المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ودخلت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة - التاريخ المنصوري = تلخيص الكشف والبيان في حوادث الزمان

[الحموي، ابن نظيف]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة

- ‌وَفِي سنة تسعين وَخَمْسمِائة

- ‌سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌سنة ثَلَاث وَأَرْبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَفِي سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَفِي أول سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة تِسْعَة وتسع وَخَمْسمِائة

- ‌وَدخلت سنة سِتّمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وسِتمِائَة

- ‌وَفِي أَوَائِل سنة ثَلَاث وسِتمِائَة

- ‌سنة أَربع وسِتمِائَة

- ‌سنة خمس وسِتمِائَة

- ‌وَفِي سنة سبع وسِتمِائَة

- ‌سنة ثَمَان وسِتمِائَة

- ‌سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة تسع عشرَة وسِتمِائَة

- ‌سنة عشْرين وسِتمِائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌وَفِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌ثمَّ دخلت سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة

- ‌وَلما دخلت سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة

الفصل: ‌ودخلت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة

بِدِمَشْق وَالْملك الْكَامِل بالديار المصرية كَمَا قدمنَا وَهُوَ يتَرَدَّد إِلَى الممالك بِنَفسِهِ

وفيهَا حلف الْملك الظَّاهِر للْملك الْعَادِل أَن لَا يستخدم ابْن المشطوب وَقطع خبزه فوصل إِلَى عِنْد السُّلْطَان فَمَا استخدمه بل أذن للْملك الأوحد أَن يستخدمه فَمَا اتّفق بَينهمَا فاستخدمه الْملك الْأَشْرَف وَأحسن إِلَيْهِ

وفيهَا جَاءَت الزلزلة الْعَظِيمَة الَّتِي أخربت السَّاحِل وَأكْثر بِلَاد الفرنج

وأشرف الفرنج على أَخذ طرابلس بِحَيْثُ إِنَّهُم عبوا قماشهم فِي المراكب للهرب من الْمُسلمين فَمَا أقدم الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم

‌وَدخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة

فِيهَا طلع النّيل دون كِفَايَة الْبِلَاد وَزرع الزَّرْع وانحطت الأسعار وَصَارَ يزِيد السّعر وَينْقص إِلَى سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة طلع النّيل وَرويت الْبِلَاد وزرعوا وتباشر النَّاس بهَا

ص: 25

وَفِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة أخرج سيف الْإِسْلَام وَلَده الْملك الْمعز اسماعيل من الْيمن خرجَة ثَانِيَة بَعْدَمَا كَانَ أخرجه إِلَى الشَّام وَعَاد مِنْهُ إِلَيْهِ

وَذَلِكَ كُله خوفًا على نَفسه مِنْهُ فَسَار فاتصل بالسرين من بِلَاد الْيمن وَهِي آخر الْيمن وَأول الْحجاز فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا وَتُوفِّي سيف الْإِسْلَام

فسير جمال الدولة كافور خَادِم أَبِيه إِلَيْهِ ياقوت العجمي وَيَاقُوت الجمالي ومحمود السيرواني والأسعد بن الحارس فَسَارُوا إِلَى الْملك الْمعز عرفوه بِمَوْت أَبِيه واستدعوه إِلَى زبيد فَحَضَرَ مَعَهم وسلموها إِلَيْهِ وَأقَام بهَا أَيَّامًا وسلموا إِلَيْهِ جَمِيع القلاع

ثمَّ توجه مِنْهَا إِلَى قلعة

ص: 26

الْمعز فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى الدملوة فَأَقَامَ بهَا شَهْرَيْن ثمَّ طلع إِلَى حب فَأَقَامَ بهَا ثمَّ توجه إِلَى لحج وَأبين فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا ثمَّ توجه إِلَى عدن فَأَقَامَ بهَا سِتَّة أشهر ثمَّ توجه إِلَى صنعاء

فَلَقِيَهُ الشريف عبد الله بن عبد الله الْحُسَيْنِي فصاففه تَحت حب فَكسر الشريف الْمَذْكُور وَتوجه إِلَى صنعاء فَلَقِيته مماليك أَبِيه عدتهمْ ثَمَانمِائَة مَمْلُوك فَاعْتَصمُوا بِصَنْعَاء وقاتلوه فكسرهم وَأخذ صنعاء وَأقَام بهَا أَرْبَعَة أشهر ثمَّ نزل إِلَى تعز فَأَقَامَ بهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ إِلَى زبيد فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا

ثمَّ اسْتحْلف النَّاس وَفصل لَهُ الثِّيَاب الْخضر والعمائم الْخضر المذهبة واستسلم من كَانَ فِي بِلَاده من النَّصَارَى وَالْيَهُود وخطب لَهُ بالخلافة فِي زبيد وَادّعى أَنه من الأمويين

فَأول خطْبَة خطب الْملك الْمعز الْمَذْكُور فِي دَاره الْمَعْرُوفَة

ص: 27

بِعَبْد النَّبِي بن مهْدي

ثمَّ سير إِلَى الْبِلَاد وَأمرهمْ أَن يخطبوا لَهُ على المنابر بأمير الْمُؤمنِينَ وأبطل الْخطْبَة لبني الْعَبَّاس

وَلم يزل هُوَ يخْطب بِنَفسِهِ مُدَّة حَيَاته وَذَلِكَ فِي تعز وَفِي الدملوة وَفِي كل مَوضِع لَهُ حصن وَكَانَ قد أَقَامَ سُلْطَانا من غير دَعْوَى خلَافَة سنة كَامِلَة وَبَقِي خَليفَة إِلَى أَن مَاتَ أَربع سِنِين وَكَانَت مُدَّة ولَايَته خمس سِنِين وشهيرات

ثمَّ تجهز طَالبا مَكَّة المحروسة وجهز ياقوت الجمالي والمجاهد الجمالي وسنقر الْغَزِّي إِلَى مَكَّة بِأَن تعْمل لَهُ دَار ويقام لَهُ إِقَامَة ليكسو الْبَيْت فَلَمَّا تحقق الشريف أَبُو عَزِيز قَتَادَة ذَلِك أَمر غلمانه أَن ينهبوا جَمِيع من كَانَ من أَصْحَاب الْملك الْمعز وَأسرُوهُمْ فَسمع الْملك الْمعز ذَلِك فشق عَلَيْهِ وتجهز طَالبا مَكَّة إِلَى أَن وصل إِلَى المهجم تقاعد عَنهُ جمَاعَة من أَصْحَابه وخذلته تعكس وتشوش فَعَاد إِلَى الْيمن

ص: 28

إِلَى بلد يُقَال لَهُ الكدرى من أَعمال زبيد فَأَقَامَ بهَا خَمْسَة أَيَّام ثمَّ استدعى مَمْلُوكا يُقَال لَهُ سيف الدّين سنقر واستحضره عِنْده فِي الدَّار بِمحضر من جمَاعَة فَسَقَاهُ الْخمر بعد أَن كَانَ تَركهَا مُدَّة زمانية وَقَالَ لَهُ يَا سنقر قد كبر جوفك وسمنت ودعا بمعتوق الرَّزَّاق الْحلَبِي وَقَالَ لَهُ يَا معتوق طيب لي قَارُورَة نفط فأحضرها بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ قُم يَا سنقر وَأمر معتوق أَن يضْربهُ بهَا فَقَامَ إِلَيْهِ مَمْلُوك يُقَال لَهُ أَبُو شامة كَبِير من مماليك أَبِيه كَأَن لَهُ صنعا فِي حَيَاة وَالِده واستوهبه مِنْهُ فوهبه لَهُ ثمَّ قعدوا على شرابهم سَاعَة ثمَّ دَعَا بسنقر مرّة ثَانِيَة وجذب عَلَيْهِ سكينا وَقَالَ لَهُ أُرِيد أشق مصارينك فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا مَمْلُوك فَعَاتَبَهُ سَاعَة ثمَّ قَامَ سنقر من بَين يَدَيْهِ بعد أَن قبلهَا وَقعد فِي مَكَانَهُ سَاعَة ثمَّ خرج فَقَالَ لَهُ الْملك الْمعز إِلَى أَيْن فَقَالَ فِي حَاجَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى الْبَريَّة أقضيها وأعود فَقَالَ لَهُ دع رهنك على الْعود كَمَا جرت عَادَة

ص: 29

من يشرب مَعَ الندماء فَترك منديله وَخرج إِلَى خيمته لَقِي جمَاعَة من المماليك فَقَالَ لَهُم قد قتلت الْخَلِيفَة وَكَانَ لَيْلًا فَرَكبُوا فِي خَمْسمِائَة مَمْلُوك ثمَّ دخلُوا إِلَى الكدرى ونهبوها وَأخذُوا خزانتها فَبلغ ذَلِك الْملك الْمعز وَهُوَ على شرابه فَبَطل الشَّرَاب وتجهز فِي ليلته هَارِبا إِلَى زبيد

ثمَّ قصد سنقر موضعا يُقَال لَهُ المهجم فنهبه وَأحرقهُ وَأخذ خزانَة فِيهِ ثمَّ توجه إِلَى المحاليب فأحرقها وَأخذ خزانتها ثمَّ صعد إِلَى الشريف عبد الله بن الله فِي بِلَاده منتصرا بِهِ فَأَقَامَ عِنْده خَمْسَة أَيَّام فتجهز الْملك الْمعز خَلفه فنفذ إِلَيْهِ هَذَا سيف الدّين سنقر الْمَذْكُور وَقَالَ لَهُ بِاللَّه عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تخرج إِلَيّ فَإِن الْعَسْكَر مُنَافِق عَلَيْك فوصله الْكتاب وَهُوَ رَاكب فَقَالَ يهددني هَذَا الْفَاعِل الصَّانِع وسَاق من وقته بجيشه إِلَى أَن خرج إِلَى مَوضِع يُقَال لَهُ الجنابذ وَهِي أَرض يُقَال لَهَا عجى فتحالف الْعَسْكَر

ص: 30

عَلَيْهِ وَتَشَاوَرُوا على قَتله وهم كبار الأكراد مثل شمس الدّين الدَّقِيق وجمال الدّين ابْن أَخِيه وَابْن أُخْته وَابْن بَرَكَات وهندو وروبك أَخُوهُ وَسيف الدّين نجد أَمِير آخور وباخل وَمن الأتراك شمس الدّين القرابلي

فَحمل عَلَيْهِ هندو وروبك أَخُوهُ

فَلَمَّا قربا إِلَيْهِ بالحملة قَالَ لَهما لَا تفعلا وأغنكما فجفلت بِهِ البغلة فِي مثل ذَلِك الْوَقْت من الرماح فرمته فَبَقيَ متخبطا فِي ثِيَابه وأكمامه وَذَلِكَ أَن ثِيَاب الْخَلِيفَة كَانَت عَلَيْهِ طول أكمامها كل كم خَمْسَة وَعِشْرُونَ شبْرًا وسع الْكمّ سِتَّة أشبار فسبقه شمس الدّين الدَّقِيق والقرابلي وَابْن بَرَكَات وَهُوَ يخبط فِي ثِيَابه فَقَتَلُوهُ وَأَخذه ابْن بَرَكَات فَقطع رَأسه وَحمله على رمح وَأَعْطَاهُ للداعي الَّذِي كَانَ

ص: 31

بَين يَدَيْهِ

فأقاموا فِي الْمَدِينَة ثَلَاثَة أَيَّام يدورون بِرَأْسِهِ فِي الْبَلَد

ثمَّ نهبت زبيد سَبْعَة أَيَّام نهبا شنيعا ثمَّ اخْتلفت الأكراد لعدم مقدم عَلَيْهِم

هَذَا وَسيف الدّين سنقر لم يعلم بذلك فاتصلت بِهِ الْأَخْبَار

وَعند اخْتِلَاف الأكراد نفذوا إِلَى سنقر إِلَى صعدة باخل الْكرْدِي الْحميدِي فطلبوه لتمليكه فَحَضَرَ إِلَى زبيد ودخلوا بِهِ إِلَى دَار إِلَى الرباع بِبَاب شحاد وَنزل فِي دَار يُوسُف العروي ثمَّ تقدم شمس الدّين القرابلي من الأتراك وَابْن الدَّقِيق من الأكراد وسلطنوا سنقر وحملوا الغاشية بَين يَدَيْهِ وأدخلوه رَاكِبًا إِلَى دَار ابْن سيف الْإِسْلَام

فَأَقَامَ بزبيد ثَلَاثَة أَيَّام

وَأمر جمَاعَة مِنْهُم

ثمَّ عَاد إِلَى تعز وَأقَام بهَا أَربع سِنِين

فَكتب كتابا إِلَى زبيد يطْلب من الأكراد المقيمين بهَا مائَة ألف دِينَار وَكَانَ عِنْد سلطنته قد قنع مِنْهُم بِالِاسْمِ لَا غير وَترك لَهُم الْبَلَد وَقَالَ أقنع بتعز لَا غير فخادعهم إِلَى أَن قوي وجيش وَتمسك بِجَمَاعَة عاهدهم وَنفذ يطْلب المَال فأحضروا خَمْسَة أحمال صناديق وَعمِلُوا فِيهَا اللوالك الْمُقطعَة والخفاف والجلود الْمُقطعَة

ص: 32

وأسنة مكسرة ومسامير وحديد مكسر وختموها وسيروها إِلَيْهِ

فَلَمَّا رَآهَا شقّ عَلَيْهِ ذَلِك وَنفذ فِي الْوَقْت وَالْحَال يعلمهُمْ وُصُوله إِلَيْهِم قبالة هديتهم فَخرج فِي ليلته قَاصِدا زبيد

فَلَمَّا سمع الأكراد خُرُوجه خَرجُوا إِلَى ضَيْعَة يُقَال لَهَا المعزية كَانَ بناها الْملك الْمعز بن سيف الْإِسْلَام وسماها الْقَاهِرَة المعزية وَهِي ضَيْعَة كَبِيرَة جَيِّدَة كَثِيرَة الْخيرَات

فوصل سيف الدّين سنقر إِلَيْهَا فَلَمَّا قرب مِنْهَا انهزم الأكاريد ونزلوا فِي ضَيْعَة يُقَال لَهَا الزريبة فأقاموا بهَا خَمْسَة أَيَّام ورحلوا مِنْهَا إِلَى زبيد ورحل سنقر طالبهم إِلَى زبيد فَنزل وخيم عَلَيْهَا وقفلوا أَبْوَابهَا

وَكَانَ قد ذكر لأَصْحَابه أَنه إِذا أَخذهَا بِالسَّيْفِ انهبوها فَخرج الأكراد وقاتلوه يَوْمَيْنِ

فَمَا مِنْهُم يَوْم إِلَّا ويخسرون فِيهِ

فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث ركب سنقر بجماعته

وزحف إِلَى بَاب يُقَال لَهُ بَاب القرتب فَوَقَعت إِحْدَى البواشير فقفز سيف

ص: 33

الدّين سنقر هُوَ وَبدر الدّين بن تميرك فَقَالَ سنقر عِنْد ذَلِك الْحَمد لله رب الْعَالمين وَهُوَ وَاقِف فِي وسط الثلمة وَقَالَ للعسكر يَا أَصْحَابنَا كُنَّا قد أمرنَا أَنكُمْ إِذا أَخَذْتُم هَذِه الْمَدِينَة بِالسَّيْفِ انهبوها وَقد عمل الله لنا مَا لَا كَانَ فِي حسابنا من هدم هَذِه الثلمة

فَأَنا أَشْتَرِي مِنْكُم نهبها بِمِائَة ألف دِينَار فَأَبَوا إِلَّا نهبها فَزَادَهُم خمسين ألف دِينَار وحلفهم بِالطَّلَاق أَنه إِن سمع أَنهم تعرضوا لنهب أَو غَيره من أذية الْبَلَد آذاهم

ثمَّ دخل مَدِينَة زبيد وَأقَام بهَا فَخرجت الأكراد من بَاب وَلَا فقه ثمَّ قصدُوا ضَيْعَة يُقَال لَهَا الحصبى فنزلوا عِنْد رجل يُقَال لَهُ عَليّ الْكِنَانِي وَهُوَ من غفراء الْبَحْر فأضافهم وَأحسن ضيافتهم فطلبوا مِنْهُ نبيذا يشربونه فأحضر لَهُم نَبِيذ النّخل وَهُوَ يُقَال لَهُ الفضح فَشَرِبُوا مِنْهُ وَسَكِرُوا ورقدوا فَقَامَ مضيفهم عَليّ الْكِنَانِي وَأخذ خيولهم وربط غلمانهم وَأخذ مَا كَانَ مَعَهم من المَال وكتف الأكراد إِلَى أَن أصبح الصَّباح وَاجْتمعَ قومه بَنو كنَانَة وَسَارُوا بهم على الْإِبِل فِي المحائر إِلَى أَن وصلوا بهم إِلَى زبيد فشنق سنقر عَليّ الْكِنَانِي وأخاه مُحَمَّدًا وَقَالَ لَهُم

ص: 34

قبحكم الله غدرتم بضيوفكم

ثمَّ أَخذ جمَاعَة الأكراد وَرَمَاهُمْ الْحَبْس واستدعى بهم فِي الْيَوْم الثَّالِث إِلَى الْقصر فنصب لسيف الدّين سنقر شبْرمَة وَهِي قَاعِدَة من خيزران مثل السرير

واستحضر ولد سيف الْإِسْلَام يُقَال لَهُ الْملك النَّاصِر كَانَ صَغِير السن واستدعى الدَّقِيق فَضرب رقبته ثمَّ من بعده علم الدّين ابْن أَخِيه ثمَّ من بعده هندو ثمَّ بعده روبك ثمَّ بعده عِيسَى بن أجول الزرزاري وَسَبْعَة من إخْوَته ثمَّ بعده النظام بن عِيسَى الْجَزرِي وَجَمَاعَة فَكَانَت الْقَتْلَى فِي ذَلِك النَّهَار سبعماية نفس بالضبط

وَعَفا عَن القرابلي وَأَوْلَاده وَعَن باخل وَعَن ابْن بَرَكَات ثمَّ قعد فِي مَمْلَكَته وَفعل من الْعدْل وَحسن السِّيرَة مَالا رَآهُ أهل الْيمن وَلَا رعية وسلطن الْملك النَّاصِر وَصَارَ هُوَ أتابكه وخطب للْملك النَّاصِر فِي بِلَاد الْيمن ثمَّ بَقِي فِي السلطنة والأتابكية أَربع سِنِين إِلَى أَن توفّي بتعز فَجْأَة وَذَلِكَ أَنه كَانَ لَيْلَة مَوته قد أكل لحم فرس وَلحم بقر وَشرب عَلَيْهِ شرابًا مطبوخا فَغسل وَدفن فِي جَامع تعز وَخلف ولدا أخرس

ص: 35

وَولدا آخر من أم الْملك النَّاصِر لِأَنَّهَا كَانَت زَوجته ثمَّ تزوج إِبْرَاهِيم غَازِي بن جِبْرَائِيل أم الْملك النَّاصِر بعد وَفَاة سيف الدّين سنقر وَصَارَ أتابكا أَيْضا للْملك النَّاصِر

وَبَقِي الْملك النَّاصِر مُدَّة ثمَّ توفّي فِي الْجند وَحمل إِلَى تعز فَدفن فِيهَا

وَكَانَ سَبَب مَوته أَن غَازِي بن جِبْرَائِيل سمه بكوز فقاع فَبَقيَ غَازِي صَاحب الْبِلَاد مُدَّة يسيرَة وَقتل فِي حب فَقتله حمير وخولان وَبَنُو عبد الْوَهَّاب ورموا بِرَأْسِهِ من قلعة حب وَسبب ذَلِك اتهامهم لَهُ بقتل الْملك النَّاصِر

ص: 36

فَبَقيت الْبِلَاد بِلَا صَاحب إِلَّا الخواتين لَا غير

فجَاء الشريف عبد الله بن عبد الله بِخلق كثير وَملك زبيد مُدَّة يسيرَة ثمَّ سمع بركب الْحجاز ووصوله فَقَالَ فِي نَفسه لَا يَخْلُو هَذَا الركب من أحد من بني أَيُّوب فخاف على نَفسه وَعَاد إِلَى بِلَاده

وَوصل ركب الْحجاز إِلَى زبيد فَنزل المهتار كدكل العزيزي من عِنْد أم الْملك النَّاصِر بطرِيق الِاتِّفَاق يتفقد الركب الْحِجَازِي فلقي سُلَيْمَان شاه بن سعد الدّين بن الْملك المظفر تَقِيّ الدّين بن شاهان شاه بن أَيُّوب فَتحدث مَعَه وَسَأَلَهُ عَن أَحْوَاله وَفِي وقته كتب كتابا إِلَى أم الْملك النَّاصِر يخبرها بِخَبَرِهِ وَقَالَ لَهَا هَذَا من بني أَيُّوب وَهُوَ حسن الشَّبَاب فأحضرته وخلعت عَلَيْهِ وَتَزَوَّجت بِهِ وسلطن وَملك الْبِلَاد وملأها فسقا وجورا وفجورا وَأخذ نسَاء النَّاس وَمَا شكر مَا أنعم الله عَلَيْهِ بِهِ فَإِنَّهُ كَانَ

ص: 37