الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: طهارة جلود الميتة بالدباغ
17 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دُبِغَ الإهابُ فقد طَهُر" أخرجه مسلم. وعند الأربعة "أَيُّما إهابٍ دُبِغَ
…
".
رواه مسلم 1/ 277 وأبو داود (4123) وابن ماجه (3609) والنسائي 7/ 173 والترمذي (1728) وأحمد 1/ 219، 279 ومالك في "الموطأ" 2/ 498 والدارقطني 1/ 46 والبيهقي 1/ 16، 20 والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/ 262 والبغوي في "شرح السنة" 2/ 97 وأبو عوانة في "مسنده" 1/ 212 وابن الجارود في "المنتقى"(61) كلهم من طريق زيد بن أسلم أن عبد الرحمن بن وعلة أخبره عبد الله بن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" هذا اللفظ لمسلم.
ورواه أحمد وابن ماجه والنسائي والترمذي والبيهقي وأبو عوانة كلهم بلفظ "أيما إهاب دبغ فقد طهر" ولم أجد هذا اللفظ عند أبي داود وإنما رواه أبو داود باللفظ الأول والله أعلم.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 4/ 262 من طريق أبي غسان قال: حدثني زيد بن أسلم بإسناده سواء وفيه قال "أيما مَسْك دبغ فقد طهر".
ورواه أبو عوانة 1/ 213 من طريق يحيى بن سعيد والدارمي 2/ 86، 256 من طريق القعقاع بن حكيم كلاهما من طريق زيد بن أسلم به.
ورواه مسلم 1/ 278 من طريق أبي الخير قال حدثني ابن وعلة السبئي قال سألت ابن عباس قلت إنا نكون بالمغرب فيأتينا المجوس بالأسقية فيها الماء والودك.
فقال اشرب. فقلت أرأيٌ تراه؟ فقال ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. "دباغه طهوره".
قال الترمذي 6/ 52 وحديث ابن عباس حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وسيأتي بيان بعضها ضمن أحاديث الباب.
تنبيه
قال الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 116. اعلم أن كثيرًا من أهل العلم المتقدمين والمتأخرين عزوا هذا الحديث في كتبهم إلى مسلم، وهو وهم، وممن فعل ذلك البيهقي في "سننه"، وإنما رواه مسلم بلفظ "إذا دبغ الإهاب فقد طهر". واعتذر عنه الشيخ تقي الدين في كتاب "الإمام" فقال والبيهقي وقع له مثله في كتابه كثيرًا، ويريد به أصل الحديث لا كل لفظة منه، قال وذلك عندنا عيب جدًّا إذا قصد الاحتجاج بلفظة معينة، لأن فيه إيهام أن اللفظ المذكور أخرجه مسلم، مع أن المحدثين أعذر في هذا من الفقهاء، لأن مقصود
المحدثين الإسناد ومعرفة المخرج، وعلى هذا الأسلوب ألفوا كتب الأطراف؛ فأما الفقيه الذي يختلف نظره باختلاف اللفظ فلا ينبغي له أن يحتج بأحد المخرجين، إلا إذا كانت اللفظة فيه. اهـ.
قلت: هذا اعتذار جيد فإن البيهقي أصلًا لما ذكر الحديث ذكر بعده هذا الحديث 1/ 20 وذلك من نفس الطريق بلفظ: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" ونص على أن مسلم أخرجه بهذا اللفظ بينما عندما ذكره بلفظ. "أيما أهاب دبغ فقد طهر" 1/ 6 قال رواه مسلم بن الحجاج. اهـ. ولم يقل بهذا اللفظ كما نص في اللفظ السابق وهذا دليل على أن مقصد البيهقي هو أصل الحديث. والله أعلم.
ولهذا قال ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 389 لم يخرج البخاري في "صحيحه" هذا الحديث وقال الشيخ تقي الدين في "شرح الإلمام" ليس تظهر لنا العلة في تركه إلا التوهم أن يكون ابن وعلة عند البخاري لم يبلغ الرتبة التي يعتبرها، وليس يعلم في ابن وعلة مطعن، وهو عبد الرحمن بن السميفع بن وعلة السبئي. اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 1/ 67 زعم بعضهم أن حديث ابن وعلة متفق عليه وليس كذلك، بل انفرد بإخراجه مسلم ولفظه "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" ولفظ أحمد والترمذي وغيرهما "أيما إهاب دبغ فقد طهر." اهـ.
* * *
18 -
وعن سَلَمة بن المُحَبِّق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "دِباغُ جلودِ المَيتَةِ طَهُورُها" صححه ابن حبان.
رواه ابن حبان كما في "الموارد"(124) وأحمد 5/ 6، 3/ 476 وأبو داود (4125) والنسائي 7/ 173 والبيهقي 1/ 17 والدارقطني 1/ 45 والحاكم 4/ 157 وابن المنذر في "الأوسط" 2/ 262 كلهم من طريق قتادة عن الحسن عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أتى على بيت فإذا قربة معلقة فسأل الماء فقالوا. يا رسول الله إنها ميتة، فقال "دباغها طهورها" هذا لفظ أبو داود.
وعند النسائي وأحمد بلفظ "دباغها زكاتها".
وعند البيهقي بلفظ "دباغها طهورها".
وعند ابن حبان بلفظ "زكاة الأديم دباغه".
وعند الدارقطني والحاكم بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك دعا بماء عند امرأة فقالت ما عندي ماء إلا في قربة لي ميتة، قال "أليس قد دبغتيها؟ " قالت بلى، قال "فإن ذكاتها دباغها".
قال الحاكم 4/ 157 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ.
ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا إن سلم من جهالة جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة السعدي البصري. فقد رواه الترمذي في "علله الكبير"
2/ 724 - 725 ثم قال وقال معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة به ثم قال ولا أعرف لجون بن قتادة غير هذا الحديث، ولا أدري من هو اهـ.
ورواه ابن حزم في "المحلى" 1/ 120 من طريق محمد بن جرير الطبري ثنا محمد بن حاتم ثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن الحسن ثنا جون بن قتاده التميمي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في حديث ذكره "فإن دباغ الميتة طهورها" قال ابن حزم جون له صحبة اهـ.
وتعقب في ذلك فقد ذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 284 عن ابن حزم أنه قال هذا حديث صحيح وجون قد صحت صحبته ثم قال الحافظ ابن حجر وتعقبه أبو بكر بن مفوز فقال: هذا خطأ فجون رجل تابعي مجهول لا يعرف روى عنه الحسن وروايته لهذا الحديث إنما هي عن سلمة بن المحبق أخطأ فيه محمد بن حاتم، تم تعقبه الحافظ ابن حجر فقال ولم يصب في نسبته للخطأ إلى محمد بن حاتم وأما قوله إن جونًا مجهول فقد قاله أبو طالب والأثرم عن أحمد بن حنبل، وقال أبو الحسن بن البراء عن علي بن المديني جون معروف وإن كان لم يرو عنه إلا الحسن وعده في موضع آخر في شيوخ الحسن المجهولين وقد روى جون بن قتادة أيضًا عن الزبير بن الدوام وشهد معه الجمل وأما رواية قتادة التي أشار إليها ابن منده فرواها أحمد وأبو داود
والنسائي وابن حبان والحاكم ولم يختلف عليه في ذكر سلمة بن المحبق في إسناده والله أعلم اهـ.
قلت وبالنسبة للطريق التي رواها ابن حزم فيظهر أن الوهم فيه ليس من محمد بن حاتم بل هو من هشيم فقد تابع محمد بن حاتم على روايته عن هشيم به فجعلوه من مسند جون بن قتادة جمع منهم أحمد بن منيع وشجاع بن مخلد والحسن بن عرفة ويحيى بن أيوب كلهم عن هشيم به.
ولهذا جزم ابن منده والبغوي أن الوهم فيه من هشيم كما نقله عنهما الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 284 ثم نقل عن أبي نعيم أنه قال الوهم فيه من غير هشيم، لأن زحمويه رواه عن هشيم به فذكر سلمة بن المحبق ثم قال الحافظ ابن حجر وتعقبه المزي بأن كلام ابن منده صواب وأن الوهم فيه من هشيم وأن رواية زحمويه شاذة قلت ويحتمل أن يكون هشيم حدث به على الوهم مرارًا وعلى الصواب مرة اهـ.
ولما ذكر ابن الجوزي قول أحمد جون لا يعرف تعقبه ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديت التعليق" 1/ 67 فقال جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة بن عوف بن كعب بن عبد شمس بن سعد بن زيد مناة تميم التيمي ثم العبشمي البصري يقال. إدن له صحبة ولم يثبت ذلك اهـ.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد في "المسائل" 1/ 45 سألت أبي عن حديث سلمة بن المحبق دباغ الميتة فقال لا أجريه اهـ.
ولما ذكر ابن عبد الهادي إسناد هشيم الأول قال هكذا رواه أحمد بن منيع وشجاع ابن مخلد ويحيى بن أيوب المقابري عن هشيم من دون ذكر سلمة بن المحبق فيه، وذلك معدود في أوهام هشيم، وقال الحافظ أبو عبد الله بن منده ورواه الحسن بن عرفة وعمر بن زرارة وغيرهما عن هشيم عن منصور ويونس بن عبيد وغيرهما عن الحسن عن سلمة بن المحبق من غير ذكر ابن جون فيه ورواه قتادة عن الحسن عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق وهو الصحيح انتهى ما حكاه ابن منذه ونفى صحبة جون بن قتادة أيضًا ابن منده وأبو نعيم.
فعلى هذا الصواب أن الحديث من مسند سلمة بن المحبق.
ولهذا قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في "مختصره تجريد أسماء الصحابة" 1/ 94 روى عنه الحسن في دباغ الميتة، رواه بعضهم عن الحسن عن جون. وبعضهم عن الحسن عنه عن سلمة بن المحبق وهو أصح اهـ.
ونقل ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 425 عن الذهبي أنه قال في كتابة "مختصر التهذيب" عن جون لم تصح صحبته، له عن الزبير وسلمة بن المحبق وعنه الحسن وقتادة- إن كان محفوظًا. وقرة بن الحارث، وعَدَّه بعضهم صحابيًّا بحديث وهم فيه هشيم عن منصور بن زاذان عن الحسن عن جون بن قتادة: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وقد سقط منه سلمة بن المحبق. ورواه أيضًا هشيم هكذا اهـ.
وذكر ابن حبان جون بن قتادة في ثقات التابعين 4/ 119.
والحديث صححه الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 61 فقال إسناده صحيح وقال أحمد: الجون لا أعرفه، وقد عرفه غيره، عرفة علي بن المديني اهـ.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 426 فإذا عرفت ذلك فإن كان صحابيًّا كما قاله ابن حزم؛ فلا يضره ما قاله الإمام أحمد من جهالته وإن كان تابعيًّا يعارض قوله بقول علي بن المديني إنه معروف، وتوثيق ابن حبان له، ورواية جماعة عنه، وذلك رافع للجهالة العينية والحالية اهـ.
قلت قول علي بن المديني "معروف" أي عينه لا حاله؛ لأنه روى عنه جمع، ولهذا نقل الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 284 أن علي بن المديني عده في موضع آخر في شيوخ الحسن المجهولين والله أعلم لكن الحديث يشهد له أحاديث الباب.
تنبيه
في عزو الحافظ ابن حجر في "البلوغ" حديث سلمة بن المحبق إلى ابن حبان قصور لأنه رواه أبو داود والنسائي وأحمد كما سبق.
* * *
19 -
وعن ميمونة رضي الله عنها قالت مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشاةٍ يَجُرُّونَها، فقال. "لو أخذتم إهابَها" فقالوا إنها مَيتَةٌ فقال. "يُطَهِّرها الماءُ والقرظُ" أخرجه أبو داود والنسائي.
رواه أبو داود (4126) والنسائي 7/ 174 وأحمد 6/ 334 والدارقطني 1/ 45 وابن حبان 4/ 106 والبيهقي 1/ 19 كلهم من طريق كثير بن فرقد عن عبد الله بن مالك بن حذافة، حدثه عن أمه العالية بنت سبيع أنها قالت كان لي غنم بأُحد، فوقع فيها الموت فدخلت على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لها فقالت لي ميمونة: لو أخذت جلودها فانتفعت بها فقالت أَوَ يحل ذلك؟ فقالت نعم، مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أخذتم إهابها" قالوا إنها ميتة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "يطهرها الماء والقرظ" هذا لفظ أبي داود.
وقد وقع في إسناد عبد الله بن أحمد كما في "المسند" 6/ 334 عن أمه العالية بنت سميع أو سبيع الشك من عبد الله هكذا والصحيح أنها بنت سبيع وذلك بضم السين وفتح الباء وسكون الياء مصغرًا، هكذا قيده ابن نقطة، وقال ذكرها ابن منده.
وأيضًا وقع في إسناد ابن حبان "الإحسان"(1288) عبيد بن مالك بن حذافة وذلك بدل عبد الله بن مالك بن حذافة.
ووقع عند الدارقطني 1/ 45 "عبيد الله بن مالك بن حذافة"
قلت الأكثر على أنه "عبد الله بن مالك بن حذافة".
وعبد الله بن مالك بن حذافة حجازي لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا غير أن ابن حبان ذكره في "الثقات" 17/ 7 وقال شيخ. اهـ.
لهذا قال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" 5/ 332 - 333 له في الكتابين حديث واحد في الدباغ اهـ. يعني كتاب "سنن" أبي داود والنسائي.
ورمز له الحافظ ابن حجر في "التقريب"(3566) فقال مقبول اهـ. يعني في المتابعات.
وكذلك أمه العالية بنت سبيع لم أجد لها سوى هذا الحديث ولم أجد فيها جرحًا ولا تعديلًا غير أن العجلي وثقها.
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 61 صححه ابن السكن والحاكم اهـ.
قلت وأصل الحديث متفق عليه كما سيأتي من غير ذكر الماء والقرظ.
فائدة: القرظ هو أوراق شجر السَّلَم بفتح السين واللام ومنه أديم مقروظ، أي: مدبوغ بالقرظ.
وفي الباب عن ابن عباس وسودة وابن عمر وعائشة وأم سلمة وأنس وأبي أمامة.
أولًا حديث ابن عباس رواه البخاري (1492) ومسلم 1/ 276 - 277 وأبو داود (4120) والنسائي 7/ 172 وأحمد 1/ 365
وعبد الرزاق (184) كلهم من طريق ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال تصدق على مولاة لميمونة بشاة. فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هلا أخذتم إهابها فانتفعتم به؟ " فقالوا. إنها ميتة فقال: "إنما حرم أكلها".
ورواه مسلم 1/ 277 والنسائي 7/ 172 كلاهما من طريق سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشاة مطروحة، أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم. "ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به" هذا اللفظ لمسلم.
وعند النسائي بلفظ. بشاة لميمونة ميتة فقال: "ألا أخذتم إهابها فدبغتم فانتفعتم".
قال الإمام أحمد كما في "المسائل" برواية ابنه عبد الله 1/ 38 - 39 حديث ابن عباس قد اختلف فيه قال الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة ولم يذكر فيه الدباغ وذكر ابن عيينة الدباغ ولم يذكره معمر ولا مالك وأراه وهم اهـ.
وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى" 21/ 101 وليس في البخاري ذكر الدباغ ولم يذكره عامة أصحاب الزهري عنه، لكن ذكره ابن عيينة ورواه مسلم في "صحيحه". وقد طعن الإمام أحمد في ذلك، وأشار إلى غلط ابن عيينة فيه وذكر أن الزهري وغيره كانوا يبيحون الانتفاع بجلود الميتة بلا دباغ لأجل هذا الحديث. اهـ.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 3/ 382. إسناده صحيح. اهـ.
ورواه مسلم 1/ 277 من طريق ابن جريج عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال أخبرتني ميمونة أن داجنة كانت لبعض نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فماتت. ولم يذكر الدباغ.
وكذا ليس في روايات البخاري ذكر الدباغ في حديث ابن عباس وورد عنده من حديث سودة كما سيأتي.
وأنكر النووي في "المجموع" على من لم يَعزُ حديث ابن عباس إلى المتفق عليه فقال 1/ 217 - 218 لما ذكر حديث ابن عباس وفيه "فدبغتموه"؛ رواه البخاري ومسلم في "صحيحيها" من طرق أما مسلم فرواه في آخر كتاب الطهارة، وأما البخاري فرواه في مواضع من "صحيحه" منها كتاب الزكاة في الصدقة على موالي أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كتاب الصيد والذبائح وغيره، وإنما ذكرت هذا لأن بعض الأئمة والحفاظ جعله من أفراد مسلم كأنه خفي عليه مواضعه من البخاري اهـ.
وتبع النوويَّ ابنُ الملقن في "البدر المنير".
قلت وفي إنكارهما نظر، ولهذا تعقب الحافظ ابن حجر النووي في "تلخيص الحبير" 1/ 58 فقال أثناء كلامه على حديث ابن عباس لم يقل البخاري في شيء من طرقه "فدبغتموه" ولأجل هذا عزاه بعض الحفاظ، كالبيهقي والضياء وعبد الحق إلى انفراد مسلم به، نعم رواه البخاري من وجه آخر عن ابن عباس عن سودة قالت ماتت شاة لنا فدبغنا مسكها الحديث، وأنكر النووي في "شرح المهذب" على من لم يجعله من المتفق عليه وفي إنكاره نظر. اهـ.
ثانيًا حديث سودة رواه البخاري (6686) وأحمد 6/ 429 كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صارت شنًا.
وليس في إسناد أحمد ذكر "الشعبي".
ثالثًا: حديث ابن عمر رواه الدارقطني 1/ 48 قال. ثنا أبو بكر النيسابوري نا محمد بن عقيل بن خويلد نا حفص بن عبد الله نا إبراهيم بن طهمان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "أيما إهاب دبغ فقد طهر".
قلت إسناده قوي، وقال الدارقطني عقبه إسناده حسن اهـ.
ومحمد بن عقيل بن خويلد الخزاعي لا بأس به غير أنه انتقد عليه بعض الأحاديث فقد وثقه النسائي وقال أبو أحمد الحاكم ثقة، حدَّث بحديثين لم يتابع عليهما اهـ.
وذكره ابن حبان في "الثقات" 9/ 239 وقال ربما أخطأ، حدث بالعراق بمقدار عشر أحاديث مقلوبة. اهـ.
وذكر الذهبي في "الميزان" 3/ 649 أنه تفرد بهذا الحديث فقال معروف لا بأس به إلا أنه تفرد بهذا فقال حدثنا حفص بن عبد الله. اهـ. فذكر الحديث.
والحديث صححه الحافظ ابن حجر فقال في "تلخيص الحبير" 1/ 58 رواه الدارقطني بإسناد على شرط الصحة اهـ.
رابعًا حديث عائشة وله عدة طرق فقد رواه النسائي 7/ 174 والدارقطني 1/ 44 كلاهما من طرق عن شريك عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ذكاة الميتة دباغها".
وفي رواية "دباغها ذكاتها".
ورواه النسائي 7/ 174 وأحمد 6/ 154 - 155 والطحاوي 1/ 470 والدارقطني 1/ 44 كلهم من طريق الحسين بن محمد قال: حدثنا شريك عن عمارة بن عمير عن الأسود عن عائشة بنحوه.
ورواه النسائي 7/ 174 والطحاوي 1/ 470 كلاهما من طريق إسرائيل عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود به.
ورواه البيهقي 1/ 21 والدارقطني 1/ 49 كلاهما من طريق إبراهيم بن الهيثم نا علي بن عياش نا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "طهور كل إهاب دباغه".
قال الدارقطني عقبه إسناده حسن كلهم ثقات اهـ.
وقال البيهقي. رواته كلهم ثقات. اهـ.
وتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي مع السنن" فقال في سنده إبراهيم بن الهيثم لم يخرج له في شيء من الكتب الستة، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال حدث ببغداد فكذبه الناس وأحاديثه مستقيمة سوى الحديث الذي ردوه عليه وهو حديث الغار اهـ.
قلت قال الدارقطني كما في "سؤالات الحاكم للدارقطني" ص 100 لا بأس. اهـ. وقال الخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 206 إبراهيم بن الهيثم عندنا ثقة ثبت، لا يختلف شيوخنا فيه اهـ.
وللحديث طريق أخرى ذكرها ابن عبد الهادي في "التنقيح" 1/ 289.
وروى مالك في "الموطأ" 2/ 198 ومن طريقه رواه أحمد 6/ 73، 104، 453 وأبو داود (4124) والنسائي 7/ 176 وابن ماجه (3612) والطحاوي 1/ 469 والبيهقي 1/ 17 وابن حبان 4/ 102 عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. أن رسول الله أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت.
قلت رجاله لا بأس بهم غير أم محمد بن عبد الرحمن فإنه لم يوثقها غير ابن حبان ولم يرو عنها غير ابنها.
قال النووي في "المجموع" 1/ 218 و"الخلاصة" 1/ 73 - 74 حديث حسن رواه مالك في "الموطأ" وأبو داود والنسائي وآخرون بأسانيد حسنة اهـ.
لهذا نقل ابن دقيق العيد 1/ 302 والزيلعي في "نصب الراية" 1/ 117 عن الأثرم بأنه أعله بأم محمد وأنها غير معروفة ولا يعرف لمحمد عنها غير هذا الحديث، وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال. من هي أمه؟ كأنه أنكره من أجل أمه اهـ.
ونحوه نقل عبد الله في "العلل" 3/ 192 رقم (4827).
خامسًا حديث أم سلمة رواه الدارقطني 1/ 49 قال ثنا محمد بن مخلد نا أحمد بن إسحاق بن يوسف الرقي نا محمد بن عيسى الطباع قال نا فرج بن فضالة حدثنا يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم سلمة أنها كانت لها شاة تحتلبها، ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فقال. "ما فعلت الشاة؟ " قالوا ماتت قال "أفلا انتفعتم بإهابها؟ " قلنا إنها ميتة فقال النبي صلى الله عليه وسلم. "إن دباغها يحل كما يحل خل الخمر".
ورواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 1/ 306 قال ثنا أحمد بن خليد ثنا محمد بن عيسى به.
ورواه أبو يعلى كما في "المطالب"(25) ثنا محمد بن بكار ثنا فرج به.
ورواه أيضًا الطبراني في "الكبير" 3/ 360 والبيهقي 6/ 38 من طريق فرج به.
قلت إسناده ضعيف لأن فيه فرج بن فضالة وهو ضعيف ضعفه ابن معين والإمام أحمد والنسائي وقال البخاري ومسلم منكر الحديث اهـ.
وقال أبو حاتم صدوق يكتب حديثة ولا يحتج به اهـ.
لهذا قال الدارقطني عقبه تفرد به الفرج بن فضالة وهو ضعيف اهـ.
وبه أعله الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 58.
وللحديث طريق آخر عن أم سلمة وفيه متهم كما بينه النووي في "المجموع" 1/ 237.
سادسًا حديث أنس رواه أبو يعلى في "المقصد العلي"(111) قال حدثنا حفص بن عبد الله بن عمر الحلواني حدثنا درست بن زياد عن يزيد الرقاشي عن أنس قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "يا بني ادع لي من هذه الدار بوَضوء" فقلت. رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب وَضوءًا؟ فقال أخبره أن دلونا جلد ميتة. فقال. "سلهم هل دبغوه؟ " قالوا نعم قال "فإن دباغه طهور".
قلت إسناده ضعيف لأن فيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف كما سبق (1).
وأيضًا درست بن زياد ضعيف.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 217 فيه درست بن زياد عن يزيد الرقاشي، وكلاهما مختلف في الاحتجاج به.
ورواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 1/ 305 قال حدثنا مفضل بن محمد ثنا أبو حمة ثنا أبو قرة عن ابن جريج أخبرني أبو قزعة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم استوهب وضوءًا فقيل له: لم نجد ذلك إلا في مسك ميتة فقال. "أدبغتموه؟ " قالوا نعم قال "فهلم فإن ذلك طهوره".
(1) راجع باب. ما يقال إذا سمع المنادي.
قلت رجاله لا بأس بهم وأبو حمة محمد بن يوسف الزبيدي محدث اليمن وأبو قرة هو سويد بن حجير الباهلي.
لهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 217 إسناده حسن اهـ.
سابعًا: حديث أبي أمامة رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 1/ 305 قال حدثنا أحمد ثنا أبو جعفر ثنا عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في بعض مغازيه فمرّ بأهل أبيات من العرب، فأرسل إليهم هل من ماء لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا ما عندنا ماء، إلا في إهاب ميتة، ودبغناها بلبن، فأرسل إليهم أن دباغه طهور، فأتي به فتوضأ، ثم صلى.
قلت عفير بن معدان الحمصي ضعفه الأئمة كابن معين والنسائي وأبو حاتم وغيرهم ولهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 217 فيه عفير بن معدان، وقد أجمعوا على ضعفه اهـ.
* * *