَابا سَادًّا ثمَّ توجه الْمُعظم فِي ضمن هَذَا إِلَى صفت وكوكب وتبنين وَغَيرهَا ليخرب بَقِيَّة أساساتها وسد صهاريج المَاء بالقدس خوفًا لما بلغه من حَرَكَة الفرنج
وفيهَا توجه السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور ابراهيم بن السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص وَهُوَ ولي عهد أَبِيه إِلَى حلب وَإِلَى الْأَشْرَف طَالبا نجدة ليجهز إِلَيْهِ من الْعَسْكَر الْعدة المقررة لالتقاء الْمُعظم وَعَاد وَوصل من الْعدة جمَاعَة من عَسْكَر حلب إِلَى حمص مثل شهَاب الدّين بن مجلي الهكاري ومظفر الدّين بن جرديك وَغَيرهمَا
وفيهَا عَاد رَسُول الْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص من عِنْد الرُّومِي وَأخْبرهُ بِمن عِنْده من الرُّسُل المجتمعة من الْخَلِيفَة وَسَائِر الْمُلُوك وَأَنه حلف لصَاحب آمد وَقد كَانَ رَسُوله أَقَامَ مُدَّة فَلَمَّا تحقق وُصُول رَسُول الْأَشْرَف وَهُوَ الزكي بن العجمي حلف قبل وُصُوله
حنقا على الْأَشْرَف وَأَنَّهُمْ فِي ترقب وُصُول كريم الدّين الخلاطي من الْمُعظم
وفيهَا توجه رَسُولا من أتابك حلب إِلَى الرُّومِي بدر الدّين ابْن أبي الهيجاء الدَّقِيق فِي الْخطْبَة
وَجُمْلَة مَا كَانَ قد أَخذه السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد ومانع عِنْده والتركمان من العربان خَمْسَة آلَاف جمل خَارِجا عَن الأغنام والخيول والأقمشة وَغَيرهَا
وَعَاد مَانع بن حَدِيثَة من خدمَة الْملك الْمُجَاهِد
صَاحب حمص بِمَا حصل لَهُ من الْغَنِيمَة فِي الْوَقْعَة الْمُقدم ذكرهَا إِلَى أَصْحَابه على الفردوس من بلد حلب بعد وقْعَة كَانَت جرت لعربه ولأخيه عَليّ مَعَ عَسْكَر حماة وظفرهم بهم وَلَوْلَا عَسْكَر حلب لم يبْق من عَسْكَر حماة بَقِيَّة وخربوا بلد حماة والمعرة وَقَطعُوا الطرقات
وفيهَا طهر السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد بَقِيَّة أَوْلَاده الصغار وهما الْملك الزَّاهِر دَاوُد وَالْملك الْأَفْضَل مُوسَى
وفيهَا كَانَ مجد الدّين مُتَوَلِّي حصون الإسماعيلية بِالشَّام قد سير إِلَى ملك الرّوم عَلَاء الدّين كيقباذ يطْلب مِنْهُ الْمُقَرّر لَهُم عَلَيْهِ وَهُوَ ألفا دِينَار الَّتِي كَانَت جرت عَادَتهم بحملها إِلَى ألموت فَأَبَوا
ذَلِك وسير الرُّومِي إِلَى جلال الدّين بألموت فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ تحملهَا إِلَيْهِم بِالشَّام فقد عَيناهَا لَهُم ذخيرة فحملوها
وفيهَا وصل نجم الدّين رَسُول الرّوم وَهُوَ المهمندار وَاجْتمعَ بِهِ السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد فِي جَوَاب رسَالَته وفاوضه وَقَالَ قد وصلت من صَاحِبي فِي قَضَاء شغلك مَعَ الْمُعظم وَإِزَالَة اعتراضه على جَمِيع مَالك
وَكَانَ عِنْد وُصُوله قد تجهزت سَرِيَّة عَظِيمَة إِلَى بلد حماة وَغَيرهَا من عرب الْمُعظم فَأخذ خبرهم الْملك الْمُجَاهِد وَركب خَلفهم وتبعهم بِنَفسِهِ وَأَوْلَاده فَأَخَذُوهُمْ وَقتلُوا مِنْهُم عَالما واستعادوا غَنَائِم كَانُوا قد غنموها من حماة وَغَيرهَا
وفيهَا فِي شعْبَان وصل ولدا شيخ الشُّيُوخ وهما الْكَمَال
والمعين من عِنْد السُّلْطَان الْملك الْكَامِل وقاضي الْعَسْكَر الْمصْرِيّ الشريف الْحُسَيْنِي رسلًا إِلَى الْمُعظم وَأَن الرسَالَة تُؤَدّى بعد أَن يقف عَلَيْهَا الْكَمَال بن شيخ الشُّيُوخ ثمَّ يعود قَاضِي الْعَسْكَر إِلَى مصر وَيتم الْكَمَال والمعين إِلَى حمص وَيُؤَدِّي الْكَمَال الرسَالَة إِلَى السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد فَتَلقاهُمْ الْملك الْمُجَاهِد بأولاده وأنزلهم فِي دَار الْملك الْمَنْصُور تَحت القلعة وَأكْرمهمْ غَايَة الْإِكْرَام وَأدّى الْكَمَال رسَالَته وَسَار أَخُوهُ الْمعِين إِلَى بَغْدَاد لِأَنَّهُ مَا كَانَ مَعَه رِسَالَة إِلَى غير الْخَلِيفَة
وَأما الْكَمَال فَإِنَّهُ تَأَخّر بحمص وَقَالَ مَا كَانَ حمله وَفِي جملَته إِن مخدومي قَالَ تعرف الْملك الْمُجَاهِد صُورَة مَا جرى منا وَمن الْمُعظم وَمهما أَشَارَ بِهِ يكون الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ فقرر الْملك الْمُجَاهِد مَعَه مَا وَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَتوجه إِلَى حماة وَإِلَى الْأَشْرَف وَإِلَى بدر الدّين لُؤْلُؤ الْموصل وَأخْبر الْمَذْكُور بِأَن
قد وصل رَسُول الأمبراطور وَمَعَهُ من التحف وَغَيرهَا والخيول مَا لَا يحد وَلَا يُوصف وَأَن السُّلْطَان الْملك الْكَامِل اهتم لَهُ غَايَة الاهتمام من حسن تَرْتِيب وَإِقَامَة وَغَيرهَا وَأَنه أحضر لَهُ من مراكبيه عدَّة بِالذَّهَب وَغَيره وَأَن الْكَامِل سير فرس الأمبراطور الْخَاص بِعَيْنِه إِلَى ابْن الْملك الظَّاهِر بحلب وَأَشْيَاء مَعَه وَأَنه قد شرع فِي عمل هَدِيَّة لم يسمع بِمِثْلِهَا ويسير بهَا جمال الدّين إِسْمَاعِيل بن منقذ فِي الْجَواب وَقد ذكرنَا هَذَا وَغَيره من الوقائع فِي كتَابنَا التَّارِيخ الموسوم بالكشف وَالْبَيَان فِي حوادث الزَّمَان لِأَن هَذَا التَّارِيخ فِي غَايَة الِاخْتِصَار كَمَا شرطنا
وفيهَا وصل رَسُول الأشكري فِي الْبَحْر إِلَى السُّلْطَان الْملك الْكَامِل وبذل من نَفسه
وفيهَا وصل رَسُول من الامبراطور وَهُوَ نَائِبه بعكا إِلَى الْمُعظم بهدية حَسَنَة وَكَانَ رَسُول الامبراطور وصل وَطلب السَّاحِل من الْكَامِل
وفيهَا أصلح هَذَا الرَّسُول بَين الأبرنس والديوية والاسبتار فَإِنَّهُم كَانُوا قد حرمُوهُ
وفيهَا وصل رَسُول الْخَوَارِزْمِيّ وَاجْتمعَ بِالْملكِ الْمُجَاهِد وعَلى يَده إِلَيْهِ كتاب إِلَيْهِ من وزيره خواجا جهان يتَضَمَّن مَا جرى لَهُم مَعَ الْكَافِر وَأَنه فِي عزم الْمُضِيّ إِلَيْهِ لاستقصاء شأفته وَذكر أَنه كَانَ على يَده هَدِيَّة فِي جُمْلَتهَا ثَلَاثَة أُسَارَى من الَّذين أخذوهم وعدة إِلَى الْمُعظم وَأَنَّهُمْ اتهموا بغدي مَمْلُوك أتابك أزبك بِأَنَّهُ تَبِعَهُمْ بعد انْفِصَاله عَن الْأَشْرَف وَأَخذهم
وفيهَا وصل رَسُول الامبراطور إِلَى الإسماعيلية بالحصون الشامية بِجَوَاب رسالتهم إِلَيْهِ وعَلى يَده هَدِيَّة بِمَا يناهز ثَمَانِينَ ألف دِينَار فَقَالَ لَهُم مجد الدّين مُتَوَلِّي الْحُصُون الطَّرِيق إِلَى ألموت وجلال الدّين غير طيبَة من الْخَوَارِزْمِيّ وَغَيره ونخاف عَلَيْكُم فتوقفوا إِلَى حِين صَلَاح الطَّرِيق واتركوا مَا مَعكُمْ عندنَا وَدِيعَة لكم وَالْغَرَض حفظ نَفسه وأمانه منا وَهَذَا أماننا لَهُ
وَحلف لَهُم وَأَعْطَاهُمْ قَمِيصه أَمَانًا وَهَذِه عَادَتهم
وفيهَا سير الاستبار يطْلبُونَ قطيعة من الاسماعيلية قَالُوا لَهُم ملككم الامبراطور يُعْطِينَا وَأَنْتُم تأخذون منا ومنعوهم فَأَغَارُوا عَلَيْهِم وَأخذُوا من بلدهم جملَة
وفيهَا اتّفق عيد رَمَضَان وَعِيد الْيَهُود وَعِيد النَّصَارَى وَهَذَا عَجِيب عَجِيب
وفيهَا كَانَت وقْعَة بَين التركمان وَصَاحب آمد وَظهر عَلَيْهِ التركمان
وفيهَا كَانَ قد اجْتمع الْملك الْمَنْصُور صَاحب ماردين وَالْملك المسعود صَاحب آمد وَجَاء كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى بعض الطَّرِيق وأكلا وشربا وتحالفا واتفقا بَعْدَمَا كَانَ بَينهمَا من الشحناء والبغضاء وَذَلِكَ بِرَأْي الْملك الْمُعظم صَاحب دمشق ورأي صَاحب إربل
وفيهَا حج الْملك المظفر شهَاب الدّين غَازِي بن الْملك الْعَادِل على الْبَريَّة وودعه أَخُوهُ الْأَشْرَف وَلما عَاد تَلقاهُ أَقَامَ عِنْده أَيَّامًا وَعَاد إِلَى بَلَده ميافارقين وَغَيرهَا
وفيهَا اهتم الفرنج بعمارة قيسارية الشَّام
وفيهَا ورد الْخَبَر بِأَن الْحَاجِب عَليّ بن حَمَّاد صَاحب الدولة الأشرفية ونائبه بخلاط توجه إِلَى بِلَاد الْعَجم فَنزل سقماواناه فَبَلغهُ أَن الْوَزير خواجاجهان وَهُوَ وَزِير السُّلْطَان الْخَوَارِزْمِيّ
وصل إِلَى شميران بِثَلَاثَة آلَاف فَارس وَنزل عَلَيْهَا فَجرد الْحَاجِب عَليّ الْعَسْكَر من أول اللَّيْل وسَاق فِي ليلته وَأصْبح عَلَيْهِم بشميران وسَاق عَلَيْهِم فكسرهم وَأخذ أحمالهم وكوساتهم وَلم يفلت مِنْهُم إِلَّا خواجاجهان بِسِتَّة نفر وتسلم الْحَاجِب عَليّ خوي وَسَار يتسلم غَيرهَا
وفيهَا كَانَ موت الْملك الْمُعظم بِدِمَشْق وَولي وَلَده الْملك النَّاصِر
وفيهَا وصل الْعِمَاد أَحْمد بن موسك إِلَى الْملك الْأَشْرَف