الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهَا لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ ذِي الْيَدَيْنِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ كَانَ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ قَدْ قُصِرَتْ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ بَقَائِهِ فِي الصَّلَاةِ وَكَلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَوَابِ لَهُ كَانَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الصَّلَاةَ انْقَضَتْ.
وَكَلَامُ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَكَذَا كَلَامُ ذِي الْيَدَيْنِ فِي قَوْلِهِ «بَلَى قَدْ نَسِيت أَوْ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ» عَلَى مَا كَانَ بَعْدَ تَحَقُّقِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تُقْصَرْ بِإِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنَّهُ كَانَ جَوَابًا لَهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَأَلَهُمْ وَجَوَابُهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ إجَابَتَهُ وَاجِبَةٌ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ «كُنْت أُصَلِّي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْت ثُمَّ أَتَيْته فَقَالَ مَا مَنَعَك أَنْ تَأْتِيَنِي؟ أَوْلَمَ يَقُلْ اللَّهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] » وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ دَعَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ بِمِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَقَالَ إنِّي لَا أَعُودُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ وَعَدَمِ الْبُطْلَانِ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ.
وَحَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا تَجِبُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنْ قَالَ إنَّ الْإِجَابَةَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالْقَوْلِ فِيهَا فَيَكْفِي فِيهَا الْإِيمَاءُ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَجِبَ الْقَوْلُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ لِجَوَازِ أَنْ تَجِبَ الْإِجَابَةُ وَيَلْزَمَهُمْ الِاسْتِئْنَافُ انْتَهَى قُلْت فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ أَجَابُوهُ بِاللَّفْظِ بَعْدَ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَأَكْمَلَ بِهِمْ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالِاسْتِئْنَافِ فَتَرَجَّحَ مَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيَّةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة تَعَمُّدَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ لِإِصْلَاحِهَا]
1
{الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ} اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى أَنَّ تَعَمُّدَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُهَا وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَكَلَّمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الِاسْتِفْسَارِ وَالسُّؤَالِ عِنْدَ الشَّكِّ وَأَجَابَهُ الْمَأْمُومُونَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ تَامَّةٌ عَلَى مُقْتَضَى الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِيَّاهُ تَقَلَّدَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاق وَاحْتَجَّ لَهُ فِي كِتَابِ رَدِّهِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ فَذَهَبُوا إلَى أَنَّهَا تَبْطُلُ وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ ذِي الْيَدَيْنِ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ يَأْبَوْنَهُ وَيَقُولُونَ إنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ عَرَفَ النَّاسُ صَلَاتَهُمْ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَعَادَهَا انْتَهَى.
وَقَدْ قِيلَ إنَّ مَالِكًا رَجَعَ إلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ الزُّبَيْدِيُّ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ إلَيْهِ قَالَ سَمِعْت مَالِكًا يَسْتَحِبُّ إذَا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَعُودَ لَهَا وَلَا يَبْنِيَ قَالَ وَقَالَ لَنَا مَالِكٌ إنَّمَا تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَكَلَّمَ أَصْحَابُهُ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قُصِرَتْ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ الْيَوْمَ.
وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمَاعِهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَبَلَغَكَ أَنَّ رَبِيعَةَ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَأَطَالَ التَّشَهُّدَ فَخَافَ رَبِيعَةُ أَنْ يُسَلِّمَ وَكَانَ عَلَى الْإِمَامِ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ فَكَلَّمَهُ رَبِيعَةُ وَقَالَ لَهُ إنَّهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ فَقَالَ مَا بَلَغَنِي وَلَوْ بَلَغَنِي مَا تَكَلَّمْت بِهِ أَتَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَحْتَمِلُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ هَذِهِ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ رَجَعَ فِيهَا عَنْ قَوْلِهِ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى مَا حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو قُرَّةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنْكَرَ هَذَا مِنْ فِعْلِ رَبِيعَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ عِنْدَهُ الْكَلَامُ فِيمَا تَكَلَّمَ فِيهِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ مَا جَازَ لِمَنْ كَانَ يَوْمَئِذٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ ظَنَّ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قُصِرَتْ فَاسْتَفْهَمَ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ الْيَوْمَ أَنَّ قَصْرَهَا لَا يُتْرَكُ فَعَلَى مَنْ تَكَلَّمَ الْإِعَادَةُ قَالَ عِيسَى فَقَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ مَا أَرَى فِي هَذَا حُجَّةً.
وَقَدْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَالُوا لَهُ بَلَى» فَقَدْ كَلَّمُوهُ عَمْدًا بَعْدَ عِلْمِهِمْ أَنَّهَا لَمْ تُقْصَرْ وَبَنَوْا مَعَهُ وَقَدْ قِيلَ إنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَيْضًا اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيهِ.
{الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ} ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ الْبَغْدَادِيِّينَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْكَلَامِ فِي مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُنْفَرِدِ وَقَدْ ذَكَرَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ صَلَّى وَحْدَهُ فَفَرَغَ عِنْدَ نَفْسِهِ مِنْ الْأَرْبَعِ فَقَالَ مَنْ حَضَرَهُ إنَّكَ لَمْ تُصَلِّ إلَّا ثَلَاثًا فَالْتَفَتَ إلَى آخَرَ فَقَالَ أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ وَلَا يَلْتَفِتَ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَكَأَنَّ غَيْرَ هَؤُلَاءِ يَحْمِلُونَ جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ عَلَى خِلَافِ مِنْ قَوْلِهِ فِي اسْتِعْمَالِهِ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ كَمَا اخْتَلَفَ كَلَامُ مَالِكٍ فِيهِ وَيَذْهَبُونَ إلَى جَوَازِ