المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين وستمائة - التاريخ المنصوري = تلخيص الكشف والبيان في حوادث الزمان

[الحموي، ابن نظيف]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة

- ‌وَفِي سنة تسعين وَخَمْسمِائة

- ‌سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌سنة ثَلَاث وَأَرْبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَفِي سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَفِي أول سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة تِسْعَة وتسع وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة سِتّمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وسِتمِائَة

- ‌وَفِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وسِتمِائَة

- ‌سنة أَربع وسِتمِائَة

- ‌سنة خمس وسِتمِائَة

- ‌وَفِي سنة سبع وسِتمِائَة

- ‌سنة ثَمَان وسِتمِائَة

- ‌سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة تسع عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة عشْرين وسِتمِائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌وَفِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌وَلما دخلت سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة

الفصل: ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين وستمائة

وفيهَا أَمر الْأَشْرَف بعمارة قلعة زليبا بعد أَخذهَا من الْحَافِظ

وفيهَا كَانَ قد جهز الْكَامِل النَّاصِر وَأطْلقهُ من حبس الرها وَقَالَ لَهُ بارين لَك تروح إِلَيْهَا فَلَمَّا وصل قنسرين وجد أَخَاهُ المظفر قد توجه إِلَيْهَا من حماة يحاصرها فَأَقَامَ مَوْضِعه وسير عرف الْكَامِل فَأنْكر ذَلِك ثمَّ بعد ذَلِك سَار إِلَيْهَا ودخلها

‌ثمَّ دخلت سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة

وَالسُّلْطَان الْكَامِل بالجزيرة والخوارزمي بخلاط والأشرف على بعلبك يحاصرها

وفيهَا وصل بحران رَسُول الامبراطور إِلَى الْكَامِل وعَلى يَده كتب إِلَى فَخر الدّين بن شيخ الشُّيُوخ بِمَا نسخته

ص: 189

بسم الله الرحمن الرحيم

عنوانه تَرْجَمته

قَيْصر الْمُعظم امبراطور رُومِية فردريك بن الامبراطور هنريك بن الامبراطور فردريك الْمَنْصُور بِاللَّه المقتدر بقدرته المستعلي بعزته مَالك ألمانية ولمبردية وتسقانه وإيطالية وانكبيرده وقلورية وصقلية ومملكة الشَّام القدسية معز إِمَام رُومِية النَّاصِر للملة المسيحية

بسم الله الرحمن الرحيم

شعر

(رحلنا وخلفنا الْقُلُوب مُقِيمَة

تخلت عَن الْأَجْسَام وَالْجِنْس وَالنَّوْع)

(وآلت على أَن لَا تخل بودكم

مدى الدَّهْر وانسلت تنكب عَن طوعي) // الطَّوِيل //

لَو ذَهَبْنَا إِلَى وصف مَا نجده من عظم الشوق ونكابده من أَلِيم الاستيحاش والتوق إِلَى الْمجْلس السَّامِي الفخري أدام الله أَيَّامه وسرمد أعوامه وَثَبت فِي الرياسة أقدامه وحرس مودته وإكرامه

ص: 190

وأجرى على سَبِيل النجاح مرامه وسدد عَهده وَكَلَامه وأجزل من النعم أقسامه وجدد مَعَ الجديدين سَلَامه للزمنا فِي الْخطاب شططا وحدنا عَن الصَّوَاب غَلطا إِذْ منينا بروعة استيحاش بعد سُكُون وإيناس ولوعة فِرَاق فِي إِثْر غِبْطَة واشتياق فَرَأَيْنَا السلو مُمْتَنعا وحبل التجلد مُنْقَطِعًا ومأمول التماسك قد عَاد جزعا وَشَمل الاصطبار منصدعا

(وَقد كنت لَو خيرت بَين فراقكم

وَبَين حمامي قلت يدركني نحبي) // الطَّوِيل //

وتخاله أكْرمه الله ملنا واعتاض بغيرنا وَاخْتَارَ فراقنا وتناسى ودادنا فعزينا أَنْفُسنَا بقول أبي الطّيب

(إِذا ترحلت عَن قوم وَقد قدرُوا

أَلا تفارقهم فالراحلون هم) // الْبَسِيط //

وَبعد فَعلمنَا أَنه محب لسَمَاع السار من أنبائنا وأخبارنا والحميد من آثارنا نشعره حَسْبَمَا شرحناه لَهُ بصيدا أَن البابا بَاء بالغدر والخديعة أَخذ إِحْدَى قلاعنا المنيعة تسمى منت مسين أسلمها لَهُ أباطها اللعين وَعند ذَلِك رام الْمَزِيد فَلم يُمكنهُ لانتظار أهل طاعتنا

ص: 191

لرجوعنا السعيد فاضطر إِلَى أَن زعم أننا متْنا وَحلف القردنالية على ذَلِك وعَلى أَن رجوعنا مُسْتَحِيل وراموا خداع الْعَامَّة بِمثل هَذِه الأباطيل وَأَنه لَيْسَ أحد بَعدنَا يحسن حراسة بِلَادنَا وحفظها برسم ولدنَا مثل البابا فلإيمان هَؤُلَاءِ الَّذين هم أَئِمَّة الدّين وخلفاء الحواريين انخدعت جمَاعَة من الطغام والمفسدين فَعِنْدَ وصولنا إِلَى ميناء برنديس المصونة ألفينا الْملك جوان واللمبرديين فِي الدُّخُول فِي ملكنا معاندين وَقع خبر ورودنا متشككين لما قَرَّرَهُ القردنالية عِنْدهم بِالْيَمِينِ وكتبنا وَرُسُلنَا بوصولنا سَالِمين

دَاخل أعداءنا الْجزع وَحل بهم الروع والفزع ونكصوا إِلَى ورائهم خاسرين مَسَافَة يَوْمَيْنِ وارتد أهل طاعتنا إِلَيْنَا طائعين وَكَذَلِكَ اللمبرديين الَّذين كَانُوا مُعظم عَسْكَرهمْ لم يرْضوا لأَنْفُسِهِمْ أَن يوجدوا على سيدهم مخالفين منافقين وَانْصَرفُوا على أدبارهم أَجْمَعِينَ وَأما الْملك الْمَذْكُور وَأَصْحَابه فأحاط بهم الْحيَاء وَالْخَوْف واجتمعوا إِلَى مَوضِع ضيق يخَافُونَ الِانْصِرَاف عَنهُ وَالْخُرُوج مِنْهُ بل لَا يقدرُونَ على ذَلِك لِأَن الْبِلَاد بأسرها قد عَادَتْ لنا وَإِلَى طاعتنا

وَنحن فِي خلال ذَلِك قد جَمعنَا عسكرا مديدا من الألمانية الَّذين كَانُوا مَعنا فِي الشَّام وَالَّذين انصرفوا قبلهم ورمتهم الرّيح إِلَى بِلَادنَا وَغَيرهم من أمنائنا ورؤساء دولتنا واستعددنا نجد السّير إِلَى بِلَاد أَعْدَائِنَا

ص: 192

وَبعد فمما نؤثر من الْمجْلس مُوَاصلَة كتبه متضمنة شرح سعيد أَحْوَاله ومهماته وحاجاته وَأَن يقري سلامنا على جَمِيع أكَابِر الْعَسْكَر وغلمانه ومملوكيه ودخلته وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته

كتب ببرلت المصونة بتاريخ الثَّالِث وَالْعِشْرين من شهر أوسو للأندقتنس الثَّانِي

وَهَذِه نُسْخَة الْكتاب الثَّانِي

التَّرْجَمَة كَالْأولِ فِيهِ من الْأَخْبَار بِمَا نشعره بِهِ

أَنا قد جَمعنَا عسكرا كثيرا وَأَنا نجد السّير إِلَى قتال من هم بانتظارنا وَلم يهرب أَمَام وجهتنا والآن قد حدث من الْأَمر حسب حدسنا وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا قد حاصروا قلعة من قلاعنا ونصبوا عَلَيْهَا المنجنيقات وَمَا شابهها من الدبابات والآلات فَلَمَّا أحسوا بإقبالنا مَعَ بعد الْمسَافَة بَينهم وبيننا لم يتمهلوا إِلَيّ بل أحرقوا مَا عملوه من سَائِر آلاتهم وانهزموا هاربين أمامنا وَنحن نجد السّير فِي

ص: 193

طَلَبهمْ وتفريق شملهم وتبديد جمعهم وَطلب البابا حَيْثُمَا وَجَدْنَاهُ ورده خاسئا على قَفاهُ نَادِما على مَا نَوَاه وَمَا نجده من الْأَخْبَار فَنحْن نكاتب الْمجْلس إِن شَاءَ الله

الْغَرَض من إِثْبَات هَذِه الْكتب تَحْقِيق ممالك هَذَا الْملك الأمبراطور وَقدرته فَمَا ملك من النَّصْرَانِيَّة مثله من زمن الْإِسْكَنْدَر وَإِلَى الْآن لَا سِيمَا قدرته وإهماله لخليفتهم البابا وقصده لَهُ واطراحه إِيَّاه

وفيهَا وصل إِلَى الْكَامِل بحران شخص يُقَال لَهُ أَحْمد بن أبي الْقَاسِم الْمَعْرُوف بالرمان من جَزِيرَة صقلية من أهل مشائخ غلو من جبال صقلية وَهِي غير مَا هُوَ على رَأس صقلية مطل على الْبَحْر والجزيرة كلهَا بيد الامبراطور إِلَّا هَذِه الْجبَال الَّتِي فِيهَا القلاع الْخَارِجَة عَنهُ الَّتِي فِيهَا هَذَا الرجل الْمَذْكُور وَهن غلو وجنش وجاطو وأنطلة وغلو خراب وَأَهْلهَا فِي الْجَبَل وَالْبَاقِي عامرة

وَسبب وُصُوله أَن الامبراطور غدر بأصحاب الْجبَال هُنَاكَ

ص: 194

وعدتها أحد عشر جبلا فِيهَا هَذِه الْحُصُون الْمَذْكُورَة وَذكر هَذَا الْحَاج الْمَذْكُور أَن الامبراطور من جملَة من أَخذهم إِلَى الْبر الْكَبِير وأخرجهم من أوطانهم وَأخذ أَمْوَالهم مائَة ألف وَسَبْعُونَ ألفا وَقتل من الشطار مثلهم وخلت هَذِه الْجبَال

وَالَّذِي يطْلب من السُّلْطَان الْكَامِل ردهم إِلَى أوطانهم فان كَانَ الامبراطور لَا يفعل فيمكنا من الْخُرُوج إِلَى ديار مصر وَلَا يُؤْذِي أحدا

فَكتب لَهُ السُّلْطَان الْكَامِل كتابا إِلَى الامبراطور بذلك وَسَار عَائِدًا من حران

وفيهَا حلف الْكَامِل للعزيز صَاحب حلب دون أتابكه وسير التَّاج بن الصفي بن شكر إِلَى حلب حلف الْعَزِيز لَهُ

وفيهَا كَانَ سير السُّلْطَان الْكَامِل القَاضِي الْأَشْرَف بن القَاضِي الْفَاضِل رَسُولا إِلَى الْخَلِيفَة وَعَاد إِلَى الرقة أَقَامَ

وسير فَخر الدّين عُثْمَان يحث الْأَشْرَف على وُصُوله إِلَى الجزيرة

وفيهَا سير الرُّومِي يخبر السُّلْطَان الْكَامِل أَنه قد سير خَمْسَة

ص: 195

عشر ألف فَارس إِلَى أرزنجان وَعشرَة آلَاف إِلَى ملطية وَأَنه حَيْثُ يَأْمُرهُ الْكَامِل فطاب قلب الْكَامِل بذلك وَكَانَ مهتما من أَمر الْخَوَارِزْمِيّ وَكَانَ الرُّومِي قد سير حلف الْكَامِل وحلفه الْكَامِل بالشهاب أَحْمد وَالْجمال الْفَقِيه الإسكندري مدرس الشَّافِعِي رحمه الله بِمصْر

وَوصل الْخَبَر بِأَن رَسُول الْخَلِيفَة وَاصل مَعَ ابْن الْفَاضِل

ص: 196

فرتبوا لَهُ إِقَامَة من رَأس عين الخابور وأخلوا دَار أتابك فِي الرقة فَنزل بهَا

وفيهَا فِي الْعشْر الْأَخير من ربيع الآخر تسلم الْأَشْرَف بعلبك وَعوض صَاحبهَا بِخبْز وداره بِدِمَشْق واستخدم أَوْلَاده

وَفِي الشَّهْر الْمَذْكُور وصل الْأَشْرَف إِلَى السُّلْطَان الْكَامِل بالرقة

وفيهَا وصل مَانع وغنام وبذلوا من أنفسهم ورجالهم الْخدمَة للكامل

وفيهَا أورد الْكَمَال كيميار رِسَالَة الرُّومِي الَّتِي كَانَ سَيرهَا إِلَى الْخَوَارِزْمِيّ بِمحضر من الْمُلُوك الْكَامِل والأشرف والحافظ وَغَيره وَرَسُول الْخَلِيفَة محيي الدّين بن الْجَوْزِيّ وَمَا قَالَه لَهُ

وَهِي أَنه قَالَ لَهُ الْمولى من بَيت كَبِير وَمَا زلتم ماشين الْحَال إِلَى أَن غير والدك نِيَّته وخبط على نَفسه فآل بِهِ الْحَال إِلَى مَا آل والآن فقد فضلت هَؤُلَاءِ

ص: 197

بَيت أَيُّوب وتحنيت عَلَيْهِم وهم بَيت كَبِير كثير السَّعَادَة قد تأصل من سِنِين وَلَهُم الْإِحْسَان إِلَى الْجند والرعايا والمجاورين وَلَهُم الْأَمْوَال والبلاد وَالرِّجَال وَالْأَوْلَاد وَالْقُوَّة وَأَنت فَلَا أَمْوَال وَلَا رجال وَلَا قُوَّة وبلادك خربة وَنحن نَعْرِف حالك أَكثر مِنْك وَلَا تظن أَنِّي عدوهم لَا وَالله بل صديقهم ونسيبهم بِمَا بَيْننَا من الْأَهْلِيَّة والمصاهرة واختلاط الدَّم ولعمي معز الدّين مِنْهُم الْأَوْلَاد ولي مِنْهُم الْأَوْلَاد وَلَا شكّ جرى بَيْننَا قَضِيَّة عاتبتهم عَلَيْهَا وعدنا إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ فَلَا تعتقد غير هَذَا والمصلحة عِنْدِي نصحك فتصالحهم وَتعْتَد بهم أصدقاء فَنحْن نَعْرِف مَا وَرَاءَك من الْأَعْدَاء يعينونك على عَدوك وَيَقَع الِاتِّفَاق وشأنك وشأن الكرج وَغَيرهم

وَهَذَا نصحي لَك فَلَا تغتر بِمن يكاتبك وَيحلف لَك فكله زور وتدفيع للأوقات وَقد وَالله قلت جَمِيع مَا يلْزَمنِي عقلا وَشرعا

فَكَانَ الْجَواب أَن قَالَ لرسولي عد إِلَى صَاحبك وَالْجَوَاب يصل مَعَ قاصدي

وفيهَا وصل خَادِم من حلب إِلَى الْكَامِل يخبر أَن الْعَزِيز

ص: 198

جَاءَهُ ولد ذكر لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الْعَاشِر جُمَادَى الأولى من سبع وَعشْرين وسِتمِائَة

وَلما ملك الْخَوَارِزْمِيّ خلاط كَانَت رسل الدِّيوَان عِنْد الْكَامِل بالرقة وَصَارَت الرُّسُل تَتَرَدَّد بَينهم وَبَين السُّلْطَان الْكَامِل وَحلف الْكَامِل للخليفة فِي الرقة بِمحضر من السلاطين وَبَاقِي الْجَمَاعَة وَحُضُور بهاء الدّين مَرْوَان بن قابيا رَسُول السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد وخلع عَلَيْهِم وعادوا الى بَغْدَاد وسيروا فِي المَاء من الرقة إِلَى بَغْدَاد شبارة معرفَة بِمَا جرى قبل وصولهم بِأَنْفسِهِم

وفيهَا مَاتَ الْملك الظافر خضر الْمَعْرُوف بالمشمر رَحمَه الله

ص: 199

كَانَ كَرِيمًا جوادا شجاعا هُوَ أول من سنّ القندس العريض والجامكية وجراية الْخبز وَاللَّحم وحوائج طَعَام وَغير ذَلِك من بني أَيُّوب دفن بحران

وَعند تمْلِيك الْخَوَارِزْمِيّ خلاط سير هَدِيَّة للخليفة ابْن الْعَادِل تَقِيّ الدّين عَبَّاس فِي قيوده إِلَى الْعرَاق فَلَمَّا وصل بَغْدَاد أزيل ذَلِك عَنهُ وأكرمه الْخَلِيفَة وَبَقِي عِنْده إِلَى أَن كسر الْخَوَارِزْمِيّ وَوصل الْكَمَال بن المُهَاجر رَسُولا من الْأَشْرَف فسيره الْخَلِيفَة صحبته وَأَعْطَاهُ عَطاء عَظِيما وَأمره وَأَعْطَاهُ جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ مثله وَفِي جملَة الْحَوَائِج الْحَطب والكزبرة والبصل وَغَيرهَا وَعَاد مَعَ الْكَمَال بن مهَاجر إِلَى أرجيش بعد كسرة الْخَوَارِزْمِيّ

وفيهَا قويت حَرَكَة الْكَامِل إِلَى الديار المصرية وتحدث بذلك بِمحضر من رسل الدِّيوَان فَمَا أعجب الْأَشْرَف هَذَا وَلَا الْجَمَاعَة فَقَالَ

ص: 200

لَا بُد لي من هَذَا وأعود سَرِيعا بالخزائن وَالرِّجَال وَلَا بُد لي من فتح الْعَجم

فَمَا قدر أحد على مَنعه من قَصده

وَكَانَ قد وصل إِلَيْهِ خبر موت وَلَده أقسيس صَاحب الْيمن وَهُوَ بحران فَمَا أشاعه وكتمه وَلَا خاطبه أحد بعزائه

وَقد كَانَ فِيهَا شخص يُقَال لَهُ ابْن رَسُول من أَصْحَابه تقدم عِنْد الْملك المسعود أقسيس وَعظم فَلَمَّا مَاتَ حفظ الْيمن وَقيل لَهُ فِي تَسْلِيمه إِلَى من يُعينهُ الْكَامِل فَأبى وَقَالَ لَا أفعل لأنني محلف لِابْنِ أستاذي بِأَن الْأَمْوَال يصل من يتسلمها

ص: 201

ويسير ديوانا لذَلِك مَا عدا ولَايَة القلاع فَلَا أمكن مِنْهَا لِأَنَّهَا لِابْنِ أستاذي

وَقرر الْكَامِل مَعَ الْأَشْرَف مَا يفعل مَعَ الْخَوَارِزْمِيّ من الِاتِّفَاق مَعَ الرُّومِي ثمَّ توجه

وفيهَا بعد مسير الْكَامِل وصل حسام الدّين القيمري زوج أُخْت الْأَشْرَف هَارِبا من خلاط إِلَى الرقة وَحكى عَن ضعف الْخَوَارِزْمِيّ وَقلة من مَعَه وَأَنَّهُمْ غير عاجزين عَنهُ فسيره إِلَى الْكَامِل فِي بعض طَرِيقه بِدِمَشْق فَعرفهُ ثمَّ عَاد

وفيهَا وصلت كتب أيبك بتَشْديد الْخَوَارِزْمِيّ عَلَيْهِم وَفِي عزمه خنقهم بعد هربة القيمري لحنقه وَأَن الْخَوَارِزْمِيّ توجه من خلاط وَنحن صحبته إِلَى ملازجرد

ص: 202

وفيهَا وصل إِلَى الْأَشْرَف بعد مضى الْكَامِل الْغَرْس خَلِيل والزكي بن السكرى الْحَمَوِيّ رسلًا من السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد يخبرانه خبر الصُّلْح مَعَ الفرنج وصحبتهما سيمون رَسُول بَيت الاسبتار

وفيهَا توجه ابْن كريم الدّين الخلاطي إِلَى الرُّومِي وحلفه لَهُ وَعَاد من عِنْده وصحبته الْكَمَال كيميار من الرُّومِي مَضْمُون رسَالَته أَنه قَالَ مخدومي السُّلْطَان عَلَاء الدّين كيقباذ يخْدم الْمولى وَيَقُول لَهُ محبتي ومودتي وصداقتي مَا تَغَيَّرت بل زَادَت وَإِنَّمَا لعن الله من كَانَ السَّبَب وَلَا يحْسب الْمولى أنني مَا ذكرته فِي نجد السُّلْطَان الْكَامِل إِلَّا لتأكيد مَوَدَّة وغرض أبلغه

والآن فبلادي وأموالي بحكمك فتصل قولا وَاحِدًا بالعساكر إِلَى قرشهر وتنجرد وَحدك وَتصل إِلَى عِنْدِي بقيسارية نتفرج ونحظى بخدمتك ونصل أَنا وَأَنت إِلَى الْعَسْكَر

ص: 203

بالعساكر فوَاللَّه لاقنعت لَك بخلاط بل بِجَمِيعِ الْبِلَاد

ثمَّ عَاد وصل كِتَابه إِلَى كيميار يَقُول لَهُ لَا تَجِيء بالأشرف إِلَّا إِلَى سيواس حَتَّى لَا يتعب وَيبقى الْعَسْكَر فِي قرشهر

وَمَعَهُ نُسْخَة يَمِين فَإِن لم يصل الْأَشْرَف بِنَفسِهِ قتل عساكره

قَالَ الْأَشْرَف مَا أَحْلف بِهَذَا الْيَمين بل أَنا أصل بنفسي جَرِيدَة إِلَى خدمته

وَفِي شعْبَان من السّنة توجه الْأَشْرَف إِلَى الرُّومِي جَرِيدَة وصحبته كيميار فوصل إِلَيْهِ بسيواس فَتَلقاهُ وسر بِهِ وتبعته العساكر الشامية فَلَمَّا وصلوا خَرجُوا إِلَيْهِم إِلَى الملوحة وتلقوهم فأنزلهم مواضعهم وَحمل لَهُم من الإقامات والتقادم وَالنَّفقَة مَالا عَظِيما فِي مرَّتَيْنِ عِنْد وصولهم إِلَى سيواس وَبعد كسرة الْخَوَارِزْمِيّ

ص: 204

بأرزن الرّوم بِحَيْثُ حمل إِلَى الْأَشْرَف أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم سلطانية وَعشْرين ألف مكوك غلَّة وَعشرَة آلَاف رَأس غنم ولإخوته على طبقاتهم مَا يناهز مائَة ألف دِرْهَم لكل وَاحِد وعدة خُيُول وبقج من أَثوَاب ومراكيب وَغَيرهَا وَكَانَ ذَلِك عَظِيما وَأَقَامُوا عِنْده بسيواس سَبْعَة أَيَّام

وفيهَا وصل الْخَبَر بوصول السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد من حمص وَأسر الْأَشْرَف بذلك وَعَاد وصل الْخَبَر بعوده بسب أَشْيَاء جرت فَعَاد من بلد حلب وَأَن وَلَده السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم ولي عَهده وَاصل بعسكره

وأحضر الرُّومِي زَوجته ابْنة الْعَادِل من قيسارية إِلَى سيواس أَبْصرت إخوتها وَقدمُوا لَهَا وقدمت لَهُم أَشْيَاء ولعبوا مَعَه بالأكرة غير مرّة وَبَالغ الْأَشْرَف فِي خدمَة الرُّومِي بِحَيْثُ انه كَانَ يبوس لَهُ الأَرْض فَمَا يَخْدمه الرُّومِي على ذَلِك وتعاظم عَنْهُم الرُّومِي

ص: 205

تعاظما زَائِدا بحماقة ثمَّ سمعُوا بحركة الْخَوَارِزْمِيّ إِلَى أرزن الرّوم وَأَن الْخَوَارِزْمِيّ كَانَ مَرِيضا وأبل من مَرضه حَتَّى إِنَّه لَوْلَا مَرضه كَانَ سبق إِلَى الْبِلَاد الرومية وَحصل على غَرَض مِنْهَا وَهَذَا كَانَ من لطف الله فتجهز الرُّومِي والأشرف وَسَاقُوا إِلَى لِقَائِه وسير صَاحب الرّوم إِلَى عسكره بأرزنجان يستدعيه وَلم يعرف الْأَشْرَف بذلك وَكَانَ قد وصل من أخبر أَن الْخَوَارِزْمِيّ قد وصل فَنزل فِي مرج يُقَال لَهُ يَا صجمن وَسَار الرُّومِي طَالبه

فَلَمَّا قَارب ذَلِك المرج وَبلغ الْخَوَارِزْمِيّ وُصُول عَسْكَر أرزنجان إِلَى صَاحبهمْ جرد الْخَوَارِزْمِيّ سَبْعمِائة فَارس التقتهم فَقتلُوا مِنْهُم عَالما مَا يناهز ثَلَاثَة آلَاف فَارس ونهبوا وأسروا خلقا وَبَقِي الْغُبَار طالعا وَفِي الْأَخير علم مَا السَّبَب

فشق على الْأَشْرَف ذَلِك وَقَالَ لَيْت كَانَ

ص: 206

الْمولى عرفنَا بطلبهم كُنَّا لَقِينَاهُمْ

وخجل الرُّومِي

وَفِي ذَلِك الْيَوْم كَانَ وُصُول السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور نَاصِر الدّين ابراهيم بن السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد بعسكره فَتَلقاهُ الْأَشْرَف والملوك وسر بِهِ سُرُورًا كَامِلا

وَفِي صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة ركب العساكر وأشرفوا عَلَيْهِم من رَأس ذَلِك المرج وطاردتهم العربان وَأخذُوا مِنْهُم عدَّة خُيُول وَقتلُوا جمَاعَة وَذَلِكَ فِي ثامن وَعشْرين رَمَضَان ثمَّ ساقت العساكر وطلبوا الْعقبَة المطلة على منزلَة الْخَوَارِزْمِيّ ورتبوا الميمنة والميسرة والرومي هُوَ الد بنْدَار وَله الميمنة والميسرة والأشرف فِي الْقلب وَله الأجنحة وَغَيرهَا كَمَا جرت عَادَة تعبئة الْعَسْكَر وَكَانَ مَعَ الرُّومِي من الْخَلَائق مَا طبق الأَرْض وملأها من التركمان والأرمن والفرنج وَالْمُسْلِمين وَغَيرهم من الشاميين فَكَانَ من جملَة أَجْنِحَة الرُّومِي

ص: 207

أرتق شاه ابْن صَاحب خرتبرت وَمن أَجْنِحَة الْأَشْرَف الْملك المنصورا بن الْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص

وَكَانَ يَوْم الْجُمُعَة وألبس الْخَوَارِزْمِيّ فِي قِتَالهمْ ورتب جماعاته فَلم يزَالُوا كَذَلِك كل فِي قبالة صَاحبه إِلَى اللَّيْل وَكَانَ الْخَوَارِزْمِيّ قد أخْفى أَصْحَابه فِي الأودية نكدا مِنْهُ وطلع بِنَفسِهِ على الْجَبَل وطمع الْأَشْرَف وسَاق وَملك عَلَيْهِم أَكثر مَنْزِلَتهمْ

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل عَاد الْأَشْرَف والرومي إِلَى مَنَازِلهمْ ورتبوا اليزكية كَمَا جرت الْعَادة ثمَّ قوي عزم الْخَوَارِزْمِيّ على كبسة الْعَسْكَر وقفز إِلَيْهِ جمَاعَة قَالُوا لَهُ ان الرُّومِي والأشرف قد خافاك وتأخرا عَن ذَلِك التل

فقوي عزمه أَيْضا ثمَّ عَاد أفكر فَمَا قويت نَفسه على الكبسة

فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة تعبأ الْخَوَارِزْمِيّ والأشرف والرومي وَكَانَ فِي قلب الشاميين عَسْكَر حلب وعسكر الجزيرة صَوَاب وبعدهم المظفر غَازِي وَالْملك الْعَزِيز والأشرف

ص: 208

والرومي بعدهمْ

فَوَقع الجاليش فَظهر أَصْحَاب الْخَوَارِزْمِيّ وشالوا ميسرَة الرُّومِي ثمَّ عَادوا على الخوارزميين ثمَّ عَاد الخوارزميون ثَانِيًا فكسروا الرُّومِي فَأرْدف الْأَشْرَف الميسرة بأَخيه الْحَافِظ والرومي بِصَاحِب خرتبرت وَوَقعت الْوَاقِعَة وَعمل الْملك الْمَنْصُور ابْن الْملك الْمُجَاهِد ذَلِك الْيَوْم عملا عَظِيما هُوَ وَأَصْحَابه وفقد جمَاعَة مِنْهُم دون بَاقِي جمع السلاطين وَذَلِكَ لنشبه بِمَا كَانَ فِيهِ من دون غَيره فَلَمَّا عاين من مُبَاشَرَته الْخَوَارِزْمِيّ كَثْرَة العساكر وقوتها وشدتها أَيقَن بالغلبة فَأَوْمأ بِيَدِهِ يمنة ويسرة وَقَلْبًا وسَاق مُنْهَزِمًا بِجَمَاعَة يسيرَة من جُمْلَتهمْ قلج الْخَادِم الَّذِي كَانَ يُحِبهُ

وَرمي جمَاعَة من أَصْحَاب الْخَوَارِزْمِيّ مِنْهُم صَاحب ألتي وَغَيره من الْخَانَات وَصَاحب

ص: 209

أرزن الرّوم وَأَخُوهُ وصهره وأحضرهم إِلَى الرُّومِي وتفرق الخوارزميون فِي الْجبَال والأودية والشعاب وبلغوا إِلَى درابزون وَفِي ذَلِك الْوَادي شقيف وَقع فِيهِ مَا يناهز ألفا وَخَمْسمِائة رجل وأبغال بأحمالها وجمال وَصَارَ النَّاس يطلعون مِنْهُ الأجمال والأبغال بأحمالها وفيهَا الْجَوَاهِر والكساوي وَالذَّهَب والأطلس وَغَيره وَكَأن معظمه كَانَ خزانَة للخوارزمي أَو لأَصْحَابه من خواصه

وَبَقِي فِي الطَّرِيق من الْعدَد والآلات والأقمشة مَا لَا يُوصف

وَكسب النَّاس ومسك العربان جمدارية الْخَوَارِزْمِيّ وَمَعَهُمْ أثوابه وتلاكشه جَمِيعهَا مطرزة

ص: 210

وَأما الْخَوَارِزْمِيّ بِنَفسِهِ فَإِنَّهُ فِي يَوْم وَلَيْلَة بلغت هزيمته إِلَى خرتبرت بَات بهَا لَيْلَة

وَدخل الْحمام هُوَ وقلج الْخَادِم وَسَار إِلَى خلاط وَاجْتمعَ بخواجاجهان وزبره وعرفه صُورَة الكسرة وَكَانَ خواجاجهان يحاصر ملازجرد وَقد أشرف على فتحهَا فَسَار عَنْهَا وَترك طَعَامه فِي الْقُدُور

وَحمل الْخَوَارِزْمِيّ بَقِيَّة أثقاله وبيته وَتوجه إِلَى الْعَجم

وَكَانَ علم الدّين منجر الإلفي الأشرفي مُقيما ببدليس فَضرب على الْأَمِير اخْتِيَار الدّين قبض عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا كَانَ بلغه كسرة الْخَوَارِزْمِيّ

وَلَو كَانَ مَعَ تَقْدِير الله تَسوق العساكر خلف الْخَوَارِزْمِيّ مَا كَانَ يسلم بل ظنُّوا أَن لَهُ عدَّة أمكنة لِأَنَّهُ انْكَسَرَ من غير قتال

فَقَالُوا هَذِه خديعة مَا نثق بكسرته

ثمَّ عيد النَّاس عيد الْفطر وخلع الرُّومِي على الْأَشْرَف وعَلى بَاقِي الْجَمَاعَة وَسَاقُوا إِلَى أرزن الرّوم وكل الْجَمَاعَة قلعوا خلعة الرُّومِي إِلَّا الْأَشْرَف لبسهَا عدَّة أَيَّام وَقد جافت الأودية وَالْجِبَال من رمم الْمَوْتَى

ص: 211

وأركب الرُّومِي صَاحب أرزن الرّوم وأخاه وصهره على أبغال تبن بفردات التِّبْن بالقيود وَسَاقُوا بهم فسبحان مَالك الْملك وَكَذَلِكَ من كبسوه من جمَاعَة الْخَوَارِزْمِيّ مِنْهُم مشَاة وركبان والتواكيل عَلَيْهِم

وَكَانَ قد وصل رَسُول آمد مكاسرة وَيطْلب أَن يحلف لَهُ

فَقيل لَهُ تخْدم صَاحبك وتهنيه بِهَذِهِ الكسرة الَّتِي تعز عَلَيْهِ فَكتبت الْكتب إِلَى الْكَامِل والخليفة وَجَمِيع الْأَطْرَاف ووصلوا إِلَى أرزن الرّوم ونزلوا عَلَيْهَا وأحاط بهَا الْعَسْكَر وشرعوا فِي قتالها وأظهروا الْعِصْيَان والممانعة أول يَوْم وقوتلوا من جمَاعَة بعض قتال ثمَّ سِيرُوا سرا إِلَى الْأَشْرَف فَقَالَ لَهُم أَنا أَدخل فِي الْكَفّ عَنْكُم وَرفع الْأَذَى من السُّلْطَان عَنْكُم

وَأَرْسلُوا الرُّومِي بَاطِنا وَدخل إِلَيْهَا بكرَة هُوَ والأشرف وَإِخْوَته وَالْملك الْمَنْصُور صَاحب حمص إِلَيّ قصرهَا وَذَلِكَ يَوْم الثُّلَاثَاء وَوَقع الْعِوَض عَنْهَا وَحلف لَهُ الرُّومِي بالسلامة على نَفسه أَعنِي لصَاحب أرزن الرّوم وَأخذ زَوجته أُخْت صَاحبهَا وَكَانَ قد مَنعه مِنْهَا وَأَقَامُوا يويمات هُوَ والأشرف فِي أكل وَشرب وَلَذَّة ووداع وَتَقْرِير ممالك

وأجرد الرُّومِي مَعَ الْأَشْرَف

ص: 212

من عسكره خَمْسَة آلَاف فَارس قدم عَلَيْهِم نجم الدّين الجاشنكير وودعه وَسَار الْأَشْرَف وَقد أعطَاهُ جَمِيع الْعجل الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الزردخاناه بإيفادها ذخيرة لخلاط

وَعرض القلاع الَّتِي كَانَت الكرج أَخَذتهَا من خلاط وَهِي جملَة فَمَا أَخذ إِلَّا قلعة ألتي لَا غير وَهِي أَجودهَا ثمَّ سَار الْأَشْرَف وَوصل إِلَى خمربرت فَعرفهُ أَهلهَا بوصول الْخَوَارِزْمِيّ وَأَن قلج كَانَ مَرِيضا وَدخل هُوَ وَهُوَ الْحمام ثمَّ سَار إِلَى ملازجرد فَتَلقاهُ من كَانَ بهَا من أَهلهَا وَعَسْكَره وسير إِلَى خلاط رتبها ورتب واليا وديوانا الشهَاب أَخا الْجمال الْكَاتِب ثمَّ بَقِي

ص: 213

ثَلَاثَة أَيَّام وَسَار إِلَى أرجيش فَتَلقاهُ من بهَا وَوصل إِلَيْهِ فِيهَا الْملك الْمُعظم صَاحب الجزيرة فَأكْرمه غَايَة المكارمة

وفيهَا وصل الْكَمَال بن المُهَاجر وصحبته الْملك الأمجد عَبَّاس بن الْعَادِل وتلقوه كَمَا جرت الْعَادة

وفيهَا رتب الْأَشْرَف اليزك وَذَلِكَ أَن خواجاجهان كَانَ قَرِيبا من بيكري والخوارزمي فِي خوي وَكَانَ قلج الْخَادِم الْمُقدم ذكره الَّذِي يُحِبهُ الْخَوَارِزْمِيّ قد مرض مَرضا شَدِيدا فَمَاتَ بخوي وَجرى عَلَيْهِ مِنْهُ أعظم من كَسرته كَانَ مليح الصُّورَة إِلَى نِهَايَة

وَبَقِي أَيَّامًا لَا يركب وَلَا يرَاهُ أحد وَقيل إِنَّه قطع بعض شعره عَلَيْهِ لحزنه

وهم الْأَشْرَف فِي عبوره بِلَاد الْعَجم ليبلغ أُولَئِكَ وَتارَة يقدم وَتارَة يحجم وَاتفقَ أَنه أحضر اخْتِيَار الدّين الْمُقدم ذكره وَطيب نَفسه وفاوضه وَقَالَ لَهُ كَيفَ نعمل بِجلَال الدّين قَالَ إِذا أذن للمملوك قَالَ مَا عِنْده ثمَّ تَركه وأحضر من كَانَ عِنْده من أسراه من

ص: 214

الخوارزميين يُقَال لَهُ جتر خَان وَأَعْطَاهُ أَمَانًا وَقَالَ تمْضِي إِلَى جلال الدّين تعرفه إحساننا إِلَى من عندنَا مِنْكُم من الأسرى وَمَا لكم من راتب ونفقه وَحُرْمَة ليفعل مَعَ من لنا عِنْده كَذَلِك فَسَار إِلَيْهِ وَاجْتمعَ بِهِ فَطلب الْخَوَارِزْمِيّ رَسُولا من الْأَشْرَف ليحادثه فَلَمَّا عَاد جتر خَان وَذكر قَوْله وَطَلَبه قَالَ الْأَشْرَف لجتر خَان مَا عندنَا مثلك وَأَنت أميننا ونسمع مَا تَقوله

فَلَمَّا عَاد إِلَيْهِ وعرفه قَالَ لَهُ تَقول للأشرف يَا خواند أَنا مَا أَسَأْت أَولا وَلَا شكّ أَنِّي سيرت المجير قَاضِي الممالك إِلَيْكُم فَمَا أحسن السفارة وأفسد بَيْننَا وَمَعَ هَذَا فقد كنت طلبت المسالمة فَمَا أجبتم إِلَيْهَا وَدخل الْحَاجِب بلادي وخربها وَأخذ حرمي وَفعل مَا قد علمتموه

وَطلبت الصُّلْح فَمَا فعل ثمَّ ولي بعده أيبك طلب الصُّلْح مَا فعل وَجرى مَا جرى بِقدر الله وقضائه

وَعِنْدِي الْآن مُلُوك وعندكم مماليك فَإِن اخترتم الصح بِسم الله

فَكَانَ جَوَاب الْأَشْرَف

ص: 215

لجتر خَان ب أَن تخْدم عني الْمولى السُّلْطَان وَتقول يَا خواند أَنْت سُلْطَان وَابْن سُلْطَان وَمَا أردنَا لَك سوءا وَقد بالغت فِيمَا فعلته فِي بِلَادنَا من خراب وَنهب وَقتل

وَالَّذِي كَانَ قصد بلادك كَمَا زعمت فقد قابلناه على فعله وَأَنت فَمَا أبقيت فِي سوء الْمُعَامَلَة وإراقتك الدِّمَاء فبلادنا قد خربَتْ فصلحنا على أَي شَيْء يكون فَإِن أردْت ذَلِك فَانْزِل عَن هَذِه الْبِلَاد الَّتِي مَا كَانَت لَك وَلَا لأَبِيك لنعمر نَحن بالعامر الخراب

وَنحن فَمَا اشتهينا نتمم أذيتك لِأَن خَلفك أَعدَاء كثيرين وَأَنت أَبتر فَهَذَا مُوجب إبقائنا عَلَيْك رَحْمَة

وَأما قَوْلك عنْدك مُلُوك وَعِنْدنَا مماليك فَالَّذِي عنْدك مماليك أَيْضا

وَأخي مجير الدّين أقدر أَنه قد مَاتَ ولي عدَّة إخْوَة وَأَوْلَادهمْ جمَاعَة وَأَهلي مَا يناهز ألفي فَارس من بيتنا

ولي من يكفلني ويخلفني ويكفيني مَا ورائي وَأَنت فمالك أحد

وسير جتر خَان إِلَيْهِ فِي الْجَواب وَكَانَ خواجاجهان نازلا بمنوشهر

ص: 216

وفيهَا كَمَا تقدم كَانَ وصل الْكَمَال بن مهَاجر وصحبته تَقِيّ الدّين

وَحكى أَن زَوْجَة الْخَوَارِزْمِيّ الَّتِي كَانَت عِنْد الْخَلِيفَة كَانَ قد جهزها إِلَيْهِ قبل الكسرة وَأَعْطَاهَا عَطاء لم يسمع بِمثلِهِ وَسلمهَا إِلَى رسل الْخَوَارِزْمِيّ الواصلين إِلَيْهِ بِسَبَبِهَا بعد أَن توثق لَهَا مِنْهُ غَايَة التَّوَثُّق فَلَمَّا وصلوا إِلَى إربل سَمِعت بكسرة الْخَوَارِزْمِيّ فَقَالَت مَا بقيت أروح من هَاهُنَا إِلَى أَيْن

فجهدوا بهَا فَأَبت

فَقَالَ صَاحب إربل لغلمان الْخَوَارِزْمِيّ تروحون من عِنْدِي وَإِلَّا إِن طَلَبكُمْ الْأَشْرَف مَا أقدر أحميكم

ثمَّ نفاهم من عِنْده وعادت زَوْجَة الْخَوَارِزْمِيّ إِلَى الْعرَاق أَقَامَت بِهِ

وفيهَا طلب المظفر غَازِي من الْأَشْرَف أرزن فأنعم عَلَيْهِ بأخذها ورسم بتوقيعها وَوصل قَاضِي أرزن ابْن الشهرزوري الْعِمَاد بهدية إِلَى الْأَشْرَف وتهنئة بالكسرة وَيعْتَذر بمرضه عَن تخلفه فَقبل هديته وَقَالَ لَهُ حديثكم مَعَ أخي المظفر إِن رَضِي فَلَا أَي كَلَام فَلَمَّا توجه هَذَا القَاضِي الْمَذْكُور إِلَى المظفر اعتقله يَوْمَيْنِ ثمَّ قَالَ لَهُ

ص: 217

هَذِه أرزن لي مَا بَقِي فِيهَا كَلَام والمصلحة تَسْلِيمهَا إِلَيّ ونعطيه مَا يتبلغ بِهِ بَقِيَّة عمره

وَأما زَوْجَة صَاحب أرزن ابْنة الأوحد بن الْعَادِل فَمَا رعيت فِي ذَلِك

ثمَّ إِن المظفر سير إِلَيْهَا حاصرها وَنصب مجانيق عَلَيْهَا وسير الْأَشْرَف الْجمال الْكَاتِب إِلَى صَاحبهَا فَمَا أَجَابَهُ فَلَمَّا تَوَاتر الْحصار وعاين أَخذهَا وعجزه قَالَ صَاحبهَا مَا أسلمها إِلَّا إِلَى الْأَشْرَف وثوقا بِأَنَّهُ رُبمَا أبقاها لبيته وَكبره ولأخته ولخدماته حَتَّى إِنَّه أسر بخلاط وَمَشى مُدَّة مَعَ كبره رَاجِلا فِي ركاب الْخَوَارِزْمِيّ

وفيهَا سير الْأَشْرَف شمس الدّين التكريتي إِلَى الكرج وَإِلَى صَاحب الدربند شرْوَان

فَقَالَ لَهُ شرْوَان تعرف صَاحبك أَنه كَانَ عِنْدِي جمَاعَة من الْخَوَارِزْمِيّ ليتناولوا من مغل بلادي الثُّلُث

ص: 218

فقتلتهم جَمِيعهم وَقد سيرت إِلَى الكرج أَيْضا استنجدتهم وَأما الْخَوَارِزْمِيّ فقد توجه إِلَى توريز بعد أَن كَانَ قد جمع واستخدم زِيَادَة على من عِنْده ألف فَارس وَلَا شكّ فِي خَوفه من التتر والتتر قد خَرجُوا عَلَيْهِ فتعرفه ذَلِك

وفيهَا وصل ابْن صَاحب سر مارى الْأصيلِيّ وتلقاه الْحَافِظ وكريم الدّين وقابيا

وفيهَا قبض الْأَشْرَف على حسام الدّين خضر وَابْنه صَاحب سر مارى الْمُقدم ذكره لِأَنَّهُ كَانَ قد أَسَاءَ كثيرا عِنْد تمْلِيك الْخَوَارِزْمِيّ وإعطائه لَهُ أرجيش وَحمله بعد ذَلِك إِلَى دمشق

وفيهَا بأرجيش أَيْضا وصل كتاب إيواني ملك الكرج حمي الْأَشْرَف مضمونه إِن كتاب الْخَوَارِزْمِيّ قد وصلني ابْتِدَاء لَا جَوَابا وَقد سيرته لتقف على مَا فِيهِ

وعَلى رَأس الْكتاب تَرْجَمته

ص: 219

داعيه منكبرتي بن السُّلْطَان مُحَمَّد بن السُّلْطَان سنجر

وَإِنَّمَا ابْنَتي تبْعَث تَقول لي دَار الْخَوَارِزْمِيّ لأجلي وَكَانَ قد بعث إيواني هَذَا سَيْفا للأشرف صُحْبَة الْكتاب لِأَن عَادَة الكرج إِذا ظفر جارهم سِيرُوا لَهُ سَيْفا

وَقَالَ قد عرفتك صُورَة الْحَال وَأَنا على مَا تعهده من المعاهدة

وفيهَا شرع السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد صَاحب حمص فِي عمَارَة قلعة بِبَلَد سلمية كَانَت قديمَة على رَأس جبل يعرف بشميميش وَمَا طَابَ ذَلِك لصَاحب حماة المظفر واجتهد فِي إِبْطَالهَا ظَاهرا وَبَاطنا فَجمع السُّلْطَان الْملك الْمُجَاهِد غلمانه وَأَصْحَابه وَعَسْكَره ورعيته وَجَمَاعَة من العربان وَكَانَ قد حصل جَمِيع الْآلَات وَشرع فِيهَا جملَة وَاحِدَة بِنَفسِهِ وَأَوْلَاده أَيْضا مَا خلا الْملك الْمَنْصُور ولي عَهده لِأَنَّهُ كَانَ بأرجيش بعسكره وأدارها بالعمارة وتسوير سورها فِي سَبْعَة أَيَّام بِحَيْثُ إِنَّهَا صَارَت تمنع من يقصدها وَدَار الحرس عَلَيْهَا تِلْكَ الْمدَّة ثمَّ بعد ذَلِك كمل عمارتها كَمَا يَنْبَغِي ورتب الْوُلَاة والأجناد وَحمل إِلَيْهَا

ص: 220

الذَّخَائِر فِي تِلْكَ السّنة وسماها ماردين الشَّام وَهِي كَذَلِك لِأَنَّهَا فِي غَايَة المنعة والحصانة وحفر فِيهَا عدَّة آبار وَعمل عدَّة صهاريج وملأها مَاء وَخرب برجا كَانَ قد عمل فِي سلمية قَدِيما فِي وسط الْبَلَد وَكَانَ قد خربه الْملك الْمَنْصُور بن تَقِيّ الدّين رحمه الله قَدِيما فَلَمَّا صَارَت سلمية لوَلَده المظفر بِأَمْر السُّلْطَان الْكَامِل أعَاد عِمَارَته كَمَا كَانَ أَولا فَنظر الْملك الْمُجَاهِد فِي أمره فخربه وَنقل حجارته وآلته إِلَى قلعة شميميش وَقد كَانَت سلمية انْتَقَلت من المظفر الْمَذْكُور بِأَمْر الْكَامِل إِلَى الْملك الْمُجَاهِد فعمرها وحصنها وَكم لَهُ من عمارات حميدة وآثارات سديدة

وَكَذَلِكَ عمر قلعة حمص ورفعها عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ وحصنها وعمق خندقها وأجرى الْمِيَاه من الزِّرَاعَة إِلَى الْبَلَد نَفسه وَعمل القنوات وأجرى المَاء فِي الْمَدِينَة وَعمل الْبَسَاتِين وتجرفت الْمِيَاه فِي جَمِيع أرْضهَا الغربية وَزرع الْأرز عَلَيْهَا وَغير ذَلِك وأطاعه العَاصِي وَهَذَا لم يقدر عَلَيْهِ سواهُ من الْمُلُوك الَّذين تملكوا حمص

وَكَذَلِكَ عمر قلعة الرحبة كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ أنشأ قلعة بتدمر على جبل عَال منيع حُصَيْن وَخرب برجها الَّذِي كَانَ فِي الْمَدِينَة

كل هَذَا خوفًا

ص: 221

على الرعايا وجدد بحمص بيمارستانا عَظِيما ورتب فِيهِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وأوقف عَلَيْهِ وقوفا وَلم يكن قبل ذَلِك

وَعمر مدرسة جميلَة غير الْمدرسَة النورية أَولا

هَذَا وَكم لَهُ من اصطناع وَصدقَة ومعروف وبر لَا سِيمَا إِلَى من يَقْصِدهُ وَكم لَهُ من وَاقعَة مَعَ الفرنج صَارَت تواريخ وَكَذَلِكَ مَعَ العربان السَّرَايَا وَغَيرهم وأبدا يسْتَردّ مِنْهُم الْغَنَائِم ويطاردهم هُوَ وَأَوْلَاده فِي الْبَريَّة الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة

وفيهَا بأرجيش كَانَ خواجاجهان قد طلب من يصل إِلَيْهِ يحدثه فِيمَا يتَّفق بَينهم وَاتفقَ الْأَمر على أَن المظفر غَازِي يسير إِلَيْهِ من عِنْده رَسُولا فَعَاد الْمَذْكُور من عِنْد خواجاجهان وصحبته رَسُول من عِنْده وَاتفقَ وُصُول هَذَا الرَّسُول بكرَة نَهَار عيد النَّحْر فَأمر الْأَشْرَف العساكر والملوك وعسكر الرُّومِي أَن يلبسوا ويتجملوا وَأَن يدْخل بَين يَدَيْهِ جَمِيع الأكابر فِي الْحلقَة وَأَن يحضروا رَسُول خواجاجهان لَا عَن قصد وترتيب يتفرج عِنْد وُصُوله برانية من

ص: 222

الطَّرِيق فَحَضَرَ وأوقف بمعزل بِمن مَعَه وَرَأى الْعَالم وكثرته وَحسن ترتيبه ثمَّ حمل إِلَى مخيم المظفر وَنزل الْأَشْرَف بخيمة لباد كَانَ قدمهَا لَهُ الْملك الْمُعظم صَاحب الجزيرة وَحضر النَّاس الخوان ثمَّ انصرفوا وَفِي غَد الْعِيد أحضر رَسُول خواجاجهان عِنْد الْأَشْرَف وَسمع رسَالَته وإخوة الْأَشْرَف كلهم قيام فِي الْخدمَة وأكابر الْأُمَرَاء تَعْظِيمًا لحاله وَصرف الرَّسُول بعد ذَلِك وَاجْتمعَ آراء السلاطين على الْجَواب وسيروا بِهِ الْحَكِيم سعد الدّين بن الْمُوفق الدِّمَشْقِي طَبِيب الْأَشْرَف لِأَنَّهُ يعرف بالعجمي وَسَار إِلَيْهِ

وفيهَا فِي عشْرين ذِي الْحجَّة بأرجيش قبض الْملك الْحَافِظ على كَاتبه مُحَمَّد بن عَليّ بن نظيف الْحَمَوِيّ وَأخذ جَمِيع مَا يملكهُ من مماليك ودواب وَذهب وقماش ورخت وَغَيره وَحمله إِلَى قلعة جعبر لَيْلًا وَذَلِكَ لِكَثْرَة سكره

وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَنه طلب أحد مماليكه فَمَا امْتنع عَلَيْهِ

وَقيل لَهُ غير مَا بذله من نَفسه فِي ذَلِك الْقبُول وَوَقع النشب بِهِ فَلَمَّا أَفَاق من سكرته نَدم وَمَا بَقِي يُمكن إِلَّا الْإِتْمَام لما فعله

ص: 223