الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في طهارة سؤر الهرة
10 -
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهِرَّة: "إنها ليست بِنَجَسٍ؛ إنما هي من الطَّوَّافينَ عليكم" أخرجه الأربعة، وصححه الترمذي وابن خزيمة.
رواه أبو داود (75) والنسائي 1/ 55، 178 والترمذي (92) وابن ماجه (367) وابن خزيمة 1 / رقم (104) وعبد الرزاق 1/ 101 وأحمد 5/ 303، 309 وابن الجارود (60) والبيهقي 1/ 245 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 108 والشافعي في "الأم" 1/ 6 كلهم من طريق مالك وهو في "موطئه" 1/ 22 عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة الأنصاري أنها أخبرتها أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءًا فجاءت هرة لتشرب منه؛ فأصغى لها الإناء حتى شربت قالت كبشة فرآني أنظر إليه فقال. أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت. نعم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنجس
…
أو الطوافات".
هكذا بلفظ الشك "الطوافين أو الطوافات" عند مالك والترمذي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم.
وعند الترمذي في بعض نسخه بالجزم وعند النسائي "إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات".
فقوله: "أو الطوافات" يحتمل أنه شك من الراوي ويحتمل أنه للتنويع؛ فالطوافين للذكور والطوافات للإناث.
لهذا قال ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 351 أما لفظة "أو الطوافات" فقال القاضي أبو الوليد الباجي وصاحب "المطالع" يحتمل أن يكون على معنى الشك من الراوي، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك يريد أن هذا الحيوان لا يخلو أن يكون من جملة الذكور الطوافين أو الإناث الطوافات اهـ.
ونقل النووي في "المجموع" 1/ 172 عن صاحب "مطالع الأنوار" أنه قال يحتمل "أو" أن تكون للشك ويحتمل أن تكون للتقسيم، ويكون ذكر الصنفين من الذكور والإناث.
ثم قال النووي وهذا الذي قاله محتمل وهو الأظهر لأنه للنوعين كما جاء في روايات "الواو" وقال أهل اللغة الطوافون الخدم والمماليك اهـ.
قلت الحديث رجاله ثقات غير أن حميدة بنت عبيد بن رفاعة الأنصارية لم أجد من وثقها غير ابن حبان لكن هي من التابعيات وقد روى عنها زوجها إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وهو ثقة من رجال الجماعة وابنها يحيى بن إسحاق.
وقال الحافظ في "التقريب"(8568) مقبولة اهـ.
وقد توارد الأئمة على تصحيح حديثها هذا كما سيأتي ولم تنفرد به؛ فيظهر أن من كانت حالها هكذا أن لا يرد حديثها، وهو إلى
القبول أولى؛ فقد نقل ابن دقيق العيد في "الإمام" 1/ 234 - 235 عن ابن منده أنه أخرج هذا الحديث من رواية مالك في "الموطأ" ثم ذكر اختلاف رواياته، وقال: وأم يحيى اسمها حميدة وخالتها هي كبشة ولا يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، ومحلها محل الجهالة ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه وسبيله سبيل المعلول ثم قال ابن دقيق العيد. إذا لم تعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث؛ فلعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتهما مع شهرته بالتشدد، نقلت من خط الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي وروايته من "سؤالات أبي زرعة" قال سمعت أحمد بن حنبل يقول. إذا روى مالك عن رجل لا يعرف فهو حجة اهـ.
ولم ينفرد مالك به؛ بل تابعه همام بن يحيى عن إسحاق قال حدثتني أم يحيى به.
وأم يحيى هي حميدة بنت عبيد امرأة إسحاق بن عبد الله كما بينه حجاج الراوي عن همام وكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة كما في "علل" ابن أبي حاتم (126).
وتابعهما أيضًا حسين المعلم كما عند البيهقي 1/ 245.
وتابعهم أيضًا سفيان بن عيينة.
وقد اختلف عليها فرواه أحمد 5/ 296 قال ثنا سفيان حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثتني امرأة عبد الله بن أبي
طلحة أن أبا قتادة فذكره بنحوه، فأسقط من الإسناد امرأة إسحاق بن عبد الله.
ويظهر أنه وقع وهم فيه وذلك لأن رواية الجماعة عن إسحاق على إثباتها بل والمحفوظ عن سفيان إثباتها.
فقد قال الدارقطني كما في "العلل" 6 / رقم (1044) ص 162 ورواه ابن عيينة عن إسحاق عن امرأة أبي قتادة نقص من الإسناد امرأة وقال نصر بن علي عن ابن عيينة عن إسحاق عن امرأة أبي قتادة أو عن امرأة أبي قتادة عن أبي قتادة؛ فإن كان ضبط هذا عن ابن عيينة فقد أتى بالصواب اهـ.
وقد وقع في إسناد الحديث اختلاف وأجودها إسناد مالك السابق فقد حفظ رجال الإسناد.
وقد ذكر هذا الخلاف الدارقطني كما في "العلل" 6 / رقم (1044) فقال لما سئل عنه يرويه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة واختلف عنه؛ فرواه مالك بن أنس عن إسحاق فحفظ إسناده فقال عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة عن أبي قتادة، ورواه يونس بن عبيد وحسين المعلم عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أم يحيى وهي حميدة بنت عبيدة وهي امرأة إسحاق بن عبد الله عن خالتها ابنة كعب عن أبي قتادة، وكذلك رواه همام بن يحيى وإبراهيم بن أبي يحيى ورواه هشام بن عروة عن إسحاق واختلف عنه؛ فرواه ابن جريج عن هشام عن إسحاق عن امرأته عن أمها عن أبي قتادة،
وهذه الرواية موافقة لرواية مالك ومن تابعه، ورواه ابن نمير عن هشام نحو هذا، وقال أبو معاوية عن هشام عن إسحاق من بني زريق عن أبي قتادة؛ فنقص من الإسناد حميدة امرأة إسحاق ورواه عبد الله بن إدريس وعبد الله بن داود الخريبي عن هشام عن إسحاق عن أبي قتادة لم يذكر بينهما أحدًا، ورواه وكيع عن هشام وعلي بن المبارك عن إسحاق عن امرأة عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة وافق أبا معاوية في روايته عن هشام ونقص من الإسناد امرأة إسحاق وروى عبد الله بن عمر العمري عن إسحاق عن أنس عن أبي قتادة ووهم في ذكر أنس، ورواه حماد بى سلمة عن إسحاق عن أبي قتادة مرسلًا، ورواه عبد الله بن عمر عن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قاله إسماعيل بن عياش عنه، ووهم في ذكر أبي سعيد وكل هؤلاء رفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه عكرمة وعبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة موقوفًا ورفعه صحيح، ولعل من وقفه لم يسأل أبا قتادة هل عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر أم لا؛ لأنهم حكوا فعل أبي قتادة حسب وأحسنها إسنادًا ما رواه مالك عن إسحاق عن امرأته عن أمها عن أبي قتادة وحفظ أسماء النسوة وأنسابهن وجود ذلك ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.
وقال الترمذي في "السنن" 1/ 103. لما ذكر إسناد مالك السابق هذا حديث حسن صحيح .. وهذا أحسن شيء روي في هذا الباب، وقد جود مالك هذا الحديث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ولم يأت به أحد أتم من مالك اهـ.
ونقله أيضًا المنذري في "مختصر السنن" 1/ 87 عن الترمذي وزاد وقال محمد بن إسماعيل البخاري جود مالك بن أنس هذا الحديث، وروايته أصح من رواية غيره اهـ.
ونقل تصحيح البخاري الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" وصححه أيضًا الدارقطني والنووي في "المجموع" 1/ 118.
وقال الحاكم هذا حديث صحيح ولم يخرجاه على ما أصلاه في تركه غير أنهما قد شهدا جميعًا لمالك بن أنس أنه الحكم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صححه مالك واحتج به في "الموطأ" اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال العقيلي في "الضعفاء" 2/ 142 إسناد ثابت صحيح اهـ.
ولما ذكر البيهقي متابعة همام بن يحيى وحسين المعلم قال 1/ 246 كل ذلك شاهد لصحة رواية مالك اهـ.
وصححه أيضًا أبو خزيمة وابن حبان.
ونقل ابن دقيق العيد في "الإمام" 1/ 234 - 235 عن ابن منده أنه أخرج هذا الحديث من رواية مالك في "الموطأ" ثم ذكر اختلاف رواياته، وقال وأم يحيى اسمها حميدة وخالتها كبشة، ولا يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث ومحلهما محل الجهالة، ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه وسبيله سبيل المعلول اهـ.
ثم تعقبه ابن دقيق العيد فقال إذا لم تعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث؛ فلعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج
مالك لروايتهما مع شهرته بالتشدد، نقلت من خط الحافظ محمد بن طاهر المقدسي وروايته من "سؤالات أبي زرعة" قال سمعت أحمد بن حنبل يقول إذاروى مالك عن رجل لا يعرف فهو حجة اهـ.
وأيضًا قال في "شرح الإلمام" كما نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 342 - 343 جرى ابن منده على ما اشتهر عن أهل الحديث أنه من لم يرو عنه إلا واحد فهو مجهول قال ولعل من صححه اعتمد على كون مالك رواه وأخرجه مع ما عُلِم من تشدده وتحريه في الرجال، وأن كل من روى عنه فهو ثقة كما صح عنه، ونقلناه في مقدمات هذا الكتاب قال فإن سلكت هذا الطريق في تصحيح هذا الحديث -أعني على تخريج مالك له- وإلا فالقول ما قال ابن منده وقد ترك الشيخان إخراجه في "صحيحيهما" ثم قال ابن الملقن هذا لا بد منه وأنا أستبعد كل البعد توارد الأئمة المتقدمين على تصحيح هذا الحديث، والحالة هذه لا يحل بإجماع المسلمين فلعلهم اطلعوا على حالهما، وخفي علينا قال النووي رحمه الله في كلامه على "سنن أبي داود" وهذا الحديث عند أبي داود حسن، وليس فيه سبب محقق في ضعفه.
ثم قال ابن الملقن وقد ظهر أن جميع ما علله به ابن منده وتوبع عليه فيه نظر؛ أما قوله "إن حميدة لا تعرف لها رواية إلا في هذا الحديث" فخطأ فلها ثلاثة أحاديث أحدها هذا، وثانيها. حديث تشميت العاطس أخرجه أبو داود مصرحًا باسمها، والترمذي مشيرًا إليه؛ فإنه قال عن عمر بن إسحاق بن أبي طلحة عن أمه
عن أبيها وحسنه الترمذي على ما نقله ابن عساكر في "أطرافه" والذي رأيته فيه أنه حديث غريب وإسناده مجهول وثالثها حديث رهان الخيل رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" من حديث يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أمه عن أبيها مرفوعًا به.
ثم قال أيضًا أما قوله في "كبشة" فكما قال؛ فلم أر لها حديثًا آخر ولا يضرها ذلك؛ فإنها ثقة كما سيأتي وأما قوله "إن محلهما الجهالة" فخطأ، أما حميدة فقد روى عنها إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة راوي حديث الهرة وابنه يحيى في حديث "تشميت العاطس" من طريق أبي داود وقد وثقه ابن معين وفي طرق الترمذي أن الراوي عنها ابنها عمر بن إسحاق فإن لم يكن غلطًا فهو ثالث وهو أخو يحيى وذكرها ابن حبان في "ثقاته"، فقد زالت عنها الجهالة العينية والحالية، وأما كبشة فلم أعلم روى عنها غير حميدة، لكن ذكرها ابن حبان في "الثقات" وقد قال ابن القطان إن الراوي إذا وثق زالت جهالته، وإن لم يرو عنه إلا واحد، وأعلى من هذا أنها صحابية، كذا قال أبو حاتم بن حبان في "ثقاته" وكذا نقله أبو موسى المديني عن جعفر وأما قوله "ولا يثبت هذا الخبر بوجه من الوجوه"؛ فخطأ فقد أخرجه الدارقطني في "الأفراد"، فقال ثنا موسى بن هارون ثنا عمر بن الهيثم بن أيوب الطالقاني ثنا عبد العزيز بن محمد عن أسيد بن أبي أسيد عن أبيه، أن أبا قتادة كان يصغي الإناء للهرة، فتشرب منه ثم يتوضأ بفضلها؛ فقيل له أتتوضأ بفضلها؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنها ليست بنجس،
إنما هي من الطوافين عليكم" فهذه متابعة لكبشة، وهذا سند لا أعلم به بأسًا؛ فبهذا اتضح وجه تصحيح الأئمة لهذا الحديث، وخطأ معلله، وبالله التوفيق فاستفده فإنه من المهمات اهـ.
ونقل البيهقي في "المعرفة" 1/ 314 عن الترمذي أنه قال سألت محمدًا -يعني البخاري- فقال جود مالك بن أنس هذا الحديث وروايته أصح من رواية غيره ثم قال البيهقي ويقرب من روايته رواية حسين المعلم عن إسحاق اهـ.
وللحديث طرق أخرى عن أبي قتادة لا تخلو من مقال.
فقد رواه أحمد 5/ 309 والبيهقي 6/ 246 كلاهما من طريق الحجاج عن قتادة بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه بنحوه.
قلت في إسناده الحجاج بن أرطاة وهو صدوق سيئ الحفظ مدلس وقد عنعن وسيأتي الكلام عليه (1).
وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 217 فقال رجاله ثقات غير أن فيه الحجاج ابن أرطاة وهو ثقة مدلس اهـ.
ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 19 قال حدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا أسد بن موسى ثنا قيس بن الربيع عن كعب بن عبد الرحمن عن جده أبي قتادة قال رأيته يتوضأ فجاء هو فأصغى له حتى شرب من الإناء فقلت يا أبتاه لم تفعل هذا؟ فقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله أو قال "هي من الطوافين عليكم"
(1) راجع كتاب الصلاة باب: ما جاء أن الوتر سنة.
قلت وإسناده ضعيف أيضًا لأن فيه قيس بن الربيع الأسدي تكلم فيه قال حرب قال أحمد روى أحاديث منكرة اهـ. وقال المروذي سألت أحمد عنه فلينه قال. وكان وكيع إذا ذكره قال الله المستعان اهـ.
وقال البخاري قال علي كان وكيع يضعفه اهـ. وقال ابن معين ليس بشيء اهـ.
وقال عبد الله بن علي بن المديني سألت أبي عنه فضعفه جدًّا اهـ.
وقال أبو أبي حاتم سألت أبا زرعة عنه فقال فيه لين، وقال سئل أبي عنه فقال عهدي به، ولا ينشط الناس في الرواية عنه وأما الآن فأراه أحلى ومحله الصدق وليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به اهـ.
وأما كعب بن عبد الرحمن فقد اختلف في نسبه فقد رواه أبو داود الطيالسي (5) قال ثنا محمد بن درهم الأسدي حدثني كعب أبو عبد الرحمن الأسدي عن ابن أبي قتادة به.
وقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 1 / 255 وذكر الخلاف في اسمه ومجمله أنه قيل إنه هو كعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة الأنصاري وقيل الأسدي وقيل هو كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وليس هو ابن أبي قتادة.
وترجم ابن حبان في كتابه "الثقات" 5/ 335 لكعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة فقال يروي عن جده إن كان سمع منه، روى عنه محمد بن درهم اهـ.
ثم ترجم أيضًا 7/ 355 لكعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وقال من أهل المدينة يروي عن أبيه، روى عنه عتاب بن محمد بن شوذب. اهـ.
فعلى هذا يكون الراوي هو كعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة، والله أعلم.
والحديث صححه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان والنووي في "المجموع" 1/ 171.
وفي الباب عن عائشة وأنس بن مالك وجابر وأثر عن أم سلمة وعلي وابن عباس وأبي أمامة.
أولًا حديث عائشة رواه أبو داود (76) والدارقطني 1/ 70 والبيهقي 1/ 246 - 247 كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن داود بن صالح بن دينار التمار عن أمه أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة رضي الله عنها فوجدتها تصلي؛ فأشارت إلي أن ضعيها، فجاءت هرة فأكلت منها؛ فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. "إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم"، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها.
قلت إسناده ضعيف لأن فيه أم داود بن صالح بن دينار التمار وهي مجهولة.
وبه أعله الطحاوي في "مشكل الآثار" 3/ 270 وقد اختلف في إسناده فمنهم من رواه موقوفًا.
قال الدارقطني 1/ 70: رفعه الدراوردي عن داود بن صالح ورواه عنه هشام بن عروة ووقفه على عائشة اهـ.
ورواه الدارقطني 1/ 66 - 67 فقال ثنا أبو بكر النيسابوري نا أحمد بن منصور ثنا أبو صالح نا الليث عن يعقوب بن إبراهيم الأنصاري عن عبد ربه بن سعيد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به الهر، فيصغي لها الإناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها.
ورواه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(141) من طريق عبد الرحمن بن وهب ثنا عمي أخبرني الليث به.
قلت إسناده ضعيف؛ فقد قال الدارقطني عقبه قال أبو بكر يعقوب هذا أبو يوسف القاضي، وعبد ربه هو عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف اهـ. وعبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري ضعفه ابن معين.
وقال أبو طالب عن أحمد منكر الحديث متروك الحديث اهـ.
وكذا قال عمرو بن علي وزاد كان عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد لا يحدثان عنه اهـ.
وقال أبو قدامة عن يحيى بن سعيد جلست إليه مجلسًا فعرفت فيه، يعني الكذب اهـ.
وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، لا يوقف منه على شيء اهـ.
وقال أبو حاتم ليس بقوي اهـ.
وقال البخاري تركوه اهـ.
وقال النسائي ليس بثقة.
ولهذا قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 236 في إسناده عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف. اهـ.
وبه أعله أيضًا ابن دقيق العيد في "الإمام" 1/ 238.
ورواه الدارقطني 1/ 70 من طريق محمد بن عمر نا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن عروة عن عائشة مرفوعًا بنحوه.
قلت إسناده واهٍ؛ لأن فيه محمد بن عمر وهو الواقدي وهو متروك وقد اتهم قال أحمد بن محمد -يعني ابن محرز- سمعت أحمد بن حنبل يقول لم يزل يدافع أمر الواقدي حتى روى عن معمر عن الزهري عن نبهان عن أم سلمة حديث "أفعمياوان أنتما" فجاء بشيء لا حيلة فيه، والحديث حديث يونس لم يروه غيره اهـ.
وقال البخاري متروك الحديث تركه أحمد وابن المبارك وابن نمير وإسماعيل بر زكريا وقال في موضع آخر: كذبه أحمد اهـ.
وضعفه ابن معين واتهمه النسائي وإسحاق بن راهويه وغيرهم.
وقال ابن دقيق العيد في "الإمام" 1/ 240 محمد بن عمر الواقدي أكثروا فيه، وأفظع النسائي فيه القول.
وبه أعله أبو الملقن في "البدر المنير" 2/ 358 فقال محمد بن عمر هو الواقدي، وقد أكثر القول فيه، وأفظع فيه النسائي فنسبه إلى وضع الحديث اهـ.
وبه أعله ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 1/ 60.
ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 19 قال حدثنا علي بن معبد ثنا خالد بن عمرو الخراساني قال ثنا صالح بن حسان قال ثنا عروة به مرفوعًا بلفظ. كان يصغي الإناء للهر ويتوضأ بفضله.
قلت صالح بن حسان النضري أبو الحارث هو الذي معروف بالرواية عن عروة وهو متروك قال أحمد وابن معين ليس بشيء اهـ.
وقال أبو حاتم ضعيف الحديث. اهـ.
وقال أيضًا هو والبخاري: منكر الحديث اهـ.
وقال النسائي متروك الحديث اهـ.
وقال أبو داود ضعيف اهـ.
وقال ابن حبان كان صاحب قينات وسماع وكان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات اهـ.
وقال أبو نعيم منكر الحديث متروك اهـ.
وأما خالد بن عمرو فهو إما أنه الأموي السعدي فهو متروك أو السلفي الحمصي وهو ضعيف جدًّا، وإن كان غيرهما فلا أدري من هو.
ورواه ابن خزيمة 1/ 54 والدارقطني 1/ 69 والبيهقي 1/ 246 والحاكم 1/ 264 والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 141 كلهم من طريق
محمد بن عبد الله بر أبي جعفر الرازي حدثنا سليمان بن مسافع بن شيبة الحجبي قال سمعت منصور بن صفية بنت شيبة يحدث عن أمه صفية عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم في الهرة "إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل البيت" يعني الهرة.
قال الحاكم 1/ 264: إسناده صحيح. اهـ. ووافقه الذهبي، قلت وفيه نظر لأن في إسناده سليمان بن مسافع الحجبي.
وقال الذهبي عنه في "الميزان" 1/ 223 لا يعرف، وأتى بخبر منكر اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 1/ 60 سليمان بن مسافع لا يعرف ولم يذكره ابن أبي حاتم في كتابه، وقد ذكره العقيلي في كتاب "الضعفاء" وروى في ترجمته وقال لا يتابع عليه اهـ.
وذكر الحافظ ابن حجر في "اللسان" 3/ 125 هذا الخبر ثم تعقب الذهبي فقال. وليس فيه نكارة كما زعم. اهـ.
وقد خالفه عبد الملك بن مسافع الحجبي فرواه عن منصور عن أمه عن عائشة به موقوفًا كما عند العقيلي 2/ 142 وقال هذا أولى اهـ.
وأما صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية فلها رؤية ومنهم من عدها من الصحابة وفي البخاري التصريح بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر الدارقطني إدراكها، والله أعلم.
ورواه أبو ماجه (368) والدارقطني 1/ 69 وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(242) كلهم من طريق حارثة عن عمرة عن عائشة قالت كنت أتوضأ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحدٍ قد أصابت منه الهرة قبل ذلك.
قلت إسناده ضعيف وبه أعله الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 55 والبوصيري في "تعليقه على زوائد ابن ماجه".
وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 236 حارثة يوثقه الدارقطني وهو خرج حديثه هذا، وضعفه البخاري والنسائي وابن معين وأبو حاتم، وقد روي من غير وجه عن عائشة والصحيح حديث مالك في "الموطأ" عن كبشة بنت كعب أن أبا قتادة فذكره اهـ.
وبه أعله ابن دقيق العيد في "الإمام" 1/ 236 - 237 فقال حارثة أبو أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن مدني ونقل عن الدارقطني أنه قال لا بأس به اهـ، ونقل عن ابن معين أنه قال ليس بشيء اهـ، ونقل أيضًا قول النسائي متروك اهـ.
ثانيًا حديث أنس رواه الطبراني في "الصغير" كما في "مجمع البحرين" 1/ 306 قال حدثنا عبد الله بن محمد بن الحسن بن أسيد الأصبهاني ثنا جعفر بن عنبسة الكوفي ثنا عمر بن حفص المكي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أنس بن مالك قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض بالمدينة يقال لها بطحان فقال. "يا أنس اسكب لي وَضوءًا" فسكبت له؛ فلما قضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته، أقبل إلى الإناء، وقد أتى هو؛ فولغ في الإناء فوقف له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفة. حتى شرب الهر، ثم توضأ؛ فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الهر فقال "يا أنس! إن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئًا، ولن ينجسه".
قال الطبراني عقبه لم يروه عن جعفر إلا عمر بن حفص ولا روى علي بن الحسين عن أنس حديثًا غيره اهـ.
قلت إسناده ضعيف؛ لأن فيه عمر بن حفص المكي أبو عمر قال الذهبي في "الميزان" 3/ 190 لا يدرى من ذا اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 216 فيه عمر بن حفص المكي، وثقه ابن حبان وقال الذهبي لا يدرى من هو اهـ.
ولهذا قال الحافظ أبو حجر في "الدراية" 1/ 62 إسناده ضعيف. اهـ.
ثالثًا حديث جابر رواه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(145) قال. حدثنا محمد بن أحمد بن محموية العسكري بالبصرة قال حدثنا محمد بن خالد بن صالح الكلاعي قال. حدثنا أبي قال حدثنا سلمة بن عبد الملك العوصي قال حدثنا أبو الحسن -يعني علي بن صالح بن محمد بن إسحاق- عن صالح عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع الإناء للسنور؛ فيلغ فيه، ثم يتوضأ من فضله.
قلت: إسناده ضعيف لأن فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
وأيضًا صالح هو أبو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ويظهر أنه لم يسمع من جابر.
رابعًا أثر أم سلمة رواه مسدد كما في "المطالب العالية"(18) قال حدثنا يحيى عن عبد الرحمن بن حرملة حدثتني أمي قالت كنت عند أم سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها؛ فأهدي لها صفحة فيها خبز ولحم، وقامت إلى الصلاة وقمنا نصلي فخالفت هرة إلى الطعام؛ فأكلت منه، فلما أن سلمنا أخذت أم سلمة رضي الله عنها القصعة فكورتها حتى كان حيث أكلت الهرة من نحوها؛ فأكلت منه.
قلت: إسناده ضعيف؛ لجهالة أم عبد الرحمن ورواه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 302 من طريق يحيى بن سعيد به.
خامسًا أثر علي رواه مسدد كما في "المطالب"(19) قال حدثنا عبد الله بن داود عن سفيان وحسن بن صالح عن الركين بن الربيع عن عمته قالت إن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال لا بأس بسؤر الهرة.
ورواه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 302 وعبد الرزاق 1/ 102 والبيهقي 1/ 247 كلهم من طريق سفيان عن الركين به.
قلت مدار هذا الإسناد على صفية بنت عميلة عمة الركين.
ورواه أيضًا مسدد كما في "المطالب"(20) وابن أبي شيبة 1 / رقم (337) والبخاري في "التاريخ" 7/ 57 كلهم من طريق يحيى
ابن مسلم عن أبيه عن أبي سعيد الجابري قال. إن عليًّا رضي الله عنه سئل عن سؤر الهر؟ فقال لا بأس به.
ووقع عند أبو أبي شيبة. أمه بدل أبيه.
قلت إسناده ضعيف لجهالة عوف بن مالك الجابري ويحيى بن مسلم تكلم فيه.
سادسًا أثر ابن عباس رواه ابن أبي شيبة 1 / رقم (329) قال حدثنا ابن علية عن خالد عن عكرمة عن أبو عباس قال الهر من متاع البيت.
قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي وخالد هو ابن مهران الحذاء ورواه عبد الرزاق 1/ 102 عن معمر عن قتادة وأيوب عن عكرمة عن ابن عباس بمثله ومن طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة به.
سابعًا أثر أبي أمامة رواه ابن أبي شيبة 1 / رقم (336) ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 302 عن ابن مهدي عن سليم أبو حيان عن أبي غالب قال سمعت أبا أمامة يقول الهر من متاع البيت.
قلت رجاله ثقات وأبو غالب صدوق يخطئ.
* * *