الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في صفة الوضوء وأن مسح الرأس مرة واحدة
32 -
وعن حُمرانَ أن عثمانَ رضي الله عنه دعا بوَضُوءٍ، فغسل كَفَّيه ثلاثَ مرّاتٍ، ثم تمضمَضَ واستنشقَ واستنثرَ، ثم غسل وجهَه ثلاث مراتٍ، ثم غسل يدَه اليمني إلى المِرْفَقِ ثلاث مرات ثم اليُسرَى مثلَ ذلك، ثم مسحَ برأسِه، ثم غسل رِجْلَه اليُمنَى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم اليُسرَى مثل ذلك ثم قال رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضّأَ نحوَ وُضوئي هذا متفق عليه.
رواه البخاري (164)(1934) ومسلم 1/ 204 وأحمد 1/ 59 وأبو داود (106) والنسائي 1/ 64 والبيهقي 1/ 48 وابن خزيمة 1/ 5 وأبو عوانة في "مسنده" 1/ 238 والدارمي 1/ 142 والبغوي في "شرح السنة" 1/ 431 كلهم من طريق الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي أن حمران مولى عثمان أخبره أن عثمان رضي الله عنه في دعا بوَضوء فتوضأ فذكره وفي آخره، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه".
وفي رواية للبخاري. ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم.
وفي رواية للبيهقي: ثم تمضمض واستنثر ثلاث مرات.
ورواه مسلم 1/ 205 وأحمد 1/ 68 وابن خزيمة 1/ 4 كلهم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن حمران بن أبان مولي عثمان قال. سمعت عثمان بن عفان وهو بفناء المسجد فجاءه المؤذن عند العصر فدعا بوضوء فتوضأ ثم قال: والله لأحدثنكم حديثًا لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم. إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء؛ فيصلي صلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها".
وعند ابن خزيمة دعا بوضوء فتوضأ على البلاط.
ورواه أبو داود (108) من طريق سعيد بن زياد المؤذن عن عثمان بن عبد الرحمن قال سئل ابن أبي مليكة عن الوضوء فقال. رأيت عثمان سئل عن الوضوء، فدعا بماء وفيه "فتمضمض ثلاثًا واستنثر ثلاثًا".
ورواه أبو داود (107) والدارقطني 1/ 91 والبيهقي 1/ 62 كلهم من طريق عبد الرحمن بن وردان قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني حمران قال. رأيت عثمان بن عفان توضأ فذكر نحوه وفيه. ومسح رأسه ثلاثًا.
قلت: في إسناده عبد الرحمن بن وردان قال ابن معين عنه: صالح.
وقال أبو حاتم ما بحديثه بأس.
وقال الدارقطني عنه ليس بالقوي.
قلت رواية التثليث في مسح الرأس وردت من طرق كثيرة عن عثمان لكن جميع أسانيدها لا تخلو من علة والمحفوظ عنه المسح مرة واحدة.
لهذا قال البيهقي 1/ 62 وقد روي من أوجه غريبة عن عثمان رضي الله عنه ذكر التكرار في مسح الرأس إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها اهـ.
وقال أبو داود 1/ 75 أحاديث عثمان رضي الله عنه الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنَّه مرة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا وقالوا ومسح رأسه، ولم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 168 وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنَّه مرة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا، قالوا فيها ومسح رأسه ولم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره اهـ.
وقد روى حديث عثمان على أوجه مختلفة ذكرها الدارقطني في "العلل" 3/ 261 - 262 والصواب هو ما اتفق عليه الشيخان.
* * *
33 -
وعن علي رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: قال: ومسحَ برأسه واحدةً. أخرجه أبو داود.
حديث علي هذا في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم صحيح وله عدة طرق عنه.
أولًا ما رواه أبو داود 1/ 76 (115) قال ثنا زياد بن أيوب الطوسي ثنا عبيد الله بن موسى ثنا فطر عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال رأيت عليًّا رضي الله عنه يتوضأ فغسل وجهه ثلاثًا، وغسل ذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه واحدة، ثم قال هكذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت رجاله لا بأس بهم.
وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 91 سند صحيح اهـ.
قال ابن عبد الهادي في "المحرر" 1/ 100 ورواته صادقون مخرج لهم في الصحيح، وأبو فروة اسمه مسلم بن سالم الجهني.
قلت في إسناده فطر بن خليفة القرشي الراوي عن أبي فروة تكلم فيه البعض، قال عنه أحمد بن يونس: كنا نمر على فطر وهو مطروح لا نكتب عنه.
وقال عنه النسائي لا بأس به اهـ.
وقال عنه أحمد بن حنبل ثقة صالح الحديث. اهـ.
ووثقه أيضًا ابن معين ويحيى بن سعيد اهـ.
وقد احتج به البخاري في حديث واحد مقرونًا بغيره.
والأظهر أنَّه ثقة كما نص هؤلاء الأمة.
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 1/ 91 بعد أن ساق هذا الإسناد رواه أبو داود وبسند صحيح. اهـ.
ثانيًا ما رواه أبو داود (112) والنسائي 1/ 67 وابن ماجة (404) وابن خزيمة 1/ 76 وابن حبان 1/ 142 والدارقطني 1/ 89 - 90 كلهم من طريق خالد بن علقمة الهمداني عن عبد خير قال: صلى علي رضي الله عنه الغداة، ثم دخل الرحبة، فدعا بماء فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست قال. فأخذ الإناء بيده اليمني فأفرغ على يده اليسرى، وغسل كفيه ثلاثًا ثم أدخل يده اليمني في الإناء ثم تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد ثم ساق قريبا من حديث أبي عوانة قال ثم مسح رأسه ومقدمه ومؤخره مرة، ثم ساق الحديث بنحوه.
هذا اللفظ لأبي داود ولم يذكر ابن ماجة لفظ المسح والنسائي إنما ذكروا أصل الحديث فعند ابن ماجة بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا واستنشق ثلاثًا من كف واحد.
قلت رجاله ثقات وعبد خير عاصر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه فهو مخضرم ويكني بأبي عمارة الخبراني بفتح الخاء وسكون الباء.
وقد وثقه ابن معين وذكر الإمام أحمد أنَّه ثبت في علي ووثقه أيضًا العجلي.
ورواه عن خالد بن علقمة جمع من الثقات هكذا بمسح الرأس مرة، وخالفهم أبو حنيفة فرواه عن خالد به بلفظ ومسح برأسه ثلاثًا كما عند الدارقطني 1/ 89.
وقال الدارقطني هكذا رواه أبو حنيفة عن خالد بن علقمة، قال فيه ومسح رأسه ثلاثًا وخالفه جماعة من الحفاظ الثقات منهم زائدة بن قدامة وسفيان الثوري وشعبة وأبو عوانة وشريك وأبو الأشهب جعفر بن الحارث وهارون بن سعد وجعفر بن محمد وحجاج بن أرطاة وأبان بن تغلب وعلي بن صالح بن حيي وحسن بن صالح وجعفر الأحمر فرووه عن خالد بن علقمة فقالوا فيه. ومسح رأسه مرة، إلا حجاجًا من بينهم جعل مكان عبد خيرٍ عمرًا ذا مُرٍّ ووهم فيه، ولا نعلم أحدًا قال في حديثه إنه مسح رأسه ثلاثًا غير أبي حنيفة اهـ.
ثالثًا: ما رواه أيضًا أبو داود (116) والترمذي (48) والنسائي 1/ 70 كلهم من طريق أبي إسحاق عن أبي حية قال رأيت عليًّا رضي الله عنه توضأ فغسل كفيه حتَّى أنقاهما ثم تمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا وغسل وجهه ثلاثًا وغسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا ثم مسح برأسه ثم غسل قدميه إلى الكعبين. ثم قال. إنما أحببت أن أريكم طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الترمذي 1/ 154 وهذا حديث حسن صحيح اهـ.
وتعقبه ابن القطان في كتابه "الوهم والإيهام" فقال 4/ 108 أبو حية الوادعي قال فيه أحمد بن حنبل شيخ ومعنى ذلك عندهم أنَّه
ليس من أهل العلم، وإنَّما وقعت له رواية حديث أو أحاديث فأخذت عنه وهم يقولون لا تقبل رواية الشيوخ في الأحكام، وقد رأيت من قال في هذا الرجل إنه مجهول، وممن قال ذلك فيه أبو الوليد الفرضي ولا يروي عنه بما أعلم غير أبي إسحاق وقال أبو زرعة لا يسمى. ووثقه بعضهم وصحح آخرون حديثه هذا، وممن صحح ابن السكن وقد اتبع الترمذي هذا الحديث أنَّه أحسن شيء في هذا الباب وهو باعتبار حال أبي إسحاق واختلاطه حسن فإن أبا الأحوص وزهير بن معاوية سمعا منه بعد الاختلاط قال ابن معين وذكر ذلك المنتجالي، عن ابن البرقي عنه اهـ.
قلت في هذا الاعتراض نظر؛ لأن لفظ شيخ جعله بعض العلماء من ألفاظ التعديل التي يعتبر بها فقد ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 37 ألفاظ الجرح والتعديل فقال وحدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى وإذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه وإذا قيل له إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية وإذا قيل شيح فهو بالمنزلة الثالثة ممن يكتب حديثه وينظر فيه. إلا أنَّه دون الثانية وإذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار .. اهـ.
وتبعه ابن الصلاح في "مقدمته" ص 124 فجعل قولهم المرتبة الثالثة.
وجعله العراقي من المرتبة الرابعة من ألفاظ التعديل كما في "فتح المغيث" ص 172.
لكن جعل المرتبة الأولى. ثقة ثبت، والمرتبة الثانية ثقة أو متقن، والثالثة. ليس به بأس أو لا بأس به أو صدوق أو مأمون فعلى هذا يكون الخلاف في تقسيم المرتبة الأولى.
وقال الذهبي في مقدمة "الميزان" 1/ 403 ولم أتعرض لذكر من قيل فيه محله الصدق، ولا من قيل فيه. لا بأس به، ولا من قيل صالح الحديث أو يكتب حديثة، أو هو شيخ فإن هذا وشبهه يدل على عدم الضعف المطلق. اهـ.
وجعل الحافظ ابن حجر في "نزهة النظر" ص 70، وفي "التقريب" ص 74 أدنى مراتب التعديل قولهم شيخ اهـ. وكذا فعل السخاوي في "فتح المغيث" 1/ 361 - 365 والذهبي في "الميزان" 1/ 4.
فعلى هذا قولهم. شيخ، يعتبر وينظر فيما نشده به من متابعات وأقوال الأئمة في ذلك الرجل فنظرنا في حديث أبي حيه، فوجدنا أنَّه وثق أبو حية ابن نمير وذكره ابن حبان في "الثقات" وأيضًا لم يتفرد به أبو حية بل تابعه عبد خير وغيره كما سبق.
وصحح بعض الأئمة الحديث كما سبق.
رابعًا ما رواه أبو داود (114) من طريق المنهال بن عمرو ثنا زر بن جبيش أنَّه سمع عليًّا رضي الله عنه وسئل عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وقال: ومسح على رأسه حتَّى لما يقطر، وغسل رجليه ثلاثًا ثم قال: هكذا كان وُضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت. رجاله لا بأس بهم.
لكن قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1 / رقم (28) سألت أبي عن حديث المنهال بن عمرو ثنا زر بن حبيش به؛ فقال. إنما يروى هذا الحديث عن المنهال بن عمرو عن أبي حية عن علي وهو أشبه اهـ.
ونقل هذا الكلام ابن الملقن في "البدر المنير" 3/ 293 وجعله من كلام أبي زرعة، والله أعلم.
خامسًا ما رواه البخاري في "صحيحه"(5615 - 5616) وابن حبان 2/ 281 كلاهما من طريق النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّه صلى الظهر ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتَّى حضرت صلاة العصر ثم أتي بماء فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه ثم قام فشرب فضله وهو قائم ثم قال إن ناسًا يكرهون الشرب قائمًا، وإن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ما صنعت.
سادسًا ما رواه أبو داود (117) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس قال دخل عليَّ عليٌّ يعني ابن أبي طالب وقد أهرق الماء، فدعا بوضوء فأتيناه بتورٍ فيه ماء حتَّى وضعناه بين يديه.
فقال يا ابن عباس ألا أريك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟
قلت بلى قال فأصغى الإناء على يده فغسلها، وفيه ثم مسح رأسه وظهور أذنيه ثم أدخل يديه جميعا فأخذ حقنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعلُ فغسلها بها.
قلت في إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن، لكن صرح بالتحديث كما عند ابن حبان.
لهذا قال ابن الملقن في "البدر المنير" 3/ 301 وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث كما قال صاحب "الإمام" فسلم الحديث من احتمال التدليس. لا جرم أن ابن حبان أخرجه في "صحيحه" اهـ.
لكن قال أبو محمد المنذري في "مختصر السنن" 1/ 95 قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عنه. يعني هذا الحديث فضعفه وقال ما أدري ما هذا اهـ.
وقال أيضًا ابن القيم في "تهذيب السنن" 1/ 95 - 98 هذا من الأحاديث المشكلة جدًّا. اهـ.
وللحديث طرق أخرى فيها اختلاف كما بينه الدارقطني في "العلل" 3 / رقم (303).
* * *